وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الفلسطينيون في قبرص- فرار من نار الموت بالعراق الى جمر العيش في لارنكا

نشر بتاريخ: 20/02/2010 ( آخر تحديث: 20/02/2010 الساعة: 17:41 )
رام الله- معا- بسام أبو عرة- لم يتمالك حسام عبد الحفيظ الماضي وهو رجل في الخمسينيات من العمر ويحمل الدرجة الجامعية الأولى في الفيزياء نفسه وأجهش في البكاء، وهو يتحدث عن همومه ومعاناة 2800 نسمة هم أبناء الجالية الفلسطينية التي استضافتها قبرص اليونانية كحالات إنسانية بعد ما تعرضت له في العراق ما بعد الاحتلال.

وانهمرت دموع "الماضي" حارة على وجنتيه وهو يبوح لنا بلواعج وهموم ومآسي الجالية الفلسطينية في لارنكا، وذلك خلال استقبال نظمته الجالية لوفد مركز التدريب الرياضي للكاراتيه القادم من رام الله للمشاركة في بطولة الصداقة الدولية للكاراتيه في ليماسول القبرصية.

ووصف الماضي في هذا السياق حال عيش الجالية في لارنكا بانه مأساة كبيرة وعيش مزر يتفاقم في ظل إهمال الأهل في فلسطين، لجالية ضحت بالغالي والنفيس في الشتات وتعرضت في الساحة العراقية لخطر الإفناء وتركت أمام خيارين أحلاهما مر الموت الذي قضى على كثيرين او الفرار واللجوء إلى بلاد الله الواسعة، واخترنا اللجوء الى هذه البلاد، وتحملنا الصعاب حتى استطاعتا الوصول الى قبرص اليونانية يحدونا الأمل بحياة جديدة أفضل من السابقة.

لكن هيهات فقدر الفلسطيني ان يعيش معذبا في كل مكان وزمان، قال الماضي موضحا: بعد ما وصلنا الى لارنكا وافقت قبرص مشكورة على طلبنا باللجوء اليها لدواع انسانية صرفة ومؤقتة دون منحنا الجنسية , الا ان أمرنا بدأ يتفاقم من في بلد ممنوع عليك ان تعمل فيه إطلاقا، وزاد الأمر سوءا غياب أي دعم فلسطيني لنا مادي كان او حتى معنوي فوجدنا أنفسنا وحدنا أمام قدرنا.

ويسهب الماضي في تعداد الصعوبات ومنها الافتقار لأية بنية تحتية للجالية في هذا البلد الاوروبي وحاجتها الى تمويل دائم حتى تعيش بكرامة وحتى تستطيع القيام بنشاطاتها التعليمة و الاجتماعية والرياضية والفنية التي هي بحاجة الى الدعم المادي لإدامة استمرار النشاطات بكافة أنواعها.

ويعتقد رئيس بيت الجالية الفلسطينية بلارنكا عبد الرحمن الحسن ان قلق يساور الجالية على استقرارها ومستقبلها قائلا انها تعيش على كف عفريت في ظل مصير مجهول نظرا لواقع الإقامة المؤقتة ووضع اللجوء الإنساني البحت.

ويضيف ان المشكلة ستزداد صعوبة عند انتهاء عقد المبنى قريبا "وهو مقر على قد الحال" تجتمع فيه الجالية لتعليم ابنائها العربية واليونانية، وهو ايضا بمثابة المتنفس الوحيد للجالية بطريقة جماعية، كما ان هذا المبنى بحاجة ماسة للترميم ليكون صالحا للاستعمال.

وأشاد الحسن بهذا الصدد برجل أعمال فلسطيني مقيم في قبرص هو عبد الله عيسى الذي قال انه تبرع بدفع أجرة هذا المبنى عن السنة الماضية قبل ان يتساءل.. ماذا سيحدث بعد انتهاء عقد الإيجار ما يوجب تسليم البيوت إلى أصحابها القبارصة ولنجد أنفسنا جميعا في العراء.

وتنهد مسؤول النشاط التربوي رامي خالد الماضي بدوره طويلا عند الحديث عن الناحية التربوية والمدارس وقال :همنا الوحيد هو تعليم أبنائنا اللغة العربية والدين الإسلامي خاصة الأبناء من أعمار الثامنة لغاية السادسة عشرة .. لاننا نعيش في اوروبا حيث كل شيء يختلف عنا من دين وتراث وعادات وتقاليد خاصة انه لا يوجد في مدارسهم تعليم العربية والدين الإسلامي, ولهذا قمنا نحن بتعليمهم هذه الأمور في بيت الجالية حسب مقدرتنا لأننا نفتقد الى ابسط الأمور المطلوبة للتعليم من كتب وأوراق وقرطاسية ومكان مناسب للدراسة وحتى كراسي مناسبة لا يوجد ومع ذلك نعمل جهدنا على التعليم بما يوجد لدينا من موجودات.

وشكر حسام الماضي الرئيس محمود عباس على تبرعه بمبلغ عشرين ألف يورو في عام 2009 للبدء بالدورة التعليمية للطلاب ، وبمعدل ثمانية صفوف يوميا .. لافتا الى حاجة ماسة تتمثل في التسجيل الكبير ومشاركة ستمائة طالب وطالبة.

وقدر ان هذا المبلغ غير كاف مطلقا خاصة انه لم يصرف بكامله لان الصرف يأتي من السفارة الفلسطينية في العاصمة القبرصية نيقوسيا وهناك تقصير كبير من قبل السفارة بهذا الامر وغيره من الامور اليومية والحياتية للجالية.

واشار الماضي ان الجالية حاولت تقليص النفقات حتى نتمكن من تدريس اكبر عدد ممكن من الطلاب، لكن حجم المبلغ لا يلبي طموحنا وتعليم كل الجالية التي بلغ تعدادها الان 2800 شخص وكذلك لعدم توفر المدارس لنا.

وقال الماضي ان الجالية قامت بإجراء الاتصالات مع مسوؤل ملف المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد لاطلاعه على المعاناة التي تعيشها الجالية، حيث وعد بإيجاد البدائل وتذليل العقبات التي تعترض سبل العيش الكريم, لكن قال الماضي لم يحصل تغيير يذكر حتى الان على الوضع المزري الذي نعيشه.

وطالب الماضي من الهيئات الفلسطينية الرسمية منها والاهلية بدعم الجالية في لارنكا وبخاصة التعليم وجميع النشاطات المختلفة للجالية هناك وبالذات الامور الحياتية , وقال بحسرة : فنحن جزء من الشعب الفلسطيني.

وبالنسبة للنشاطات التي تقوم بها الجالية، اكد الماضي ان الجالية تقوم بالنشاطات التعليمية حيث يتم تعليم اللغة العربية والانجليزية واليونانية، والرياضية والفنية حيث يوجد لدينا فرق رياضية بكرة القدم وكرة الطاولة والسلة والفنون القتالية وفرقة فنية لاحياء التراث الشعبي والدبكة الشعبية ولدينا خطة للمشاركة في النشاطات التي تقام في قبرص من اجل اعلاء القضية الفلسطينية وتوضيحها للقبارصة بشكل سليم قدر الامكان.
وتابع نستعد لاقامة معرض للتراث الفلسطيني ولاحياء يوم الارض عن طريق اقامة حفلة فنية.

وناشد ابناء الجالية في هذا السياق اللواء جبريل الرجوب التدخل والمساعدة في حل مشاكلهم هناك والتواصل معهم لما سمعوه عن هذا الرجل الوطني المعطاء الذي يبذل الغالي والرخيص في سبيل العيش الكريم, مقدرين انه رجل نجح في كل ما انيط به كمسؤول وطني يعتز به وبإدارته للامور بطريقة سليمة، ما جعلهم يضعون ثقتهم باللواء لمساعدتهم بالخروج من الوضع الصعب الذي يعيشونه.

وصنف ابناء الجالية تعاون السفارة الفلسطينية هناك محدود.. بل ويتهمونها بعدم ابداء اهتمام يذكر بـ "الغلابة" في محنتهم الجديدة.. ويتابعون: ما عسانا نفعل اذا كانت سفارتنا توصد الابواب وهو ما لم ينفه د. ماجد هديب نائب السفير والذي يحاول المساعدة بشكل شخصي، يقولون بحسرة.