|
أسدود القرية الجميلة.. سلبها الاحتلال الاسرائيلي عام 48 زهرة شبابها
نشر بتاريخ: 14/05/2006 ( آخر تحديث: 14/05/2006 الساعة: 22:53 )
غزة- معا- بدا على ملامح الحاجة صبحية الشوق العميق لبلدتها التي هجرت منها عام 48 عند سؤالها في أي مدينة ولدت و أجابت بعد أن أخذت نفسا عميقا و سرحت بفكرها و عيناها عدة دقائق " أنا من قرية جميلة تقع على شاطئ البحر تسمى اسدود " .
واستذكرت صبحية بمزيج من الفرح والألم الأيام الجميلة التي كانت تقضيها بصحبة العائلة على شاطئ البحر مضيفة أنها كانت تذهب هي وعائلتها إلى البحر مشيا على الأقدام لتتنسم هواء قريتها الذي وصفته بأنه يشفي القلوب مستطردة القول " نحن فلاحين لنا أملاك و أراضي كثيرة وواسعة تركناها ورائنا وتركنا بيوتنا وشجرنا و رحلنا بالقهر". وتتحدث صبحية عن حياة الفلاحين في قرية السدود قائلة أن الأرضي كان أهلها يزرعونها بالقمح والشعير والتين والمشمش أشجار الجميز الكبيرة والبرتقال وكل ما تشتهي لها الأنفس على حد تعبيرها مبينة أن كل منزل في مدينة اسدود له قطعة ارض يزرعها صاحبها ويفلحها ليأكل من خيرها هو وأولاده ويملك الأبقار والجمال يشربون من لبنها ويصنعون منه جبن ويأكلون من لحومها. وتقول الحاجة صبحية " يزيد عمري عن الهجرة بأربعة عشر عاما أتذكر مديني بيت, بيت" مبينة أنه كان يوجد في اسدود العديد من المدارس للبنات والأولاد وعدة جوامع و أنها كانت أكثر تطورا من القرى المجاورة لها كما أن الأطفال ذهبوا للدراسة في المدراس وليس كباقي القرى التي يذهب فيها الأولاد للدراسة فيما أسمته الكتاب . وتضيف صبحية أنه كان في اسدود قهوة مشهورة تعرف بقهوة غبن وكان كل شباب اسدود يقصدونها بعد العمل في الأرض للتسامر وتناول الشاي ولعب الطاولة والزهر حيث كانوا يتسامرون ويرددون القصص والأخبار التي تدور في القرى المجاورة مثل المجدل وحمامة وبيت دراس وأخبار الإنجليز وكيف كانوا يقاوموهم بأسلحتهم القليلة ". وتتذكر صبحية حتى السوق الكبير الذي اشتهرت به قرية اسدود آنذاك وكان يقصده سكان القرية لبيع الخضروات والفواكه ومنتجات الألبان كما يقصده فلاحي القرى المجاورة لبيع سلعهم فيه ،كما كان فيها موالاي مثل سيدنا سليمان وسيدنا البتنولي . وتصف صبحية الحياة في قرية اسدود قبل عام النكبة بالهادئة والجميلة إلا أن الجيش الإسرائيلي دمر وقتل كل شئ جميل في هذا الوقت لتعلن إسرائيل الحرب على كل العرب وبدأت الجيوش العربية بالتجهيز للحرب كما قالت . واستطردت صبحية القول أن الجيش المصري كان متواجدا في القرية في ذلك الوقت لمساندة الفلسطينيين و أنها كانت تسمع دائما طلقات الرصاص مما جعل مساء اسدود لم يعد هادئ ككل ليلة فكل يوم هناك إصابات واشتباكات ولم يعد شباب القرية يجتمعون على قهوة غبن للتسامر بل بدءوا الاجتماع بشكل سري وكونوا خلايا ومجموعات بالتعاون مع الجيش المصري من أجل مقاومة الاحتلال الإسرائيلي. ونقلت صبيحة عن جدها قوله " ما راح نرحل الا بعد ما يسقط المدفع المصري الموجود في اسدود " مبينة أن سكان اسدود يستمدون قوتهم وصبرهم من وجوده قائما متصديا للاحتلال . وتستطرد صبحية القول أنه استشهد اثنين من عائلتها هم : محمد وعبد الحميد أبو محيسن , أ الذي تحديا منع التجول والاحتلال وخاضوا المعارك مع كل أهل اسدود في الوقت الذي كان الإسرائيليون يقصفون القرى بقذائف الدبابات ويرتكبون المذابح كالتي حدثت في دير ياسين من قتل للأطفال و الرجال و النساء و ضرب و سرقة وسمعنا عن انتهاك للأعراض. وبعد القصف الإسرائيلي لقرية اسدود سقط المدفع المصري كما سقط جدي معه على حد تعبيرها وبدا الجيش الإسرائيلي بالزحف للقرية ودب الرعب في القلوب وبدء مواطنو اسدود يضعون أغراضهم البسيطة من فراش وذهب على الجمال والبغال للهرب من ضرب الطائرات تاركين بقية الشباب فيها للمقاومة وسقط من سقط وجرح من جرح كما أن البيوت المصنوعة من طين انهالت ولميبقى سوى البيوت التي كانت مصنوعة من الحجر . وهرب مواطنو اسدود للبيارات والأحراش تاركينها على أمل العودة إليها يوما وأنه بعد انتهاء الحرب التي كان البعض يتوقع ان تنتهي بسرعة ولكن الحرب اشتددت وأمل العودة أصبح ضئيل. وتستطرد صبحية القول " كنا نمشي ليلا ونمر على كل القرى المجاورة بيت طيما , المجدل ,الخصاص وهربيا وصولا الى بيت لاهيا وهناك سلمونا وكالة الغوث خيم عشنا فيها عدة اشهر ثم بنولنا بيوت من اسبست اما نحن ذهبنا وعشنا في جنوب غزة على أمل الرجوع يوما فوالدي مازال يحتفظ بأوراق ملكية الطابو ومفتاح المنزل الذي ورثناه عنه وسنورثه لأحفادنا إلي أن تعود الأرض لأصحابها من الاحتلال" . واختتمت صبحية حديثها عن قريتها بعبارة فيها مرارة الحنين" ياريت ما تركنا بيوتنا أرضنا و متنا فيها" . |