|
ورشة عمل حول جدوى إقامة مناطق صناعية مشتركة مع إسرائيل في الضفة
نشر بتاريخ: 02/03/2010 ( آخر تحديث: 02/03/2010 الساعة: 20:18 )
جنين - معا - تضاربت آراء المشاركين في ورشة عمل نظمت في مدينة جنين، أمس، حول جدوى الحديث عن إقامة مناطق صناعية مشتركة في الضفة الغربية، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي، وسط تعبير عن خشيتهم من إمكانية تكرار تجربة منطقة "إيرز" الصناعية في قطاع غزة، التي كانت بجميع مصانعها ومنشآتها، هدفاً للتدمير من قبل آلة الحرب الإسرائيلية.
وفيما رأى مشاركون في هذه المناطق، شكلاً من أشكال تطبيق الحل الاقتصادي الذي تنادي به الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بمعزل عن الحل السياسي، ذهب آخرون إلى الاعتقاد، أن هذه المناطق في حال توجيهها بالشكل السليم، ستشكل نواة مهمة من أنوية بناء الاقتصاد الوطني للدولة الفلسطينية المقبلة. ونظمت هذه الورشة في مقر جمعية بيت المسنين والمعاقين الخيرية تحت عنوان "المناطق الصناعية المشتركة...تنمية! أم مزيد من الإلحاق باقتصاد الاحتلال؟"، وذلك بدعوة من مركز "بيسان" للبحوث والإنماء، والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري، واتحاد لجان العمل الزراعي، وجبهة العمل النقابي التقدمية، وبمشاركة ممثلين عن هيئة المدن الصناعية، ووزارة الاقتصاد الوطني، والمحافظة، والقطاعات الصناعية والتجارية، والقوى والفصائل، إضافة إلى المؤسسات الأهلية والشخصيات الوطنية. وأشار سعادة أبو شيخة، من اتحاد لجان العمل الزراعي، إلى أن هذه الورشة تعكس مطلباً شعبياً لمناقشة قضية وطنية مهمة في رسم سياسات الاقتصاد الوطني الذي يعتبر من أبرز عناوين السيادة. وأضاف أبو شيخة: إن هذه الورشة، خصصت لتسليط الضوء على المناطق الصناعية المشتركة التي يجري الحديث عنها في محافظات جنين، وبيت لحم، والخليل، ومنطقة الأغوار الشمالية. ورأى أن هناك ضرورة ملحة لربط أي عمل تنموي بالمصلحة الوطنية العليا، باعتبارها الأساس الناظم للعمل التنموي، وذلك بمشاركة الجميع من القاعدة وصولاً إلى هيئات صنع القرار. وألقى إياد الرياحي، من مركز بيسان للبحوث والإنماء، ورقة عمل بعنوان "السيادة والتنمية في الحالة الفلسطينية: المناطق الصناعية شكل آخر للغياب"، قال فيها، إن هناك إصراراً فلسطينياً على أن تكون هذه المناطق فلسطينية بالدرجة الأولى، ولكنها في حقيقة الأمر تمثل مشروعاً اقتصادياً فلسطينياً إسرائيلياً مشتركاً. وأشار الرياحي، إلى خطة الحكومة الفلسطينية للعام 2008 بشأن تنفيذ المشاريع الاقتصادية المشتركة، وتحمل في طياتها حالة من الجدل حول جدوى وطبيعة هذه المشاريع فيما يتعلق بالتنمية والحكم. وأضاف إن السوق الفلسطينية، تعتبر السوق الثانية للمنتجات الإسرائيلية بعد السوق الأميركية، وذلك تجسيداً للرؤية الإسرائيلية القائمة على الفصل بين المسارين السياسي والاقتصادي. وعبر عن اعتقاده، أن هناك إمكانية لتكرير تجربة منطقة "إيرز" الصناعية في قطاع غزة على الضفة الغربية، في ظل استمرار وجود الاحتلال الإسرائيلي الذي دمرت آلته العسكرية، تلك المنطقة بجميع مصانعها ومنشآتها، وشردت آلاف العاملين فيها، وحولتهم إلى متعطلين عن العمل. ونوه، إلى أن الموقف الإسرائيلي من بناء المناطق الصناعية المشتركة يرتكز بالأساس إلى توفر أيد عاملة رخيصة، وتولي الشركات الإسرائيلية لمهام الوكالات التجارية وتسويق منتجات هذه المناطق، والتخلص من العمالة الأجنبية بما فيها الفلسطينية داخل "الخط الأخضر"، وعودة الشركات الإسرائيلية للعمل في هذه المناطق، بدلا من عملها في منطقة شرق آسيا، وذلك في إطار خطة السلام الاقتصادي الذي تروج له الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. وقال الرياحي، إن جنين أصبحت الآن مطروحة لأن تكون مركز التنمية الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية، وإحدى البروفات المهمة للدولة الفلسطينية. الرؤية الصهيونية لاقتصاد الضفة: وقدم داود حمودة، من الحملة الشعبية لمقاومة الجدار، ورقة عمل بعنوان "الرؤية الصهيونية لاقتصاد الضفة الغربية"، تناول فيها خطة نتنياهو للسلام الاقتصادي لغاية العام 2025، ومخططات مؤتمر هرتسيليا بشأن تطوير منطقة النقب بهدف تهويدها، وتهويد الجليل، وخطة القدس الكبرى الرامية إلى جعل المدينة المقدسة منطقة يهودية من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى خطة الفصل في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأوضح حمودة، أن خطة الفصل في الضفة الغربية وغزة، تتضمن إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات تواصل جغرافي من منظور إسرائيلي، يقوم على وجود ما نسبته 61% من مساحة الضفة مصنفة كمناطق "C"، والسيطرة على 1400 كيلومتر مربع كشوارع للمستوطنين، وبناء جدران في محيط هذه الشوارع والمستوطنات، واستكمال بناء الجدار الفاصل على 810 كيلومترات مربعة، مع السيطرة الأمنية على المنطقة الشرقية، واستئجار منطقة الأغوار لـ99عاما، في خطة تفضي إلى تقسيم الضفة إلى ثلاثة أجزاء أشبه ما تكون بالسجون الكبيرة. وأضاف: إن خطة الفصل الإسرائيلية، تقضي بإبقاء السيطرة الإسرائيلية على 46% من الضفة، وإحداث 840 نفقاً لعبور المستوطنين، ومصادرة 85% من مصادر المياه الفلسطينية، ما يعني تدمير القطاع الزراعي، وضم القدس بعد انتهاء محاصرتها بالجدار، ومحاصرة بيت لحم، ما يعني التدمير للقطاع السياحي، وتحويل معظم مساحات الجنوب إلى محميات طبيعية ومناطق مصنفة " C"، مع إبقاء السيطرة الإسرائيلية على البحر الميت والحدود. وحتى تكون هناك قابلية للحياة للدولة الفلسطينية التي يتحدث عنها الإسرائيليون، قال حمودة، إن الإسرائيليين خرجوا بفكرة المناطق الصناعية المشتركة، ومشاريع المناطق الصناعية في المستوطنات، وتوسيع 12مستوطنة صناعية من أصل 17مستوطنة صناعية، وإنشاء مستوطنات صناعية جديدة، ومشروع منطقة صناعية زراعية مشتركة. وعلى صعيد مشروع منطقة جنين الصناعية الحدودية، قال حمودة، إن الجانب الإسرائيلي يشترط أن تكون الشركات والمصانع الإسرائيلية فيها، غير خاضعة للقانون الفلسطيني، وتتوفر فيها عمالة فلسطينية رخيصة بأجر لا يزيد على 1500 شيكل للعامل الواحد في الشهر الواحد، على نظام المياومة، مع اشتراط أن يكون مصدر مدخلات الإنتاج فيها إسرائيلياً، واقتصار تصدير المنتجات على الشركات الإسرائيلية. وأضاف إن التوظيف في هذه المنطقة للعمال الفلسطينيين، سيكون عن طريق شركة توظيف فلسطينية، بمعدل من ثلاثة ولغاية ستة شهور عمل للعامل الواحد في السنة، شريطة أن تتولى الشركات الإسرائيلية مهمة توفير المواد الخام للإنتاج. أثر المناطق الصناعية على القطاع الزراعي وقدم عمر طبخنا، من اتحاد لجان العمل الزراعي، ورقة عمل بعنوان "أثر المناطق الصناعية على القطاع الزراعي"، تناول فيها النتائج السياسية والاجتماعية والوطنية التي قد تنعكس على المجتمع الفلسطيني جراء إنشاء مناطق صناعية مشتركة بين الجانب الإسرائيلي والسلطة الوطنية. وأكد ، أن القطاع الزراعي يعتبر المحور الرئيس في الاقتصاد الفلسطيني، ويشكل مصدر دخل رئيساً لمعظم الأسر الريفية التي تزيد نسبتها على 70% من المجتمع. وأشار، إلى أن المساحة الإجمالية للأراضي الزراعية المستخدمة تزيد على 30% تشكل نحو 54% من مجموع الأراضي الصالحة للزراعة، في حين تشكل الفاكهة نحو 62% من مجمل المساحة المزروعة، تليها المحاصيل الحقلية التي تشكل نحو 27%، وبعدها الخضار بنسبة تزيد على 11%، في واقع يعكس ضعف التنوع الزراعي في الإنتاج الفلسطيني. وذكر أن إسرائيل أقامت سبع مناطق صناعية إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تتم إدارتها من قبل المستوطنين، ورحلت إليها سلطات الاحتلال العديد من الصناعات ذات الأضرار البيئية، وسهلت تهريب مخلفات كيماوية وطبية سامة وضارة إلى المناطق الفلسطينية. وعلى صعيد مشروع منطقة جنين الصناعية الحدودية، قال طبخنا، إنه من المعطيات يتبين أن هذا المشروع اعتمد لكونه يخدم إسرائيل بالدرجة الأولى، وسيتم تسويق معظم المنتجات من خلال الجانب الإسرائيلي الذي يستغل كثرة الأيدي الفلسطينية العاملة التي تعمل بالأجر الرخيص وبالوجه الذي يراه الإسرائيليون مناسباً، في حين يعتبر المستفيد الوحيد منه من الجانب الفلسطيني، بعض الشخوص ممن قال طبخنا، إنهم يستغلون جهل الناس في سبيل تحقيق مصالحهم الذاتية وتنمية قدراتهم المالية والمادية على حساب القضية الفلسطينية. وتناول رؤية اتحاد لجان العمل الزراعي، لتأثيرات المناطق الصناعية المشتركة على صعيد تقليص المساحات الزراعية، وتهميش البعد الوطني للإنتاج، وانتقال أعداد كبيرة من العمال والمزارعين للعمل في هذه المناطق، والتعامل مع الأرض بنمط اقتصادي محض كسلعة اقتصادية خالية من القيم الاجتماعية و"الوطنية" قابلة للبيع والشراء، وتشجيع المستوطنات على التوسع وابتلاع المزيد من الأراضي، وتعميق حالة تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي. العمال وخطط التنمية: وكانت ورقة العمل الأخيرة بعنوان "العمال الفلسطينيون وخطط التنمية"، قدمها محمد جوابرة، من جبهة العمل النقابي التقدمية، تناول فيها واقع العمالة الفلسطينية قبل التوقيع على اتفاقية أوسلو، ودور الحركة النقابية في مواجهة الوضع القائم. وبين جوابرة، أن عدد العمال الفلسطينيين في المناطق الصناعية الفلسطينية في حدود المدن الفلسطينية، تراوح بين عامل ولغاية تسعة عمال في المنشأة الواحدة يعملون بنظام المياومة، وهي مناطق مملوكة بالكامل لرأسمال فلسطيني، ولكنها تعاني من الفوضى والعشوائية وضيق المساحات، وتدني مستوى الخدمات. وأشار، إلى وجود 12 تجمعا صناعيا مقامة على أراض فلسطينية مصادرة، تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة، وتحتوي على العديد من المصانع التي تم ترحيلها من داخل المدن الإسرائيلية لأسباب تتعلق بضررها البيئي، وحاجة أصحاب العمل لأيد فلسطينية عاملة بأجور رخيصة، ويتراوح عدد العمال الفلسطينيين فيها بين 33 ألف ولغاية 55 ألف عامل. وقال جوابرة، إنه يتم الترويج لمشاريع المناطق الصناعية المشتركة على أنها ستقدم الحل السحري لمشكلة البطالة والفقر، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الأراضي الفلسطينية، في ظل إجراءات إسرائيلية تحول حياة الفلسطينيين إلى جحيم. وأضاف، إنه لم يحدد أي إطار قانوني لوضع العمال في هذه المناطق، ولم يحدد دور شركات التشغيل الوسيطة فيها، في وقت يبقى فيه معدل الأجور مجهولاً، والدخول إليها بموجب تصاريح، دون وجود أية ضمانات لحقوق العمال على صعيد الأتعاب والتقاعد والتعويضات. |