|
اصدار جديد لمركز المرأة يوثق انتهاكات الاحتلال ضد النساء الفلسطينيات
نشر بتاريخ: 06/03/2010 ( آخر تحديث: 06/03/2010 الساعة: 16:31 )
رام الله- معا- "رأيت من النافذة الخلفية مجموعة من المستوطنين، ربما عشرة أو خمسة عشر منهم تجمهروا على جانب الطريق. أحد أطفال المستوطنين، الذي كان يبدو في عمر 14 سنة تقريباً، كان يسير باتجاه سيارة الإسعاف. أثناء حديث الجندي مع السائق، رأيت الصبي ينحني لكي يلتقط حجراً. نظر الجندي إلى الصبي وواصل التحدث مع السائق. في هذه اللحظة، ألقى الصبي بالحجر على النافذة الخلفية لسيارة الإسعاف وكسرها. سقط الحجر بالقرب مني ومن أمي. شعرت بالذعر وصرخت في الجندي. قلت له: "أمي في وضع خطير، خذ هذا الصبي بعيداً". تحدثت إليه بالعربية ولست متأكدة إلى أي حد فهم ما قلته. ولكن الجندي لم يتحرك ولم يفعل أي شيء. ثم التقط الصبي حجراً آخر ورماه على النفاذة ذاتها، مما سبب تناثر كل ما تبقى من زجاج مكسور. أثناء حدوث ذلك، انحنيت فوق أمي لأحميها ولأمنع الحجارة والزجاج المكسور من السقوط عليها. ثم رفعت رأسي ورأيت عدداً من أطفال المستوطنين الآخرين يقتربون منا. ولم يفعل الجندي أي شيء لمنع المستوطنين من مهاجمتنا".
هذا نموذج لاحدى الشهادات النساء الفلسطينيات، وقد وردت في الكتاب الذي اصدره مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي تحت عنوان "اصوات النساء الفلسطينيات". وهو تقرير حول انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان ضد المرأة الفلسطينية. ويعرض التقرير حالات 19 امرأة تحدثن بكلماتهن الخاصة ليروين قصص حياتهن في ظل الاحتلال خلال عام 2009. وتكشف الحكايات عن واقع الحياة في ظل الاحتلال، إلى جانب تأثير ذلك على النساء ومخاوفهن وقلقهن على عائلاتهن. إن قصص النساء لا تشهد على وحشية الاحتلال وما يمارسه من تمييز وعنف فحسب، بل وتشهد أيضاً على قوة المرأة الفلسطينية وقدرتها على التحمل. يهدف مركز المرأة من هذا التقرير إلى تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان التي تواجهها المرأة الفلسطينية وتأثير الاحتلال في مجال النوع الاجتماعي. وتم أعداد التقرير في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. قام بالتوثيق فريق من العاملات الميدانيات من مختلف أنحاء الضفة الغربية، وسجلن شهادات مشفوعة بالقسم للنساء اللواتي تحدثن عن تجاربهن المختلفة في ظل الاحتلال: عن عنف المستوطنين والجنود الإسرائيليين، وعن القيود المفروضة على حركتهن بسبب نقاط التفتيش وجدار الفصل، وعن تعرض بيوتهن للهدم، وعن إخلائهن من بيوتهن بالقوة، وعن انفصالهن عن عائلاتهن بسبب نظام التصاريح المشدد. كما يقدم مركز المرأة، في التقرير، تحليلاً لهذه التجارب لتسليط الضوء على العواقب الاجتماعية والاقتصادية لانتهاكات حقوق الإنسان، إلى جانب تأثير الاحتلال المحدد بالنوع الاجتماعي. يبرز التقرير أن هذه حوادث العنف يمكن أن تكون فردية، تتعرض لها النساء أثناء انتظارهن عند نقاط التفتيش أو سيرهن على الأقدام عائدات إلى المنزل من العمل، أو قد تكون عملية مستمرة حيث تعيش المرأة مع العنف أو التهديد بالعنف من المستوطنات الإسرائيلية المجاورة على مدى العديد من السنوات. ففي هذه المجتمعات، كما يتبين من الشهادات الواردة في التقرير من مدينة الخليل وبلدة عصيرة القبلية، تتعايش النساء مع الاعتداءات التي تطالهن أنفسهن وتطال أسرهن وجيرانهن وممتلكاتهن وسبل رزقهن على مدى سنوات عديدة. إن أثر العنف الواقع على النساء من جانب المستوطنين والجنود الإسرائيليين شديد. وقد تبين من خلال التوثيق، أن النساء يتأذين بشدة نفسياً وانفعالياً، ويكن في كثير من الأحيان قلقات وخائفات. وقد أفادت بعض النساء بأنهن لم يكن قادرات على الاستمرار في حياتهن الطبيعية بسبب الخوف من الاعتداءات المتكررة. وقالت إحدى النساء في شهادتها: "في كل مرة أرى جنوداً أو أسمع أصواتاً أصاب بالهلع، أشعر بأنني أريد أن أترك المنزل وأذهب لأعيش في مكان آخر". كما تكون النساء أيضاً قلقات على أبنائهن وتأثير ذلك عليهم. وورد في شهادة احدى النساء: "ابنتي الصغرى، ربى، التي عمرها سنة ونصف وبدأت لتوها في الكلام، تشير إلى النافذة وتقول "مستوطنون، مستوطنون..." وتبدأ في البكاء في كل مرة تسمع ضوضاء حول المنزل". يبرز التقرير أيضاً الحصانة التي يحظى بها المسؤولون عن هذه الاعتداءات، مع إحجام النساء عن الإبلاغ عن الاعتداءات إلى السلطات الإسرائيلية لأنهن يعرفن أنه لن يتم القيام بأي إجراء. ويوثق التقرير السياسة الإسرائيلية المتمثلة بهدم منازل الفلسطينيين والإخلاء القسري، وهي ممارسات تدمر حياتهم، وتؤثر على النساء والأطفال بشكل خاص. خلال عام 2009 ، تم هدم ما مجموعه 271 مبنى، مما أثر على 1377 شخصاً من بينهم 730 طفلاً. تكون عمليات الهدم في الغالب أحداثاً عنيفة، دون أن يعطى للأسرة أي إنذار سابق أو بعد إعطاء إنذار قصير الأجل، ويرافق الجرافات عشرات من الجنود والشرطة الإسرائيلية. تكون هذه تجربة صادمة بعمق للأسرة. يكشف توثيق مركز المرأة ويسجل الأثر النفسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي على المرأة بسبب سياسة هدم المنازل وعمليات الإخلاء القسري. فالمرأة غالباً ما تكون الأشد تأثراً، إذ أن حياتها عادة ما تدور حول الحيز الخاص للمنزل، حيث تربي أولادها وتتولى رعاية المنزل. إن النساء اللواتي قام مركز المرأة بمقابلتهن يعانين بشكل دائم من القلق والاكتئاب طوال العملية الطويلة التي يمر بها هدم المنزل، ويجدن أنفسهن بعد التهجير في ظروف معيشية مكتظة وغير مناسبة، مما يعمق من إحساسهن بالقلق وغيره من المشاكل النفسية. مما يؤدي إلى التوتر والاكتئاب ومواجهة صعوبات في علاقاتهن مع أزواجهن وأطفالهن. وفي الواقع، إن صحة المرأة النفسية، باعتبارها المسؤولة الأولية عن رعاية الأطفال في معظم الأسر الفلسطينية، تعد عاملاً حاسماً في الحفاظ على الصحة النفسية للأطفال في الأسرة. وعندما تعاني صحة الأم النفسية، فعلى الأرجح أن يعاني الأطفال هم أيضاً. يلفت التقرير الانتباه إلى الأثر الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لانتهاكات حقوق الإنسان على النساء بهدف المساعدة على إدراك الأثر المدمر والمحدد بالنوع الاجتماعي على حياة النساء الفلسطينيات. |