وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المتربصون ... * بقلم : اياد عودة الله

نشر بتاريخ: 21/03/2010 ( آخر تحديث: 21/03/2010 الساعة: 20:07 )
نطالع ونرى في ملاعبنا بعض الظواهر غير الصحية والتي تأتي كنتيجة حتمية كوننا ما زلنا في بداية الطريق ، بانتظار اجتياز باقي الخطوات الطويلة لنصل لدرجة عالية من الوعي الرياضي و الثقافي كي نقود القافلة الرياضية لبر الأمان ، وهذه حالة طبيعية نراها في كثير من البلدان النامية التي بدأت مثلنا حتى تخلصت رويداً رويداً من أغلب تلك الشوائب الى أن وصلت لحالة من النضج في مختلف الأصعدة من بنية تحتية و تنسيق منظم للبطولات وتحكيم واعلام مهنيين ، حيث يتمثل كل هذا بكلمة واحدة " الاحتراف " .

غير أن احدى تلك الظواهر الخطيرة التي استرعت انتباهي بل ونلمسها حتى في أفضل الدوريات العالمية وبين المحترفين أنفسهم ،وتشكل عامل هدم ذاتي للبناء الداخلي ، تلك العلة القديمة الملتصقة بالذات الانسانية و المبنية على حب النفس وتزكيتها لأعلى المراتب ، والتقليل من الآخرين وتسفيه جهودهم دون روح مسؤولة ، أو كما أصبحت تعرف مجازاً ب "التربص" .

فمن لاعب الاحتياط الذي يتربص بزميله في الملعب وهو يضيع الفرص ليرسل ايماءة بأنه أحق منه في اللعب ، الى ادارة قديمة تترصد لنظيرتها الجديدة الفشل كي تثبت أنها كانت الأفضل ، الى مدرب أقيل أو استقال نراه يتمنى لفريقه القديم الخسارة ليبرهن للجميع أنه كان البلسم الشافي والبطل المغوار ، ونسي بل تناسى بنظرته الضيقة وتقديره السيئ أنه يهدم ما بناه بنفسه ، ولسان حاله يقول: نعم لم تكن هجرتي لله ! بل كانت لدنيا صغيرة ولفائدة شخصية فحواها تحقيق الذات و حب الظهور .

ان الاخلاص في العمل وتوجيهه صوب المصلحة العامة مهما كان الرابح والمستفيد من أهم قواعد العمل المؤسساتي والنظامي ، فهؤلاء يفتقدون لأبسط مفاهيم وثقافة العمل التطوعي الذي تبنى عليه الأندية ، وديدنهم تحين الفرص للانقضاض وقلب الحقائق، وتلطيخ الجهود المضنية وتحويلها إلى منكرات في عيون الناس بروح من يتصيد في البرك الآسنة ،يقودهم حب التسلط من خلال بروز النزعات الانانية والذاتية ، هؤلاء المنتفعون الذين لا يجدون نجاحهم الا من خلال توهم فشل الآخرين لكي يضمنوا تلكؤ المسيرات الناجحة وعرقلتها بنظرة ضيقة للغاية بعيدة كل البعد عن روح التعاون و التفاني والاخلاص وتقديم المصالح العليا .

لقد أدرك كثير من العاملين في الحقل الرياضي الآن بحكم التجارب المتأرجحة السابقة ، أن أداء المهمة بالدقة والأمانة والنزاهة والإخلاص والانضباط من أهم معايير النجاح ، فالاخلاص في العمل جوهر التغيير ، والنية الصادقة المقرونة بالعمل الدؤوب أساس للتقدم ، بعيدأً عن التشكيك والتهيج والتغريض والضجيج المتعمد ، فهذا كله لن يطعم خبزاً ولن يعمر بيتاً ، فلتكن وجهتنا لله ، وهجرتنا له ، فالعمل وحده لا يكفي ، أو كما قال بعض الحكماء " تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل "