وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

السياحة تعلن عن نتائج أعمال التأهيل والتنقيب الأثري للموسم السادس

نشر بتاريخ: 13/04/2010 ( آخر تحديث: 13/04/2010 الساعة: 16:47 )
اريحا- معا- انتهت أعمال التأهيل والتنقيب الأثري للموسم السادس في موقع تل السلطان في مدينة أريحا بالتعاون المشترك ما بين وزارة السياحة والآثار/ دائرة الاثار والتراث الثقافي وجامعة روما "لاسبينزا" والتي استمرت من 8-28/3/2010 بإشراف علمي من قبل د.حمدان طه والبروفيسور لورنزو نيجرو.

وشارك في هذه الأعمال وائل حمامرة ومحمد غياظة وجهاد ياسين وإياد حمدان والمهندس محمد ذياب ونضال الخطيب ومجموعة من طلاب جامعة روما.

وبدأ هذا المشروع المشترك في العام 1997 من أجل تأهيل وتطوير تل السلطان سياحيا، وركزت البعثة في المواسم المتعددة على الكشف عن المخطط الحضري والتسلسل الطبقي والمواد الحضارية التي تعود لمدينة العصر البرونزي في أريحا، وشملت الاعمال سلسة من اعمال التهيئة والترميم والإبراز مع إعطاء أهمية لمشاكل الحفاظ على العمارة المبنية من طوب اللبن، وتحقيق عمل مسارات سياحية، ووضع لوحات إرشادية توضح تاريخ وآثار الموقع، بالإضافة إلى إصدار نشرة تعريفية بالموقع.

ويعتبر تل السلطان من أقدم المراكز الحضرية في الشرق القديم، وإحدى العواصم الكنعانية الرئيسية الواقعة على محور تقاطع الطرق السورية الفلسطينية.

وخضع الموقع للاستكشاف والاهتمام الأثري منذ عام 1868 من قبل تشالز وارين، الذي قام بعمل مجسات أثرية لمصلحة صندوق استكشاف فلسطين.

وجرت حفريات منظمة من قبل البعثة النمساوية الألمانية ما بين الأعوام 1907-1909، بإشراف ارنست سيلين وكارل واتزنجر. واجرى عالم الآثار البريطاني جون غارستانج تنقيباته في الموقع ما بين 1930-1936، وقامت عالمة الآثار كاثلين كنيون بالحفريات من عام 1952-1958، وكانت الأسبق في التعرف على طبقات العصر الحجري الحديث، وأهميتها، ووضعت التسلسل الطبقي الدقيق لأريحا القديمة، وكشفت عن مقبرة الموقع الضخمة.

ويقع تل السلطان في واحة غور الأردن الجنوبي، وينخفض 250 تحت مستوى سطح البحر، ويمثل عشرة آلاف عام من الحياة البشرية في نفس المكان.

واعتمد الموقع على عين السلطان، والذي زود السكان بالمياه العذبة، وجعلتها بيئة مناسبة للسكن البشري في نهاية العصر الحجري القديم الأعلى المتمثل بالحضارة النطوفية، وشكلت فترة انتقالية بين حياة الجمع، والصيد، والزراعة. ويعتبرتل السلطان من أقدم المراكز المدنية في الشرق القديم، وإحدى العواصم الكنعانية الرئيسية الواقعة على محور تقاطع الطرق السورية الفلسطينية.

إن أقدم الدلائل على الاستقرار في الموقع تعود للعصر الحجري الحديث من 8500-4300ق.م وشهد ظهور المجتمعات المستقرة الاولى، التي قام اقتصادها على تدجين النبات والحيوان، واستخدام اللبن في بناء البيوت، وظهرت التحصينات القوية كما يدل على ذلك البرج الحجري الدائري بارتفاع 8 أمتار وقطر 8 أمتار، واكب ذلك قدر من التنظيم الاجتماعي والممارسات الطقوسية كالجماجم المغطاة بالجص، كما شهدت هذه الفترة بداية صناعة الفخار.

وأعيد استيطان الموقع خلال العصر البرونزي المبكر وذلك من عام 3000- 2350ق.م، وأقيمت المدينة فوق أنقاض مدينة العصر الحجري الحديث، وزودت بنظام حماية يتألف من سورين مزدوجين وبهما أبراج وبنايات تشير إلى ثلاث مراحل رئيسية من إعادة السكن، وشيدت التحصينات من طوب اللبن المجفف.

وسكنت أريحا مره أخرى في العام 2000ق.م، وأحيطت المدينة بتحصينات جديدة تكونت من السور الترابي المائل بارتفاع حوالي 18م، والذي شمل على مرحلتين رئيستين من البناء، الا ان الموقع تهدم في عام 1550ق.م، وبعدها تراجع لقرية صغيرة حول النبع. وخلال العصر الحديدي الثاني 900-700ق.م أنشئت بناية كبيرة بالقرب من العين. وتحول التل لمستوطنة زراعية صغيرة أثناء الفترة الهيلنستية، والرومانية، والبيزنطية، والإسلامية.

وتركزت الأعمال الأثرية في موسم 2010م على استكمال استكشاف المنطقة(G)، وهي التلة الصغيرة المطلة على عين السلطان ، وواحة أريحا القريبة، واعتبرت مركز أريحا منذ أوائل مراحل نشأتها. خضعت هذه المنطقة المهمة للاستكشاف من قبل جميع البعثات التي عملت في تل السلطان، وسلطت الضوء على البناء العام والذي اطلق عليه القصر الكنعاني والذي يعود للألفية الثانية قبل الميلاد، وكذلك بناية العصر الحديدي الثاني (900-720 ق.م).

وكشفت التنقيبات الجديدة للبعثة الفلسطينية الإيطالية عن بناء عام مبني من طوب اللبن، ويؤرخ إلى العصر البرونزي المبكر الثالث (2450-2350 ق.م)، إلا انه دمر بواسطة حريق هائل، وعثر على جرار فخارية في غرفة الخزين، بالإضافة إلى كسرة لإحدى الجرار الفخارية وعليها دمغة لختم يظهر رسوما إنسانية وحيوانية، وخصص البناء أيضا لنشاطات منزلية. إن حجم هذا البناء، وطريقة انشائه، والتقنية الفائقة بقصارة جدرانه بالكلس، وغنى المواد الأثرية بداخله، يدل على انه استعمل لأغراض عامة، وربما كجزء من قصر.

وكشف أيضا في هذه المنطقة عن قبر مبني من طوب اللبّن يعود للعصر البرونزي الوسيط حوالي 1800ق.م، وجاء فوق سطح بناء من الألف الثالث قبل الميلاد. احتوى القبر على هيكلين عظميين، وإحداها لأنثى يتراوح عمرها من (12-14) سنة، وأرفق بهما أضحيتين من الحيوانات، وست أواني فخارية مكتملة الشكل، وتحتوي على أعطيات من الطعام، وارتدت الأنثى قرطا من البرونز، وعقدا من العقيق والخرز البلوري، ودبوسا من البرونز لتثبيت الثوب على الكتف الأيسر، وثلاثة سلاسل من الخرز الزجاجي، وخاتما برونزيا وبه جعلا محليا (مستخدم كتعويذة)، وجعلا ثانيا محلي الصنع كتقليد للصناعة المصرية، ووضع تحت الرأس، وحمل كتابات هيروغليفية تشير إلى الاسم الكنعاني القديم "روحا" لتل السلطان، وهذا الاسم يظهر في اللغة السامية في الألف الثاني قبل الميلاد، ويشبه الاسم الحالي لمدينة أريحا. ويعتبر كأقدم ذكر لاسم مدينة أريحا في المصادر المكتوبة. وتركزت أعمال ترميم جداران اللبن في هذه المنطقة، وذلك بعمل طوب جديد وإعادة بناء ما تهدم منها.

وكشفت التنقيبات الأثرية في المنطقة (A) الواقعة عند أقدام النهاية السفلى للتل من الناحية الجنوبية والتي تشكل المنحدر الحاد للتل عن ثلاث مراحل مختلفة، وتتبع كلها للعصر البرونزي الوسيط (1800- 1550 ق.م.).

وأظهرت الحفريات في المنطقة (E) الواقعة في الطرف الجنوبي الغربي من تل السلطان تحصينات العصر البرونزي الوسيط الثاني 1700-1650ق.م والتي تشمل على سور مبني بالحجارة الضخمة، وبني وفقا لطبوغرافية التل، والصق به دعامة حجرية طولها 7,5م، وعرضها 2,1م، وتبقى من ارتفاعه حوالي 2,2م. ويعتقد أن مدخل المدينة الجنوبي كان يقع في هذه المنطقة.

وان أعمال التطوير والتأهيل الجارية في تل السلطان تتزامن مع مشاريع موازية في محافظة أريحا والاغوار والتي تقوم وزارة السياحة والاثار بتنفيذها بهدف الحفاظ على مواقع التراث الثقافي الفلسطيني وتأهيلها سياحيا.