وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

أسطورة الزمان * بقلم :يحي سالم

نشر بتاريخ: 15/04/2010 ( آخر تحديث: 15/04/2010 الساعة: 12:15 )
لقد كان برشلونة إنسانيا بشكل كبير يوم أن احتضنت أذرعه تلك المعجزة المريضة في حارات جراندولي، ولكن في ذات الآن، السمسارُ الكتالوني، كان يعرف جيدا ما الذي يقدمه، بموازاة المبالغ الطائلة التي ستدفع على علاجات نمو هذا الفتى، حتى أصبح طول ليونيل ميسي 1.70سم.
لقد عزفت عنه كبرى الأندية في الأرجنتين، وكرهه والده خورخي لأنه جاء بعد ثلاثة أولاد، وقت أن كان يهفو قلبه لوجود أخت لهم في البيت، فالأندية الأرجنتينية عضت أصابع الندم، ووالده بات فخورا به، كل هذا يوم أن أصبح فتى التانجو أسطورةً خيالية خلبت عقول الكثيرين من متابعي كرة القدم، وسحرت قلوبهم، وحيرت سرعته الفائقة كل من رآه يروض الساحرة المستديرة.

لقد بات الحديث كثيرا آنف الوقت عن أن ميسي يتفوق بكثير على مارادونا أسطورة القرن المنصرف، نعم بالفعل، هو يتفوق عليه حين كان دييغو في نفس عمره، لكنه أبداً لم يتفوق عليه بعد، لأسباب عدة كما أراها بمنظوري المتواضع:

1- إن القوة الجسمانية التي يتمتع بها مارادونا أقوى بكثير من تلك التي يمتلكها ميسي، لقد كان دييغو صلبا وقت الالتحامات الكورية العنيفة، ومن الصعب بمكان أن تجده يسقط جراء شيء كهذا، بينما ليونيل كثيرا ما يكون طريح الأرض خلال المباريات، رغم وجود قوة بدنية طيبة لديه، إلا أنها لم ترقَ بعدُ لتكون موازية لقوة مارادونا.

2- الشيء الآخر الذي يضع فارقا بين ولديْ التانجو، أن دييغو يملك شخصية قيادية فذة، تجتمع فيها كل سمات القيادة، وضح ذلك من خلال فرض الذات في أرضية الملعب على رفاقه وغيرهم، إلا أن هذا السمت، بالكاد تجده يصدح في عيون ليونيل، تشعر وكأنه طفل بريء في أرضية النزال، لا يملك إلا المهارات التي يفرض من خلالها شخصيته، أما القيادة فهي بعيدة كل البعد عنه، بكل تواضع، لا أتخيله يمسك شارة القيادة في يده.

3- لقد فعل مارادونا ما لم يفعله شخص آخر مع نادي نابولي، ولو نظرت إلى تألق هذا الفريق، والأعوام التي حصل فيها على البطولات في إيطاليا، ستكتشف أنها في عهد دييغو، وهي بالكاد تعد على الأصابع، بعدد سنوات مارادونا في نابولي تقريبا، لقد صنع دييغو في ستاد سان بأولي، أمجادا لا تنسى لفريق الجنوب في إيطاليا، أما ميسي فلعب لفريق كبير وعريق، بمساعدة لاعبين رائعين هما تشافي وانييستا، فلولا وجود الأول، أجزم أن الأمور ستتغير على ليونيل، ووضح ذلك جليا في السانتياغو برنابيو.

4- الشيء الأخير وهو الأهم في هذا الحديث، أن كأس العالم في المكسيك عام 1986 سميت بـ"كأس مارادونا"، نظرا للتألق الخارق لهذا الساحر، الذي أبدع مع النادي والمنتخب في نفس الوقت، لكن ميسي ما زال حتى اللحظة، يتألق في صفوف البرشا "بمساعدة آخرين"، بينما في الأرجنتين، للأسف لم يفعل شيئاً لبلده بعد، حتى أنهم قذفوه بقولهم "إنه ليس أرجنتينيا".
كأس العالم على الأبواب، والمجد يتراقص أمام ميسي حتى يصبح أفضل من مارادونا، وقد يتفق الاثنان في أشياء كثيرة، أما اختلافهما الأبرز، أن المدرب الحالي للأرجنتين، أسطورة الزمان وكل زمان، أما ولد كتلونيا، فما زال أسطورة زمانه فقط، فأي حبر سيسال بعد عقود عليك أيها الولد.