|
الأدوية في الجمعيات الخيرية بين الإغاثة المطلوبة وعشوائية العمل
نشر بتاريخ: 15/04/2010 ( آخر تحديث: 16/04/2010 الساعة: 00:09 )
جنين - معا - يتزايد عدد منظمات المجتمع المدني العاملة في القطاع الطبي، حيث تتلقى تلك الجمعيات الأدوية وتوزعها أو تبيعها بأسعار مخفضة أو تقيم العيادات الثابتة والمتنقلة في محاولة للتخفيف من أزمات المواطنين.
بالرغم من الدور الكبير الذي تقوم به، تلك الجمعيات الا ان انتقادات توجه اليها حول قيامها بمنح الأدوية بناء على رغبة المواطنين ودون تشخيص، إضافة إلى توزيعها بدون صيدلي متخصص، وكذلك ظروف التخزين غير اللائقة. يقول المواطن خالد محاميد : أنا شخصيا لا أثق كثيرا بعمل هذه الجمعيات، خاصة وأن العمل لا يتم في كثير من الأحيان بإشراف وزارة الصحة والجهات المختصة. ويعزو مروان محاجنة إقبال المواطنين على العيادات والأدوية التي توزعها الجمعيات الخيرية للحالة الاقتصادية السيئة التي يعيشها المواطنون، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأدوية. إجراءات غير سليمة : ويؤكد د بلال الطاهر: نائب نقيب الصيادلة في الضفة الغربية أن إجراءات الرقابة على الصيدليات الخاصة أكثر بكثير من تلك المطبقة على الجمعيات التي بها عيادات أو توزع الدواء؛ ويعزو ذلك إلى أن الصيدليات تراقب من نقابة الصيادلة ووزارة الصحة، في حين أن الجمعيات تراقب من وزارة الصحة فقط حسب القانون. ويقر صالح زكارنة: المدير الطبي لصحة جنين بأن غالبية هذه الجمعيات تعمل بدون علم وزارة الصحة، وأنه لا يوجد فعليا رقابة حقيقية ، كما أن كثيرا منها تعمل دون ترخيص طبي من الصحة. ويرى دبرهان سمار: رئيس جمعية التأهيل والتنمية لقرى الجدار الغربي أنه وبالرغم من أن وزارة الصحة هي المسئولة، لكن يوجد على أرض الواقع تعارض بين تسجيل وزارة الداخلية والتسجيل الطبي. ويتساءل سمار من المسئول عن ذلك؟ نحن في جنين لدينا عشرات الجمعيات ، أحيانا يقولون وزارة الداخلية، وأحيانا وزارة الشئون الاجتماعية!!! ويضرب مثالا على ذلك التضارب قائلا: مثلا جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ترفض الترخيص من وزارة الصحة وتقول أنا أتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهذا هو مصدر شرعية وجودي. إشكالية التخصص : وينطوي التعامل مع الدواء على حساسية بالغة نظرا لارتباطه بصحة الإنسان ، ولأن أي خلل يعني كارثة قد تودي بحياة مواطن فيحاط التعامل مع الأدوية عادة بإجراءات صارمة وهذا يجعل مشكلة عدم التخصص قضية تلاحق عمل كثير من هذه الجمعيات. ويستطرد سمار في الحديث عن معضلة الدواء المتبرع به قائلا: يصلنا الدواء المتبرع به ولم يبق من تاريخ صلاحيته في الغالب سوى عدة أشهر، وهذا يحتم علينا سرعة التصرف به وتوزيعه على المواطنين وإلا اضطررنا إلى إتلافه. وينوه إلى مشكلة عدم التخصص في العمل فيقول: ذات مرة وقبل عدة سنوات حضر إلي رئيس جمعية زراعية وقال لي: أريد أن افتح عيادة ، فساعدني في الحصول على طبيب، إنهم ينظرون إلى العمل الطبي كأنه مشروع تجاري وهذا خطأ؛ فلا يوجد احترام للتخصص. ويشيد مندوب شركة أدوية أحمد حمران بالدور الإغاثي الذي تقوم به الجمعيات الخيرية الطبية لشعبنا ، لكنه يشترط لذلك أن تكون الإجراءات صحيحة والعملية مقننة. تضارب الأسعار: وتثير قضية سعر الدواء مشكلة أخرى، ففي الوقت الذي تلزم فيه الصيدليات بأسعار محددة، تقوم الجمعيات ببيع الأدوية بأثمان تحكمها المزاجية ودون معايير مما يشعر القطاع الخاص بنوع من الغبن، ويقولون: أن توزع مجانا شيء وأن تباع شيء آخر. ويعد أحمد حمران ذلك محاربة للقطاع الخاص، لأنه يضر بعمل شركات الأدوية والصيدليات ، فهو من خلال عمله في الميدان يقول أن عمل الصيدليات انخفض إلى النصف بسبب كثرة الأدوية التي توزعها تلك الجمعيات. ويقترح د. بلال الطاهر طريقة لحل هذه المعضلة، وذلك بأن تقوم الجهات المتبرعة بشراء الدواء من المصانع الوطنية، وهذا سيكون له مردود إيجابي على شركات الأدوية المحلية وكذلك على المواطن. وينتقد الطاهر قيام الجمعيات ببيع الأدوية المتبرع بها بدل توزيعها مجانا قائلا: معظم الجمعيات تبيع الأدوية المتبرع بها، وللأسف فقد اتفقت النقابة مع وزارة الصحة على أنه يوضع على كل علبة دواء متبرع بها عبارة " يصرف مجانا" ولغاية الآن لم يطبق ذلك. وأضاف: في القانون الفلسطيني لا يجوز بيع الدواء داخل العيادات التابعة للجمعيات دون أن يكون لديها ترخيص صيدلية، فترخيص عيادة وحده لا يكفي، وكذلك لا يسمح لها أن توزع الدواء إلا على المرضى المقيمين داخل المركز. ويقر زكارنة بذلك ويقول: أن الوزارة تحاول أن تغض الطرف أحيانا مراعاة لواقع الحالة الفلسطينية وتسهيلا على الوفود الطبية الأجنبية أو تلك القادمة من ال48 ، ولكن إذا طبقنا حرفية القانون فيجب أن يحصل كل يوم طبيب على ترخيص مسبق والتعامل مع الأدوية وفق الإجراءات المتبعة. ولكن زكارنة يرفض لوم طرف على آخر ويقول : الكل مقصر؛ فلا النقابة ولا وزارة الصحة تقوم بدورها على أكمل وجه في عمليات الرقابة والمتابعة في هذا الجانب. مؤكدا أن وزارة الصحة لم تتلق من نقابة الصيادلة أية شكوى بهذا الخصوص. ويرى مراقيون يعملون في الحقل الصحي إن التقليل من الجهد الكبير الذي تقوم به الجمعيات على صعيد توفير الأدوية والأطباء من خلال العيادات والجمعيات الطبية غبن كبير لها نظرا للأثر الملموس الذي نشاهده لنشاطها على الأرض، لكنهم يستطردون بالقول " ان عشوائية العمل وانفلاته من عقاله القانوني تبقى مسألة تحتاج إلى إعادة نظر". |