وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نادي سلوان .. بعد 12 نيسان *بقلم :خالد إسحاق الغول

نشر بتاريخ: 17/04/2010 ( آخر تحديث: 17/04/2010 الساعة: 20:57 )
في تاريخ الشعوب والدول والمؤسسات والأفراد توجد منعطفات حاسمة ونقلات نوعية تقفز بهم من مرحلة إلى أخرى ، وتشق لهم طريقاً جديدة تختلف كلياً وبشكل جذري عن الوضع السابق. وتأتي هذه القفزة النوعية عادة بعد أن يكون الوضع قد وصل إلى مرحلة من التأزم الشديد، الذي لا يمكن الخلاص منه إلا بتحول جذري كبير يساوي حجم ومستوى الأزمة. ويحدث ذلك بعد أن يصبح دوام الحال من المحال، وبعد ان تصل الأغلبية العظمى من الناس الى اقتناع تام بانه لا يمكن حل المشكلة والتخلص من الأزمة الا بحلول جذرية ومباشرة، وبدون لف أو دوران، وبلا ترقيع أو تلميع.

كان يوم الاثنين الفائت الموافق 12/4 يوما تاريخياً مشهوداً في نادي سلوان، وكانت قد انعقدت عليه آمال كبيرة، وتفاءلت الناس، واستبشرت الأهالي خيراً في أن يحدث انجاز جدي وحقيقي في مستوى قراءة وتناول ومعالجة الوضع المأساوي الذي يعيشه النادي. ذلك انه ولأول مرة يبادر ممثلو اهالي البلدة بمختلف اطيافهم من عائلات وهيئات تمثيلية وقوى وشخصيات محلية بالتنسيق مع الهيئة الإدارية إلى عقد اجتماع بهذا المستوى، لكي يقف الجميع أمام التحديات بشكل مباشر، ويتحملوا مسؤولياتهم الكاملة بصراحة وجرأة، وبلا تردد أو تراجع.

كانت الدعوة تحت شعار (النادي في خطر) بما يحمله هذا الإنذار من دعوة صارخة للاستنفار الشامل من قبل كل الحريصين على نادي سلوان من اجل إنقاذه. لكن الذي جرى في ذلك اليوم، كان مخيبا للآمال، إلى درجة لا يمكن تصورها، حيث أفصح عن مجموعة من المعطيات والاستنتاجات يمكن تلخيصها بما يلي:

1- حجم الاهتمام والاكتراث بواقع ومستقبل نادي سلوان من قبل الذين يجب أن يهمهم شأن النادي لا يرتقي إلى مستوى وحجم التحديات التي يمر بها على جميع المستويات، وعلى رأسها المستوى الرياضي. بل وصل الإهمال والهجران والتفريط بتاريخ وعراقة وأمجاد النادي إلى درجة لم تكن متوقعة في اسوأ الكوابيس. ورغم صرخات النادي لأهالي سلوان وعشاقه من اجل التحرك الفوري والعملي لإنقاذه، إلا أنها لم تجد آذانا صاغية حتى الآن.

2- حجم العضوية في النادي، وعدد الأعضاء الملتزمين بدفع الاشتراكات قليل جداً، ولا يوجد أي تأثير أو فاعلية لأعضاء الهيئة العامة المسجلين في قوائم النادي. وعدد الأعضاء المسددين لاشتراكهم السنوي لا يتخيله عقل في بلدة يزيد عدد سكانها عن 60 ألف نسمة.

3- الرياضيون وأصحاب الكفاءة والخبرة الرياضية في سلوان، والذين يمتلكون القدرة على المساهمة في انتشال نادي سلوان من أزمته الرياضية، يستنكفون ولا يبذلون أي جهد فعلي لصالح النادي ومستقبله الرياضي. وإذا كانت هنالك محاولات للمساهمة من قبل البعض فهي قليلة من ناحية العدد، ومتواضعة من ناحية النتائج.

4- على الرغم من التفاوت الطبيعي في مستوى وحرارة الانتماء بين اللاعبين في جميع الفرق في العالم، إلا إن مستوى الانتماء في نادي سلوان وصل إلى درجة متدنية لدى العديد من اللاعبين، مما أثار الريبة والتساؤلات والانزعاج. وقد اتضح جليا حجم الاستهتار وعدم الانتماء في مرحلة الإياب في الدوري الحالي، الأمر الذي سمح للشكوك المرعبة أن تجتاح أهالي سلوان وعشاق ناديه، مع أن هذه الحقيقة المرة لا تلغي وجود عدد آخر من اللاعبين لا تشملهم هذه الشكوك.

5- ذوو الكفاءات الإدارية والمالية القادرون على وضع رؤى مستقبلية وخطط إستراتيجية وبرامج عملية من شأنها المساهمة في إعادة بناء وتطوير العمل الإداري والمالي بشكل معاصر في نادي سلوان، لم يعبروا بشكل واضح عن رغبة فعلية في بذل أي جهد ملموس في هذا المجال، ولا يساهمون بشكل فعلي في تحمل أي جزء من المسؤوليات الكبرى الواقفة أمام النادي. وذلك إما لعدم وجود الاستعداد الكافي لديهم، أو لعدم ثقتهم واقتناعهم بان فرص العمل المثمر المتناسب مع طبيعة واستحقاقات المرحلة متوافرة حاليا في داخل النادي.

6- أصحاب الإمكانيات والقدرات المالية الذين يمكن أن يكون لهم دور جيد في تحسين الوضع المالي للنادي من خلال تبرعاتهم ومساهماتهم المالية، ليست لهم مساهمتهم الواضحة في هذا المجال. وذلك إما لعدم الاستعداد الكافي لدى بعضهم لدعم النادي، أو لعدم وجود متابعة ميدانية ناجعة لكيفية الاستفادة من هذه الموارد المالية الحريصة والمحبة والمنتمية للنادي.

7- أصحاب النفوذ والشخصيات الاعتبارية والمؤسسات والقوى الفاعلة في بلدة سلوان لم تقم في معظمها بالدور المتوقع منها، لاعتبارات غير واضحة وغير مفهومة، في وقت يحتاج فيه النادي إلى جهود الجميع بتجرد وحب وانتماء وإخلاص للنادي.

8- المؤسسات والجهات الرسمية التي تدرك تماماً حجم المخاطر الاستثنائية التي يمر بها نادي سلوان، لم تقف حتى الآن الوقفة الجادة والمثمرة إلى جانب النادي، ولم يرتقي مستوى الدعم والاهتمام به وبظروفه الكارثية إلى المستوى المأمول والمتوقع.

9- التواصل المجتمعي بين النادي وأهالي البلدة ضعيف، والنشاطات الثقافية والاجتماعية قليلة جداً، والتفاعل مع حاجات المجتمع واهتماماته على المستويات الأخرى غير الرياضية شبه معدوم. وفي غمرة الانهماك بالشأن الرياضي على حساب الشؤون والاهتمامات الأخرى تضاءل حجم التأثير والزخم المجتمعي للنادي بين الناس والأهالي في سلوان.

أثبت الاجتماع الذي حدث في 12 نيسان في نادي سلوان، أن الجميع بلا استثناء يتحملون مسؤولية الوضع الكارثي للنادي. وأنه يجب أن تكون هنالك رؤى وخطط وبرامج وآليات ومقترحات ورهانات أخرى مغايرة وبديلة، تختلف كلياً عما تم اختباره وتجريبه في النادي حتى هذه اللحظة، وعما تمت تزكيته ومنحه الثقة حتى الآن. ذلك أن ما بعد 12 نيسان يجب أن يكون مختلفا كلياً عما قبله. وبغض النظر عن طبيعة القرارات المتخذة من قبل اتحاد كرة القدم فيما يتعلق بالصعود والهبوط، وبالموقع الحالي للنادي، فانه يجب أن تكون هناك استراتيجيات وخطط وآليات عمل وادوات تنفيذ جديدة لا تكرر تجارب الاخفاق والفشل السابقة. وان لم تحدث هذه النقلة النوعية في نادي سلوان، فإن انحداره لن يتوقف، وسيواصل سيره نحو مصير حتمي أسود.
ولا ندري إلى متى ستبقى مفتوحة حفلة الفرجة عليه؟