|
أنا ريال ... أنا برشا *الكاتب : عبد الرحيم أبو حديد
نشر بتاريخ: 19/04/2010 ( آخر تحديث: 19/04/2010 الساعة: 18:53 )
منذ خُلقت على هذه الدنيا وانأ أعيش كمواطن فلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي والجميع يعرف المحطات المهمة في حياتنا كشعب فلسطيني من نكبة 48 ومذبحة دير ياسين مرورا بنكسة 67 وصولا إلى انتفاضة الحجارة عام 87 وبعدها الاتفاقيات الدولية ومن ثم انتفاضة الأقصى وبين هذه المجازر مجازر ، وأريد أن استوقفكم عند الانتفاضة الأولى ( انتفاضة الحجارة ) حيث كان تعليق العلم الفلسطيني هو انجاز معنوي يكتب لأهل الحي أو الشارع الموجود به العلم المعلق ، والذي يعرف انه علق علم فلسطين كان يعتقل من قبل سلطات الاحتلال ، تذكرت ذلك قبل أيام حين شاهدت علم نادي برشلونة معلق على احد أسلاك دوار الصحة في الخليل حيث كان مربوط بحجر وزجاجة فارغة ومعلق على سلك الكهرباء ، فاحترت في اختيار الشعور المناسب هل اضحك على هذا التصرف في تعليق علم على طريقة الانتفاضة ، أم احزن على تعليق العلم وهو تحويل الانتماء من العلم الفلسطيني إلى علم نادي كرة قدم أوروبي ، وهذه مشكلة تبدو بسيطة ولكن لها دلالات ومؤشرات كثيرة ومتعددة .
عند الجلوس في احد المقاهي أو الركوب في السيارة أو التسوق في المحلات أو في أي مكان آخر تجد الحديث قبل وبعد مباراة الكلاسيكو عن برشلونة وريال مدريد وتجد المتحدثين وكأنهم أصحاب الشأن فترى من يقول أننا لن نبيع ليونيل مسي بأي ثمن والآخر يقول بأننا أخطئنا عندما بعنا روبين وشنايدر وان المباراة على أرضنا وكأن لابورتا و وفلورنينو بيريس من يتحدثون ، وناهيك عن تاريخ الفرق المحفوظ كحفظ طالب توجيهي أدبي مبدع في مادة التاريخ ، وترى التحاليل الرياضية والتحكيمية بعمق وبحرفنة حتى أن التحليل لحرب العراق لم تأخذ هذا الوقت من التحليل . هل الذي نراه هو تشجيع أم انتماء ؟ اعتقد انه انتماء حيث تحول الانتماء للشاب الفلسطيني إما للريال أو البرشا ، والدليل على ذلك أن بعض أنصار برشلونة عند الحديث معهم عن انتمائهم يقول لك بأنه كتالوني ويظهر انتمائه لإقليم كتالونيا مطالبا بفصل الإقليم عن المملكة الاسبانية . ولكن لماذا كل هذه التصرفات والدلالات والظواهر والتي زادت في السنوات الأخيرة ؟ عندما صنف أبراهام ماسلو سلم الحاجات الأساسية للإنسان كان على رأس الهرم الحاجة إلى الانتماء فالإنسان يبحث عن مجموعة قوية ينتمي لها ، والعلم الفلسطيني والذي يرمز إلى فلسطيني وبكل صراحة أصبح رمز ليس كسابق عهده وبالتالي الانتماء له أصبح ضعيف لأنه تم تفريغ العلم الفلسطيني من محتواه الاجتماعي والسياسي والوطني ، مع العلم أن العلم الفلسطيني في فترات يباع أكثر علم في العالم ، وأصبح رمزا لكل من ينادي بالتحرر ويباع في أوروبا أكثر من أعلام الريال والبرشا . اعتقد أن ما وصل إليه الشاب الفلسطيني من حالات إحباط ويأس في تامين مستقبلهم بعد تخرجهم من الجامعات أدى إلى هروبهم من واقعهم المرير إلى العجائب وهو الريال والبرشا ومع الوقت يصبح الهروب من الواقع انتماء لنادي أوروبي . واعتقد انه ليس عيب أن تشجع هذا الفريق أو ذاك ولكن ليس بطريقة التعصب والانتماء بشكل كبير ، بل بالعكس أشجع على مشاهدة هذه المباريات والتي بدورها تعكس صورة جميلة ورائعة عن الأخلاق الرياضية حيث أن اللاعبين مهما بلغت قيمة المراهنات عليهم بعد المباراة يسلموا على بعض وكأن شيئا لم يكن معتبرين أن المباراة تسعون دقيقة منتهية ، ولا تجد مشجعي الريال يلقون بالزجاجات الفارغة على مشجعي البرشا ولا ينتظرونهم على مدخل مدينة مدريد لكي ( يستدو منهم) ، وجميعهم يحبون اللعب الجميل حتى أن جمهور البرنابو سقف للنجم البرازيلي رونالدينيو عندما سجل هدف أسطوري ، ولا ننسى لاعبي البرشا عندما وقفوا في نفس الملعب محيين نادي ريال مدريد بعد حصولهم على الدوري بكل أدب واحترام وأخلاق رياضية عالية ورفيعة ولم يعتبروا ذلك اهانة كما اعتبره البعض . أقول انه يجب أن نخرج من المهاترات والانتماء الغير طبيعي وننظر إلى سبب المشكلة ونحاول حل المشكلة من خلال تغيير الأسباب ونرجو من الحكومة أن تعمل على افتتاح مشاريع تشغيل ومصانع للحد من أهم مشكلة للشاب الفلسطيني وهي البطالة والذي هو ضحية للأخطاء السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية . |