وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

يوتوبيا في لقائها السادس بغزة: هل انتهت الفلسفة؟!

نشر بتاريخ: 01/05/2010 ( آخر تحديث: 02/05/2010 الساعة: 12:12 )
غزة -معا- ضمن لقاءات الفكر والأدب التي ينظمها التجمع الشبابي من اجل المعرفة "يوتوبيا" عقدت اليوم، ندوة فكرية بعنوان"هل انتهت الفلسفة؟" في مطعم الفصول الأربعة بمدينة غزة وسط حضور كبير ونخبوي من الكتّاب والمثقفين والمهتمين وأصحاب الكلمة.

وافتتح اللقاء الكاتب محمود الخطيب، مرحبا بالحضور في هذا الجو الدافئ الذي تقيمه يوتوبيا، مذكراً بقول نيتشه " لا شيء أهم وأكثر إلحاحا من معرفة الحقيقة".

وأدار جلسة الحوار الباحث رامي مراد، معرفا الفلسفة بمحبة الحكمة وطلب المعرفة داعيا إلى التحليق في الأعالي كي نرى الأشياء بطبيعتها.

وكان ضيف اللقاء المفكر الفلسطيني أ.غازي الصوراني والذي أعرب عن سعادته لاختيار يوتوبيا لعنوان اللقاء: هل انتهت الفلسفة؟على الرغم مما يعتريه هذا العنوان من إرباك لا يقلل من أهميته، وأضاف أن الفلسفة متساوية إلى حد كبير مع البحث عن الحقيقة، وكل شخص منا قادر على ممارسة موقف فلسفي حتى لو كان ذلك الموقف مرتبطا بالوعي العفوي لهذا الشخص.

وأكد الصوراني أن الفلسفة مسألة ضرورية - هي الوسيط المنطقي بين العلم والثورة وهي نشاط فكري واعي وطليعي من أجل تغيير وتجاوز الواقع المأزوم. وسؤال انتهاءها من عدمه يعد مدخلا ضمن مداخل عديدة لخلق وتوليد أساليب جديدة للتفكير، وسؤال النقاش هو دعوة للتفكير وفي جوهره أيضا هو دعوة للتفكيك تمهيدا لتعددية معرفية قد تؤسس لأرضية فكرية نكاد نفتقد إليها جميعا.

واستعرض الصوراني نشأة الفلسفة وعصورها المختلفة منذ الإغريق فالعصر الوسيط مرورا بعصر النهضة والتنوير وصولا إلى عصرنا الحالي، وأوضح أن أوروبا عاشت في القرون الوسطى في ظروف خيّم الظلام الدامس على عقول الناس، ولم يكن مسموحا وقتها التفكير في القضايا الكبرى مثل الدين وغيره وإنما الالتزام بالتعليمات الصادرة عن الكنيسة حيث ساد مفهوم "أن الهي لا يُعرف بالتفكير بل بالإعراض عن التفكير"، وقد كان هدف الفلاسفة هو البحث عن الحق والخير والعدل والجمال والحرية وإشاعة روح التسامح الديني وحرية الفكر طالما أن الانسان موجود وعدّد أهم فلاسفة الغرب وفلاسفة العرب أمثال الكندي وابن خلدون وابن رشد.

وتطرق الصوراني إلى عصر العولمة والتزايد المضطرد والمتسارع في المعرفة بصورة غير مسبوقة، والتي تجعل من ظهور نوع جديد من الفلسفة أمرا ممكنا ولا يعني نهاية الفلسفة بل تطورها وقد يؤدي إلى تراجع عصر الشك المعرفي وثبوت اليقين المعرفي.

وأجمل الصوراني أن من المستحيل سيكولوجياً الأخذ بمشروع ديكارت في هذا العصر بالشكل الذي نظر إليه وفكر فيه الأخير وذلك لاختلاف عصر العولمة والتراكمات المذهلة للمعرفة اليقينية وظهور الفلسفة البراجماتية في الولايات المتحدة، ودعا من منبر يوتوبيا إلى التعاطي مع ثقافة الاختلاف وحوار الآخر ديمقراطياً عوضاً عن القطيعة المعرفية التي لازمت حركة التاريخ الإسلامي بوفاة العالم ابن خلدون آخر الفلاسفة العرب، وطالبَ المثقف العربي بتبني رؤى وأفكار فلسفية وسياسية مجتمعية تسهم في تفعيل الحراك الاجتماعي والفكري للخروج من حالة التخلف التي تحياها المجتمعات العربية.

وتخلل اللقاء مداخلات ساخنة من الحضور بآرائهم المختلفة حول الموضوع حيث قال الباحث يوسف أبوعلفة أن الحديث عن العلاقة بين النهاية كمفهوم والفلسفة كعلم لا يمكن أن تنتهي الفلسفة عند درجة إلصاقها بمفهوم النهاية أو النفي لأنها منوطة دائما بالأشياء، لذا سؤال انتهاء الفلسفة لا يعدو أن يكون أكثر من وهم.

من جانبه أوضح الدكتور ناصر أبو العطا المحاضر بجامعة الأقصى أن الحكم على الفلسفة الوسطى بالظلامية والانحطاط ينطلق من رؤية الفلسفة كفعل أوروبي محض وهذا الحكم يختزل الفلسفة بوصفها سؤالا كونياً. والفلسفة اليونانية والفلسفة الوسيطة خضعت لسؤال الوجود باعتباره القضية المركزية التي شغلت الحضارة ولا زالت إشكالية العلاقة قائمة بين الفلسفة والدين. وقد تبلور سؤال نهاية الفلسفة التأملية على يد ماركس الذي أعلن موتها في ضوء تطور الروح البشرية وتجسدها في العقل الكلي، وبقي السؤال حاضرا مع تنامي النزعات العقلانية والنزعات البنيوية وما بعد البنيوية في التفكير وظهور الفلاسفة الجدد في فرنسا.

وترى الكاتبة والصحافية أسماء الغول أن الفلسفة ليست رفاهية كما يعتقد البعض "وأننا نعيش عصر التسطيح في غزة بتغييب العقل والاعتماد على النقل"، وشكرت يوتوبيا التي تعكف دوما على تنظيم اللقاءات الفكرية والأدبية في غزة المنهكة.

وتقول روان الصوراني أننا مجتمع مستهلك للتكنولوجيا وليس منتج لها لذا لا يمكن أن تقوم هناك ثورة تغييرية طالما أن الاقتصاد ضحل وتابع.

واستهل الدكتور سليمان بركة أستاذ الفيزياء في وكالة ناسا للفضاء مداخلته بإثبات مقولة أنا أقاوم فأنا موجود خلال سفره في رحلة علمية بأوروبا، موضحا أن الفلسفة آلية وميكانيزم التفكير والاستنباط للوصول إلى اليقين نحو التغيير للأفضل.

وفسرت الناقدة أمل عبيد ماهية الفعل الفلسفي في بدايته ونهايته هو فعل لارتباك يحدث لدى الفرد وتساءلت لماذا لا يوجد فلسفة أو فلاسفة عرب بعد وفاة ابن رشد.

واستنكر الكاتب عبد الكريم عليان حذف مادة الفلسفة من المنهاج الدراسي الفلسطيني منذ عدة سنوات، وأضاف أن الفلسفة لا يمكن أن تنتهي وهي مرتبطة بالوجود الإنساني ونوه إلى علاقة الفلسفة بالأدب وأجناسه المختلفة والدهشة التي تصيب الفيلسوف والأديب.

وأرجع الكاتب علي ابوخطاب بداية الفلسفة إلى الحضارات الوثنية الشرقية وليس الإغريق متسائلا هل بالإمكان اعتبار المفكر عبد الرحمن بدوي فيلسوفا عربيا.

وفي ختام اللقاء أعرب احمد عرار المنسق العام للتجمع الشبابي من اجل المعرفة (يوتوبيا) عن شكره وتقديره للمفكر غازي الصوراني على تلبيته الدعوة ولهذه المحاضرة الهامة والمتميزة من اجل إعلاء صوت المعرفة وصولا لمجتمع يواكب حركة التطور، وشدد على الاستمرار بعقد الجلسات والندوات والأنشطة الفكرية والأدبية.