وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

دم جديد من أجل عودة الروح الى نادي سلوان * بقلم :خالد اسحاق الغول

نشر بتاريخ: 03/05/2010 ( آخر تحديث: 03/05/2010 الساعة: 17:37 )
لعل أعمق المؤشرات دلالة على تعقيدات الواقع الذي يعيشه نادي سلوان ومخاطر الظروف التي يمر بها في هذه الأيام، ما بثته فضائيات العالم على الهواء مباشرة عندما كانت تنقل محاولات المستوطنين اقتحام بلدة سلوان، حيث تحول هتاف مشجعي سلوان في الملاعب (سلوان .. سلوان، مع ضربات الطبول) الى هتافات يطلقها أهالي سلوان شباناً وشيوخاً ونساءً واطفالاً خلال تصديهم للمستوطنين.

إذ تعتبر قصة سلوان البلدة هي ذاتها قصة سلوان النادي. الأمر الذي يستلزم وضع تعقيدات الواقع الذي يعيشه نادي سلوان وحجم المخاطر التي يتعرض لها على رأس سلم الاولويات، والعمل من اجل انقاذه وانتشاله من ازمته الخانقة، بمسؤولية وطنية جماعية، شعبية ورسمية، رياضية وغير رياضية.

لقد اطلق نادي سلوان صرخات استغاثة لاكثر من مرة من اجل التحرك الفوري لإنقاذه، لكونه يتعرض لتهديدات مشابهة، تشكل امتداداً لما يتعرض له حي البستان، الا أن هذه الصرخات كانت وما زالت تطلق في واد غير ذي زرع، ولا تجد آذانا صاغية.

وحتى وقت قريب كانت معاناة نادي سلوان تنحصر في هجرانه وتركه وحيدا، فسجل اخفاقا متجددا في المسيرة المتعثرة لاعادة فريقه الاول الى موقعه الطبيعي. وتبخرت الآمال التي عقدها عشاق النادي، بعد الاداء الاداري والرياضي الذي افضى الى ما أفضى اليه من نتائج في الموسم الكروي الاخير، بغض النظر عن النوايا والمحاولات.

لكن الأدهى والأمر، هو أن الأمر لم يقف عند حد اللامبالاة حيال مصير النادي، بل تخطته الكارثة الى ما هو اكثر مأساوية من ذلك. وبدلاً من ان تمتد للنادي يد المساعدة والعون، نراه يتعرض للإجهاز التام عليه، فأضحى طيرا ذبيحا يتوزع لحمه قطعة قطعة في مزاد (الاحتراف).

نادي سلوان لم يكن من بين الاندية المدعوة لتقديم اوراق اعتمادها للاحتراف ولم تشمله (مكرمة الاتحاد)، وكل التوقعات والهواجس التي ذهبت بعيدا فيما يتعلق بمستقبل نادي سلوان وموقعه في المرحلة القادمة كانت مجرد احلام خائبة او تأويلات مضللة. ولا يبذل الرياضيون وأصحاب الكفاءة والخبرة الرياضية من حوله اي جهد فعلي من اجل انتشاله من ازمته، وإذا كانت هنالك محاولات للمساهمة من قبل البعض فهي قليلة من ناحية العدد، ومتواضعة من ناحية النتائج.

ولا يبذل ذوو الكفاءات الإدارية والمهنية من حوله الحد الادنى من الجهد لتحمل اي جزء من المسؤوليات وإعادة بناء وتطوير العمل الإداري فيه، إما لعدم وجود الاستعداد الكافي لديهم، أو لعدم ثقتهم واقتناعهم بان فرص العمل المتناسب مع طبيعة واستحقاقات المرحلة متاحة ومتوافرة حاليا في داخله. ولا يساهم أصحاب الإمكانيات والقدرات المالية في تحسين وضعه المالي، إما لعدم الاستعداد الكافي لديهم، أو لعدم وجود متابعة ميدانية ناجعة لكيفية الاستفادة من هذه الموارد المالية الحريصة والمحبة والمنتمية له.

نادي سلوان الذي تدرك المؤسسات والجهات الرسمية تماماً حجم المخاطر الاستثنائية التي يمر بها، لم يحظ بالاهتمام الكافي ولم يرتقي مستوى دعمه والوقوف الى جانبه إلى المستوى المأمول والمتوقع.

في نادي سلوان عدد الأعضاء قليل جداً، ولا يوجد أي تأثير أو فاعلية لأعضاء الهيئة العامة المسجلين في قوائمه. وعدد الأعضاء المسددين لاشتراكاتهم السنوية بالعشرات في بلدة يزيد عدد سكانها عن 60 ألف نسمة.

الصورة قاتمة جداً، هكذا يقررالعقل، ويبدو أن جمال نادي سلوان - مثل بيروت – يؤذي!، وعودته تزعج، ويراد له ان ينطفىء حتى الزوال التام. لكن الارادة المتفائلة، والثقة بالذات، والصدق والمسؤولية والكفاءة والانتماء والحب والمهنية والاخلاص والوفاء، بامكانها لو اجتمعت، ان تصنع انجازاً عبقرياً رائعاً ومتميزاً، يتحقق من رحم المعاناة والالم، بأيدي وعقول وقلوب كل من يحبون سلوان البلدة وسلوان النادي.

ستتحقق هذه النقلة النوعية الجذرية والضرورية، فقط، اذا اتخذ السلاونة قرارهم الجريء بألا يعودوا الى تكرار التجارب السابقة، وأن يعملوا على اعادة بناء نادي سلوان من جذوره مدماكاً مدماكاً، وعلى أسس جديدة من خلال صياغة استراتيجية تستبعد الحلول الترقيعية، وتمقت العشوائية، ولا ترتكن الى الفهلوة (السريعة الذوبان) وتتوقف الى الابد عن تكرار مقولة (ليس بالامكان افضل مما كان) أو (هذا الموجود) أو (عد بقراتك يا جحا).. فبالامكان افضل كثيرا مما كان، وليس هذا فقط هو الموجود، والعجول المنتجة لم تحرث في ارضها البكر بعد.. ولم يأخذ الخباز خبزه حتى الآن...

ان نادي سلوان سينهض من جديد، فقط، اذا تسنى له ان يمتلك رؤى وخططاً وبرامج وآليات عمل جديدة، وان يمارس نهجا آخر، وأن يخوض تجارب بديلة لم تختبر من قبل، تختلف عما تمت تزكيته ومنحه الثقة حتى الآن. وذلك من خلال استراتيجيات وخطط وأساليب وآليات عمل وادوات تنفيذ جديدة تستخلص العبر وتعيش عصرها ومتطلباته بوعي وجدارة. عندها فقط، سيدخل في مرحلة (عودة الروح). وبعدها فقط، سيقول السلاونة امام كل الدنيا بكل فخر وبصوت عال: (عاد نادي سلوان).