|
لويزا مورغنتيني: حكومة فياض هي الوحيدة التي لها خطة عمل
نشر بتاريخ: 10/05/2010 ( آخر تحديث: 11/05/2010 الساعة: 00:18 )
في حوار خاص نشرته صحيفة القدس، نائب رئيس البرلمان الأوروبي السابقة لويزا مورغنتيني:
* المقاومة الشعبية وشفافية الحكومة ركيزتان أساسيتان لدعم المفاوضات * حكومة فياض هي الوحيدة التي لها خطة عمل والتي تفي بوعودها * الوحدة الوطنية الفلسطينية ضرورة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة * رسالة د. فياض كانت السبب الأبرز وراء تأجيل رفع مستوى العلاقات الأووبية - الإسرائيلية * النضال الشعبي الفلسطيني بمشاركة الأجانب والاسرائيلية أشبه بمقاومة جنوب افريقيا * حان الوقت لإجبار اسرائيل على دفع ثمن انتهاكاتها وجرائهما ولتدرك عزلتها * ينبغي الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين حتى قبل إبرام صفقة التبادل القدس -معا- اكدت النائبة السابقة لرئيس البرلمان الأوروبي لويزا مورغنتيني في مقابلة مع صحيفة القدس الفلسطينية نشرتها اليوم ، على أهمية المقاومة الشعبية لرفد المفاوضات مشددة على ان الحكومة الحالية التي يرأسها د. سلام فياض هي الوحيدة التي لديها خطة عمل وتفي بوعودها والمتغلغلة وسط شعبها. وأشادت بخطتها لبناء المؤسسات الفلسطينية في غضون عامين، مشيرة الى أن شفافية الحكومة لا تسند الوفد المفاوض فقط، انما تعزز جميع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، لكنها أكدت بأنه يقع على عاتق الحكومة استعادة الوحدة الوطنية بين شطري الوطن لتعزيز امكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. ونوهت البرلمانية الأوروبية السابقة بان منظمة التحرير الفلسطينية اعترفت من خلال اتفاقيات اوسلو باسرائيل في حين ان حركة حماس تقبل بحدود 67 لقيام الدولة الفلسطينية ما يعني اعترافا ضمنيا بدولة اسرائيل، ما يستدعي من المجموعة الرباعية التوقف عن فرض شروطها على حماس. وعبرت عن اعتقادها ان الوقت حان لارغام اسرائيل على دفع ثمن انتهاكاتها في الأراضي الفلسطينية وأكدت على أهمية الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين يعيشون ظروفا مخزية حتى قبل إبرام صفقة التبادل. وعبرت عن رفضها ليهودية اسرائيل، قائلة بأن الدولة يجب ان تكون لجميع مواطنيها كون الفلسطينيين العرب فيها يشكلون 20% من السكان. وفيما يأتي نص المقابلة: ے: ما هو تقييمك لظاهرة تنامي المقاومة الشعبية السلمية للممارسات الاسرائيلية وفي المقابل تصاعد الهجمة الاسرائيلية في التصدي لهذا النوع من النضال السلمي علما بأنه قدمت ورقة في مؤتمر هرتسيليا الذي انعقد في بداية هذا العام تعتبر هذا النوع من النضال جزءا من الحملة العالمية التي تستهدف الى نزع الشرعية عن اسرائيل؟ مورغنتيني: أنا من أشد المؤيدين للنضال الشعبي. واعتقد أن هذا النضال يتطلب الكثير من الشجاعة ورباطة الجأش الذي تبديه اللجان الشعبية الفلسطينية التي تأخذ المسؤولية بيدها من خلال مقاومة الاحتلال والجدار والمستوطنات في كل يوم. وهي تقوم بعمل جيد يعمل على تغيير الرؤية في اوروبا والمجتمع الدولي إزاء الفلسطينيين. كما أن هذا النوع من النضال يقوض اسرائيل، علما ان الاسرائيليين كانوا دائما يصورون الفلسطينيين على انهم ارهابيون. ولهذا، فان النضال الشعبي يخاطب العالم بكل وضوح بأن الفلسطينيين يدافعون عن حقوقهم بالحرية وتقرير المصير. ومن جانبهم، يحاول الاسرائيليون بكل قسوة قمع النضال الشعبي الفلسطيني لأن هذا الشكل من النضال يشوه رواية الاسرائيليين بأنهم يدافعون عن انفسهم ضد الارهاب. وفي ذات الوقت، فان النضال الشعبي الذي تقوده اللجان الشعبية، يشارك فيه نشطاء اسرائيليون ومن المجتمع الدولي. وجميعهم يذهبون الى الحواجز لمواجهة الاعتقال وإطلاق النار والغازات المسيلة للدموع في مختلف المواقع مثل بلعين والشيخ جراح لغرض انهاء الاحتلال. والنضال الشعبي الفلسطيني أشبه بالنضال الذي شهدته جنوب افريقيا والذي لم يكن محصورا على السود فقط، حيث ضم المؤتمر الوطني الإفريقي بين قيادته البيض واليهود المناهضين لنظام التفرقة العنصرية. لهذا أرى انه من المهم جدا مشاركة الاسرائيليين وأعضاء المجتمع الدولي في النضال الشعبي الفلسطيني، فهذا النوع من الكفاح لا يقوض المجتمع الإسرائيلي فقط وانما الدعاية التي تقوم بها اسرائيل في انحاء العالم بأن الفلسطينيين ارهابيون. وعلى هذا الأساس، قمنا في اللجنة الشعبية في بلعين باعادة اطلاق الشبكة الدولية لدعم النضال الشعبي الفلسطيني. ے: هل تعتقدين ان النضال الشعبي الفلسطيني ساهم في انشاء مؤسسة جي ستريت اليهودية في الولايات المتحدة، وأدى الى قيام الجي ستريت الأوروبية حيث نشر حديثا ان اكثر من 3000 مفكر يهودي اوروبي بعثوا برسالة الى قيادة الاتحاد الأوروبي يطالبونه فيها بالتوقف عن تبرير المواقف الاسرائيلية اضافة الى دعوتهم الى تجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وبضمنها القدس وحث الولايات المتحدة على تحقيق حل الدولتين؟ مورغنتيني: نحن نعيش حالة فريدة ومعقدة جدا وعلينا الأخذ بالاعتبار جميع الأمور المختلفة المتحركة. واعتقد ان مجموعة جي ستريت في الولايات المتحدة مهمة لأنها أحدثت انقساما في لجنة العلاقات الأمريكية اليهودية (إيباك)، حيث لم يعد هناك صوت يهودي واحد. وإضافة الى جي ستريت هناك الكثير من الجماعات اليهود الملتزمة في اوروبا المؤيدة بقوة لنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال. ولدينا في اوروبا أقطاب من التيار المركز اليهودي الذين كانوا من أشد المؤيدين لليهود وأصبحوا يقولون الآن كفى.. وهناك حاجة الى حل وأن المستوطنات تشكل عائقا. وحقيقة هناك تغير، لكنني اعتقد ان المشكلة الآن تكمن في كيفية فرض الضغوط على الحكومة الاسرائيلية لوقف الاستيطان ولمطالبتها بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وفي هذا السياق، أعتقد أن خطة السنتين التي طرحها رئيس الوزراء د. سلام فياض والتي اعتقد البعض انها تشكل اعلانا للدولة الفلسطينية، تشكل حقيقة المهلة لاستكمال بناء المؤسسات الفلسطينية وإرساء البنية التحتية للدولة الفلسطينية العتيدة. وتطرح الخطة بكل جلاء أنها لا تعترف بتقسيمات المناطق الفلسطينية التي ارساها اتفاق اوسلو أو الجدار. وهي شاملة لجميع المناطق الفلسطينية التي احتلت عام 1967 وبضمنها القدس. وبحكم خبرتي، فهذه هي المرة الأولى التي ارى فيها حكومة فلسطينية تمتلك خطة واضحة، كما انها تفي بما تعد به. وأعتقد ان الظاهرة الجديدة التي اراها في فلسطين إضافة الى المقاومة الشعبية هو وجود حكومة تنجز، فهي لا تعتكف في مكاتبها وانما تذهب الى الأرياف والقرى والى المناطق المصنفة (ج) وتحاول العمل ايضا في القدس، وهذا بحد ذاته تغير كبير. ولقد قرأت بعض الانتقادات لهذه الخطة – لا أتفق معها - مفادها على سبيل المثال أن بناء طريق أو إعادة تأهيل آخر يعني قبول التقسيمات التي تفرضها اسرائيل والقبول بالطرق الإلتفافية، بيد انها تعمل حقيقة على تحسين الأوضاع في الأراضي الفلسطينية من خلال بناء شبكة طرق جيدة. فمن المريح جدا أن تشاهد الفلسطيني يسافر من رام الله الى بيرزيت على شبكة طرق جيدة بدلا من إعطاب سياراتهم على طرق مدمرة. وعلى سبيل المثال، فاذا ذهبت الى ياسيف في منطقة جنوب الخليل، ترى ان الحكومة هناك تسعى الى بناء شبكة الكهرباء والماء والمدارس، على الرغم من الرفض الاسرائيلي. فالحكومة الفلسطينية تقاوم ذلك وترفض الاقرار بتقسيمات اوسلو للأراضي الفلسطينية. وأظن ان خطة التنمية التي تقوم بها الحكومة مهمة جدا، وهي لا تطبق فقط شخصيا من قبل رئيس الحكومة د. سلام فياض، لكنني أرى الوزراء انفسهم يبذلون جهودا كبيرة في مجالاتهم المختلفة. وعليه، فإذا كانت الحكومة جيدة، فلن يستفيد فقط رئيسها وانما جميع ابناء الشعب الفلسطيني وكل الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية. كما لا يوجد من يعتريه الضعف جراء سياسات الحكومة، فالأمر مخالف كليا. فجميع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية تستفيد من الحكومة التي تمتاز بالشفافية ولا تعاني من الفساد وتقدم الخدمات من خلال نزولها الى المواطنين. أما في حي الشيخ جراح بالقدس، فتقوم السلطة بمساعدة العائلات التي اخليت من منازلها في الحي المذكور، حيث يتعرض المواطنين هناك لمضايقات اسرائيلية متواصلة. ومع ان السلطة تفتقر لخطة متواصلة في مدينة القدس، فالحكومة قامت مؤخرا بالاعلان عن نيتها دعم المشاريع في القدس وتواصل المطالبة بفتح المؤسسات المقدسية المغلقة وعلى رأسها بيت الشرق. وأنا اقوم بزيارات متكررة لمختلف القرى واستمع للمواطنين هناك من مختلف المشارب السياسية والى اصدقائي من المثقفين والسياسيين وأسمع الكثير من التقييمات الايجابية للحكومة التي تقوم بعمل جيد. ومع هذا هناك بعض المشاكل مع الأجهزة الأمنية التي تقوم احيانا باعتقالات غير مبررة، وآمل ان يتغير هذا الوضع مع العلم ان الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تراقب الأوضاع في سجون السلطة. ے: لكن الرئيس تحدث عن قرب اجراء تعديل على حكومة د. سلام فياض؟ مورغنتيني: هذه مسألة فلسطينية داخلية لا أنوي الخوض فيها. لكن ما أستطيع قوله ان الحكم على الحكومة يتأتى من خلال الأعمال التي تقوم بها وليس من خلال انتمائها لهذا الفصيل او ذاك. وأنا على دراية بالانتقادات الموجهة للحكومة إضافة الى التقولات بأن الأوروبيين والأميركيين يريدون سلام فياض، وهو ما يقلقني، لكنني أحكم على الأمور من خلال الأفعال. فاذا كانت تلك الأفعال جيدة للشعب، مع استبعاد كل الدعاية التي تروجها اسرائيل والأوروبيون والأميركيون حول الفساد الفلسطيني، حيث ان الاتحاد الأوروبي حارب لعدة سنوات تلك الهجمات وبخاصة تلك المطالبة بوقف الدعم المالي للشعب الفلسطيني. وهناك مسألة في غاية الأهمية هي انه عندما يخاطب سلام فياض الأوروبيين يتحدث اليهم بنفس الكلمات التي يخاطب فيها شعبه داخل فلسطين. فهو ليس بديماغوجي ولا يكذب. وهو يقول للأوروبيين والأميركيين نحن في الحكومة الفلسطينية نتحمل مسؤولياتنا ويسألهم عن مسؤولياتهم إزاء وجود الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال. ويقول في خطته للسنتين بكل وضوح عن انهاء الاحتلال في غضون سنتين. وعندما يتم توفير الظروف الاقتصادية الجيدة، فهذا يساهم في رحيل الإحتلال. لهذا، هناك عدة ادوار للقيام بها، فدور منظمة التحرير الفلسطينية القيام بالعملية التفاوضية في ظروف افضل، في حين ان مهمة الحكومة تحسين اوضاع الشعب الفلسطيني. وهذا لا يعني التفكير بالتطبيع، لأن الاحتلال ما زال موجودا بينما يبقي الإسرائيليون قطاع غزة تحت الحصار. وما زال امام الشعب الفلسطيني عمل شاق للإظهار للعالم انهم يملكون القوة على طاولة المفاوضات. وباعتقادي ان النضال الشعبي والحكومة الجيدة يقويان عملية المفاوضات، ومن الضروري وجود عملية مفاوضات، لكن يبقى السؤال حول ظروفها. ے: ما هو تعليقك على تصنيف مجلة التايمز الأميركية رئيس الوزراء سلام فياض في المرتبة العاشرة من اكثر الشخصيات المؤثرة من بين 100 شخصية اختارتهم لم يشملوا اي اسرائيلي؟ مورغنتيني: شخصيا لا احب جائزة نوبل ومثل هذه الأمور، لكنني شعرت بسعادة كبيرة بأن ارى سلام فياض في المرتبة العاشرة. فهذا الاختيار لا يتم من قبل الحكومة وإنما من 800 ألف شخص ممن صوتوا له من مختلف انحاء العالم. وأعتقد أن هذا الإختيار مهم جدا لأنه العربي والفلسطيني الوحيد ولأنه لم يجر شمل الاسرائيليين. وآمل ان يشعر الفلسطينيون بالفخر لذلك لأن الاختيار لم يتم من مجلة التايمز الأميركية وانما من قبل اشخاص من مختلف ارجاء العالم. ے: مع أن الشعب الفلسطيني ينشد السلام ويتمناه الا اننا نلاحظ ان الرأي العام الاسرائيلي ما زال يتجه نحو اليمين، مع الإقرار بأن هناك فئات من الإسرائيليين يشاركون الفلسطينيين احتجاجاتهم السلمية، لكنهم مع هذا ما زالوا غير مؤثرين في المجتمع الإسرائيلي. فما تعليقك على ذلك؟ مورغنتيني: اعتقد ان المجتمع الإسرائيلي وكما يقول كثيرون من الإسرائيليين، ليس فقط ان هناك الكثير من الشبان الاسرائيليين يذهبون الى بلعين والى الشيخ جراح والى المعصرة، وإنما هناك العديد من الشخصيات الاسرائيلية الشهيرة مثل الكاتب دافيد غروسمان الذي يصف اسرائيل الآن بالنبتة التي لا تأكل نفسها فقط وانما الجميع: الفلسطينيين والاسرائيليين. أما ابراهام بورغ الذي شغل في السابق رئاسة الكنيست فهو يتواجد في الشيخ جراح. فالشباب الاسرائيلي يقول كفى فنحن لا ندمر فقط الفلسطينيين وانما المجتمع الاسرائيلي. وأعتقد بأنه علينا ابراز هذه الأصوات المنتقدة جدا للسياسات الاسرائيلية. وفي هذه الحكومة الحالية، يمكن تخيل أشخاصا مثل ليبرمان ونتنياهو والآخرين الذين يقولون بأن القدس ستبقى العاصمة الأبدية للشعب الاسرائيلي وأن من حقهم البناء في أي مكان يشاؤون، لكن عليهم ان يفهموا بأنهم ينتهكون الشرعية الدولية. وآمل انه في القريب العاجل سيضطرون لدفع ثمن إنتهاكاتهم لتلك الشرعية. ففي غزة ارتكبوا افظع الجرائم، حيث ان تقرير غولدستون كان واضحا بشأن ذلك، كما انني شخصيا مع العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي شاهدين على الجرائم التي ارتكبت في القطاع. وفي كل يوم يقومون فيه بمصادرة قطعة ارض فهذا يشكل جريمة. وعندما يقوم المستوطنون بتدمير أشجار الزيتون التابعة للفلسطينيين فهذه جريمة ايضا. وبرأي ان الوقت حان لإفهام الاسرائيليين بأنهم اكثر عزلة الآن، لكن المشكلة تكمن في كيفية التوضيح لهم أن عزلتهم حقيقية ليس فقط من الجوانب الأخلاقية وبأن عليهم دفع الثمن لانتهاكاتهم لحقوق الانسان. ولهذا السبب اقوم بدعم الحملة الدولية لحث الأوروبيين والمجتمع الدولي على وقف الاستثمارات اولا في المستوطنات وثانيا الى مقاطعة جميع البضائع التي مصدرها المستوطنات الاسرائيلية. وفي هذا المجال، أعرب عن إيماني ان الحكومة الفلسطينية اتخذت قرارا جرئيا بمصادرة منتجات المستوطنين. وهو جريء كون الاسرائيليين غير سعداء به ويردون عليه بقوة تجاه الاقتصاد الفلسطيني من خلال الابتزاز، كما يوجد بعض التجار والزبائن الفلسطينيين غير سعداء بقرار المقاطعة. فمن جهة، هناك حركة داخل فلسطين قائمة منذ العام 2005 تدعو للمقاطعة وفرض عقوبات وحاليا تقوم الحكومة باتخاذ خطوات راسخة على الأرض. وأؤمن بأن علينا ارغام الإسرائيليين على تغيير سياساتهم ودفع ثمنها. وفي اوروبا، أدعم كليا تعليق الاتفاقية التجارية الأوروبية الاسرائيلية كون الاسرائيليين يقومون بانتهاكات حقوق الانسان. ولهذا يتعين وجود ضغط على الاسرائيليين لإفهامهم بأن عليهم دفع ثمن اعمالهم وبأنهم يعيشون في عزلة في نفس الوقت. ے: هل تعتقدين ان الاتحاد الأوروبي يسير باتجاه ارغام اسرائيل على دفع الثمن؟ مورغنتيني: اعتقد ان جزءا كبيرا من الرأي العام الأوروبي يسير باتجاه وقف الاستثمارات لكن هذا لا يشمل الجميع. لكنني اعتقد ان مؤسسات الإتحاد الاوروبي ما زالت غير مستعدة بشكل كبير، لكنها نعم مستعدة لوقف الاستثمارات ومنع منتجات المستوطنات من دخول أوروبا، وهذا عائد لموقف الأوروبيين من أن جميع المستوطنات غير قانونية، وليس فقط البؤر الاستيطانية كما تدعي اسرائيل. وفي هذا الإطار، لم يقبل الاتحاد الأوروبي رفع مستوى العلاقات مع اسرائيل بما يتيح لها المجال للقيام بالمزيد من التعاون مع اوروبا وذلك بسبب انتهاكاتها لحقوق الانسان ولعدوانها على غزة. فالاتحاد الأوروبي جمد قرار رفع مستوى العلاقات، حيث لعبت الرسالة التي بعثها الدكتور سلام فياض للاتحاد الأوروبي أحد أهم الأسبابي وراء اتخاذ مثل هذا القرار، اضافة الى رسائل المنظمات الأهلية الفلسطينية التي حثت الأوروبيين على عدم الموافقة على رفع مستوى العلاقات مع اسرائيل. وعلى الرغم من وجود بعض التعاون بين الاتحاد الأوروبي واسرائيل إلا ان قرار رفع مستوى العلاقات بين الجانبين مجمد حاليا، وآمل ان يبقى كذلك، رغم المحاولات الاسرائيلية لإلغائه. ے: هل انت متفائلة جراء الموافقة العربية على استئناف المفاوضات غير المباشرة لوجود بعض الاشارات من واشنطن تؤكد عزمها الوصول لحل الدولتين، علما ان نتنياهو شكل فريقا تفاوضيا مقلصا لمنع التسريب كما تقول المصادر الاسرائيلية؟ مورغنتيني: أنا مثل الشاعر إميل حبيبي أؤمن بعبارة تفاؤل الإرادة وتشاؤم العقل. وآمل جدا بأن تقوم ادارة الرئيس اوباما بالدفع جديا باتجاه حل الدولتين. لكن فوق كل ذلك يجب أن تكون هناك اشارة حقيقية حول توقف النشاط الاستيطاني. واذا استمر الإسرائيليون بما يجري الآن بخاصة بعد تواصل التصريحات من قبل نتنياهو وليبرمان المتعلقة بمواصلة النشاط الاستيطاني الجاري فعليا في القدس، واذا لم يوقفوا ذلك إضافة الى الهدم في سلوان ومصادرة هويات المقدسيين، عندها لن يكون هناك أي امل، لأنه في كل مرة يدلي بها الإسرائيليون بتصريح ما لكنهم على الأرض يقومون بخلق حقائق جديدة. لكنني أعتقد انه في هذه المرة، فان الفلسطينيين وبخاصة القيادة اكثر وعيا للفخ الذي يسعى الاسرائيليون الى نصبه، فهم لن يقبلوا بالحدود المؤقتة وبقاء المستوطنات. لهذا، اؤمن ان النضال الشعبي وعمل الحكومة الجيد يمنح القوة للعملية التفاوضية. وانطباعي انه لو بدأت سياسة النضال الشعبي والحكم الصالح منذ عودة السلطة لكانت الأمور اختلفت كليا الآن. وأذكر جيدا عندما كان الاسرائيليون لا يطبقون اتفاق اوسلو واستمروا في بناء المستوطنات. وأذكر جيدا كم مرة توجه فيها فيصل الحسيني الى هار حوما او جبل ابو غنيم للاحتجاج على بناء المستوطنة. فلو استمر النهج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطيينة او للسلطة الفلسطينية لكانت الأمور اليوم مختلفة جدا. وعليه، فمن المهم جدا الآن دعم وتطوير النضال الشعبي ولا أؤمن بوجود مفاوضات بدون رفدها بالنضال الشعبي. وأنا كنت في الماضي نقابية اكافح من أجل تحقيق مطالب العمال، ولهذا أدعو الفلسطينيين الى عدم التوقف إطلاقا عن النضال الشعبي وأشدد على النضال الشعبي السلمي غير المسلح الذي بدأ منذ سنتين تقريبا. وأرى بأن تجنيد النضال الشعبي يشكل الطريق الأسلم لعدم القبول بالاحتلال ومقاومته ومكافحة الجدار. ويتطلب ذلك الكثير من الشجاعة في التوجه كل مرة لمواجهة الجنود. وهذا النضال يقدم رسالة واضحة للعالم حول كفاح الشعب الفلسطيني من اجل الحرية وتقرير المصير. وأشير هنا الى أنه مع اجازة القانون الدولي للشعوب المحتلة بممارسة كافة اشكال النضال، لكنني اعتقد ان اللجوء للعنف المسلح في خلال الانتفاضة جلب الكوارث للشعب الفلسطيني. ے: وماذا بشأن غزة؟ مورغنتيني: اعتقد ان هناك مسؤولية ملقاة على عاتق القيادة الفلسطينية تتلخص بالعمل الجاد من اجل استعادة الوحدة الوطنية الضرورية، علما أن سيطرة حماس على قطاع غزة جلب الكثير من السلبيات. والوحدة لا تعني تساوي الجميع بالآراء وانما الوحدة مع غزة التي تعتبر جزءا من الدولة الفلسطينية العتيدة. فعلى عاتق القيادة الفلسطينية مسؤولية ايجاد حل للوحدة، حيث ان السكان في غزة يعيشون في سجن يحيط بهم من كل مكان. وبدورنا كحركة تضامن دولية نجد صعوبات جمة في اختراق الحصار المفروض عليها. وبنفس الوقت، لم نتمكن من اقناع حكوماتنا بضرورة رفع الحصار عن غزة. فالمدنيون فيها يدفعون ثمن مسؤولياتنا ايضا وبخاصة مسؤولية المجتمع الدولي وحركة التضامن الدولية اللذين لم يستطيعا حتى الآن تطوير حركة دولية لإنهاء الحصار عن غزة. وآمل ان يجد الفلسطينيون حلا من خلال التوقيع على الوثيقة التي وقعت في مصر، كما آمل ان تفهم حماس ان التحدي أمامها ليس اقامة دولة إسلامية، انما إنجاز الحرية للشعب الفلسطيني. وحماس تعتبر جزءا من المجتمع الفلسطيني لهذا يجب العمل على تحرير الفلسطينيين في قطاع غزة من الحصار. ے: فهل تنصحين حماس بقبول شروط الرباعية وبخاصة الاعتراف باسرائيل؟ مورغنتيني: أنا لا اتفق مع اللجنة الرباعية، فأنا ارى الأمور من زاوية اخرى. أعتقد ان قادة حماس ومن خلال لقاءاتهم مع البرلمانيين الأوروبيين قد صرحوا بأنهم يقبلون بحدود العام 1967، وقول ذلك يعني أنهم يعترفون ضمنا بإسرائيل بيد انهم يشددون على انهم لن يعلنوا ذلك صراحة قبل اقامة الدولة الفلسطينية. وأقترح على الرباعية عدم وضع شروط مسبقة وبخاصة ان حماس تعترف بحدود العام 1967، فهذا يكفي برأيي. وهنا اود التأكيد بأن على الجانبين الفلسطينية والاسرائيلي التوقف عن مهاجمة المدنيين لأن ذلك يشكل انتهاكا للشرعية الدولية. فالمجتمع الدولية مسؤول عن استمرار الاحتلال لغاية الآن ولتواصل انتهاكات حقوق الانسان. ے: هل لديك اي نصائح تسديها للشعب الفلسطيني؟ مورغنتيني: بل على الشعب الفلسطيني اسداء النصح لي حول كيفية الكفاح في اوروبا حتى نصل الى نهاية الاحتلال والنكبة. مع هذا ارغب بإضافة كلمة واحدة، بأن هناك في الغرب صورا نمطية عن الفلسطينيين وبخاصة ان الدعاية أخفت الحقيقة الحاصلة حول حياة الشعب الفلسطيني وحول المسائل الثمينة التي بحوزة الفلسطينيين. ففي كل مرة احضر فيها الى فلسطين أشعر ان الشعب الفلسطيني يحقق المعجزات لأنه في كل مرة يقاوم فيها يبتدع طرقا جديدة في الكفاح. وأطالب الفلسطينيين بالمزيد من الوحدة لأن الكفاح ضد الاحتلال ما زال طويلا. ے: ألا تعتقدين انه من الصعب توحيد الموقف السياسي الفلسطيني بين مختلف القوى الوطنية والدينية؟ مورغنتيني: انا لا أؤمن بوجود فارق بين مختلف القوى الفلسطينية. فالقيادة الفلسطينية تطالب بحدود العام 1967 وحماس ايضا تقول حدود العام 1967وأعتقد انه على هذه القاعدة يمكن بناء الوحدة. وخلال المفاوضات الصعبة قدم الفلسطينيون الكثير من التنازلات استغلها الإسرائيليون. فحدود العام 1967 ليست هي نفس حدود الدولة التي نص عليها قرار التقسيم التابع للأمم المتحدة للعام 1947. وبسبب تعقيدات الوضع تتعالى الأصوات المطالبة بالدولة الواحدة في فلسطين التاريخية، حيث ان هناك العديد من المؤسسات الإسرائيلية والفلسطينية التي ترى بعدم امكانية حل الدولتين وانما حل الدولة الواحدة. ے: في ضوء الحقائق التي فرضتها إسرائيل على الأرض، فهل ما زلت تؤمنين بامكانية تطبيق حل الدولتين؟ مورغنتيني: بداية اود التأكيد على ان من حق الشعب الفلسطيني الحصول على دولة خاصة به، بخاصة بعد نضاله الطويل لتقرير مصيره. ومن حيث المبدأ، فإنه من المفضل العمل من اجل حل الدولة الواحدة التي يعيش فيها الجميع متساوين بدون حدود. وأدعم حل الدولتين كون الشعب الفلسطيني صاحب الكفاح القوي والطويل من اجل ترسيخ هويته الوطنية يستحق ذلك. وأتذكر انه في الانتفاضة الأولى كانت تمنع استخدام كلمة الفلسطيني. وأذكر آنذاك كيف كان يتعرض الشباب الفلسطيني للقتل خلال رفعهم لعلمهم الوطني. وكانوا يرسلون الى السجن بسبب ذلك. فقد ضحى الشعب الفلسطيني كثيرا لتثبيت الهوية الفلسطينية. وعليه، فإن الأمر يعود للشعب الفلسطيني للاختيار. وبالنسبة للحقائق على الأرض التي تعيق حل الدولتين فما زال بالامكان ايجاد الحلول لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. ے: كما تعلمين، فالإسرائيليون يريدون دولتهم بأن تكون يهودية، وهناك من الفلسطينيين من يعتقد بأن ذلك يعني دولة اثنية، فهل تؤيدين الاسرائيليين في هذا المطلب؟ مورغنتيني: أعتقد ان الدولة يجب ان تكون دولة جميع مواطنيها، فهناك 20? من سكان إسرائيل هم من العرب. أما اذا ارادوها يهودية فهذا يعود لهم، لكن عليهم التوقف عن مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية الدولية. وعوضا عن ذلك يجب ان تكون دولة جميع مواطنيها اي أن لا تكون دولة مسيحية أو يهودية او إسلامية، إنما دولة جميع المواطنين المتساويين في الحقوق والواجبات. ے: هل تؤيدين اجراء صفقة للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية مقابل الجندي الأسير في غزة؟ مورغنتيني: شخصيا اؤمن بأن على اسرائيل الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين لأن ظروفهم المعيشية مخزية ويجب ان يطلق سراحهم حتى قبل إجراء عملية التبادل. وفي نفس الوقت، اعتقد انه من المهم ابرام صفقة التبادل. ے: في ضوء ما نسمع من تهديدات مختلفة، فهل تعتقدين ان الشرق الأوسط متجه نحو شفير الحرب؟ مورغنتيني: أعتقد ان التهديدات التي يصدرها الإسرائيليون تهدف الى جعل العالم ينسى بأنهم يحتلون ارض الفلسطينيين. وآمل بأن تتحلى ادارة اوباما بقدر من الذكاء حتى لا تسمح بحرب جديدة لا ضد لبنان ولا ضد ايران. لكننا لا نعلم ما يفكر به الأشخاص المأفونون الذين يتحكمون بالحروب. وهنا آمل من العرب توحيد مواقفهم واستخدام القوة التي يتمتعون بها لحل القضية الفلسطينية، حيث ان أفعالهم لا ترتقي الى مستوى إمكاناتهم. ے: كيف تقيمين دور السلطة ازاء قطاع غزة؟ مورغنتيني: بداية أعتقد ان المفاوضات المرتقبة يجب ان تركز على إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة. وفي ذات الوقت اعبر عن تقديري لقيام السلطة الفلسطينية في رام الله بمواصلة دفع الأموال للموظفين، كما ان الاتحاد الأوروبي يواصل القيام بالمشاريع في غزة الشبيهة بالقفص. فالجهود المستقبلية يجب ان تنصب في كسر الحصار على المواطنين في القطاع. أجرى الحوار: موسى قوس |