|
غزة.. الجرح الدامي والألم القاسي.. في مشهد تنفطر من قسوته القلوب!
نشر بتاريخ: 10/06/2006 ( آخر تحديث: 10/06/2006 الساعة: 01:23 )
خان يونس -معا- في مشهد تلفزيوني درامي اقرب ما يكون للخيال، وتقشعر من هولته الأبدان، وتتألم من بشاعته وقسوته القلوب، وتلفظه كل معاني القيم والإنسانية، طوت قوات الاحتلال الهمجية صفحةً جديدة -مفتوحة- من مجازرها ومذابحها ضد الإنسانية والبشرية !!.
فالمشاهد التي تناقلها تلفزيون فلسطين على الهواء مباشرة، لطفلة تائهة بالأحزان والضياع وهي تصرخ من أعماق قلبها المقهور والمذبوح، بالقرب من جثه والدها، ستبقى راسخة في ذاكرة الفلسطينيين وأصحاب الضمائر الحية في العالم إن -وجدوا- او كانت تعي ضمائرهم هول الفاجعة التي لحقت بعائلة " غالية " . فصرخات الطفلة الناجية الوحيدة من الجريمة البشعة على شاطي بحر غزة، قطعت نياط القلب، وحولت المستقبل إلى صورة سوداوية، ولما لا وهي الطفلة البريئة، مشتتة الوعي، متخبطة في أفعالها وردة أفعالها، فتراها تذهب شرقاً وغرباً، تبحث عن من كانوا يلاعبونها !!. مشتتة ما بين جثة والدها الممدة على شاطيء البحر وبين جثامين أخواتها وإخوتها وأمها، التي مزقتها قذائف ورصاص البوارج البحرية الاسرائيلية الحاقدة على الإنسانية وأطفال فلسطين، لتقتل عائلة بكاملها لا ينجو منها سوى تلك الطفلة التي رآها العالم أجمع وهي تصرخ بصوتها المخنوق وبأعلى صوتها يابا .. يابا .. يابا .. يابا دون أن يجيبها والدها أو أحد من آسرتها لان قذائف الحقد كانت أسرع إليهم من صوتها الضعيف !!! . فعائلة" غالية " الفلسطينية المنكوبة بفقدان سبعة من أبنائها هم الأب والأم وخمسة من أبنائهما، لم تكن تعلم أن بهروبها من حر الطقس الصيفي، وضيق المخيم والحصار الاقتصادي والسياسي المفروض على الشعب الفلسطيني وعلى العائلة، سوف يكلفها ثمناً غاليا ًوجرحاً كبيراً لن يندمل أبدا. فبعد ساعة من وصول الأسرة إلى شاطئ البحر، وقبل أن يبدأ الجميع في نسيان هموم حياتهم، تسابقهم حمم القذائف الإسرائيلية- الحاقدة - التي انهمرت عليهم من الزوارق الحربية لتحول أجسادهم إلى أشلاء ممزقة خاصة جسد هيثم ذوي العام الواحد، في جريمة علنية أمام الملايين من المشاهدين على شاشات ومحطات الفضائيات العربية والدولية ، ولتقتل هذه القذائف والصواريخ سبعة شهداء هم عائلة بكاملها : علي غالية (45 عاماً)، صابرين غالية (3 أعوام)، هيثم غالية (عام واحد)، هنادي غالية (عامين)، الهام غالية (7 أعوام)، علية غالية (25 عاماً)، رئيفة غالية (26 عاماً) ولتصيب عشرات من الطفال والنساء والرجال الذين جاءوا ليصطفوا على شاطي البحر ترويحاً عن أنفسهم . لقد أعادت هذه الجريمة إلى الأذهان سجل أسود من التاريخ الاجرامي الاسرائيلي، فاليوم نتذكر صرخات محمد الدرة ووالدة !! ونتذكر إيمان حجو !! والطفلة سارة في نابلس، ونتذكر صبرا وشاتيلا ومدينة نابلس ومخيم جنين !!. وكانت الطائرات الحربية الإسرائيلية، قد أطلقت عدة وصواريخ صوب سيارة كانت تقل نشطاء من الويه الناصر صلاح الدين مما أدى إلى إصابة أحدهم، وإثناء تفقد أقاربهم له في مستشفى كمال عدوان شمال القطاع أطلقت الطائرات" السادية " المتلذذة بقتل الفلسطينيين والمواطنين الأبرياء صواريخها، مما أدى إلى مقتل ثلاثة منهم وهم الشقيقان باسل وأحمد عطا الزعانين وابن عمهم خالد الزعانين، وهم مواطنين عاديين ليس لهم علاقة بالتنظيمات الفلسطينية . الطائرات الإسرائيلية المجنونة لم تكتف بهذا القصف والقتل ولم تشبع من دماء الأطفال والنساء الغزيرة التي سالت على شاطئ البحر فقامت بملاحقة سيارة من نوع "سكودا " كان يستقلها ثلاثة من كوادر القسام على طريق صلاح الدين، شمال غزة، وقامت بقصفها مما أدى إلى إصابتهما وعدد أخر من المواطنين بجروح خطيرة ومتوسطة، لتسبح غزة بدمائها العزيزة من جنوبها إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها، دون أن يحرك العالم ساكنا، او يهتز ضمير أحرار العالم من هول المجازر وبشاعتها، ودون أن ترتجف جفونهم من صرخات الطفلة وهي تبكي حظها المتعثر بفقدان كل أفراد أسرتها لتقضي بقية حياتها وحيدة مع أحزانها وجرحها والى الأبد !!. دون ان تلاعبها أم او يعطف عليها أخ أو اخت، ودون أن تردد من جديد كلمة بابا .. بابا، فمصيبتها لا يتحملها أشد الرجال، فكان الله في عون الطفلة هبة وكان الله في عوننا جميعاً!! |