وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

وكالة "معا" داخل سجن النساء بغزة

نشر بتاريخ: 27/05/2010 ( آخر تحديث: 27/05/2010 الساعة: 18:55 )
غزة - تقرير معا - داخل سجن النساء في سجن غزة المركزي كانت المحطة الاخيرة في جولة انتقلت خلالها مراسلة "معا" بين اقسام الشرطة النسائية في قطاع غزة متجولة في قسم المباحث ومكافحة المخدرات.

القوة والجرأة هي أبرز السمات التي لمستها في الاقسام المختلفة للشرطة وخاصة قسم أمن النزيلات اللاتي كنّ يتحدثن بثقة تثير بداخلك الفضول لمعرفة طبيعة عملهن خاصة انهن يتواجدن في مكان ملييء بـ"المجرمات والمشبوهات" والشرطيات يرتدين قبعة الشرطة وبعضهن يضعن النجوم على اكتافهن وبعضهن منقبات.

يرون في عملهن في قسم امن النزيلات قوة وتحد وحفاظا على المجتمع رغم الصعوبات التي قد تعترضهن خاصة عندما يشعرن بأنهن يتعاملن مع "وحوش بعقول تائهة" بحد وصفهن، يشعرن بالخوف احيانا وبالشجاعة احيانا اخرى وينعكس حذرهن الى البيت عندما يتطلب منهن الامر ان يكن ربات بيوت فقط لا شرطيات.

وتروي الرقيب أم أحمد تجربتها مع السجينات في سجن غزة المركزي فتقول:" عملي في أمن النزيلات جلعني اكثر حذرا في التعامل مع الناس والحفاظ على بيتي لاني جربت ورأيت ملوثات كثيرة من حولي وتعاملت مع بنات ذات عقليات فيها اجرام ما يدفعني في طريقة تربيتي لابنتي الصغيرة خوفا عليها من المصائب التي تأتي الى السجن".

واشارت ام أحمد أن عملها في قسم أمن النزيلات يتطلب قوة في الشخصة وجرأة غير عادية لمواجهة ظروف السجينات واذا ما شعرت السجينات ان التي تشرف عليهن أضعف منهن فتكون فريسة سهلة لاعمالهن اللاخلاقية.

تجربة العمل كأمن للنزيلات ليست مهمة سهلة بحسب ام أحمد لانهن على احتكاك مباشر مع عدة شرائح ذات أبعاد جنائية مختلفة وقضايا مختلفة ما يدفعها الى تقمص عدة شخصيات للتعامل معها اهم صفاتها القوة والذكاء مشيرة الى أن التعامل مع النساء يتطلب السرية في العمل للمحافظة على خصوصية النزيلة.

رغم تحفظ المجتمع على عمل الفتاة كشرطية الا أن العنصر النسائي في الشرطة أمر لازم وضروري للمجتمع بحكم أن السجينة تحتاج الى فتاة مثلها للحديث في بعض القضايا التي قد تكون حساسة في اغلبها.

الملازم ام وجيه واجهت الصعوبات ذاتها في بداية عملها كمحققة في قسم المباحث الامر الذي أثر عليها بشكل كبير وجعلها لا تثق بمن حولها وتقول:" مهنة التحقيق صعبة كثيرا وتؤثر على نفسيتك لانك تواجهي احيانا مشكلات أخلاقية لم تعتاد عليها والاصعب هو ان تبحثي عن حلول لها" مشددة أنه لا مكان للعاطفة لدى الشرطية بحكم تعاملها مع قضايا مشبوهة تكون في اغلبها قتل أو سرقات أو قضايا اخلاقية.

واكدت الملازم ام وجيه أن المجتمع لا يتقبل فكرة العمل كشرطية وكثيرا ما تعرضت للنقد، مشيرة أن الذي يقدر عمل الشرطية أكثر هو ذلك الاب او الاخ او الزوج الذي تعمل قريبة له بداخل السجون ويفضل أن تكون الجهة المتعاملة معها شرطية وليس شرطي.

في البيت تخلع الملازم ام وجيه ثياب العمل وتتخلى عن رتبتها العسكرية لتلبس رتبة الام والزوجة وتفصل تماما بين عملها الذي يساويها بالرجل في القوة والجرأة وتعود لطبيعتها الانثوية تحمل مشاعر الامومة والزوجة لبيتها وعائلتها المكونة من ثلاثة اطفال" تقول... ينتهي العمل ارمي كل القضايا وراء ظهري واعود لمنزلي نظيفة.

من جانبها أوضحت النقيب "ناريمين عدوان" مدير عام الشرطة النسائية بغزة أن اي تجربة في بدايتها تكون صعبة وتحتاج الى وقت لتقييمها مشددة أنه وكتجربة اولى لم يتسن للشرطيات العمل في هذا المجال تقول "نستطيع القول ان الشرطية الفلسطينية حققت نجاحها من خلال الالتزام بصفات اسلامية وبطلت المقولات التي تتحدث على ضرورة ان تكون الشرطية غير محجبة، الشرطية اثبتت جدارتها في كل المواقف رغم الصعوبات التي كانت تعترضها في العمل".

واشارت عدوان ان عملها في الشرطة تتطلب منها تغيير المفهوم السائد عن الشرطية وتغيير طبيعة عملها والقاعدة التي عملت بها هي "أن نغير الفكرة عن الشرطية لا أن تغيرنا" مشددة أن المجتمع كان ينتظر منها خطأ وإن كان صغيرا ويتربص لها حتى يتم التشهير بها وتكون مصيدة للكل.

وقالت:"طبيعة عمل الشرطية في البداية كانت صعبة بحكم الثقافة والفكرة الموروثة ونظرة المجتمع لها على انها تختلط بالرجال بشكل كبير ولديها جرأة كبيرة من غير حياء ولا اي ضابط شرعي"، مشددة "عندما جئنا كانت الصورة السائدة عن الشرطية سيئة".

وبينت عدوان أن المجتمع كان لديه نفور من عمل الفتاة كشرطية ولكن اليوم أصبح هناك تغير في نظرة المجتمع من خلال طلبات الالتحاق التي وصلت الى 300 طلب تحت الانتظار.

وتلقت عناصر الشرطة النسائية دورات عسكرية وحمل السلاح ولعب الكارتيه وتدربن لمواجهة كافة المواقف امنيا ومهنيا واداريا وجسديا وبعدها تم تقسيمهن الى الاقسام بعد ان خضعن لدورات متخصصة للتعامل مع كل قسم واحتياجاته، مشيرة الى أن الشرطة النسائية موزعة في كافة مراكز الشرطة في قطاع غزة في اقسام المكافحة والمباحث ومراكز التأهيل والاصلاح والرقابة والتفتيش بالاضافة الى اللجنة الدعوية للفتيات والنساء اللواتي يتم ضبطهن في أوضاع مخلة، واقسام الاعلام والادارة، وقد يصل عدد الشرطة النسائية في قطاع غزة الى ما يقارب الـ200 شرطية واعمارهن تتراوح ما بين الـ20 الى 35 عاما من حملة الشهادات والتخصصات الجامعية ومن لا تحمل الشهادة ركزنا على قوة الشخصية لديها.