وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

اسرائيل تخرج بحملة عالمية لشطب صورة هدى من الذاكرة البشرية - اولمرت يصرخ بان جيشه اخلاقي وابنته تخرج بتظاهرة ضده

نشر بتاريخ: 11/06/2006 ( آخر تحديث: 11/06/2006 الساعة: 15:14 )
بيت لحم - معا - في حين يواصل التلفزيون الفلسطيني بنجاح اعلامي منقطع النظير بث صور الفتاة الفلسطينية التي ثكلت 7 من افراد عائلتها وراحت تجري على شاطئ السودانية بين الجثث ، لا تزال الصحف الفلسطينية اليومية تقدم اداء متواضعا جدا - بل وركيكا - في امر الصورة ، ففي اليو م الاول لم تنشر سوى صحيفة الايام صورة للفتاة هدى ،الصحيفتان اليوميتان الاخريتان اختارتا صورة اخرى لطفلة جريحة ، وهي اشارة الى ضعف خطير في مجال توظيف المصورين واقسام الصور في الصحف اليومية الفلسطينية التي ينقص اخبارها الصورة اغلب الاحيان والاحترافية في التعامل مع هذا الحدث .

اما الصحف العبرية - والمفترض بانها العدو اللدود للفلسطينيين - فقد سجّلت هدفا في مرمى الصحف الفلسطينية حين افردت صفحاتها الاولى الملونة للطفلة هدى واحرجت رئيس وزراء اسرائيل وجيشه من خلال نشر الصورة وتكرارها ، وقد نشرت صحيفة هارتس 3 صور ملونة - كما هو ظاهر في الصورة اعلى الخبر - على صدر صفحتها الاولى ما دفع برئيس اركان الاحتلال دان حالوتس للخروج في مؤتمر صحافي خاص الساعة الثامنة والنصف مساء وعلى نشرات الاخبار والادعاء بان الفلسطينيين انفسهم ربما يكونوا قد قصفوا عائلة هدى وهو تصريح " تافه " قياسا مع ما نشره التلفزيون الاسرائيلي من صور فيديو تثبت قيام الزوراق البحرية الاسرائيلية بقصف المصطافين على شاطئ السودانية .

وكالة معا كانت عرفت من مصادر خاصة بها ان القنصل الامريكي في العاصمة القطرية بالدوحة طلب في اتصال هاتفي من قناة الجزيرة وقف بث صورة هدى ولكن قناة الجزيرة رفضت ذلك وطلبت منه عدم الاتصال ثانية حول هذا الموضوع ، وبالفعل لا تزال القناة تنشر الصورة التي عذبت ضمير الانسانية .

نجاح وكالة راماتان والتلفزيون الفلسطيني وقنوات الفضائية العربية ، الذي استند اساسا على مهارة المصور الفلسطيني زكريا ابو هربيد من وكالة راماتان ، لم يرافقه نجاح للصحف اليومية ما يثير سؤالا واسعا على طاولة رؤساء تحرير هذه الصحف بل ويتطلب نقاشا حثيثا حول الصورة وحول استخداماتها ، وضرورتها لذاكرة القراء .

ومهما يكن الامر فقد نجحت الصورة في حفر نفسها على جدار ذاكرة البشرية ما يدفع قادة اسرائيل الى تصريحات مخجلة ، فبعد ان اعتذر وزير الدفاع الاسرائيلي عمير بيرتس للرئيس ابو مازن وامر بفتح تحقيق في الامر ، بادر المسؤولون الامريكيون في البيت الابيض الى تصريحات لا تعبر سوى عن مرض نفسي ، وتثبت تصريحاتهم - ان اسرائيل من حقها ان تدافع عن نفسها - بانهم بحاجة الى علاج نفسي عاجل وانهم فقدوا التوازن ولا مندوحة عن علاجهم في عيادات ومشافي الطب النفسي .

الدكتور احمد الطيبي عضو الكنيست الاسرائيلي قال فورا بث الصور ان زعماء اسرائيل وبينهم عمير بيرتس يحصلون على لقب مجرم حرب بجدارة الان ، اما الطيب عبد الرحيم امين عام الرئاسة الفلسطينية فقد تحشرج صوته وكاد يبكي على الهواء حين تحدث فور وقوع الجريمة .

المواطن الكويتي - العربي الاول - الذي اتصل بتلفزيون فلسطين وعرض تبني الطفلة هدى ، سبق الجميع وسبق رئيس الوزراء اسماعيل هنية وسبق الرئيس ابو مازن اللذين سارعا وقابلا الطفلة المصدومة واعلنا تبنيها .

اولمرت حاول عند خروجه لاوروبا - لانه يعرف تاثير الصورة على الاوروبيين - ان يقول ان جيشه اكثر جيش اخلاقي في العالم ، ولكنه تصريح واهن يشبه تصريحات ابو سياف في الفلبين حين كان يعطي المخطوفين وصلا بالاموال التي يبتزهم لدفعها لاثبات قانونية اعماله ، ولكن حتى ابنة ايهود اولمرت خرجت في تظاهرة تضامنية مع الطفلة هدى ضد والدها وضد جيش والدها .

وزير الدفاع الاسرائيلي عمير بيرتس - والذي سبق واعلن ان اما عربية كانت ارضعته في المغرب حين مرضت والدته - سارع خجلا لاصطحاب رئيس اركانه دان حالوتس في جولة عند حدود غزة للاشراف على التحقيق في الحادثة ، وهو التحقيق الذي سيقوده العميد مئير كليفي .

ومهما يكن من امر فان صورة هدى ارهقت الساسة وجعلت العرق يتفصد من جبين الجنرالات الذين يباهون بقوتهم العسكرية ، واحرجت قادة حماس وفتح الذين يختلفون ويتقاتلون على السلطة ، وابكت امهاتنا واخواتنا ودفعت بنا الى ان نبكي مرتين ، مرة لنعرف اننا نبكي ومرة لنعرف ان لا احد يبكي علينا سوى صحفنا اليومية ، وعيوننا التي لوعتها شمس الحرية .