|
قوائم التزكية في جنين: ديمقراطية مثالية أم هروب من الإنتخابات؟
نشر بتاريخ: 08/06/2010 ( آخر تحديث: 08/06/2010 الساعة: 14:13 )
جنين- معا- برزت في محافظة جنين في الأسبوعين الأخيرين ظاهرة حسم الانتخابات بشكل مسبق من خلال قوائم التزكية التي تقوم عليها حركة فتح والتي قال الناطق الاعلامي باسمها منصور السعدي "انه تم التوافق على القوائم بالتزكية في 30 موقعا من اصل 41 موقعا لانتخابات المجالس البلدية والمحلية في محافظة جنين".
وقامت "معا" باستقراء لآراء قيادات وتنظيمات وكتاب ومواطنين في جنين حول هذه الظاهرة، فإن سعي فتح إلى فكرة القوائم الواحدة والفوز بالتزكية كنهج وسياسة لها، أمر كان له مؤيدوه ومعارضوه على حد سواء. فتح: التوافق أسمى انواع الديمقراطية يقول منصور السعدي الناطق الاعلامي لحركة فتح في جنين: "إن فتح سعت منذ البداية لتشكيل قوائم توافقية من الفصائل والشخصيات الاعتبارية والمستقلة وابناء حركة فتح ضمن المعايير المناسبة لادارة البلديات القائمة على الكفاءة والمهنية والوجه الوطني تحت ظل منظمة التحرير الفلسطينية". وأضاف أن "ذلك ياتي ايماناً من الحركة بأننا أحوج ما نكون اليوم وفي ظل الظرف السياسي الحالي الى الوحدة الوطنية وحدة الشعب وبالنهاية من اجل الحفاظ على اللحمة الداخلية الفلسطينيه والحفاظ على السلم الاهلي لان الانتخابات معارك تؤدي الى التفسخ والتوافق يؤدي الى المحبة". واستطرد قائلا: "نحن آلمنا كثيراً الانقسام ونسعى جاهدين للحفاظ على وحدتنا الداخلية في الضفة الغربية لأن حركات التحرر الفلسطيني لم تنطلق للسيطرة على البلديات، واهدافها هي اقامة دولة فلسطينية ديمقراطية يمارس فيها الشعب حقه الديمقراطي مابعد اقامة الدولة". وقال: "بما ان الاحتلال لا يزال يعيث فساداً وخراباً داخل المجتمع فلايجوز ان ندعي ممارستنا للديمقراطية قبل اقامة الدولة الديمقراطية وبالتوافق يحاط المجلس البلدي بالمحبة والاحتفالات مما سينعكس ايجاباً للصالح العام ونتائج الانتخابات غالباً ما تعزز الخلافات وينعكس اثرها على ادائها مما يعيق عملها بسبب ان المجلس قائم على اشخاص من كتل مختلفة لم يتم الانسجام والتوافق بينهم". وشدد على ان "جميع فصائل منطمة التحرير والعمل والوطني والمستقلين دعمت هذا التوجه بما فيها الجبهة الشعبية الذين توافقوا معنا في الكثير من المواقع مثل فقوعة وفحمة حيث تم تلبية شروطهم وفي بعض المناطق رفضوا التحالفات لاننا في حركة فتح لم نتمكن من تلبية شروطهم اذا الخلاف ليش على المبدأ كما وصفوه بانه مضر بالعملية الانتخابية والديمقراطية". جاءت بالتوافق وليس بالإكراه: اما مفوض لجنة الانتخابات الداخلية لحركة فتح في جنين وعضو المجلس التشريعي شامي الشامي فيعتبر قوائم التزكية من خلال التوافق قمة العملية الديمقراطية. وأكد النائب الشامي على أن "القوائم لم تفرض وانما جاءت بعد حراك عشائري وتنظيمي داخلي ومن ثم تم التوصل الى القوائم حيث ان المواطن شارك في صنعها من خلال طرح الاسماء والشخصيات وآليات التنازل لمن هو أكفأ وتسمح للمشاركة العريضة لتصبح النتائج ليست حكراً على العائلات والتنظيمات الكبيرة؛ فالفوز بالتزكية من خلال التوافق اختيار حقيقي ضمن المعايير والكفاءات". وشدد الشامي على أن "التوافق هو جهد محترم لكثير من المجالس القروية والمجالس البلدية في المحافظة والتي توصلت الى توافق وطني وعائلي وهذا ينقذ المجتمع من الحساسية والمناكفات السياسية". ونوه إلى أن الباب ما زال مفتوحا للجبهة الشعبية وحزب الشعب والمبادرة الوطينة للتوافق، "ولكنهم للاسف ذهبوا لتوجه اخر بقرار مركزي لهم، ورغم كل ذلك طلبنا وجود قائمة موحدة ورفضوا ذلك". وأكد على أن التوافق لا يلغي الانتخابات والعملية الديمقراطية فحسب اللوائح والقوانين الانتخابية اذا لم يكن هناك منافسة تفوز القائمة بالتزكية. آراء مختلفة: ولكن هناك آراء تخالف هذا التوجه، وترى في ظاهرة قوائم التزكية بالنهج الحالي ضربا للعلمية الديمقراطية؛ ويقول عمر منصور القيادي في المبادرة الوطنية: "ليس لدينا مشكلة بعملية التوافق بحد ذاتها ولكن أن تكون شماعة يلوح بها ضد أي قوة اخرى ستخوض الانتخابات هذا مرفوض". وأضاف: "انا اعتقد ان هذا ليس منهجاً صحيحاً حيث ان التوافق يحسم نتائج الانتخابات قبل التوجه الى الصناديق وهناك خلافات بتفسير التوافق، وانا أتساءل ما معنى التوافق حينما يسيطر على القائمة فصيل معين وتحت مظلته قوى سياسية وعائلية وبالنهاية فهي قائمة الفصيل الواحد واذا لم يقبل فصيل بذلك يتهم ويتم التلويح بأنه ضد الوحدة الوطنية!!!!". الأصل في الإنتخاب المباشر: ويؤكد ناصر ابو عزيز عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية، أن "عملية التوافق تضر بالعملية الانتخابية ومفهوم الديمقراطية، والانتخابات لا تضر بذلك بل تعزز مفهوم التوافق الوطني. وعملية الاختيار من خلال الانتخابات تفيد باعطاء المواطن حق الاختيار". وقال: "موقفنا واضح ويتمثل بضرورة إجراء انتخابات ديمقراطية وليس توافق على قائمة واحدة من أجل عدم خوض الانتخابات؛ وهناك مسؤولية تقع على كل مواطن لاختيار من هو الأقدر على تقديم الخدمات للمواطنين ونحن في عملية انتخابات كامله تمنح المواطن حقه في الاختيار". وأضاف: "نحن في الجبهة لم نعترض على التوافق في بعض المناطق التي للعائلة دور كبير جدا وربما اكبر من دور الفصائل وهو الذي حتم على المواطن وحتم علينا القبول بالتوافق في تلك القرى لأننا ارتئينا أن ذلك الانسب في هذه المواقع. وبالرغم من مشاركتنا لكن الاساس في رؤيتنا خوض العملية كما هي". ظاهرة مرضية وخطيرة: ويرى الكاتب عدنان الصباح أن التوافق او قوائم التزكية "ظاهرة مرضية خطيرة تشير الى وجود حالة من الخمول السياسي والاجتماعي لأي مجتمع. فمعنى ذلك انه لا حراك ولا تنافس ولا رؤى مختلفة تسعى للوصول نحو الافضل واتساءل أي مجتمع هذا المتوافق بالمطلق الا اذا كان قد وصل حالة متردية جداً بفكره ورؤاه". وأكد أن "الحالة الطبيعية وجود تنافس اكبر واختلاف على قاعدة البحث عن الافضل (..) التوافق يعني ان لا احد لديه ما هو افضل من غيره ولا احد يملك رؤى اكثر جدوى من الاخر". وشدد على "أن شعبنا وبلادنا بحاجة ماسة للتنافس للانتقال بحالنا الى الافضل فكيف يكون ذلك ان اقتنع الجميع ان الافضل ما نحن فيه؛ فلو كان التوافق هو الحالة الصحية لكانت كل شعوب العالم الحية قد لجأت اليه كوسيلة بديلة للتنافس". آراء أخرى: وطالب عبد العزيز نزال من جبهة النضال الشعبي بشراكة حقيقية بين كافة الفصائل، ولكنه أكد أن النظريات تختلف عن الواقع فيتم التعامل حسب الموقع وحسب الحالة والمصلحة وليس حسب الشراكة السياسية والاجتماعية المفترض تنفيذها. وقال: "نحن ندعو لأوسع تحالف على أرضية خدمة المواطن والدفع بالخروج بمهنيين بغض النظر عن حصة كل فصيل ونحن نفضل انسان مهني في المجلس البلدي على عضو حزبي غير مهني". ويرى المواطن محمود ابو الرب انه لا يعنيه التوافق او عدمه، "المهم من سيكون داخل القائمة هل هو الكفؤ الذي يصلح لهذا المكان والرجل المناسب". وترى لبنى عطاري ان تشكيل القوائم بالتوافق والتي عادة تتم في اجتماعات تعقد ليلا للفصيل او العائلة "تحرم النساء من حق الاختيار لانه اساسا حرمن من حقهن بحضور الاجتماعات نظرا للعادات والتقاليد وبعكس الانتخابات التي تسمح لهن المشاركه في وضح النهار". كما ان المواطن اسامة السمودي يرى أن التوافق لا يسمح لكل المواطنين حق المشاركة في الاختيار ومن هو الانسب. ويختلف معه المواطن ناصر جبالي الذي يعتبر التوافق وقوائم التزكية وسيلة للمحافظة على النسيج الاجتماعي ويحفظ العائلة والاحزاب من النزاعات والخلافات، بحيث يتم الاتفاق بطريقة اكثر حضارية وهادئة داخل العائلة والتنظيم دون ظهور الخلافات قبل تشكيل القوائم على الملأ. ولا يختلف معه كثيرا رائد زعرور وهو رئيس قائمة انتخابية في بلدة سيلة الظهر الذي يعتبر أن "التوافق يجب ان يكون بالتساوي دون اعتبارات حجم التنظيم او العائلة لانه من الممكن ان تنتج الانتخابات من هو اصغر تنظيماً وعائلة وبكل الاحوال أفضّل الانتخابات على التوافق". أما جهاد عطية فيعتبر التوافق والتزكية اعلى اشكال الديمقراطية ولا يحرم فصائل معينة اذا كانت صغيرة او عائلة صغيرة من الانخراط بالعمل البلدي. ويقول عرفات عمرو من مؤسسة بيت الصداقة المصرية الفلسطينية: "من خلال مراقبتي للمرشحين والاطلاع على بعض الحوارات واللقاءات التي تعقد تبين انه ليس هناك دور حقيقي للشباب الفاعل رغم انهم يشكلون 60% من الشعب الفلسطيني ولولا الكوتة النسائية لم تخرج امرأة واحدة لان الاحزاب السياسية غير معنية بخروج المرأة وبعض الاحزاب تطرح مرشحين ثقة الشارع فيهم مهزوزة وبرأيي لم يحصلوا على ثقة المواطن"، مناشدا كل القوى السياسية والاجتماعية ان تنتدب ما هو افضل بغض النظر عن الانتماء السياسي او القبلي". |