وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحق القانوني: الحكومة لم تحترم القانون في قرار تأجيل الانتخابات

نشر بتاريخ: 14/06/2010 ( آخر تحديث: 14/06/2010 الساعة: 20:58 )
رام الله -معا- قالت مؤسسة "الحق" القانوني انها تأسف لعدم احترام الحكومة الفلسطينية لأحكام القانون الواجب عليها احترامه وتطبيقه بشأن الانتخابات المحلية، وانها الى التأجيل بنظرة الشك والريبة "اذ ترى بأن الحسابات السياسية والحزبية الضيقة قد أدت الى التأجيل، ولو كان الأمر كما يشاع بأنه بادرة حسن نية لعدم التأثير على المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، فمن بأب أولى أن تكون هذه البادرة بوقف الاعتقال السياسي والإفراج عن جميع المحتجزين فضلا عن وقف سياسة الفصل الوظيفي والتعيين بناء على الانتماء السياسي".

وقالت في بيان لها ان مجلس الوزراء الفلسطيني بمقتضى القرار رقم (01/36/13/م.و/س.ف)، الصادر بتاريخ 8 شباط 2010م، قرر إجراء الانتخابات لجميع المجالس المحلية في كافة الأراضي الفلسطينية، حيث كلفت بمقتضى القرار لجنة الانتخابات المركزية بالبدء بالتحضير والترتيب الفني والإجرائي لتنظيم هذه الانتخابات في الموعد المحدد لها بمقتضى القرار أي يوم السبت الموافق 17 تموز القادم، وهو ما قامت بتنفيذه فعلا لجنة الانتخابات المركزية التي أنهت كما هو ثابت كافة المتطلبات الإجرائية والفنية للشروع في تنظيم المراحل الإجرائية المختلفة لعملية الاقتراع.

وبتاريخ 10/6/2010، تفاجأ الجميع بإعلان مجلس الوزراء الفلسطيني، بمقتضى القرار رقم (01/52 Aِِ/13/م.و/س.ف) وقبيل وقت قصير على انتهاء الموعد المحدد لتسليم القوائم الانتخابية للجنة الانتخابات المركزية، عن تأجيل الانتخابات المحلية الى أجل غير مسمى.

وقالت مؤسسة "الحق" انها كمؤسسة معنية باحترام وتوطيد سيادة القانون، وتعزيز وتجسيد حقوق الإنسان وحرياته، وتوكيد دولة المشروعية والحكم الرشيد، تتوجه لدولتكم بهذه المذكرة القانونية، التي أملى وحتم ضرورة رفعها، ما لمسته "الحق " من مخالفات قانونية شابت مضمون قرار مجلس الوزراء، ما يقتضي إعمالا لمبدأ المشروعية وسيادة القانون ضرورة ووجوب التدخل الفعلي لتداركها وتصويبها من خلال سحب القرار وإنهاء أثاره.

ويمكننا في هذا الصدد حصر وتحديد أهم المخالفات القانونية التي اعترت القرار، بالنقاط والمحاور التالية:-

•يعتبر قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005م، المرجعية القانونية الأساس في تنظيم مختلف جوانب العملية الانتخابية على صعيد الهيئات المحلية، كما يعتبر المرجعية العليا في تحديد وتنظيم حقوق والتزامات أطراف العملية الانتخابية ( المرشح، الناخب، الجهات الرسمية المشرفة على عملية الانتخاب، وغيرها من سلطات الدولة الأخرى )، ولهذا يجب على الجميع أن يحتكموا لأحكام هذا القانون في أي أمر أو إجراء يتعلق بانتخاب الهيئات المحلية، سواء تمثل هذا الإجراء في البدء بالعملية الانتخابية أو في فتح باب الترشيح أو في تنظيم الدعاية الانتخابية أو عند فرز الأصوات أو إعلان النتائج وغيرها من مختلف مراحل العملية الانتخابية.

• نظمت المادة الخامسة من القانون شروط وإجراءات تأجيل موعد الانتخابات بنصها على " للجنة الانتخابات المركزية أن تطلب تأجيل موعد الانتخابات في مجلس أو أكثر من المجالس المحلية لمدة لا تزيد على أربعة أسابيع، إذا اقتضت ذلك الضرورات الفنية وسلامة الانتخابات، ويصدر قرار التأجيل عن مجلس الوزراء" .

ويتضح من نص ومضمون المادة الخامسة ضرورة توافر جملة من الشروط لتأجيل الجهات الرسمية للانتخابات المحلية أهمها:
1- أن يتم تأجيل موعد الانتخابات في مجلس أو أكثر من المجالس المحلية لمدة لا تزيد على أربعة أسابيع فقط.
2- أن يكون قرار التأجيل الصادر عن مجلس الوزراء، بناء على طلب من لجنة الانتخابات المركزية.
3- أن يكون طلب التأجيل لأسباب تتعلق فقط بضرورات فنية ولسلامة الانتخابات.

ومن هذا المنطلق أن صدور قرار عن مجلس الوزراء بعيدا عن طلب مسبق من لجنة الانتخابات المركزية، يؤكد على مخالفة رئاسة الوزراء للشروط الشكلية والإجرائية التي استوجب القانون ضرورة توافرها للتأجيل، بل يتضح من بيان لجنة الانتخابات المركزية بأن اللجنة قد فوجئت أسوة بغيرها من الجهات بقرار مجلس الوزراء.

كما أن التأجيل بمقتضى القانون، هو إجراء وقتي محدد فقط بأربعة أسابيع، ولهذا أن التأجيل لأجل غير مسمى ولفترة تجاوز الفترة المحددة بمقتضى القانون، يمثل بلا شك مخالفة قانونية وإجرائية أخرى لنص ومضمون قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية.

•حدد القانون صراحة بمقتضى المادة الخامسة دواعي مبررات التأجيل بسببين فقط هما الضرورات الفنية أو لسلامة الانتخابات، ويعتبر هذا التحديد على سبيل الحصر لا المثال، ولهذا لا يجوز بأي حال من الأحوال تأجيل الانتخابات لسبب آخر مهما كانت مكانته، باستثناء حالة الطوارىء التي قد تعتبر سببا ثالثا للتأجيل إذا ما قامت وتم الإعلان عنها وفق الأصول القانونية، لكون المادة (111) من القانون الأساسي قد أجازت صراحة حال قيام الطوارىء بحق الجهات الرسمية فرض قيود على الحقوق والحريات الأساسية وذلك بالقدر الضروري لتحقيق الهدف المعلن في مرسوم إعلان حالة الطوارئ.

وبالنظر لكون لجنة الانتخابات المركزية قد أنهت جميع المقتضيات الفنية الإجرائية الخاصة بالانتخابات إذ لم يقم عمليا أي عائق فني، وهو ما يتضح من مسار العملية الانتخابية حتى تاريخ التأجيل، كما لم تقم أي شائبة قد تؤثر على سلامة الانتخابات، بل يتضح من مسار العملية الانتخابية خلال الأيام السابقة على التأجيل انتفاء أي عمل أو إجراء قد يضر بسلامة العملية الانتخابية، ما يعني عمليا انتفاء مبررات التأجيل التي تطلبها القانون.

•تقتضي الشفافية وأسس الحاكمية والحكم الرشيد، بل وتقتضي أحكام القانون والعرف الإداري واحترام حق المواطن في معرفة أسباب ومبررات اتخاذ الحكومة لقراراتها التي تهم مصيره وتؤثر على حسن ممارسته وتمتعه بالحقوق والحريات، أن يتم تسبيب وتوضيح مجلس الوزراء لقرار التأجيل، حيث خلى القرار كما هو ثابت من مضمونه من أي توضيح أو تبرير لأسباب هذا التأجيل.

ورغم تأكيد القرار في متنه على مقتضيات المصلحة العامة، كسبب ومبرر لاتخاذ القرار، فهنا يمكننا القول بان المصلحة العامة تقتضي بلا شك حماية الجهات الرسمية وإعمالها للحقوق والحريات، فضلا عن التزام الحكومة بالعملية الديمقراطية واحترام رغبات الأفراد الانتخابية وحقوقهم في اختيار ممثليهم، وليس الإبقاء على لجان البلديات التي عينتها الجهات الرسمية عوضا عن المجالس المنتخبة، ما مثل ضربا لأبسط أسس ومبادىء الديمقراطية بل وحق الفرد في المشاركة الحرة في إدارة الشؤون العامة لبلده ومؤسساته من خلال من يختارهم من ممثليه.

ومن جانب آخر ان حجم المشاركة الواسعة في الانتخابات تؤكد على رغبة الغالبية العظمى من الجمهور في ممارسة حقهم في الانتخاب والترشيح واختيار ممثليهم، ولهذا كان يجب على الحكومة أن تحترم هذه الرغبة، لا أن تصادرها وتتحكم في موعد وتاريخ تنفيذها دون أدنى اعتبار أو مشاركة للأفراد أو القوى والأحزاب والفعاليات الاجتماعية في مثل هذا القرار، وليس هذا فحسب وإنما يعبر رفض العديد من القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية عن معارضتهم للتأجيل عن انتفاء المصلحة العامة في التأجيل.

• ان تأكيد ديباجة قرار مجلس الوزراء المتعلق بتأجيل الانتخابات على ( بناء على الصلاحيات المخولة لنا قانونا ...) تقتضي من مجلس الوزراء احترام وتطبيق الصلاحيات الممنوحة له بمقتضى القانون، لا تجاوز وانتهاك هذه الصلاحيات، وهو ما يظهر بوضوح من قرار تأجيل الانتخابات الذي خالف صراحة القواعد الإجرائية، التي نظمتها ونصت عليها المادة (5) من قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005م.

• أدعى البعض بأن سبب التأجيل يعود لطلب أو رغبة من جهات خارجية، وذلك لكي لا تؤثر عملية الانتخاب على تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام.

لاشك بأن إنهاء الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني، مطلب لكل فلسطيني لما في هذا الانقسام من مخاطر ليس على العملية الديمقراطية والحقوق والحريات فحسب بل وعلى مستقبل قضيتنا الوطنية الفلسطينية التي ألحق بها الانقسام ضررا كبيرا، أدى الى تغييب وتراجع الاهتمام الدولي والعربي بها.

ولهذا على الرغم من خطر وضرر الانقسام، لا يجوز أن يصبح بأي حال من الأحوال حائلا أو مانعا من ممارسة الفلسطينيين لحقوقهم وحرياتهم السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما لا نقبل أن تكون الحقوق والحريات الفردية رهينة بمدى تقارب أو اختلاف الحزبين الأكبر، بحيث إذا ما تقاربوا أطلقت الحقوق والحريات وإذا ما اختلفوا جمدت وقيدت الكثير من الحقوق والحريات.

ومن جانب آخر لقد تم إعلان موعد الانتخابات في شهر شباط، وحينها أيضا كانت هناك جهود للمصالحة ورغم ذلك تم التمسك بضرورة إجراء الانتخابات المحلية من منطلق المصلحة العامة التي تقتضي وجوب عقد انتخابات محلية، وعدم ربطها بموضوع المصالحة باعتبار ذلك استحقاق ديمقراطي لا علاقة له بالخلافات والأوضاع السياسية.

إن مؤسسة "الحق" وإذ تأسف لعدم احترام الحكومة الفلسطينية لأحكام القانون الواجب عليها احترامه وتطبيقه بشأن الانتخابات المحلية، تنظر الى التأجيل بنظرة الشك والريبة اذ ترى بأن الحسابات السياسية والحزبية الضيقة قد أدت الى التأجيل، ولو كان الأمر كما يشاع بأنه بادرة حسن نية لعدم التأثير على المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، فمن بأب أولى أن تكون هذه البادرة بوقف الاعتقال السياسي والإفراج عن جميع المحتجزين فضلا عن وقف سياسة الفصل الوظيفي والتعيين بناء على الانتماء السياسي.

ولهذا تأمل مؤسسة "الحق" من دولتكم احتراما لأسس ومقومات الديمقراطية وسيادة القانون وحق الأفراد في اختيار ممثليهم ومشاركتهم في الحياة السياسية التدخل لسحب قرار التأجيل والمضي بالمقابل قدما بالعملية الانتخابية.