|
قريع: لتحقيق السلام على كلّ طرفٍ الاعتراف بحقوق الطرف الآخر دون نقصان
نشر بتاريخ: 24/06/2010 ( آخر تحديث: 25/06/2010 الساعة: 01:06 )
رام الله -معا- ألقى أحمد قريع (أبوعلاء) عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة شؤون القدس الكلمة المرفقة في المنتدى العالمي للتنمية المستدامة التي يعقد تحت عنوان "السيادة والقضايا السيواستراتيجية" ، حيث عقد المنتدى تحت رعاية وزارة الخارجية الفرنسية في السون في باريس ، بحضور وزيرة البيئة الفرنسية وعدد كبير من السياسيين والمثقفين وعدد من الوزراء العرب والافارقة
وفيما يلي نص كلمة ابو العلاء: أشكركم وأشكر السيد إميل ماليه على دعوتكم لي للمشاركة في هذه الندوة الهامة, حول السيادة والقضايا الجيوستراتيجية. ويسرني أن أغتنم هذه المناسبة لأتقدم لكم بعرضٍ مختصر للوضع الفلسطيني، آملين أن تلمسو من خلاله حجم المعاناة التي يقاسيها شعبنا في فلسطين وما يلحقه من ظلمٍ ناجمٍ عن التنكر لحقوقه الوطنية المشروعة التي أقرتها الشرعية الدولية والقانون الدولي وحقوق الانسان . ولا شكّ في أنكم تتابعون ما يتعرّض له شعبنا الذي يعيش منذ عام 1967 تحت احتلال استيطاني كولونيالي ظالم، يستهدف الأرض الفلسطينية بما عليها من ممتلكات ومقدسات ومعالم تاريخية ودينية وثقافية، مثلما يستهدف الإنسان الفلسطيني في حياته اليوميّة وحريته وأرضه ومقدساته الإسلامية والمسيحية. في الوقت الذي تصادر فيه إسرائيل حقة في تطوير اقتصاده الوطني وتفعيل مؤسساته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبناه التحتية. وتتجلى سياسات الإحتلال الإسرائيلي التعسفيّة بأكثر صورها ظلماً وعدواناً، عند النظر في تفاصيل القضايا الجوهريّة التي تهم الإنسان الفلسطيني في حاضره ومستقبله، وخاصه قضايا الأرض والحدود والزحف الاستيطاني الاستعماري المتسارع، وفي قضيتيّ القدس واللاجئين. وحتى لا أستنفذ الكثير من وقت اجتماعكم هذا، فإنني سأكتفي بتسليم رئاسة هذه الندوة الهامة نسختين باللغتين الانجليزية والعربية حول الممارسات والسياسات والاجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة عام 1967، والتي تشكِّل نموذجاً للسياسات الاسرائيلية التعسفيّة بوجه عام. الأصدقاء الأعزاء لا نضيف حقيقة جديدة ونحن نردد أننا شعب نحب السلام, نؤمن به ونسعى إليه, ولكننا نعيد التشديد على ذلك كلما لاحت لنا سانحة لتأكيد ما هو مؤكّد فقد وضعنا السلام كخيار استراتيجي، وعملنا طويلاً، بجهدٍ صادق ودون كلل، لانتهاج سبيله، بهدف إنهاء الاحتلال الاسرائيلي وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار الأممي رقم 194. غير أن جهودنا التي بذلناها منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي، في مدريد وأوسلو, وواي ريفر، والقاهرة, واستوكهولم, وكمب ديفيد, وفي انابوليس, ذهبت أدراج الرياح، وأخفقت جميعها في الوصول إلى السلام العادل والشامل والدائم الذي ننشده, لأن جميع تلك الجهود والمبادرات والمحاولات كانت وما زالت تصطدم بالتعنت الإسرائيلي الذي تصرّ من خلاله وما زالت تصرّ، على الاحتفاظ بالأرض التي صادرتها بالقوة والبلطجة من شعبنا، وبالمستوطنات التي أقامتها عليها، وبتنكرها الفاضح لحقوق اللاجئين الفلسطينين, مع الإصرار الأهوج على الاحتفاظ بالقدس الشرقية وضمها لإسرائيل تحت السيادة الإسرائيلية الاحتلاليّة. وإنني لأجدها فرصة سانحة للإعلان أمامكم، في هذا المنتدى العالميّ الذي يحظى بالاحترام الدوليّ والإنسانيّ الواسع، أن مثل هذه السياسة الاسرائيلية القائمة على الظلم الفادح وعدم الالتفات إلى حقوق الشعوب، ومنها حقّ شعبنا الفلسطيني بالعيش الحرّ على أرض وطنه، لن تجد شريكاً فلسطينياً واحداً يرضى بأقل من إنهاء الاحتلال الاسرائيلي عن كامل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، وإزالة جميع المستوطنات الاستعمارية التي أقيمت على الأرض المحتلة، مستفيدين من تجربة إزالة المستوطنات الاسرائيلية التي أقيمت على الأرض المصرية في سيناء, وما حدث في تجربة الانسحاب من غزّة وتفكيك المستوطنات فيها، وما يجري الحديث عنه من مقترحات حلول في هضبة الجولان السورية، والتي تستند إلى مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية، التي تنص على "عدم جواز احتلال أرض الغير بالقوة والاستيلاء عليها". إن طريق السلام واضح وبسيط وسالك للراغبين في السير على دروبه. فما على كلّ طرفٍ سوى الاعتراف بحقوق الطرف الآخر دون نقصان، ودون أطماع أو طموحات توسعيّة. ولا شكّ في أن شعبنا يسعى إلى السلام، ولكن دون تنازلٍ عن الثوابت والمبادئ وتأكيد التشبث بكامل حقوقنا الوطنية المشروعة. السيدات والسادة إنه لشرف لي أن أكون معكم اليوم, ألتقي تحت سقف واحد مع كوكبة من الأصدقاء الأفارقة، القادمين من القارّة السوداء الحرّة، التي عانت من الاستعمار، والحروب، وعدم الاستقرار السياسي، ومن التفرقة البغيضة والتمييز العنصري. ونحن نمتليء بالغبطة ونحن نرى إفريقيا وهي تنهض اليوم بعد أن نجحت في إزالة الاحتلال عن أرضها, لتتفرّغ لمعركتها الباسلة من أجل تكريس الاستقلال وحرية شعوبها وتعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الانسان, ومواصلة ممارسة حقها في تقرير مصيرها، وبناء اقتصادها وبناها التحتية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فكل الاحترام والتحية والتقدير لإفريقيا ولشعوبها التي تخوض اليوم معركة البناء والتنمية المستدامة. السيدات والسادة في عام 2050 سيكون مجموع سكان العالم حوالي (9 مليار إنسان), وإن الندرة في المصادر الطبيعية والمياه, وأيّة إخفاقات في توزيع الثروات والامكانيات والموارد بين القارات، والدول والشعوب، سوف تخلق تحديات مستقبليّة كبيرة، قد تؤدي إلى حروب وقلاقل خطيرة ستعانيها الأجيال القادمة في اللعالم كله، إن لم يتم العمل على تداركها منذ الآن. على الصعيد الفلسطينيّ، لدينا الآن أكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني، ما زالت الغالبية العظمى منهم تعيش منذ عام 1948 في الشتات، في مخيمات اللجوء, يتطلعون للعودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم وأرضهم في فلسطين التاريخية. والسؤال الذي يبقى قائماً: هل إن الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، والتي تبلغ مساحتها في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس 6400 كم2 ، أي 22% من مساحة فلسطين التاريخية ويقيم عليها الآن (4,3 مليون فلسطيني) والتي تريد إسرائيل أن تقتطع منها أهم ما فيها: القدس، والكتل الاستيطانية التي أقامتها بطرق ووسائل غير شرعيّة، ستكون قادرة على استيعاب الزيادات السكانية واللاجئين المفترض قدومهم من الخارج كما يروجون؟؟ إنه السؤال الصعب، والحلّ المستحيل. وهو الإشكالية التي تجعل عملية السلام مجرّد شعار ووهم ما لم تلتزم إسرائيل بالقانون الدولي والشرعية الدولية. العام الماضي، شنت إسرائيل حرباً تدميرية على قطاع غزة، فتهاوت نتيجة للقصف الهمجيّ آلاف المنازل والمؤسسات الحكومية ومراكز المنظمات الأهلية، ثمّ فرضت حصاراً ظالماً على القطاع منذ ثلاث سنوات، وحالت دون عمل المؤسسات الأممية ووكالة الغوث، ودون وصول المساعدات الدولية إلى القطاع، وشدّدت إجراءاتها لمنع وصول مواد البناء من الأسمنت والحديد إلى غزة للحيلولة دون إعادة بناء ما تهدم نتيجة للقصف والعدوان البشع، في محاولة لإخضاع أهلنا هناك للشروط الاسرائيلية القاسية. ومنذ أسابيع، اعترضت إسرائيل أسطول الحرية القادم إلى قطاع غزة محملاً بالمواد الغذائية والطبية وألعاب الأطفال، إضافة إلى المساعدات الإنسانيّة العاجلة. أكثر من 450 متضامن من أكثر من 40 دولة توجهوا، في عمليّة إنسانيّة لاعنفيّة، فتصدّت لهم إسرائيل في عرض البحر، في المياه الدوليّة، واقتحمت السفن، فقتلت أكثر من تسعة مدنيين وجرحت أكثر من ضعف هذا العدد، وحالت دون وصول المساعدات للقطاع المنكوب. إنها نموذج للممارسات الإسرائيليّة الخرقاء التي لا تلتفت إلى الأخلاق والمبادئ الدوليّة. السيدات والسادة إن تبادل المعرفة (know- how) ، والأفكار الخلاقة، والتعاون البنّاء بين إفريقيا وفلسطين، وبينها وبين العالم، هي حلم راود القيادة الفلسطينية، وقد عملنا من أجله في العديد من الدول الإفريقية الشقيقة والصديقة. ولقد كنتُ شخصياً، ومن خلال موقعي ومسؤولياتي، من الذين عملوا في هذا المجال متعاونين مع عدد من الدول الافريقية في مجالات الزراعة والرعاية الصحية، والتعليم، وحماية البيئة. وإنني، كغيري في القيادة الفلسطينية، ومن أبناء شعبي، نتطلع إلى تطوير هذه العلاقات في كافة المجالات الممكنة. ولا يسعني في النهاية سوى أن أحيي الوزير جين – لويس بورلو، وإطلاق مبادرته "بيئة خضراء"، وهي المبادرة التي التقطها الرئيس ساركوزي وأخذها إلى مجال آخر أكثر رحابة واتساعاً. كما أن مؤتمر كوبنهاجن، وإن لم يكن في مستوى الأماني والتوقعات، إلاّ أنه شكّل مبادرة هامة وعملية يمكن البناء عليها وتطويرها. وشكراً لكم جميعاً.. |