وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

طائرة "أبو عمار" تهبط في معرض للسيارات القديمة بغزة

نشر بتاريخ: 29/06/2010 ( آخر تحديث: 30/06/2010 الساعة: 14:10 )
غزة - معا- ليس بعيداً عن شاطئ بحر غزة الذي يعاني ويلات الحصار والانقسام، حطت طائرة الرئيس الراحل ياسر عرفات، بصمت شديد وكأنها تعلن استمرار الحداد الذي امتد منذ العام ألفين إبان آخر رحلة استقل فيها "أبو عمار" هذه الطائرة التي رافقته في رحلة العودة إلى الوطن في العام 1994.

طائرة "أبو عمار" وُضِعت في ساحة الكتيبة أمام جامعة الأزهر، وسط مدينة غزة، حيث ظهرت عليها آثار الخراب والدمار الذي لحق بها نتيجة القصف الإسرائيلي، وكانت متوجهة نحو البحر وكأنها تشكو له همومها وأحزانها بعد ما حدث منذ غادر عرفات الدنيا، حيث الانقسام والحصار وصراع الأشقاء وضياع القضية في أدراج النسيان والخلافات.

طائرة عرفات حطت من جديد، حتى لو لم تكن بدون حرس شرف أو وجود أحد من قادة فتح ورموزها بغزة، أو حتى بدون مروحيات أو أجهزة الكترونية أو تشغيلية لكنها حطت- هكذا كل حكايات القائد-، ولسان حالها يقول من يا ترى ذلك القائد الذي أنتظره لكي يحلق بي من جديد، يلملم الشمل ويزرع المحبة وينثر الورد فوق رؤوس المتعطشين للحظات الفرح؟، ومن هذا القائد الذي انتظره لكي ينطلق بها نحو الحرية والاستقلال وانهاء الانقسام؟.

نفتقد عرفات

المواطن طارق البريم، كان احد الشبان الذين تجمعوا حول الطائرة، ضمن معرض السيارات التراثية، الذي تنظمه وزارة المواصلات بالحكومة المقالة، وقد ظهر عليه حالة من الحزن وهو يتحسس آثار الرصاص وبعض صور الرئيس عرفات المعلقة على هيكل الطائرة، قال لمراسل "معا" إبراهيم قنن: "عندما نظرت للطائرة شعرت بحزن شديد وكأن ياسر عرفات مات للتو، لا استطيع النظر إليها كثيراً، ولا يمكنني أن اصدق أن الرمز والقائد قد رحل وتركنا لمصير مجهول".

ويضيف: "نحن في أمس الحاجة ليكون ياسر عرفات بيننا، فمنذ رحيله لم نر غير الموت والخراب والانقسام، ونحن بحاجة لياسر عرفات لكي يضمد الجرح ويعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية.

فيما تقول أحلام (50 عاما): "لقد جئت هنا لأرى طائرة عرفات الذي نحن بأمس الحاجة إليه بعد أن أنهكنا الانقسام والدمار (..) لقد كان أبو عمار رحمه الله يخفف من همومنا في أشد المحن والكوارث، وكان يضحكنا في أشد اللحظات قسوة، وقد كان ولا يزال ضوؤه يضيء لنا الطريق ولن ينطفئ أبدا وستبقى ذكراه خالدة فينا".

ودعت أحلام الحكومة المقالة في غزة، إلى ضرورة المحافظة على الطائرة ووضع حراسات عليها، لأنها تمثل تاريخ الشعب الفلسطيني وتضحياته، مؤكدة أنه "لا يجوز أن يصعد الناس عليها هكذا دون رقيب أو حسيب"، مشيرة لضرورة وضع الطائرة في مكان أو متحف ما للحفاظ عليها.

رمز المقاومة

ويقول فوزي برهوم المتحدث باسم حركة حماس لوكالة "معا": "عندما صعدت سلم الطائرة تذكرت رمز المقاومة أبو عمار وظلم الاحتلال الذي اغتال رموز الشعب الفلسطيني وقادته التاريخيين، وإنني أشعر بالفخر كوني صعدت تلك الطائرة، لما لها من رمزية وطنية وتاريخية (..) إن هذه الطائرة هي ملك للشعب الفلسطيني ولتضحياته العظيمة وهي تمثل تاريخ الثورة الفلسطينية وكفاحها العظيم ضد الاحتلال".

وأوضح أن "وجود الطائرة ضمن معرض التراث يدلل على أننا نحترم قادتنا التاريخيين ونحترم نضالهم وتضحياتهم، وإننا جميعا مستهدفون من قبل الاحتلال الذي لا يفرق بين أحد من أبناء الشعب الفلسطيني بغض النظر عن توجهاته السياسية".

ورأى أن وجود الطائرة في المعرض اليوم هي رسالة للجميع "ان تاريخنا مقاومة وحاضرنا مقاومة ومستقبلنا كذلك مقاومة"، آملاً أن تكون هذه الطائرة التي ترقد على الأرض هي بداية التحليق نحو إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة الوطنية التي نحن بحاجة إليها الآن أكثر من أي وقت مضى".

ثقافة مقاومة

ويقول حسن عكاشة مدير عام الشؤون الهندسية في وزارة النقل والمواصلات المقالة: "نهدف إلى مخاطبة العالم بطرق ووسائل جديدة، لإثبات أحقيتنا بهذه الأرض، والإثبات لكل العالم والمجتمع الدولي بأننا موجودون على هذه الأرض قبل إعلان الاحتلال لدولته القائمة على السرقة ونهب ممتلكات الآخرين.


وأضاف "أصبح هناك مقاومة جديدة للحفاظ على التراث"، وقال: "مثلما يحدث بالضفة الغربية من إعداد أطول كوفية فلسطينية، واكبر طبق مسخن، وغيرها، وكما حدث بلبنان والتنازع على صحن الحمص مع الاحتلال، فإننا نقاوم اليوم بمثل هذا النوع من المقاومة وغيرها من الفعاليات التي ستنضم بمختلف المجالات، للحفاظ على الهوية الفلسطينية وإبراز التراث القديم ،الموجود قبل وجود دولة الاحتلال.

وأكد عكاشة أن تلك السيارات والمركبات لا تقدر بثمن كون أن جزءا كبيرا منها موجود في قطاع غزة قبل ان يعلن قيام دولة الاحتلال بسنوات طويلة.

يشار إلى أن المعرض يضم 30 سيارة أقدمها سيارة من صنع انجليزي انتجت عام 1938، أي قبل حدوث النكبة بعشر سنوات.