وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

قراقع أمام المساءلة- هل نجحت السلطة؟ وهل فشل المحامون؟ وهل هناك فساد؟

نشر بتاريخ: 30/06/2010 ( آخر تحديث: 30/06/2010 الساعة: 17:00 )
بيت لحم- معا- قدمت الاحد الماضي، الحلقة 13 من برنامج "مساءلة"، وذلك في مقر المركز الاعلامي الحكومي في مدينة رام الله، وفي هذه الحلقة تمت مساءلة وزير شؤون الاسرى والمحررين عيسى قراقع.

وقد بدأ الدكتور غسان الخطيب الحلقة مرحبا بالوزير قراقع وممثلي وسائل الاعلام والشخصيات والمؤسسات المعنية وبأهالي الاسرى، منتقلا الى طرح ثلاثة اسئلة عامة على الوزير، تعرض اولها الى مدى نجاح وزارة شؤون الاسرى والمحررين في تحقيق احد اهدافها المتعلق بدمج الاسرى المحررين بالمجتمع، وفي معرض اجابته اكد قراقع على ان موضوع دمج الاسرى من اهم استراتيجيات الوزارة ، فمنذ التعسينات وضعت الوزراة برنامج لتأهيلهم في محالات مختلفة كالتعليم والتدريب المهني.

وقد اشار الى ان هذا البرنامج توقف لبضع سنوات واعيد العمل فيه عام 2009 ، من خلال دورات مهنية وتعليم الاسرى بالجامعات، كما تم برنامج مشاريع القروض الصغيرة من خلال بنك الرفاه، ومؤخرا قامت الوزارة عن طريق شركة مزايا وجامعة بيرزيت لاعادة تقييم تأهيل برنامج الاسرى والمحررين على اسس مهنية بما يلاءم احتياجاتهم واحتياجات السوق.

وحسب قراقع فقد تم توقيع اتفاقية مع وزارة العمل، وتم وضع اليات فنية لاستصلاح اراضي زراعية لمن يرغب من الاسرى بمزاولة المهنة ، الى جانب مشروع التعاونيات للتخفيف من ازمة البطالة بالاضافة الى تشجيع الوزارة للاستثمارات والمشاريع التي يقوم بها الاسرى ، كما نوه الى وجود اتفاق مع الحزائر لتقديم دورات مهنية وتدريب للاسرى.

اما السؤال الثاني الذي طرحه الخطيب، فتمحور حول مدى النجاح الذي تحققه الوزارة في توفير الخدمات اللازمة للاسرى من محامين لمتابعة الاسرى في المحاكم الاسرائيلية ، خاصة وان هناك عدد من الشكاوى في هذا المجال؟.

وفي هذه الجانب كان قراقع متفائلاً وراضيا عن اداء المحامين، حيث تحدث عن وجود 40 محاميا فلسطينيا في الوزارة ومثلهم في نادي الاسير، الذين يبذلون جهودا كثيرة على مستوى الزيارة في مراكز التحقيق ومتابعة الوضع الصحي للاسرى وتقديم الالتماسات الى محكمة العدل الاسرائيلية والحصول على تصاريح للعائلات الممنوعة من زيارة ابناءها.

وقد قدم قراقع مجموعة من الارقام لسنة 2010، منها وجود 274 اسيرا في معسكرات التوقيف، وجود 183 ملف اسير، 168 ملف تم استلامها وتحويلها ومتابعتها من قبل الوزارة، الى جانب نجاح الوزارة في الافراج عن بعض الاسرى المرضى الذين افرج عنهم بعد جهد كبير من المحامين ومتابعة مع اهاليهم.

اما السؤال الثالث والاخير للدكتور الخطيب، فايضا كان حول مدى النجاح الذي حققته الوزارة في تدويل قضية الاسرى؟، وهنا تحدث قراقع عن بدئهم في وزارة شؤون الاسرى والمحررين ومنذ عام 2009 بوضع اسس لهذا الموضوع منها اعتبار موضوع الاسرى قضية فلسطينية انسانية وعالمية بالدرجة الاولى، يجب على المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤوليته اتجاهها، وقد بدأت الوزارة بتنشيط هذا الملف في المحاور الدولية.

وقال قراقع: "استندنا الى اول تجربة لمؤتمر دولي عقد في اريحا نهاية العام الماضي، وقد خرجنا بتوصيات بدأنا العمل على اساسها وقد تحركنا باتجاه جامعة الدول العربية، وكان من اهم القرارات الذهاب الى محكمة لاهاي الدولية لأخذ رأي استشاري حول المكانة القانونية للمعتقلين الفلسطيني بصفتهم اسرى حرب حسب اتفاقية جنيف الرابعة وليسوا ارهابيين كما تدعي اسرائيل".

كما تحدث قراقع عن عدة خطوات لتدويل قضية الاسرى منها مشاركة الوزارة لجامعة الدول العربية من خلال لجنة فنية لاعداد مؤتمر دولي تحت رعاية الجامعة في بداية 2011، كذلك اتحاد المحامين العرب تبنى توصيات في هذا الاتجاه، اما الحكومة الفلسطينية فتبنت هي الاخرى هذا التوجه وحسب توصيات مؤتمر اريحا ومن خلال برنامج الحكومة لاقامة الدولة الفلسطينية خلال عامين تم تشكيل لجنة وزارية من قبل وزارات الخارجية والعدل والاسرى لاعداد ملف والتوجه به الى لاهاي.

واضاف قراقع "توجهنا الى الجزائر وهناك ترتيبات لعقد مؤتمر، وكذلك في المغرب خلال شهر ايلول، وفي بروكسل"، وهنا اكد على فلسفة طرح قضية المعتقلين دوليا والضغط على المجتمع الدولي لاجبار اسرائيل على احترام القوانين الانسانية تجاه الفلسطينيين، وقد بدأت الوزارة حسب قراقع بخطوات فعلية لقيت اقبالا من الجميع، فالموضوع عربي ودولي وعلى العالم تحمل مسؤوليته اتجاهه.

أما الحضور فقد تفاعل خلال هذه المساءلة بشكل كبير وتم طرح كثير من الاسئلة على الوزير، والتي بدأتها ميرفت صدقة من "الجزيرة نت"، التي سألت عن الاجراءات التي تقوم بها الوزارة لمواجهة التنكيل والتعذيب الذي يتعرض له المعتقلون داخل السجون الاسرائيلية، فأكد لها قراقع انهم يتابعوا الموضوع عن كثب وهناك اتفاق مع رابطة اطباء حقوق الانسان لمساعدة المعتقلين المرضى بشكل خاص وتقديم ما يمكن من علاج لهم، وقد نجحنا في الاتفاق مع رابطة اطباء الاسنان لعلاج الاسرى، وهناك قضايا اخرى في صدد ايجاد حلول لها خاصة التي تتعلق بالاطفال الذين تنتزع منهم الاعترافات.

"يعاني ابني من بتر في ساقه، وبحاجة لزرع قرنية، وقد طلبنا له العلاج لكن لا يوجد هناك أي استجابة"، هذا ما قالته والدة الاسير محمد براش المعتقل في سجن السبع والمحكوم بالسجن 3 مؤبدات، وفي رده قال قراقع ان هناك 1500 حالة مرضية في السجون ، منها حالات خطيرة مصابة بالسرطان والاعاقات المختلفة ، وانهم في الوزارة يبذلون جهودا كبيرة لادخال اطباء في التخصصات المختلفة، لكنه اكد انهم يتعاملون مع احتلال، وان ادارة السجون تسمح بالدخول فقط لاطباء الاسنان، وبالرغم من الضغوط الممارسة هناك سياسة اهمال طبي متعمدة والوضع الصحي هناك قلق وغير طبيعي، وهو من اخطر ما يواجهه المعتقلون، وتمنى قراقع ان ينفذ قرار منظمة الصحة العالمية الهادق الى ارسال لجنة تقصي حقائق الى السجون للتحقيق في وضع الاسرى، خاصة وانه اول قرار يتخذ منذ 1967، كما اكد على تحميله للاحتلال كافة المسؤولية عن الوضع الخطير الحقيقي والمتعمد من قبل ادارة السجون الرامي الى قتل المعتقلين بشكل بطيء.

من جانبه طرح الصحفي والباحث في العلاقات الدولية محمود الفطافطة مجموعة من الاسئلة حول ما اذا كان قراقع راض عما تقوم به السلطة فيما يتعلق بالاهتمام بقضايا المعتقلين؟، السؤال الثاني كان حول قانون شاليط الذي اتخذته الحكومة الاسرائيلية مؤخرا؟، في حين كان الثالث حول ابرز العقبات التي تواجه الوزارة؟، اما اجابة السؤال الاول فاعتبر قراقع ان الوضع الفلسطيني استثنائي، فسمة شعبنا الاعتقال وهناك اكثر من نصف مليون فلسطيني دخلوا السجون منذ 1967، لكن السلطة- حسب قراقع- تعتبر من اهم المشغلين للاسرى لكنها لا تستطيع استيعاب هذا العدد الكبير من الاسرى المحررين في الوظيفة العمومية.

واكد على ضرورة البحث على وسائل جديدة لاستيعابهم، الى جانب تظافر جهود الجهات المختلفة لان موضوع الاسرى ليس فقط موضوع حكومي وعلى الجميع ان يتعاونوا في هذا الاتجاه، فالرضى نسبي ولا بد من التعاون لان الموضوع خاص بالمجتمع كله.

وحول قانون شاليط فقد عده قراقع من اوقح ما اقرته الحكومة الاسرائيلية في التاريخ، فهو يشكل حرب معلنة، ويدلل على العنصرية والارهاب، فوضع الحكومة الاسرائيلية لقوانين عزل وانتهاكات لحقوق الانسان وحرمان من التعليم ، ما هي الا حالة من اعلان الحرب على المعتقلين ، واضاف توقعنا ردود فعل اكبر من المؤسسات الحقوقية العالمية لكن ما حصل هو العكس ، وعن العقبات التي تواجه الوزارة فقال قراقع بأنها كثيرة حيث هناك اشكاليات تحتاج الى تعاون من القطاعين العام والخاص ، هناك عقبات من ادارة السجون ، خاصة بموضوع ادخال الكنتين والاطباء ، فنحن نتعامل مع احتلال هدفه التضييق على حياة المعتقلين.

اما زوجة الاسير مصطفى بدارنة ، فتحدثت عن اهمال القضايا الانسانية والوضع الصحي للمعتقلين وسألت عما اذا كان وجود طبيب واحد لجميع الاسرى كاف، وقد اكد قراقع على كلامها موضحا خطورة الوضع الصحي معربا عن قلقه خاصة على الاسرى القدامى، الذين نجحت الوزارة في الافراج عن بعضهم، واشار الى انه قد تم توجيه 23 كتاب لمحامي الاستئناف، اما الرفض الامني فاعتبره قراقع موضوع كبير فاسرائيل تمنع كل اهالي القطاع من زيارة ابنائهم وفي الضفة هناك اكثر من 1200 عائلة محرومة من الزيارة وكل هذه الموانع اسبابها واهية وغير منطقية، وقد اجتمعنا مع الصليب الاحمر لكنه فشل في حلها، فتم اللجوء الى الاضراب عن الزيارات خلال شهر نيسان الماضي، وقال قراقع: "زيارة بهذا الشكل وبهذا الاذلال لامهاتنا وبناتنا لا نريدها في ظل الاذلال والعقاب الجماعي".

من جهته تحدث والد الاسيرة المقدسية سناء شحادة عن معاناة ابنته داخل المعتقل، حيث تشكي هي وزميلاتها من المعتقلات من العديد من المشاكل الصحية في العيون والاسنان بالاضافة الى فقر الدم، كما سأل والد الاسيرة عن منحة الحج المقدمة لاهالي الاسرى، وفي اجابته اكد قراقع على ضرورة تفعيل قرار منظمة الصحة العالمية لممارسة ضغط حقيقي على الاحتلال ، وحول موضوع الحج تحدث قراقع عن مطالبتهم في الوزارة عبر وزير الاوقاف بمنحة لاهالي المعتقلين لهذا العام ، وكان الوزير معني جدا بضرورة وجود حصة لهم لاداء فريضة الحج، واضاف بأن هناك مشاورات مع المملكة العربية السعودية في هذا الجانب.

اما مراسل الجزيرة وائل الشيوخي ، فقد اراد توضيحا من الوزير حول اسباب عدم نجاح المحامين وبالرغم من المبالغ الهائلة التي يتقاضونها في رفع الحظر الامني عن الاسرى؟، وفي سؤاله الثاني اراد شيوخي معرفة ما اذا كان هنالك فساد في وزارة الاسرى خاصة وان تقرير الرقابة الاخير تحدث عن فساد في الوزارة وصل الى 30%؟، وفي رده اكد قراقع قيام المحامين بعملهم لكن موضوع الزيارات قرار سياسي اسرائيلي فاسرائيل تريد معاقبة الاسرى من خلال منع الزيارات، هذه الخطوات بحاجة الى نضال، وهناك دائرة مختصة بإلغاء الحظر الامني وقد نجحنا في الغاء بعض قرارات الحظر، ونحن في الوزارة بذلنا ونبذل الجهوز وعندما لم نجد أي استجابة ذهبنا نحو التصعيد والاضراب عن الزيارات، اما الفساد داخل الوزارة فحسب قراقع فإنه لم ير ان التقرير قد تحدث عن هكذا نسبة، على الاقل منذ استلامه للمنصب.

الصحفي منتصر حمدان مراسل وكالة "معا"، سأل: اسرائيل تعتقل والسلطة تمول هذا الاعتقال، فهي تعفي الاحتلال من رعاية الاسرى وتقديم الخدمات لهم، فلم يحن الوقت لاعادة النظر في هذه المبالغ؟.

قراقع يجيب: "نعم اتفق معك، موضوع المعتقلين يجب ان لا يتحول الى عبء على المجتمع، بل يجب ان يبقى عبئا على الاحتلال وهم مسؤولون عن توفير الاحتياجات الاساسية، وهناك كثير من القضايا يجب اعادة النظر فيها، فيجب ان يكون هناك وعي وان يتفق الاسرى فيما بينهم على كيفية انتزاع حقوقهم من ادارة السجون، فالوضع يحتاج الى نقاش ويجب ان تتحول قضية الاسرى الى عبء على المحتل، فحق الاسير ان يتصل بأهله ونحن لا نميز بين المعتقلين ونرسل لكل اسير 250-300 شيكل".

اما الاسيرة المحررة امل محسن من بيت لحم فقد تناولت موضوع زميلتها الاسيرة ناديا محاميد من عرب 48 والتي ما زالت تقبع داخل سجون الاحتلال ووضعها الصحي خطير جدا، فتحدث قراقع عن اطلاعه على قضيتها ووضعها الصحي وهو ايضا خائف عليها خاصة وان وضعها يزداد تدهورا لكنه اكد في نفس الوقت على صعوبة الوصول الى حل بشأنها.

حلمي الاعرج من مركز الدفاع عن الحريات، سأل عن الاسرى المهددين بالابعاد والى اين وصلت قضيتهم، فأشار قراقع الى انهم رفعوا التماسا الى محكمة العدل العليا وتمت مراسلة الدول العربية بعدم الموافقة على استقبال اسرى مهددين بالابعاد، فالجهذ مبذول في هذا الاتجاه، وتأمّل قراقع بأن لا يتم ابعادهم وان لا توافق أي دولة على استقبالهم.

من جانبه قدم الاسير المحرر وليد الهودلي شهادة تؤكد الجهود التي تبذلها الوزارة ، لكنه اعرب عن ألمه فلماذا يساق الاسير المحرر الى سجون فلسطينية، هنا تمنى قراقع انتهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية فهذا هو السلاح الوحيد لمواجهة الاحتلال، والمصالحة تجيب عن كل هذه الاسئلة.

وحول خصخصة السجون وتحويلها الى قطاع خاص، وما هي الاجراءات التي يتتخذها الوزارة لمناهضة هكذا قرار، قال قراقع ان هذا الموضوع يعتمد علينا، فاسرائيل تستطيع ان تبتزنا بالاموال واذا ارادوا ان يحولوا السجون الى سوق للتوفير على انفسهم فهم يستطيعون، لذلك الامر يعتمد علينا كيف نواجه هذا الوضع وهم مسؤولون عن حياة ومعيشة الاسرى، وتساءل ما اذا كان من في الخارج والمعتقلين في الداخل قادرين على مواجهة هذا القرار.

اما ابن الاسير فخري البرغوثي فأراد معرفة الى اين وصل وضع والده، وهنا أكد قراقع على ان البرغوثي هو عميد الاسرى وهم ابدا لم يغيب عن بال الجميع.

وفي نهاية المساءلة شكر الدكتور غسان الخطيب الوزير الضيف، وشكر الحاضرين من اهالي الاسرى والمؤسسات والطواقم الاعلامية.