|
مركز القدس يتهم إسرائيل بانتهاك الحق في الحياة وتصعيد سياسة الإبعاد
نشر بتاريخ: 05/07/2010 ( آخر تحديث: 05/07/2010 الساعة: 18:21 )
القدس-معا- اتهم تقرير أصدرته أصدرته وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية إسرائيل بانتهاك الحق في الحياة وانتهاج سياسة القتل العمد ودون محاكمة، وانتهاج سياسة جديدة فيما يتعلق بالإبعاد والطرد بحق النشطاء السياسيين المقدسيين، والتستر على أعمال التنكيل العنيفة التي يقترفها جنود ومستوطنون يهود خاصة في بلدة سلوان ضد المدنيين العزل، وما يتخلل ذلك من استخدام للقوة المفرطة.
كما تطرق التقرير إلى استمرار سياسة هدم منازل المقدسيين والتلويح والتهديد بهدم المزيد من هذه المنازل، حيث هدمت منشآت وممتلكات وسلمت إخطارات هدم جديدة. إضافة إلى مصادرة المزيد من أراضي الفلسطينيين المقدسيين ، والإعلان عن مخططات لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة على أراض فلسطينية مصادرة وردت هذه الاتهامات في سياق التقرير الذي أصدره مركز القدس عصر اليوم، وتضمن رصدا لمجمل الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسيين خلال شهر حزيران المنصرم مدعما بالإفادات والشهادات المشفوعة بالقسم. أولا: الاعتداء على الحياة والتنكيل بالمدنيين: نوه تقرير مركز القدس بداية إلى ما شهده شهر حزيران المنصرم من تصعيد إسرائيلي فيما يتعلق بالاعتداء على الحياة والمس بالمدنيين من خلال أعمال القتل والتنكيل بالمواطنين المقدسيين، كان أخطرها قيام عناصر من الشرطة الإسرائيلية بقتل المواطن زياد محمد بدوي الجولاني(41 عاما) من مسافة صفر وبدم بارد بذريعة أن الشاب الجولاني حاول دهسهم، لكن المعطيات وإفادات الشهود التي رصدتها وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية فندت الرواية الإسرائيلية بهذا الشأن وأن الشهيد قتل بإطلاق الرصاص على وجهه من مسافة صفر، وبعد أن سقط أرضا جراء إصابته في رجله بالرصاص، وكان بالامكان اعتقاله حيث لم يشكل خطرا على الجنود، في حين أصيب جراء إطلاق النار العشوائي في المكان عدد من المواطنين بينهم طفلة في الخامسة من عمرها كانت داخل سيارة والدها المتوقفة أمام محل لبيع اللحوم، إضافة إلى إصابة مسن في السبعين من عمره كان واقفا على شرفة منزله. وفي إفادته عما جرى قال المواطن وشاهد العيان اسمر عزمي صبحي قطينه المعروف بأحمد قطينه لوحدة البحث والتوثيق في المركز " في يوم الحادث كنت اجلس في شقتي الواقعة في الطابق الثالث من المبنى الواقع في حوش ألهدمي في حي واد الجوز. كانت الساعة 13:45 بعد الظهر ، وفجأة سمعت أصوات صراخا باللغة العبرية ، لم أفهم ما قيل خلال هذا الصراخ، فصعدت إلى سطح المبنى ، وشاهدت سيارة تندر ميتسوبيشي ماغنوم بيضاء اللون تتوقف في الثلث الأول من مدخل حوش ألهدمي عند نافذة دار العكرماوي ، أي على بعد 15 مترا من منزلي. ترجل من السيارة شاب طويل القامة ، ابيض اللون ، يرتدي قميصا مخطط ابيض واحمر ، لم يطفئ محرك السيارة عندما نزل منها وترك بابها مفتوحا ،وكان يركض باتجاه داخل الحوش. وعلى بعد 3- 4 أمتار ثلاثة من جنود حرس الحدود كانوا يركضون خلفه وهم يطلقون النار. وبعد أن قطع الشاب مسافة 3 أمتار تقريبا حيث أصبحت حركته بطيئة واختل توازنه، واعتقد انه أصيب برصاصة، وعند دار هشام أبو غزاله ، وقع أرضا على الجانب الأيمن على ما اعتقد ، وعلى الفور وقف عند رأسه احد الجنود الثلاثة وكان حليق الرأس ، ضخم البنية، طويل القامة ،وعينين خضراوين، وضع هذا الجندي قدمه اليمنى على رقبة الشاب الملقى أرضا، كما وضع فوهة السلاح - الذي لا اعرف نوعه ولكنه كان سلاحا طويلا- مباشرة على ذقن الشاب ، وكان يقف خلفه الجنديان الآخران ، حيث قام ذلك الجندي بإطلاق رصاصتين على ذقن الشاب دون فاصل زمني بين الطلقتين ! وعلى الفور قام احد الجنود بالجلوس على الأرض قرب منزل دار قرش، بينما انتابت الجندي الذي أطلق النار على الشاب حالة من الهستيريا ، وأصبح شديد العصبية وبدأ يصرخ بكلمات لا اذكرها ، ثم وجه سلاحه نحو الناس الذين كانوا يقفون على أبواب المنازل وعلى النوافذ ، طالبا منهم الدخول إلى منازلهم، بينما العرق يتصبب من جبينه ، وأخذ يقفز من مكان إلى آخر! أما الجندي الثالث فكان يصرخ على الناس ويردد "ادخلوا إلى بيوتكم" ! واعتقد أن الجنود الثلاثة كانوا يشعرون بالخوف لأنهم وحيدون داخل الحوش ، بينما كانوا يحاولون التستر على وجود شاب مصاب بجروح خطيرة في المكان، خاصة أن الشاب كان بجانب سيارة فورد كونيك تحجب الرؤية عن وجود احد بجانبها ملقى على الأرض ، أما إطلاق النار فتوقف بعد إطلاق الرصاصتين على ذقن الشاب كما ذكرت . بعد ذلك نزلت إلى بيت الدرج وبدأت أراقب الوضع من خلال نافذة بيت الدرج التي تطل من الشارع من الجهة الشمالية للحوش ، وحينها شاهدت محمود الجولاني – ابن خال زياد- يخرج من منزله المقابل لمنزلي ويتوجه نحو الجنود وكذلك عادل ألهدمي خرج هو الآخر من منزله الواقع في نهاية الحوش! وقال للجنود إن الشاب جريح ويجب مساعدته ، فرد عليه الجندي الذي أطلق الرصاصتين على ذقن الشاب " أنا قتلته .. ادخل إلى بيتك !" وفي تلك الأثناء كان محمود يحاول التوجه نحو الشاب المصاب ، حيث قال له الجنود بالعبرية " كانيس هبيتاه " أي أدخل إلى البيت فرد عليهم محمود :" دوت شلي ، ما انيه كانيس بيته "! فقام الجنود بالهجوم على محمود وضربه أحدهم بمخزن السلاح – المشط- على رأسه ، وضربه بقية الجنود أيضا ، فوقع محمود أرضا ، وكان عادل الهدمي يحاول إبعاد الجنود عن محمود ، ثم اقتحم الحوش عدد كبير من الجنود وقاموا بإبعاد الناس الذين هبوا لمساعدة محمود الجولاني وحين حضر شقيق محمود ويدعى محمد وعدد من الشباب من المدخل الوحيد للحي ، طردهم الجنود بينما كان محمود لا زال ملقى على الأرض، كما منع الجنود أم محمود وشقيقته من الوصول إلى محمود. وبعد ذلك جاء طاقم إسعاف الهلال الأحمر، وكان يرتدي الزى البرتقالي ، لكن الجنود منعوا المسعفين من الوصول لمحمود او للشاب الذي كان جريحا بإصابات خطيرة في منطقة الوجه وكان ما زال يتحرك وهو على الأرض، واعتقد أن طاقم الإسعاف لم يتمكن من اخذ محمود والشاب الآخر إلا بعد سبع دقائق! حيث قام مسعفان بحمل الشاب –زياد الجولاني – من يديه وقدميه إلى سيارة الإسعاف ، بينما قام مسعفون آخرون بأخذ محمود فيما بعد . وبعد ذلك نزلت إلى الحوش وشاهدت القوات الخاصة التي جاءت فيما بعد وكانت ترتدي الزى الأسود ، وبدأت تلك القوات بتفتيش سيارة الضحية زياد الجولاني حيث كنت أقف قربهم وأشاهد كما شاهد الجيران عملية تمزيق فرش السيارة وتفتيش سقف السيارة كذلك ، فيما محرك السيارة في حالة دوران ، وتم جرها بواسطة ونش ، وبقي رجال المخابرات وعدد من الجنود في الحوش لمدة ساعتين تقريبا ، حيث أغلقوا المنطقة، ولكنهم لم يدخلوا إلى منازل الحوش ولم يتكلموا مع احد ! وتدحض إفادات الشهود التي نشرتها وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس ادعاءات الشرطة التي قال ناطقها أن شرطته قتلت بالرصاص فلسطينيا في القدس الشرقية بعدما صدمت سيارته أفرادا منها. وأن الضباط فتحوا النار بعدما حاول الرجل الذي صدمهم بسيارته الهرب من المكان على الأقدام. وقد تأكدت صحة رواية شهود العيان لاحقا باعتراف القاتل نفسه خلال استجوابه في قسم التحقيق مع أفراد الشرطة في وزارة القضاء الإسرائيلية، مدعيا في تبريره لجريمته أنه ظن بأن الشهيد الجولاني"مخربا ارتكب عملية دهس تخريبية". كما أنه كان يخشى أن يكون الجولاني يتمنطق بحزام ناسف مما دفعه إلى الشعور بأن حياته وحياة من حوله معرضة للخطر. وفيما يتعلق بأعمال التنكيل والمس بالمدنيين وثق التقرير مجموعة من هذه الاعتداءات من بينها اعتداءات على نساء فقدن أجنتهن بسبب استنشاق الغاز الذي أطلقه الجنود الإسرائيليون بكثافة خلال مواجهات شهدتها بلدة سلوان، مشيرا إلى فقدان زوجة المواطن يعقوب الرجبي من الحارة الوسطى في بلدة سلوان جنوب البلدة القديمة من القدس جنينها (محمد) البالغ من العمر سبعة أشهر جراء استنشاقها الغاز المسيل للدموع الذي ألقته القوات الإسرائيلية بكثافة على منازل المواطنين. وروى المواطن الرجبي في إفادته لوحدة البحث والتوثيق ظروف وملابسات ما جرى بالقول:" حدث ذلك بعد مواجهات عنيفة شهدتها الحارة الوسطى بين الشبان والجنود الإسرائيليين الذين أطلقوا الغاز بكثافة صوب منازل المواطنين ما أوقع عشرات حالات الاختناق ومن بينهم زوجتى التي شعرت بضيق في التنفس وتغير في حركة الجنين. وفي صباح اليوم التالي توجهنا إلى الطبيبة النسائية والتي حولتنا بصورة فورية إلى مستشفى هداسا في العيسوية حيث أظهرت الفحوصات موت الجنين وبالتالي أجريت عملية إجهاض ، علما بأن الفحوصات التي سبقت استنشاق الغاز كانت تؤكد أن الجنين بصحة تامة". وكانت الحارة الوسطى أو ما تعرف بحي بطن الهوى ، وسط بلدة سلوان خلال شهر حزيران المنصرم مسرحا لمواجهات شبه يومية بين السكان الذين يدافعون عن أنفسهم وبين الجنود الذين غالبا ما يندفعون وراء مجموعات من المستوطنين وحراسهم يتولون حمايتهم بعد أن يقوم هؤلاء باستفزاز سكان هذه الأحياء بالسباب والشتائم أو الاعتداء الجسدي على الأطفال والنساء وكبار السن، وإلحاق الضرر بالممتلكات. وأكد مواطنو البلدة ومن بينهم جواد صيام مدير مركز معلومات وادي حلوة ، والحاج فخري أبو دياب من لجنة الدفاع عن منازل حي البستان لباحثي مركز القدس أن تحرشات المستوطنين واعتداءاتهم شبه اليومية هي التي تستفز المواطنين ، ما يفضي إلى مواجهات تتسم في العادة من قبل السكان بطابعها المقاوم دفاعا عن النفس وردا لهذه الاعتداءات التي لا تحرك الشرطة ساكنا لوقفها، وبدلا من ذلك تتدخل على نحو عنيف لملاحقة الضحايا والاعتداء عليهم واعتقالهم بمن في ذلك الأطفال القاصرين الذين امتلأت بهم مراكز التحقيق في سجن المسكوبية. ولعل اعنف المواجهات ما سجل في يومي السادس والعشرين والسابع والعشرين من شهر حزيران الجاري في حي بطن الهوى وهي مواجهات أوقعت عشرات المصابين والجرحى من بينهم نساء حوامل بعضهن استنشقن الغاز المسيل للدموع والبعض الآخر منهن تعرضن للضرب، فيما تعمد الجنود إطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز عن مسافة قريبة جدا بهدف إلحاق الأذى الجسدي والتسبب بالضرر، ما أدى إلى إجهاض سيدة في الثانية والثلاثين من عمرها تدعى رجاء سمرين من حي الثوري وهي حامل في شهرها الثالث، وفقدان الشاب مهند القواسمي في السابعة عشرة من عمره عينه اليمنى جراء إصابته بقنبلة صوت بينما كان يحاول مساعدة امرأة حامل أصيبت بحالة إماء بعد استنشاقها الغاز المسيل للدموع. بدوره نشر مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية اليوم إفادات مشفوعة بالقسم لعدد من ضحايا أعمال التنكيل التي اقترفها جنود ومستوطنون في مواجهات بطن الهوى الأخيرة ، أظهرت عنف وقسوة الجنود في تعاملهم مع المواطنين الفلسطينيين سكان الحي، وتدميرهم لبعض ممتلكاتهم ومركباتهم أثناء توقفها أمام منازل أصحابها. ويروي المواطن فؤاد خضر عبد الفتاح الرجبي تسلسل الأحداث التي شهدها حي بطن الهوى يوم 26 حزيران الجاري فيقول:" قي يوم السبت الموافق 26/6/2010 وبينما كنت أتابع المونديال قرابة الساعة العاشرة مساء، سمعت صراخا ، وأصواتا غير مفهومة، فخرجت وأشقائي إلى الحوش حيث مصدر الصراخ ، فشاهدت عددا كبيرا من الناس يتجمهرون يقابلهم حشد من جنود حرس الحدود ، ورأيت الجنود ربما 50 جنديا يطلقون الغاز المسيل للدموع قنابل الصوت باتجاه المواطنين، فيما يرد الفتية على الجنود برشق الحجارة. في ذات المنطقة كانت سيارات للجيران متوقفة في الشارع ، فسمعت الضابط شادي وهو عسكري يطلب من سائق دورية جيب أبعاد سيارة فيات اونو بيضاء اللون موديل عام 1994 من طريق الجنود ، الذين كانوا يختبئون من رشق الحجارة ويحاولون المشي بجانب الحائط، بينما السيارة المذكورة تقف على يمين الطريق، فقام الجيب العسكري وكنت على مترين من الضابط شادي والجيب العسكري بصدم السيارة أل "فيات اونو" التي بجانب منزل المواطن مراون غيث ، والذي يبعد عن منزل صاحب السيارة إبراهيم شاهين حوالي 10 أمتار ، فقام الجيب العسكري ويحمل رقم 22/463 بصدم السيارة وإبعادها عن طريق الجنود ، فاصطدمت بدورها بالحائط، وأصبحت أكثر التصاقا باتجاه اليمين، وعلق مصباح الجيب بسيارة الاونو عندما ضربها الجيب من الخلف ، واتضح هذا لدى مغادرة الجنود للحي وانتهاء الأحداث. وبعد أن غادر الجيب العسكري المذكور الحارة، جاء بدلا منه جيب عسكري آخر يحمل رقم 22/286 ، وقام بصرب سيارة الفيات مرة أخرى من الخلف ، وعاد إلى الوراء وأثناء عودته اصطدم بسيارة اوبل بيضاء اللون موديل 1991 يملكها الجار عبد الكريم وزوز، واستمرت المواجهات بين الفتية والجنود حتى فجر اليوم الثاني الأحد الموافق 27/6/2010. مهند محمود علي القواسمي..فقد عينه بقنبلة صوت وفي اليوم التالي تجددت المواجهات في بطن الهوى وأحياء أخرى من سلوان ، لكنها كانت أعنف من سابقتها.، وأدت إلى سقوط مزيد من الإصابات، وكان سببها أيضا استفزازات المستوطنين وحراسهم. ومن بين من جرح في هذه الأحداث ولم يشارك فيها الفتى مهند محمود على القواسمي الذي كان يحاول مساعدة سيدة حامل مع طاقم إسعاف محلي، حيث فقد مهند عينه اليمنى جراء إصابتها بقنبلة صوت بصورة مباشرة. عن أحداث تلك الليلة روى القواسمي لباحث مركز القدس للحقوق الاجتماعية تفاصيل إصابته بقوله: " عند الساعة 9:30 من مساء يوم الأحد الموافق 27-6-2010 كنت اجلس في بقالة أخي في حي البستان ، وكانت هناك مواجهات تدور في حارة بطن الهوى ، حيث يقع بيت المستوطنين – بيت العسل- . تواجد في المكان أيضا طاقم إسعاف تابع للهلال الأحمر لإخلاء الجرحى، فطلب مني احد المسعفين مساعدته في حمل امرأة مصابة جراء استنشاق الغاز. وبينما كنت احمل المرأة وقرب الدرج الواصل بين حي البستان ، كان هناك جنود ينزلون الدرج وهم يركضون ويطلقون العيارات المطاطية فنظرت إليهم وكانوا على بعد 30 مترا تقريبا ، فشعرت بشيء يخترق عيني اليمنى ، ثم وجدت نفسي بمستشفى العيون حيث علمت من الأطباء بأن الإصابة بالغة الخطورة ، وجرى بعد ذلك استئصالها". ويشكل اقتحام منازل المواطنين والاعتداء على قاطنيها وتخريب ما فيها من ممتلكات، وقذفها بقنابل الغاز المسيل للدموع شكلا آخر من أشكال العنف والتنكيل التي تقترفها القوات الإسرائيلية بصورة دورية بعد كل صدامات بين المواطنين والمستوطنين، كما حدث ليلة الأول من حزيران الماضي حين داهم أفراد من الشرطة والمخابرات الإسرائيلية منزلي الشقيقين جاد الله وفؤاد خضر الرجبي بعد أن فجروا الباب الرئيسي، وفتشوا المنزلين وعبثوا بمحتوياتهما. ومثل ذلك حدث أيضا أكثر من مرة مع عائلة صلاح في بيت صفافا جنوب القدس خلال شهر حزيران المنصرم، حيث اعتدت عناصر من الشرطة وحرس الحدود بالضرب على أفراد العائلة يوم 17 حزيران بعد تلقي شكوى من مستوطن إسرائيلي يقطن في أحد منازل العائلة بالتعرض له من قبل تلك العائلة. وبعد ذلك بخمسة أيام اعتدت مجموعة من المستوطنين على أفراد العائلة وحاولوا طردهم من منازلهم. في حين فرضت محكمة الصلح الإسرائيلية في جلسة عقدتها يوم 26 حزيران قررت فيها تغريم أحد أفراد العائلة ويدعى محمد صلاح ب 12 ألف شيكل بدعوى إقامته في القدس دون تصريح. وقال المواطن صلاح أنه كان توجه إلى المحكمة في العام 2008 لاستعادة 120 رأس غنم كانت صودرت منه إلا أن المحكمة ردت طلبه وبدلا من ذلك غرمته بداعي إقامته غير القانونية في القدس. ولا تتوقف أعمال التنكيل بالمدنيين المقدسيين عند الجرح والإصابة بل تمتد إلى ما بعد ذلك كما حدث مع الشاب الجريح مازن عودة (26 عاما) من سلوان والذي استدعي لتحقيق يوم 19 حزيران بعد نحو أسبوعين من إصابته برصاص حراس المستوطنين. وروى المواطن عودة لوحدة البحث والتوثيق في المركز أنه كان أصيب برصاص هؤلاء الحراس في الثاني من حزيران أثناء توجهه للصلاة، ومن ثم لاحقته الشرطة واقتحمت المستشفى الذي كان فيه وحاولت اعتقاله. وخلال استجوابه جرى التركيز على ما إذا كان شارك أو يشارك في المواجهات اليومية التي تشهدها سلوان، إضافة إلى محاولة معرفة ظروف وملابسات إصابته. ولا يسلم من أعمال التنكيل التي يقترفها الجنود والمستوطنون حتى الأطفال، سواء في سلوان أو في البلدة القديمة، وحتى العمال العاملون في القدس الغربية لدى عودتهم من أعمالهم، حيث تسجل اعتداءات على خلفية عنصرية بصورة دورية وعلى نحو مستمر، وهي اعتداءات غالبا ما تقيد ضد مجهول، وفي حالات نادرة أعلنت شرطة عن اعتقال مشتبه بهم، إلا أنه لا ينشر عن محاكماتهم أو العقوبات التي تتخذ بحقهم. وقد سجل شهر حزيران المنصرم وقوع بعض أعمال التنكيل هذه من أبرزها تعرض الطفل عبيدة عامر اسعيد من سكان باب حطة في البلدة القديمة لاعتداء عنيف من قبل عناصر من حرس الحدود والشرطة ما أدى إلى إصابته بكسور في ساعديه. وروى الطفل اسعيد لباحثي وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس أنه تعرض لاعتداء الجنود ليلا بينما كان في طريقه لشراء الخبز لعائلته من محل قريب من منطقة سكناه. وأضاف:" تم إقافي في باب الساهرة من قبل مجموعة من الجنود، حيث سألني أحدهم لماذا تطلق الصفير؟ فأجبته بأنني لم أفعل ذلك بل لا أملك القدرة على فعل ذلك. لكنه لم يصدقني وقام بركلي بساقي فركضت ولحقوا بي حتى مدرسة القادسية ، وهناك دفعوني على الدرج فسقطت أرضا وشعرت بالآم شديدة في يدي، وعندها تجمهر مواطنون وقاموا بنقلي إلى مستشفى هداسا العيسوية، وهناك تبين إصابتي بكسور". وكان شاب مقدسي آخر من حي شعفاط يدعى محمود علي سويلم تعرض يوم 18 حزيران الماضي لاعتداء عنصري عنيف من قبل متطرف يهودي أثناء وجوده في عمله في دير ياسين أو ما تعرف الآن بمستوطنة "جفعات شاؤول" في القدس الغربية. وفي إفادته لمركز القدس قال الشاب مسلم أنه كان في عمله داخل السوبر ماركت في جفعات شاؤول هو وزميل له حين دخل إلى المحل شاب يهودي ليس لهما أية معرفة سابقة به، وبينما كانا يحتسيان القهوة في فترة الاستراحة، شرع بشتمهما بألفاظ نابية وينعت العرب بأقبح الأوصاف، وقام بذلك آخرون تواجدوا في المكان وحاولوا الاعتداء علينا أيضا، وقد تعرضت للضرب العنيف من قبل هذا المتطرف دون أعرف السبب". في حين سجلت حادثة تنكيل أخرى ارتكبتها عناصر من الشرطة وحرس الحدود إلا أنها لم تفض إلى إصابات، لكنها ألحقت أضرارا مادية بالممتلكات. فقد اقتحم هؤلاء مطلع حزيران من ل الشقيقين محمد ومحمود عودة كستيرو الكائنين في رأس العمود( الحارة الوسطى ) بعد تحطيم بوابتي المنزلين دون سابق إنذار ولم يكونا داخل منزليهما، وهناك عاث الجنود تخريبا بالممتلكات دون أن يفصحوا عن هدف الاقتحام، كما قال جارهما المواطن عفيف أبو ماضي الذي حاول إقناع قائد القوة بعد اقتحام المنزلين والانتظار إلى حين قدوم الشقيقين حيث يمكن استدعاؤهما على الفور، إلا أن هذا المسئول رفض الاستماع لأقوالي، ولم يغادروا المنزلين إلا بعد أن تركوهما رأسا على عقب ودون أن يوضحوا طبيعة مهمتهم. وروى الشقيقان في إفادتهما لوحدة البحث والتوثيق في مركز القدس، أنهما توجها إلى مركز شرطة صلاح الدين لتقديم شكوى فأبلغا هناك بأن هذا ليس من صلاحيات شرطة صلاح الدين، وأن عليهما التوجه إلى المسكوبية، وهناك تلقيا ردا مماثلا، فتوجها إلى مركز شرطة موريا في تلبيوت وحصلا من هناك على نفس الجواب، مما اضطرا مؤخرا إلى التوجه إلى قسم التحقيق ضد الشرطة في القدس الغربية وقدما شكواهما. ثانيا: الإبعاد وتجريد المقدسيين من حق الإقامة أما التطور الأبرز الآخر من الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق المقدسيين خلال شهر حزيران ، وفقا لتقرير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، فهو قيام السلطات الإسرائيلية في الرابع من الشهر المذكور بسحب هويات ثلاثة نواب مقدسيين هم احمد عطون، محمد أبوطير ، ومحمد طوطح، إضافة إلى وزير القدس الأسبق المهندس خالد أبو عرفة على خلفية انتمائهم السياسي لحركة حماس ، والادعاء بعدم ولائهم للدولة – أي إسرائيل-. وكان أفراد من الوحدة الخاصة التابعة للشرطة الإسرائيلية اقتحموا منازل الأربعة وصادروا بطاقات هوياتهم وأبلغوهم بأن عليهم مغادرة القدس خلال شهر بعد أن أقرت المحكمة العليا وهي أعلى هيئة قضائية في إسرائيل أنه يمكن طردهم لرفضهم الاستقالة من المجلس التشريعي. ولم يمض سوى ثلاثة أسابيع على تجريد النواب الثلاثة والوزير من حقهم في الاقامة بالقدس، حتى اعتقلت الشرطة الإسرائيلية أحد هؤلاء النواب وهو النائب محمد أبو طير بعد انتهاء مهلة الشهر التي أعطيت له لمغادرة القدس، وتم تخييره بين الإبعاد إلى مناطق السلطة الفلسطينية أو الاعتقال بدعوى التواجد غير القانوني في القدس بعد سحب بطاقته الشخصية. وتأتي هذه الإجراءات الإسرائيلية متزامنة مع معلومات وصلت إلى مركز القدس مفادها بأن هذه السلطات بصدد اتخاذ إجراءات قاسية ضد المواطنين المقدسيين على خلفية تصاعد الاحتجاجات في مدينة القدس في غضون الأشهر القليلة الماضية والزيادة الملحوظة في النشاطات الجماهيرية المناوئة للاحتلال. ووفقا للمعلومات فقد أوصت الدوائر الأمنية الإسرائيلية الحكومة بالإيعاز للوزارات والدوائر المختصة خاصة وزارة الداخلية ومؤسسة التأمين الوطنى الإسرائيلية بمعاقبة العائلات المقدسية التي يشارك أبناؤها القاصرين بأعمال احتجاج عنيفة بإسقاط حق الإقامة عن هذه العائلات وحرمانها من حقوقها الاجتماعية والاقتصادية. ما يعني أن المرحلة القادمة ستشهد مزيدا من التنسيق والتعاون بين الدوائر الأمنية الإسرائيلية ومؤسسة التامين الوطني ووزارة الداخلية في هذا المجال بما يضمن تطبيق هذه السياسة التي تترك تأثيراتها المدمرة على المقدسيين ويحسبون لها ألف حساب. وفيما يتعلق بسياسة الإبعاد الجديدة التي بدأت السلطات بتطبيقها بحق المقدسيين خاصة نواب المجلس التشريعي من حركة حماس، قالت المصادر الإسرائيلية أن هذه الإجراءات هي البداية فقط، وأن الحديث يتجاوز هؤلاء إلى المئات من النشطاء وربما الآلاف من المقدسيين الذين ستطبق عليهم لاحقا إذا لم تثر إجراءات الطرد الأخيرة بحق النواب أي ردود فعل. وكان مركز القدس تلقى خلال شهري أيار وحزيران الماضيين شكاوى عديدة من مواطنين مقدسيين بمن فيهم فتية قاصرون أفادت بتلقيهم تحذيرات من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالطرد والإبعاد في حال مواصلتهم ما وصف بالتحريض والمشاركة في أعمال الاحتجاج. ومن بين من تلقى تحذيرات بهذا الصدد ناصر قوس مدير نادي الأسير في القدس، وحاتم عبد القادر مسئول ملف القدس في حركة فتح، والعديد من الفتية القاصرين من سلوان كانوا اعتقلوا مؤخرا ووجهت إليهم تهديدات بالطرد والإبعاد، في حين هددت عائلات بأكملها كما هو الحال بالنسبة لعائلة صلاح من بيت صفافا. ومن بين من تلقى تهديدات وتحذيرات بالابعاد والطرد من القدس على خلفية نشاطه السياسي والجماهيري حاتم عبد القادر مسئول ملف القدس في حركة فتح. وقال عبد القادر أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي أبلغه خلال تحقيق معه مطلع حزيران الماضي بأن جهات سياسية عليا تحذره بطرده من القدس وسحب بطاقته الشخصية اذا ما واصل نشاطاته السياسية في المدينة. وكانت محكمة الصلح الإسرائيلية وفي جلستها المنعقدة يوم 23 حزيران الماضي أرجأت النظر في لائحة الاتهام الموجهة ضد عبد القادر إلى تشرين أول القادم. وتتضمن لائحة الاتهام مخالفة الأمر العسكري الذي أصدره قائد الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي أواخر العام الماضي الذي يحظر على عبد القادر الدخول إلى المسجد الأقصى ومحيطه لمدة ستة أشهر، والمشاركة في التحريض خلال أحداث شهدتها مدينة القدس. ثالثا: هدم لمنازل المقدسيين..ومزيد من البناء للمستوطنين كما أشار التقرير إلى هدم مزيد من منازل ومنشآت المقدسيين خلال الشهر المنصرم ، في مقابل مزيد من البناء الاستيطاني لليهود على أراضي المواطنين المصادرة، وتوسيع المستوطنات القائمة. ففي الخامس عشر من الشهر المذكور هدمت بلدية الاحتلال في القدس مرآبا يعود للمواطن كمال الشويكي، وحظيرة أغنام تعود للمواطن نضال صيام في حي الثوري- جنوب القدس القديمة- وصادروا ما في الحظيرة من أغنام وخيول ودواجن بذريعة البناء غير المرخص. وكانت طواقم من البلدية سلمت نهاية حزيران إخطارات هدم جديدة لثمانية مواطنين في بيت حنينا وشعفاط والعيسوية، من بينها خمسة منازل تعود لعائلة صلاح في بيت صفافا. وفي التاسع والعشرين من ذات الشهر هدمت جرافات البلدية غرفة زراعية وبركسات وحظيرة خيل كما جرفت أراض لمواطنين في بلدة العيسوية شمال شرق القدس. وتعود الغرفة الزراعية للمواطن خليل عبد الله داري ، فيما تعود حظيرة الأغنام للمواطن محمد احمد شيخه عبيد. من ناحية أخرى صادقت لجنة التخطيط والبناء المحلية التابعة لبلدية الاحتلال في القدس يوم 11 حزيران 2010 على خطط لهدم 22 منزلا من أصل 88 منزلا لمواطنين في حي البستان بسلوان، لإقامة ما يسمى ب"الحديقة التوراتية". وطلبت اللجنة من أصحاب هذه المنازل هدمها بأيديهم وتسليم الأرض المقامة عليها إلى البلدية. علما بأن البلدية كانت رفضت مخططا بديلا قدمه سكان الحي قبل شهرين، في حين لم تستغرق مصادقتها على هدم المنازل أل 22 في البستان أسبوعا واحدا، وهي فترة قياسية، خصوصا أن الحديث يدور عن منطقة مدينية لها مغزى تاريخي وأثري كبير. وفي مقابل المصادقة على قرارات الهدم لمنازل المقدسيين ، أقرت اللجنة ذاتها يوم الخامس من حزيران 2010 مخططا لبناء 1600 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة رامات شلومو شمال القدس. علما بأن مساحة واسعة من الأرض التي ستقام عليها هذه الوحدات الاستيطانية ملكية خاصة لمواطنين فلسطينيين. وكانت الجرافات الإسرائيلية شرعت الحادي والعشرين من حزيران الماضي بأعمال تجريف واسعة في أراضي بيت حنينا وشعفاط الواقعة ما بين مستوطنتي نيفي يعقوب، وبسغات زئيف لإقامة بنية تحتية تمهد لبناء 600 وحدة استيطانية جديدة. في حين باشرت الجرافات الإسرائيلية يوم 29 حزيران 2010 المرحلة الأولى للبدء ببناء 20 وحدة استيطانية في منطقة فندق شبرد في حي الشيخ جراح بالقدس بتمويل من المليونير الأمريكي اليهودي إيرفينغ موسكوفيتش. وستقام هذه الوحدات في موقع كان مقرا لمفتي القدس الحاج أمين الحسيني. علما بأن فندق شبرد كان حتى العام 1980 تحت مسئولية حارس أملاك الغائبين الذي باعه لاحقا إلى موسكوفيتش. رابعا: توسيع الحفريات في محيط الأقصى..وإغلاق مؤسسات كما نوه التقرير إلى معطيات جديدة عن حفريات إسرائيلية خلف الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى خاصة في منطقة القصور الأموية، بالإضافة إلى عمليات بناء وتغيير للمعالم الأثرية والتاريخية الإسلامية في تلك المنطقة، فيما بدا أنها أعمال توسعة لتحويل منطقة القصور الأموية إلى متنزه توراتي ليلي يمتد من المنطقة الواقعة بين الزاوية الجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى وبين الزاوية الختنية ( أسفل محراب الجامع القبلي المسقوف) وهي المنطقة نفسها الواقعة ملاصقة خلف الجهة الجنوبية للمصلى المرواني وجزء من المسجد الأقصى القديم والجامع القبلي المسقوف. وشهد شهر حزيران المنصرم أيضا إغلاق مؤسسة فلسطينية خدمية تقدم المساعدة المالية للطلبة المحتاجين والفقراء. ففي السابع والعشرين من الشهر المذكور أغلقت الشرطة الإسرائيلية بقرار من مفتشها العام دودي كوهين قرارا بإغلاق مؤسسة إيلاف لدعم التعليم في القدس بدعوى صلة هذه الجمعية بحركة حماس. وهو إدعا كذبه القائمون على الجمعية مؤكدين أن جمعيتهم تعمل بصورة قانونية وبموجب ترخيص ممنوح لها من وزارة الداخلية الإسرائيلية ، كما أن لديهم مدقق حسابات قانوني . وتأسست الجمعية المذكورة مطلع العام 2010، وتمكنت منذ تأسيسها من تقديم قروض مالية لنحو 169 طالبا جامعية، تسدد إلى الجمعية بعد تخرج المستفيدين منها والتحاقهم بوظائف. |