وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"بدرس" نموذج للمقاومة الشعبية وانتصار الزيتون على جرافات الاحتلال

نشر بتاريخ: 08/07/2010 ( آخر تحديث: 08/07/2010 الساعة: 21:29 )
رام الله- معا- "شجرة الزيتون بالنسبة لي كأنها احد اولادي، فنحن ربيناها مثل اولادنا"، هكذا كانت احدى المواطنات الفلسطينيات تروي علاقتها مع اشجار الزيتون التي يهددها جدار الضم والتوسع في قرية بدرس، وتحدثت خلال الفيلم الوثائقي حول نضال اهالي قرية بدرس ضد الجدار ومقاومته، عن كيف كانت تنقل المياه على رأسها لساقية اشجار الزيتون على اطراف قريتها.

فيلم "بدرس" الذي عرض، مساء امس، في قصر الثقافة في مدينة رام الله، استمر لمدة ساعة ونصف، حيث جرى عرضه بمشاركة وحضور الملكة نور الحسين، التي حرصت على المشاركة في عرض هذه الفلم ، حيث اقلتها طائرة مروحية اردنية حطت في مقر المقاطعة قبل نصف ساعة من عرض الفلم، كما شارك امين عام الرئاسة، الطيب عبد الرحيم، وعدد من الشخصيات الوطنية والسياسية في هذه الامسية التي سادت فيها اجواء التضامن والوحدة والدعم الشعبي لخيارات المقاومة الشعبية في مقاومة الجدار.

ونجح الفيلم الذي روى تفاصيل عديدة عن يوميات اهالي القرية باطفالها ورجالها ونساءها واليات عملهم وانخراطهم في المقاومة موحدين في الدفاع عن اراضيهم ومقاومتهم للجدار الفاصل، رغم كل المحاولات الاسرائيلية في قمع ارادة المواطنين وملاحقتهم.

ويظهر الفيلم قدرات غير عادية للمواطنين في تنظيم اوضاعهم وقيادة التحركات الشعبية السلمية لمواجهة الجدار، كما عكس حالة التوحد بين الفصائل الفلسطينية بما فيها حركتي (حماس وفتح)، اضافة الى مشاركة المتضامنين الاجانب والاسرائيلي في دعم اهالي القرية التي تحولت في احد المواجهات الى ما وصفه قائد المقاومة الشعبية في بدرس، عايد مرار، بانه مثل مدينة "الفلوجة" العراقية، في اشارة الى عمليات اطلاق النار الكثيف الذي عاشته القرية في ذلك اليوم الذي قررت فيه قوات الاحتلال اقتحام القرية ومحاصرة اهلها داخل منازلهم.

وشدد على اهمية تكريس الوحدة بين ابناء الشعب في مواصلة نهج المقاومة الشعبية وقال "توحدنا في بدرس فانتصرنا وعلينا ان نتوحد لكي ننتصر لقضيتنا".

وركز الفيلم على اهمية ضمان مشاركة المراة في اعمال المقاومة الى جانب الرجل، وتجسد ذلك في حالة الشابة، التزام مرار، التي قادت عملية تنظيم النساء في القرية وفتح المجال امامهن في الانخراط في مقاومة الاحتلال وسياساته الرامية الى اقامة الجدار.

واظهر الفيلم القرار الصعب الذي اتخذته، التزام مرار، حينما قررت في احدى المواجهات في اطراف القرية مع جنود الاحتلال الى القاء جسدها امام جرافة اسرائيلية وجلوسها في الحفرة الامر الذي دفع سائق الجرافة الابتعاد عن الموقع والتوقف عن العمل.

وكما يسلط الفيلم الضوء على المجندة الاسرائيلية، ياسمينا، التي شاركت في قمع النساء خلال التظاهرات والاحتجاجات الشعبية في قرية بدرس، وما يحمله ذلك من تناقضات الى حد ان تلك المجندة تقر بان قيادة جيشها تستخدم الجنود كالالات المتحركة التي يكون وظيفتها قمع المتظاهرين دون اية اعتبارات انسانية او اخلاقية.

وحسب ما اكدته المنتجة الفلسطينية، للفيلم رولا سلامة، بعيد عرضه، فان هذا الفيلم يكشف بوضوح الطاقات الابداعية التي يمكن للمواطنين استخدامها في مقاومة الجدار بطرق غير عنيفة انطلاقا من الحق والعدالة، موضحة ان هذا الفيلم الذي انتج بدعم من مؤسسة "جست فيجن"، يؤشر الى اهمية تكريس المقاومة الشعبية السلمية انطلاقا من مفاهيم انسانية .

وقالت " تجربة بدرس اظهرت تلك الحقائق التي تؤكد القدرة على تحقيق الاهداف"، مؤكدة ان عرض الفيلم حقق اهدافه خاصة وانه حظى بمشاركة وحضور الملكة نور وشخصيات كبار من السلطة الوطنية، اضافة الى ممثلي عن اللجان الشعبية لمقاومة الجدار من بلعين ونعلين وبدرس والشيخ جراح، والنبي صالح والمعصرة وغيرها من القرى والبلدات التي تسعى الى تكريس نموذج بدرس في مقاومة الجدار.

من جانبها قالت الشابة، التزام مرار ، التي تنتمي الى عائلة فلسطينية مناضلة " تجربتنا تؤكد بانه لا مجال لتحقيق الانجازات بدون مشاركة المراة الى جانب الرجل في ممارسة المقاومة"، مشيرة الى تجربة بدرس كشفت العديد من الحقائق وعناصر القوة التي يمكن الاعتماد عليها في مواجهة الظلم والقهر والعدوان.

واكثر ما ميز الفيلم هو نجاحه في اظهار العلاقة الوطيدة بين عايد مرار المحسوب على حركة فتح ، واحمد عوض المحسوب على حماس، ودورهما في قيادة العمل الجماهيري المشترك ضد الجدار ومقاومة جنود الاحتلال، اضافة الى اقرار عوض باهمية الدور الكبير الذي يلعبه المتضامنون الاجانب والمتضامنون الاسرائيليون في مقاومة سياسة الاحتلال .

وشكرت المخرجة جوليا باشا الملكة نور الحسين على حضورها لعرض هذا الفيلم ، مشيرة الى ان الملكة نور قدمت جائزة الملك حسين المعظم الى عايد مرار نظرا لدوره الريادي في المشاركة وتنظيم المقاومة الشعبية السلمية ضد الاحتلال.

وقالت " اننا نشجع الجميع على الاستمرار في هذه العملية الثمينة في تكريس المقاومة السلمية والقادرة على تحقيق الاهداف بطرق سلمية".
وقال احمد عوض" لا خيار امامنا الا المقاومة لان الشعب دون مقاومة كالجسم الذي تغزوه الامراض ولا يستطيع مقاومتها حتى تفتك به".

وشكرت مديرة مؤسسة "جست فيجين" ، رونيت ايفي ، كل من شارك في انجاز هذا النموذج وتكريسه وتعميمه ، مشيدة بجهود اهالي بدرس ودورهم في تنظيم اعمال المقاومة الشعبية للدفاع عن قريتهم وارضهم".

ويذكر ان قرية بدرس غرب رام الله نجحت من خلال اعمال المقاومة الشعبية السلمية في اجبار الاحتلال على تعديل مسار الجدار العنصري وابعاده.