|
زوجها:" كانت توأم روحي" نعمة أول الشهيدات بعد الحرب على غزة
نشر بتاريخ: 15/07/2010 ( آخر تحديث: 15/07/2010 الساعة: 19:03 )
غزة-معا- هكذا قتل الاحتلال شريكة الحياة وتوأم الروح و" أم العيال" في لحظة مسروقة من الزمن حين هبت" نعمة أبو سعيد /النباهين "33" عاماً لتبحث عن طفلها الصغير جابر خوفا من أن تغتال طفولته القذائف المدفعية الإسرائيلية ونيران الجار على بعد 400 متر حدودية ففارقت الحياة.
قال زوجها:" سمعتها تئن من هول الإصابة لا اعرف أنها ستفارق الحياة بلحظة ساد فيها الظلم والظلام، تمنيت لو أنني كنت مكانها لا أن تموت هي". هذا زوجها أما الطفل جابر الذي لا يفقه من الحياة سوى حروفها الأولى " ماما وبابا" فقد استيقظ فزعاً على صوت انفجار قذيفة هي التي قتلت والدته أول أمس الثلاثاء. صغيرها عاد مهرولاً خوفاً من القصف وهي "نعمة" أضرجت بدمائها بعد أن توسطتها قذيفة إسرائيلية فشطرتها، هناك على بعد أمتار قليلة من باب المنزل احتضنت نعمة شجرة كانت تستظل بها لعشر أعوام وروت تربتها بدمائها في لحظة غلب فيها الخوف الجميع وأسكتت نيران الاحتلال كل منقذ وأجبرته على التراجع لساعتين حتى فارقت هي نعمة " نعمة الحياة والأطفال وشريك العمر توأم الروح". ناصر جابر أبو سعيد :" 37" عاماً قال لـ "معا" :" هي توأم روحي، عشر أعوام نعيش كأننا روح واحدة في جسدين". أقسم هذا الرجل بالله قسما غليظاً أنه تمنى لو كانت قذيفة الاحتلال التي قتلت شريكة حياته قد قتلته هو لا هي. من هي نعمة؟ هي مواطنة فلسطينية " بدوية" تعيل أسرة مكونة من خمسة أطفال أكبرهم علاء الدين " 9 سنين، بهاء الدين " 8" سنين، سعد الدين " 7" سنين والطفلة ميسا " أربع سنوات ونصف والطفل جابر عامان ونصف فقط. كانت نعمة أبو سعيد من مواليد عام 1977 تنعم ببيتها بين أطفالها الخمسة وزوجها ناصر وعائلة الزوج المكونة من 23 فرداً، يقطنون جميعاً في بيت مكون من طابقين بمنطقة قرية جحر الديك بالقرب من المقبرة شرقي وسط قطاع غزة وبالتحديد على بعد 400 متر فقط من السياج الحدودي الاسرائيلي. كانت تحب ناصر وهو يحبها، فقد كانا " توأمان وجسدان بروح" هكذا يقول الرجل البدوي اللكنة، فهي ام أولاده وشريكة حياته وأفراحه وأتراحه. ماذا حدث؟ مساء الثلاثاء الموافق الثالث عشر من تموز /يوليو في تمام الساعة التاسعة إلا ربع مساء، كان الجميع فرحاً بنسمات الهواء على باب المنزل حيث اعتادوا الجلوس لساعات الليل الصيفية الطويلة، شربوا الشاي وكسرات الخبز وتناولوا العشاء وانسحب بعضهم ليخلد إلى النوم بينهم الأطفال إلى الطفل جابر فقد كان يتوسط حضن جده جابر الأكبر" 65" عاماً على سرير خشبي وفجأة " توسطهم صاروخ مدفعي" أرسلته مدفعية الاحتلال البعيدة لمسافة 400 متر، هناك أصيبت العمة " اميرة جابر ابو سعيد" " 30" عاماً شقيقة ناصر بكتفها، وزوجة شقيقها سناء أحمد ابو سعيد " أبو مراحيل " " 25" عاماً بفخديها هرع الجميع إلى الداخل من هول الصدمة وحملوا المصابتان. من كان المنقذ؟ هاتف ناصر فرق الإسعاف، أكدوا لهم أنهم على الطريق وعشر دقائق فقط وسيكونون في خدمته، تأخر المسعفون، فاتصلوا قالوا له أنهم لم يحصلوا على تنسيق مع الاحتلال وان المنطقة خطرة ولا يمكنهم التقدم في ظل إطلاق النيران، وبدءوا بشرح مبادئ الإسعاف الأولي لناصر الذي ضمد جراح شقيقته وزوجة شقيقه " بحجاب كل منهما" وأخ1 يروي عطشهما بقطعة من القطن على شفتيهما الجافتين فقد دخلتا في غيبوبة من فرط الجراح والنزف وصوت الإنفجارات المتتالية. تواصل إطلاق النار نحو المنزل الذي دبت فيه حالة من الذعر شابهت تلك أثناء الحرب على غزة، أصيب الجد جابر بفخده الأيمن وبدأ بعض الأثاث بالاحتراق وثقبت جدران المنزل كما يقول ناصر. هدأ الجميع قليلا، حينها تذكرت نعمة أن طفلها جابر نائم بالخارج هرعت باحثة عنه فكانت قذيفة إسرائيلية لها بالمرصاد، صرخت نعمة حين تلقت القذيفة بصدرها ونصفها السفلي وهناك كان الطفل جابر مستيقظاً لا يعلم ما يفعل فهرع إلى باب المنزل صارخاً من هول ما يراه. ماذا فعل المسئولون؟ قالوا لناصر:" لا تخرج من البيت فالخطر في كل مكان والاحتلال قد يضرب كل ما هو متحرك" لساعتين وناصر يتلقى اتصالات ويجري من مكان لآخر في منزله عله يرى زوجته نعمة ويطمئن عليها إلى أن سمع أنينها. حينها شعر بأنها في موقف خطر ومصابة وأخذ يلوم نفسه لو كان هو من ذهب لإنقاذ طفله. يقول:" هل سيبقى الأمر وكأن شيئا لم يكن، هل حياة زوجتي رخيصة وكأنها ليست أما لأطفال وزوجة وإنسانة بالدرجة الأولى، هل سيستمر الصمت ويفلت المجرم من العقاب"؟. |