وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الإفرنجي: حان الوقت لاسترداد العافية للفكر المستنير والروح الخلاقة

نشر بتاريخ: 22/07/2010 ( آخر تحديث: 22/07/2010 الساعة: 12:29 )
رام الله - معا - أطلق معهد العالم العربي للبحوث والتنمية "أوراد" في احتفال مهيب، "صندوق أوراد للتنمية المجتمعية"، تحت رعاية الرئيس محمود عباس، وبحضور مفكرين وسياسيين وأدباء ومثقفين وإعلاميين، وجرى التوقيع على أول ثلاثة كتب من إصدار الصندوق بجهد ودعم من معهد أوراد الذي يديره الدكتور نادر سعيد.

وقال مستشار الرئيس للشؤون الدولية عبد الله الإفرنجي، خلال احتفال "إطلاق صندوق أوراد للتنمية المجتمعية وتوقيع الكتب المنشورة" إن الوقت قد حان لاسترداد العافية للفكر المستنير والروح الخلاقة المبدعة.

وأكد الإفرنجي خلال كلمته ممثلا عن الرئيس محمود عباس خلال إطلاق الصندوق، في مقر بيت أوراد برام الله، أن الرئيس محمود عباس والسلطة الوطنية يدعمان مثل هذه المبادرات الطيبة والمثمرة.

وقال إن هذا الحدث يعيد للأذهان تاريخ الثورة الفلسطينية في أوج ازدهارها، حيث كان المفكرون والمثقفون عمادا للثورة، وكان الانفتاح على العالم والإنسانية، فالثورة الفلسطينية كانت ثورة من أجل الحرية والكرامة الإنسانية والتقدم.

الإفرنجي: لا معنى للأوطان دون حرية الفكر
وأوضح الإفرنجي أنه لا معنى للأوطان وللدول إن لم تضمن حرية الفكر والتعبير، وهكذا يتم دعم إنتاج المعرفة بما لذلك من دلالات على تحقيق التنمية المستدامة، وإنتاج الكتب الفكرية والأدبية البديلة في ظل سطوة الفكر الأحادي والتسلط الفكري، وفي ظل غلبة الانترنت والتكنولوجيا الحديثة على الفكر والثقافة والفن الراقي.

وأكد أن السلطة الوطنية ممثلة بوزارة الثقافة والوزارات الأخرى ذات العلاقة تقوم على تطوير دورها في مجال الثقافة والفنون، ونشهد جهودا متميزة بهذا الاتجاه في الوقت الحاضر، من خلال إنشاء صندوق وطني للثقافة بدعم من السلطة الوطنية ورئيسها تحت إشراف وزارة الثقافة، وضمن إطار الاستقلالية والشخصية الاعتبارية التي يحتاجها هذا الجسم لينمو ويزدهر.

وشدد الإفرنجي على دعم التطور الثقافي بوسائل عديدة منها على سبيل المثال الإعلام الرسمي، وخطونا خطوات كبيرة باتجاه التحديث والتطوير، والجميع شاهدُ على التطور الحاصل في تلفزيون فلسطين الذي يمثل نهجا ومقاربة تسعى لالتماس طريقها الوطني المنفتح في ظل المتغيرات السياسية الصعبة، داعيا للشراكة والتعاون بين الأجسام الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني الناشطة في هذا المجال، لدفع العملية الثقافية والتطور في هذا المجال.

وتمنى أن لا تبقى هذه الحركة الثقافية التي تمثل فلسطين الحقيقية، محصورة في منطقة جغرافية بعينها، وضمن جهودنا لتحقيق الوحدة الوطنية في ظل احترام التعددية والحريات الشخصية، وأن تنتشر الثقافة الوطنية الإنسانية عبر ربوع الوطن، لتشكل محركا للتقدم والتنمية والولوج في إطار الثقافة العالمية الإنسانية.

وقدر الإفرنجي مبادرة مدير عام معهد العالم العربي(أوراد)، د.نادر سعيد، في إطلاق الصندوق، ولدوره في خدمة التنمية الفلسطينية، داعيا الجميع لدعمها بكل إمكانياتهم بما يضمن استقلاليتها وقدرتها على نشر الفكر والأدب الراقي، لأن تبني طباعة ونشر كتاب هو بمثابة تبني للآلاف من الشباب والشابات الفلسطينيين الذين سيطَلعون عليه في نسخته الورقية أو الالكترونية.

البرغوثي: سنعزز هذه المبادرة وندعمها
وثمنت وزيرة الثقافة سهام البرغوثي إنشاء صندوق أوراد، لدوره ومساهمته في بناء سياستنا نحو بناء الكتب، مؤكدة أنها ستدعم الصندوق شخصيا.

ودعت كافة الأحزاب والأطر السياسية لدعم الصندوق، موضحة أن وزارة الثقافة ستعمل على توزيع الكتب في كافة المناطق وخاصة الأماكن النائية، لتعزيز هذه المبادرة، موضحة أن صناعة الكتاب بحاجة لرصد أموال كثيرة، وستعمل الوزارة على دعم الكتاب، للوصول إلى مجتمع مثقف.

وقالت البرغوثي إن وزارة الثقافة عملت من أجل أن يكون هناك صناعة للكتب، وبناء دور للنشر في فلسطين، مشيرة إلى أن إنشاء الصندوق سيعزز صناعة الكتب، خاصة أن الثقافة جزء من التنمية الاجتماعية، لبناء مجتمع معرفة.

د. سعيد: ندعم الفكر التقدمي النهضوي
وأوضح مدير عام معهد العالم العربي (أوراد) د.نادر سعيد، أن المبادرة تسعى لتعزيز مكانة الفكر والثقافة الإنسانية القائمة على الانفتاح والمنهج النقدي التحليلي، والصندوق الذي نحن بصدد مأسسته هو مستقل بطبيعته، يشكل فضاء رحبا للكتابات المستقلة، ويراهن على روح التطوع والبذل من الذات.

وأشار إلى أن إطلاق الصندوق جاء أجل بث الروح في أنفسنا، فالأدب الملتزم بإنسانيته، والفكر المفضي للحرية والثروة، والفن الراقي، جميعها غايات وآليات لتعزيز واغناء الذات الإنسانية، وهي وسائل نضالية من أجل التحرر والانعتاق بكل ما في الكلمة من معنى، وللتأكيد أن ثقافة التنمية وتنمية الثقافة صنوان يشكلان جدلية العبور من الحالة إلى أرض الآمال المخصبة.

وأضاف سعيد أن المبادرة جزء يسير من نشاطات تستهدف تعزيز القراءة بين الشباب والشابات، وسنشكل نواد للكتب في الجامعات، وبالتعاون مع مؤسسات ذات علاقة وتخصص، وسنقوم بتنظيم نشاطات لقراءة ونقاش الكتب في مناطق مختلفة من الوطن بما في ذلك في قطاع غزة.

وتم إنشاء صندوق أوراد من قبل د. نادر عزت سعيد، وهو صندوق واعد تعتمد استمراريته واستدامته على المبادرات الذاتية والحس الطوعي للذين يشتركون في الرؤية التي يتبناها الصندوق. ولذلك فنحن نتطلع لدعمكم المعنوي والمادي، وكذلك مشاركتكم الفعالة في نشاطات صندوق أوراد.

ويقوم الصندوق بنشر وتعميم الكتب الفكرية والثقافية والأدبية التي تشكل بديلا وتحديا للفكر السائد والرائج في إطار تعزيز حقبة من النهضة والتنوير العقلي والعاطفي الإنساني، ويفتح أفاقا خلاقة من خلال تشجيع الكتابة الفردية غير المدعومة، من أجل إضفاء الاستقلالية وتعزيز الحرية الفكرية والخلق والإبداع.

ويستقبل الكتب بكافة أنواعها، عدا الكتب ذات الطابع الفئوي – الحزبي، ويقوم بعرضها على لجنة متخصصة يتم تعيينها حسب موضوع الكتاب. كما يقوم أوراد حاليا بتنظيم العضوية في الصندوق، ويقوم أيضا بتشكيل هيئة عليا من المفكرين والمفكرات في فلسطين والعالم العربي والعالم من ذوي الفكر التقدمي النهضوي.

التحولات الاجتماعية والطبقية في الضفة وغزة لـ غازي لصوراني
وجرى خلال الحفل استعراض أول الكتب الثلاث، كتاب 'التحولات الاجتماعية والطبقية في الضفة وغزة' للمفكر الفلسطيني غازي الصوراني، وعقب د. احمد قطامش والمحلل السياسي حسن خضر على أهم نقاط التجليات الفكرية والأساسية المتعلقة في فحوى الكتاب.

ويقدم الكتاب رؤية علمية هادفة في سبيل إثراء النقاش بين المثقفين والباحثين الفلسطينيين حول التحولات الطبقية /الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني، وتأثيرها على المسار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وانعكاسها على مواقف القوى السياسية الفلسطينية عموما، لاسيما قطبي الصراع فتح وحماس، إلى جانب الآثار السياسية والمجتمعية الناجمة عن الانقسام بين 'كيانين' في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويشخص هذا الكتاب الحالة الراهنة من الطبقية في الضفة وغزة، ومتابعة تطور ورصد أوضاع الطبقات واتجاهات التغير في المواقع الطبقية نتيجة للتفكيك والتهميش والإدماج وآليات التغير. ويركز على المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي واكبت حالة الانقسام وخصوصا في غزة وظهور ما هو رديف لمفاهيم النمو والتطور والتقدم الاجتماعي بالمعنى التنويري والحداثي والعقلاني النهضوي، ولكن حالة الانقسام عززت سبل الاستبداد والقمع والتخلف الاجتماعي والركود الاقتصادي. وأخيرا، يدعو الكاتب إلى رؤية إستراتيجية مستقبلية للفلسطينيين والعرب بإخراج النظام السياسي العربي من واقعه الحالي من خلال التخلص من التبعية للنظام الامبريالي وسياساته في المنطقة، والتحرك باتجاه وطني واضح يحقق ويلبي طموحات الشعب الفلسطيني بتخلصه من نير الاحتلال وصولا إلى إقامة دولته الديمقراطية والحرة.

دوائر الإقناع في خطاب حركة حماس" لـ وليد الشرفا
كما عرض د. وليد الشرفا كتابه 'دوائر الإقناع في خطاب حركة حماس' ما يقوله الحق فهو حق!!، ويسعى الكتاب إلى بحث تفكيك الدوائر الخطابية المؤسسة لخطاب حركة حماس، بداية من الميثاق الأولي الذي هو فيزياء الحركة الفكري والهيكل الأول لتصور المؤسسة ومعناها، بالإضافة إلى رصد التجربة التاريخية لحماس وعلاقتها مع المؤسسات الأخرى.

كما ويبحث الكتاب مضمون الرسالة الإعلامية وعلاقتها مع ميثاق الحركة خطابيا من خلال مراقبة ومتابعة حقبة كاملة من الوقائع والمقابلات والتصريحات والبيانات والتعليقات، وما يرافق ذلك من استخدام لتقنيات التعارض والتضخيم والحجب والإخراج الذهني للخبر. ولا يغفل الكتاب دوائر التواصل الجماهيري، إذ يرصد الكتاب علاقة خطاب حماس بالخطابات الكبرى المؤثرة في المجال العام، وهي قناة الجزيرة، وكيف تمارس هذه القناة عملية الإقناع بتقنية الخطاب بطرق ووسائل متعددة. ويستنبط الكتاب حالة من التحول في خطاب حماس تجاه قضايا الانتخابات، والهدنة، وتورط سلاح المقاومة في المعركة الداخلية، وما يعبر عنه هذا الخطاب الحركي من واقع تبريري، بأدوات ورموز متعددة.

عطر الحياة لـ زياد عزت سعيد
واختتم بكتاب لـ زياد عزت سعيد 'عطر الحياة' حول نصوص عطر الحياة إلى واقع من تجربة الكينونة الإنسانية في الوصول إلى طموح بالعيش في محبة وسعادة ووفاء وراحة أبدية، إذ يقدم هذا الكتاب نصوصا وصفية مليئة بالزهور والياسمين وأصوات العصافير التي تحتضن السماء، والطبيعة التي نحلم في عيشها بين ثنايا مشقة الحياة وهمومها. هذا الكتاب دعوة صريحة وواضحة للحب للاعتراف بالمشاعر والأحاسيس والتأمل في الروح بين الوصف والتشخيص واستقراء واقع الإنسانية المترافقة مع جملة من المقاربات والمفارقات بين الثنائيات المتلازمة دائما، فالخير يواكبه الشر، والحياة يتبعها الموت، والفرح يساوره الحزن.

تمثل رائعة 'عطر الحياة' نموذجا واقعيا صادقا وواعدا من الصور والجماليات الاحتفالية في مشهد الحياة ، والتي ترتسم في أفاق مشاعرنا وترافقنا في ذاكرة الأيام ما دامت قلوبنا تشع نبضا وحيوية في أجسادنا. ولا يخلو عطر الحياة من الغزل في المرأة والحب والشوق والرغبات. كما يتعرض الكتاب لقضايا مجتمعية كالحريات وإنسانية المرأة والبيئة. وكان للعقل والتنوير أهمية كبيرة في أحشاء عطر الحياة. تشعر بروحانية 'عطر الحياة' حين تتمعن في الموسيقى الشعرية والهادئة في ثنايا الصفحات.