وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الشهيد عيسى البطران يلتقي عائلته في عالم آخر

نشر بتاريخ: 31/07/2010 ( آخر تحديث: 01/08/2010 الساعة: 07:17 )
غزة- خاص معا- خضرة حمدان- قال لها "وداعاً اليوم يوم الرحيل"، قالت له: "وطفليك وأنا ماذا سنفعل؟"، أجاب: "لم أعد أطيق الحياة وفراق عائلتي السابقة"، فقالت: "نحن على خطاك"!.

القصف الأول في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف مساء الجمعة، كان في منطقة تل الهوا غربي مدينة غزة هاتفته الزوجة لتطمئن عليه فأجابها انه لا زال بخير، أما القصف الثاني فعلمت بشعور ما أنه استهدف زوجها الذي كان ودعها ذاك الصباح، وهناك أخبرت الجميع ان الأرض الخالية التي قصفت في مخيم النصيرات لم تكن خالية بل كان زوجها يستمع فيها لأناشيد الوداع على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به منذ ساعات العصر قبل ان يقبل طفله الجديد محمد "خمسة شهور" ويودعه قائلاً لو لم تكن رضيعا لأبقيتك بقربي.

عيسى البطران (41 عاما) أحد قادة عز الدين القسام الذي استشهد فجر اليوم في القصف الإسرائيلي لأرض خالية بمخيم النصيرات التحق بعائلته التي فقدها في السادس عشر من كانون ثاني/ يناير من العام السابق في قصف إسرائيلي لشرفة منزله بمخيم البريج وسط قطاع غزة، حينها هام البطران على وجهه بعد أن لملم أشلاء زوجته الأولى منال شعراوي وأطفاله بلال وعز الدين واحسان وايمان واسلام الفتيات الثلاث وتبقى حينها طفله الوحيد عبد الهادي الذي استطاع هو إنقاذه حين كان يحبو على مسافة قريبة من الشرفة التي استشهد عليها أشقاؤه ووالدته.

الحاجة حاكمة النمروطي "ام عيسى" توسلته أن يحاول التعايش مرة أخرى ليربي طفله عبد الهادي وان يتزوج ليبني أسرة أخرى، فكان لها ما أرادت وتزوج "الشهيد الحي" حينها من الفتاة سندس طه المقيد ( 24 عاما) التي كانت تعلم أنها لن تعيش كباقي الزوجات في بيت هادئ وفراش وثير وأنها لو قدر لها ذلك فهي تعلم يقينا ان زوجها لن يكون لها كليا وان روحه معلقة بمن سبقه إلى الحياة الأخرى.

تقول لـ "معا": "تزوجنا في شهر حزيران- يونيو 2009 بعد استشهاد أسرته الأولى بستة شهور وكل يوم كان يبكي آملا أن يلقى أطفاله وزوجته الأولى وبالأمس فقط همس لي انه غير قادر على استكمال الحياة دونهم رغم تعلقه بابني محمد وابنه عبد الهادي فأوصاني بهما وغادر بعد أن أشبعهما تقبيلاً وحين تم القصف شعرت بأنه فارقنا ونال ما يريد".

قبل أن يستشهد بساعات كان البطران يقبل صورة أطفاله الشهداء، وحين قبله ابنه محمد الصغير سأل زوجته أن كان طفلهما يقول له وداعاً أو ماذا فقالت له أنه يريد أن يشبعك حباً ويتمسك بك.

وكان عيسى البطران قد تعرض لأربع محاولات اغتيال من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي إلا أنها فشلت باصطياده ونجحت إحدى المحاولات بالقضاء على أسرته أثناء الحرب على غزة العام الماضي، نجا منها إلا أنه لم يعش حياة عادية منذ ذاك اليوم إلى أن استشهد فجر اليوم الجمعة.