وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

وقت ضائع ... أم اضاعة للوقت ؟ **بقلم : اياد عودة الله

نشر بتاريخ: 23/08/2010 ( آخر تحديث: 23/08/2010 الساعة: 11:40 )
تنتشر في ملاعبنا ظاهرة مزعجة لا تروق لأي مشجع كروي وتجعله يعزف عن حضور المباريات كونها تقلل بشكل كبير من المستوى الفني والتنافسي وتفقد اللقاء حرارته ، تلك الظاهرة المتسللة من واقع حياتنا الاجتماعية تلقائياً الى المستطيل الأخضر ، هناك حيث اضاعة الوقت وقتل اللقاء والتلاعب بأعصاب الجمهور والفريق المنافس مما يجعلنا نقف على مسافة شاسعة من قواعد اللعب النظيف .

كان الأجدى بمدربي الفرق أن يرفعوا من منسوب اللياقة البدنية للاعبيهم وتدريبهم على كيفية الاحتفاظ بالكرة لأكبر وقت ممكن ، وهذه اضاعة مشروعة للوقت طالما ان الكرة بقيت في الملعب ، حيث أن اللاعبين يستمرون في تمرير وتدوير الكرة بينهم أو ارجاعها الى الحارس للحفاظ على النتيجة ، وهذا يحتاج الى فكر تكتيكي كروي عال .

أما ما يحصل في ملاعبنا فبمجرد أن يتقدم الفريق على المنافس ويشعر برائحة الخطر على مرماه يبدأ الجهازان الفني والاداري وحتى الجمهور بالصراخ على اللاعبين للوقوع على الأرض والتمثيل مع أدنى احتكاك ، والتلكؤ في تنفيذ الركلات الثابتة ورميات التماس ، ويلجأ بعض اللاعبون للأسف للاطاحة بكافة الكرات بعيداً خارج اسوار الملعب لاضاعتها واضاعة الوقت ،وهذا كله يزيد من التوتر والمشاحنات المصاحبة لأجواء اللقاء ويشكل شرارة متوهجة لاحداث الشغب .

من الواضح أن الدافع الى هذه التصرفات نابع من قلة وضعف الامكانات الفنية والبدنية والتكتيكية وضعف القدرة على ادارة اللقاء والتحكم في ايقاعه وعدم تبلور ثقافة اللعب النظيف وتقبل الخسارة ، بالاضافة الى البعد الاجتماعي العميق لظاهرة الوقت الضائع في حياتنا اليومية وقلة الشعور بأهميته ، فالشعوب العربية من أكثر شعوب العالم اهداراً للوقت ، حيث لا يوجد تخطيط وادارة لكيفية استغلاله ،ولا احترام لقداسة المواعيد ،وتبلغ نسبة الوقت الذي يستغله الموظفون في أعمال مهمة مرتبطة بصلب الوظيفة وأهداف المؤسسة من 30 - 35 % فقط من الوقت الكلي للدوام الرسمي ، وهذا ينسحب على كثيرمن العمال والطلاب وباقي فئات المجتمع وحتى الرياضيين ، فلا هم لهم ان أضاعوا وقت جمهورهم .

لذا تلجأ بعض الفرق الى اضاعة الوقت لسد هذه النقص البدني والتكتيكي في اللعب ، فمدة الوقت الضائع الطبيعي من دقيقة الى خمس دقائق على الأكثر أما عندنا فتمتد ربما الى عشر او خمس عشرة دقيقة مما يجعل مجمل وقت اللقاء يصل الى ساعتين ونصف في بعض الأحيان مسبباً الملل ونقص الفرجة ، ففي البونديسليجا مثلا والتي تعتبر من أقل دوريات العالم احتساباً للوقت الضائع ، حيث بالكاد يكون هناك دقيقة أو دقيقتين على الاكثر حتى في الشوط الثاني الذي تكثر فيه التبديلات والاصابات، وكثيراً ما ينتهي اللقاء دون احتساب ثانية واحدة ، وهذا يرجع الى طبيعة الشعب الألماني الذي لديه شعور عال بأهمية الوقت ونشأ في جو انتشرت فيه ثقافة احترام الوقت ويستغله أحسن استغلال ، فانعكس ذلك على اقتصاد الدولة وأدبياتها الاجتماعية وصولاً الى الملاعب الخضراء .

وحديثاً أصبح هناك مساق مستقل يدرس في الجامعات والشركات الكبرى يسمى بفن ادارة الوقت " Time Management "ويتضمن التخطيط بعيد المدى وتحديد الأهداف وانشاء قائمة المهام وترتيب الأفكار لضمان النجاح بأقل وقت وجهد ، وقال الحكماء قديماً : " الوقت الضائع كنز ضائع " وبلغة المال والأعمال يقولون " مال ضائع " ، فساعة واحدة من التخطيط توفر عشر ساعات من التنفيذ ، وجلسة أو جلستان من الجهاز الفني يخطط فيها لكيفية جعل فريقه يمتلك الكرة لأكبر وقت ممكن ليستهلكه بطرق مشروعة ، توفر كماً هائلاً من الشتائم والتعليقات الخارجة عن النص والاستفزازات والمشاحنات واحداث الشغب الناتجة عن اضاعته ، فهل أدرك ذلك اللاعبون وأنديتهم ؟