وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

اطفال غزة/ ضحك.. ورعب.. وجوع ..وحرب / الشمع قبل الخبز احيانا !

نشر بتاريخ: 04/07/2006 ( آخر تحديث: 04/07/2006 الساعة: 22:34 )
غزة-معا- استعاد سكان قطاع غزة الذين يعيشون ضنك العيش وخوف اللحظة مما تخبئه لهم الدبابات الرابضة في حواكير البيوت والطائرات التي تزمجر فوق الرؤؤس، بعضا مما عاشوه ايام النكبة الاولى ليقدموا لاحفادهم صورة مكررة لتلك اللحظات القاسية التي عصفت بهم الى بيوت الصفيح قبل اكثر من خمسين عاما.

فالبحث اليومي عن الماء و الكاز و البنزين لايتوقف واضاف للاباء العاطلين عن العمل مهام وهموم جديدة فالمشهد في الشارع الغزي .. رجل ذاهب يحمل لترين من الكاز و أخر قادم يحمل وعاء من الماء.

الجميع يتحرك وسط هدير مولدات الكهرباء و محلات البقالة العاطلة عن العمل التي دبت فيها الحياة فالزبائن يسألون عن الشموع و أجهزة الشاحن و مصابيح الكاز.

أحد الزبائن يقول: أحسن شيء هو الشموع لان الكاز غير مضمون و لأنها أرخص و لاني أضحك على أطفالي و أقول لهم اليوم عيد ميلاد و أن الطائرة الاف 16 ما هي إلا لعبة يجب أن تصفقوا عندما تأتي لأنها تطلق مفرقعات و ألعابا و أن هذه الحيلة نجحت و بات أطفالي ينتظرونني يوميا أضيء الشموع و ننتظر الاباتشي و الاف 16

وتكمن مشكلة الكهرباء في المياه فغزة المكتظة بالسكان تعتمد في إيصال المياه للشقق السكنية على موتور سحب المياه و تبقي المياه مقطوعة و تأتي عندما تنقطع الكهرباء و لذلك باتت معظم المساكن بدون مياه أو كهرباء و ماذا تفعل الناس في أيام الصيف الحارة و ارتفاع الرطوبة .

ولهذا السبب يضطر البعض أن يستدين من البعض جالونا من الماء على أمل أن تسد صديقك أو جارك جالون الماء في المستقبل.

و أصحاب المحلات انفعلوا بداية الأزمة و اشترى بعضهم مولد كهرباء و لكنهم سرعان ما ندموا لان محلاتهم لاتستطيع دفع فاتورة الكاز اليومية .

وفي غزة قد أغلق احد أصحاب الإذاعات محطته لارتفاع التكلفة اليومية للمواد و التي تقدر ب 1000 شيكل يوميا و قال آخر انه لن يستمر على هذا الحال أكثر من أسبوع و انه يفكر جديا بإغلاق المحطة.

و لم يسأل احدهم ماذا سيفعل المواطن الذي أصبحت كافة معلوماته عن الوضع المتوتر مستمدة من الإذاعة عبر الراديو الترانزستور الذي يحمله غالبية السكان في جيوبهم لمتابعة التطورات بعدما أصبحت مشاهدة شاشات التلفاز أمنية شبه مستحيلة .

وفي ساعات الليل و على ضوء الشموع تخرج الطائرات تجوب عتمة الليل و تقدم وجبة الموت الليلية فلا تستطيع النوم لان هدير الاباتشي في وحشة العتمة يجعل من القلق و التوتر سيدا الموقف و تبدأ الرحلة في البحث عن النوم بعدما أنهكك يوم طويل من البحث عن الماء و الكاز.

و الجدير ذكره أن غالبية بنايات غزة تسمى بالأبراج السكنية لأنها تقارب الدور العاشر و الحادي عشر فالمتوسط و أحيانا ترجع إلي منزلك و الكهرباء مقطوعة و معك جالون الماء بينما مولد الكهرباء متوقف و عليك الصعود على الدرج الى الشقة بعد مشقة .

أحد الآباء قال انه يشرب أولاده دواء الرشح كي يناموا نوما عميقا أو يشتري دواء" بيبي نام" كي لا تسبب الطائرات الرعب في قلوب أطفاله .

وكما حال الرجال في حالة نشاط دائم تجد أيضا العجائز الذين أعادوا عادات قطع الخوفة للأطفال فكل سيدة و جدة تمارس هذا العمل يوميا لأحفادها.

والنساء ينتظرن الماء لان أواني الطبخ باتت أكثر من يوم على المجلى و الطعام في الثلاجة ان وجد أصبح غير صالح للأكل.

وفي غزة أشياء كثيرة أصبحت غير صالحة للاستخدام و لكن الحياة مستمرة و قد يعتاد عليها الناس.