|
المسحراتي.. مهنة الشهر الواحد تنتهي بقدوم العيد
نشر بتاريخ: 11/09/2010 ( آخر تحديث: 12/09/2010 الساعة: 10:15 )
غزة- تقرير معا- قبل الفجر بساعة أو ساعتين يتحرك مسعود الصعيد من سكان مدينة الزهراء جنوب غزة برفقة اثنين من رفاقه طلاب الجامعة، وهم يرددون العبارات الداعية إلى ذكر الله وحث الناس على العبادة في محاولة منهم لايقاذ سكان المدينة التي لا تجاوز عددها الثلاثة ألاف موزعين على عدد من الأبراج السكنية.
ويرتدي مسعود ورفيقاه زيا موحدا ويحملان في أيديهما "طبلة" ويبدآن في النداء على الناس للاستيقاظ من النوم". العديد من النغمات يرددها مسعود فور اقترابه من المنازل فبدءاً من "اصحى يا نايم وحّد الدايم رمضان كريم ويا عباد الله وحدوا الله وقوموا على سحوركم رمضان بزوركم"، انتهاء بالعديد من الأناشيد الإسلامية المرحبة بقدوم الشهر الفضيل إضافةً لشعارات الوحدة الوطنية. يقول مسعود "أعمل فقط لوجه الله تعالى ولا أبتغي أي أجر جراء عملي كمسحراتي في رمضان لأني أرى في مهنتي إعانة للناس على امتثال سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تناول وجبة السحور". ويتابع مسعود "أعلم أنه هنالك العديد من الأساليب الأخرى في إيقاظ الناس للسحور لكن الكثيرين من الناس أيضاً يعتمدون علينا في إيقاظهم للسحور حيث أن المسحراتية في رمضان هو عمل تراثي وعادة توارثناها عن آباءنا وأجدادنا". ويضيف مسعود "منذ صغري أحببت أن أعمل كمسحراتي وكنت أشاهد وقتها المسحراتية في مخيمات اللجوء يدقون على الأواني والخشب وما توفر لهم ليوقظوا أهاليهم وجيرانهم على السحور ومن وقتها وأنا أحب هذه المهنة". ويتابع "منذ عدة سنوات عملت أنا وأصدقائي على تكوين فرقة خاصة بنا حيث نتجول بين البيوت والطرقات المعتمة في أواخر الليل، بحيث لا نكاد نرى طريقنا في ظل انقطاع التيار الكهربائي، إلا أننا نصر على إيقاظ الناس وتنبيههم باقتراب دخول وقت صيامهم ليتناولوا وجبات سحورهم". ويكمل الصعيدي "نحاول دوما أن لا نفزع الناس فنعمل على أن تدق الطبول بهدوء مستخدمين الدف والسنير والترمز وغيرها من الأدوات التي تحدث طبلاً هادئاً". وتعد هذه المهنة احدي طرق الفلسطينيين لمواجهة البطالة حيث يعمل نحو 50 مسحراتيا في مدينة غزة وحدها وقد حصلوا على تصاريح للعمل من وزارة الداخلية في الحكومة المقالة. ويلجأ العديد من الشبان للعمل في هذه المهنة التي توفر لهم دخلا معقولا خلال شهر رمضان من خلال ما يعرف بالعيدية حيث يقوم العديد من المواطنين بالدفع لهم في نهاية الشهر الكريم. وعلى وقع صوت المسحراتي تستيقظ العائلات الفلسطينية وهي تشعر بالارتياح للصوت القادم من الخارج، سيما أن وجوده يذكرهم بأيام خلت كانت تجتمع فيها الأسر الكبيرة، ولدى صغار السن للمسحراتي مذاق خاص. تقول الحاجة أم حسين نجمان عن المسحراتي في قديم الزمان حيث ومنذ طفولتها كانت تستمع لدق الطبول في أوقات السحر، حين كانت تجتمع وعائلتها على القليل من الطعام مما يتوفر في منزلهم في مخيم اللجوء. وترى الحاجة أم حسين في المسحراتي ضرورة في تذكير للصائمين باقتراب وقت وآذان الفجر، كما ترى في أناشيده وتسبيحه تذكيراً بذكر الله في أوقات السحر، رافضةً فكرة إغناء ساعات المنبه والوسائل الأخرى عن المسحراتي لأنها ترى فيه تقليداً راسخاً يصعب الاستغناء عنه. فيما ترى الطفلة سعاد في المسحراتي ضرورة في إيقاظها للسحور وتشجيعا لها لإتمام صيامها في اليوم التالي، معبرةً عن حالة الفرح والبهجة التي تتولد لديها فور سماع المسحراتي يقترب من منزلهم ويردد الشعارات والأناشيد الجميلة. ويأمل سكان قطاع غزة أن يستيقظوا يوماً على المسحراتي وهو يدق الطبول فرحاً بحلول الوحدة الوطنية وعودة السيادة الوطنية على كافة التراب الفلسطيني. |