وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فاكهة الملاعب * كتب :فايز نصار

نشر بتاريخ: 15/09/2010 ( آخر تحديث: 15/09/2010 الساعة: 18:39 )
المدربون الفلسطينيون مجندون لانجاح دوري القدس للمحترفين
المؤثرات الاحترافية زينت الملاعب بالعروض الفنية ، والمدرجات بالكرنفالات الشعبية
كتب فايز نصار

ما انفك الزميل محمود السقا يلحّ عليّ بالعودة لحكايات الملاعب ، من خلال القصص الرياضية ، التي تعودت كتابتها منذ رأت "الأيام" النور تحت عنوان "فاكهة الملاعب" التي ما زلت احتفظ بأكثر من مئتي حلقة منها ، ستكون ضمن كتاب خاص ، سيصدر عندما انتهي من انجازه بالعنوان نفسه "فاكهة الملاعب" ولكن بعد فراغي قبل ذلك من انجاز كتاب "الحديث ذو شجون" الذي يتضمن سلسلة مقالات رياضية ، كتبتها منذ عودتي الى ارض الوطن سنة 1994 .

عمقنا الإعلامي
تزامن الحاح الاخ ابو اسلام ، الذي حاول تشجيعي على العودة للموضوع ، بالاطراء على شكله ومضمونه، والذهاب الى القول : إنه واحد من متذوقيه ... تزامن الأمر مع اتصال هاتفي مطول من الزميل عطا الله النجار ، الفلسطيني الذي ينتسب الى عمقنا التاريخي ، والذي يمثل مع سعيد حسنين ذروة الانتماء للمشروع الوطني الفلسطيني ، لدرجة انه -الأخ عطا الله - يفتخر على رؤوس الاشهاد بكونه لم يعمل يوما الا تحت الراية الخفاقة لمنظمة التحرير الفلسطينية ، حاملة لواء المشروع الوطني الفلسطيني منذ منتصف الستينات .
مكالمة الاخ عطا الله حملت البشرى بعدد جديد من مجلة الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، سيصدر قريبا بتوجيهات من ربان السفينة الرياضية ، اللواء جبريل الرجوب ، حيث طلب مني الاخ عطا الله المشاركة في العدد من خلال عدة محاور ، فتفتحت في شرايين قلمي همة الكتابة ، ووجدت نفسي اعود ل"فاكهة الملاعب" عبر "أيام الملاعب" .

دوري القدس
اذا على بركة الله انطلق الدوري الفلسطيني للمحترفين ، بمباركة خيرة من القيادة السياسية الفلسطينية ، وعلى راسها فخامة الاخ محمود عباس ، وبدعم غير مسبوق من الحكومة الفلسطينية ، التي يرأسها دولة الدكتور سلام فياض ، وبتخطيط رياضي فاهم ، من كلّ مكونات الاسرة الرياضية الفلسطينية ، وعلى راس باعث الرياضة الفلسطينية ، اللواء جبريل الرجوب ، وبرعاية اقتصادية من كبرى شركات المحمول "جوال" وبرعاية لوجستية من كل من يجد نفسه منتميا للمشروع الرياضي الفلسطينيى الوطني ، الذي يمثل الدوري الفلسطيني للمحترفين الواجهة الحضارية له ، والواجهة الاخلاقية لثوابتنا ، كونه يحمل اسم مدينة السلام ، وعاصمة العواصم"القدس" .

اول الغيث
اربع جولات من البطولة الاحترافية ،مرت بسلاسة وانتظام ، ولم نسمع عن المشاكل والمنغصات فيها ، الا اقل ما كنا نسمع في مباراة واحدة في السابق ، لأن المنظمين حسبوا حساب كل شيء ، ورتب الأمور وفقا للوائح والقوانين الدولية ، واعدوا الكوادر التي تقوم باعباء المشروع الاحترافي في كل المجالات ،وفقا لمعايير الكفاءة والنزاهة والالتزام .

العيد في الملاعب
ألجولة الرابعة ، التي لعبت مبارياتها الست ثالث ايام العيد ،اضافت علامة أخرى لاتحاد الكرة ، الذي اصبح بمقدوره تنظيم ست مباريات في يوم واحد ، بكل ما يتطلب الأمر من طواقم فنية وتحكيمية وأمنية ،وملاعب خضراء ، وحشود جماهيرية ... وفي النتيجة المبهرة ورقة جديدة على طاولة الاتحاد الاسيوي ، لاقناعه بجدوى هذا الدوري ، الذي يجب ان يحسب حسابه غير منقوص في ترتيب البطولات الاحترافية في آسيا ، ومنح فلسطين ، المقاعد التي أصبحت تستحقها في هذا المجال .

عناصر الانجاز الفنية
وبعد مضي اربع جولات من الدوري اصبحت الصورة واضحة بخصوص الفرق ، فبعد مشاهدتي لتسع فرق ، ومشاهدتي بقية الفرق في المباريات التحضيرية تاكدت من أنّ كلّ الفرق تحمل الامور على محمل الجد ، لان المباريات الاربع والعشرين التي لعبت حتى الآن أكدت تطور المستوى الفني العام ، مع تفاوت بين الفرق ، ومع تفاوت في نجاحات الفرق في اهتماماتها بعناصر الانجاز المختلفة ،حيث ظهرت المهارات الفنية العالية جدا ، والاعداد النفسي المطلوب ، مع تطور يحتاج الى جرعات أخرى على جبهتي اللياقة البدنية والخطط التكتيكية .

خذ وأعطي!
ولا يجب أن يفهم لا اللاعبون ، ولا المدربون بان الاحتراف الكروي مجرد صكات بنكية تضمن الراتب الشهري دون التزام بالواجبات ، لأن فلسفة الاحتراف الكروي تقتضي بأن "يأخذ اللاعب ويعطي " ويقوم بواجبه خير قيام ، قبل المطالبة بحقوقة ، التي يجب ان يحصل عليها غير منقوصة ... والأمر يقتضي ان يفهم اللاعبون بأن الاحتراف في كنهه سلوك حضاري .

الاتجاه الصحيح
مثل هذا الكلام سمعته من صديقي المدرب الفلسطيني ، الذي يعيش في الجزائر ، الدكتور منصور الحاج سعيد في مكالمة التهنئة بالعيد ، حيث اكد لي "ابو فوزي" انه يتابع التحركات الكبرى للكرة الفلسطينية ، وأنه معجب جدا بالطموحات الكبرى التي يقودها اللواء الرجوب ، لأن الرياضة ، وكرة القدم خصوصا يمكن ان تساهم في نجاح مشروعنا الوطني ، مؤكدا أن خطوة الاحتراف هي قرار في الاتجاه الصحيح ، لأن من لا يدخل الآن معترك الاحتراف سيأتي متأخرا ، مؤكدا استعداده للمساهمه في نجاح المشروع ، وفق المهمة التي يكلف بها ، لأن حلمه أن يخدمة قضيته الفلسطينية من خلال تخصصه كرة القدم قبل ان تنتهي أخر انفاسه في هذا الدنيا ، كما قال لي !

همة مدربي الداخل
كلام مشابه لهذا سمعته خلال المؤتمرات الصحفية المصاحبة للمباريات ، من عدد من المدربين الفلسطينيين ، القادمين من مدن الجليل والمثلث والنقب ، مزودين بنخوة فلسطينية ناضجة ، وطموح فلسطيني فاعل لخدمة الكرة الفلسطينية ، وجوهر الكلام - في هذا السياق - سمعته من مدرب الغزلان الدمث سعيد الطاهر ، وزميله مدرب الامعري القدير هشام الزعبي ، وكلامهما يؤكد تفضيل التدريب في ملاعب الضفة الغربية ، على تدريب اندية أخرى ، ولو بمداخيل أكثر بكثير .

نصائح الشيخ التونسي
ى والحديث عن المدربين يصل بي الى شيخ مدربي الخضراء مختار التليلي ، المكلف فنيا بشؤون منتخبنا الاولمبي ، والذي يجوب ملاعب الدوري الاحترافي ، بحثا عن الوجوه الجيدة ، من النجوم الواعدين ، الذين سيناط بهم حمل مشاعل مشروعنا الرياضي الى الملاعب العربية والآسيوية والدولية ، والتكفل بايصال رسالة المظلومين تحت حراب المحتلين الى ملاعب كل الدنيا .
مختار التليلي ، الذي حلب اشطر الجلد المنفوخ ، وعرف اسراره وخفاياه يعتبر مرجعا في بلاد القرطاجيين ، ويقدمه "المغاربيون" كواحد من اهم المراجع في التدريب في الشمال الافريقي ، وفي البلاد العربية بأسرها .. هذا الفقيه الكروي يشاهد في العديد من الملاعب ، متابعا كل تفاصيل الحدث الاحترافي ، ومدليا باشارات خفيفة تشكل نصائح كروية ، معظمها يتعلق بالانضباط ، وحسن تموقع اللاعبين والصراع العصري في مناطق المناورة ، وقبل هذا وذاك عدم "النرفزة" عند القيام بالواجبات فوق الميدان ، على اعتبار ان زيادة منسوب الشحن المعنوي قد يؤدي الى نتائج عكسية .

المؤثرات الاحترافية
وحتى تكتتمل المؤثرات الفنية للدوري الاحترافي ، برمج اتحاد الكرة المؤتمرات الصحفية ، التي تلي المباريات ، بحضور مدربي الفريقين المتباريين ، ايا كانت النتائج ، وذلك في سعي لايصال افكار المدربين الى الجماهير ، حتى يتفهم الجمهور العثرات الفنية ، ويلتمس الاعذار للفرق ، عندما لا تتوفق في الحصول على النتائج كما يريدها الجمهور ، الذي نؤكد انه يبقى فاكهة الملاعب ، وملح اللعبة الأكثر شعبية ، من اجله تقام المباريات ، وبه تكتمل جمالية المشهد ، لأن كرة القدم الشيقة كما قال لي الخبير الجزائري المخضرم عبد الحميد كرمالي يوما : " تلعب وسط الجماهير ، وفوق المستطيل الاخضر ، وتحت الاضواء الكاشفة " وتلك الظروف مجتمعة تهيأت لفرق الدوري الاحترافي ، فكانت النتائج طيبة في السهرات الرمضانية !

زلات الحكام
وخلال المؤتمرات الصحفية ، اجتهد المدربين في ايصال رسالتهم الى متابعي دوري القدس ، والامل في ان يلتزم المدربون التركيز على نقائص فرقهم الفنية ، واسباب خسارتهم بواقعية ، والابتعاد عن اتخاذ جهاز التحكيم شماعة لكل الاخطاء ، رغم تاكيدنا بأن بعض الحكام يرتكبون الهفوات ، التي قد تؤثر على نتائج المباريات ، ولكن يجب منع محاكمة قضاة الملاعب على اعمدة الصحافة ، وترك الامر للجان المختصة ، التي يجب ان تقوم بدورها كاملا في متابعة الحكام ، ومحاسبتهم إن خرجوا على النص ، ومحاسبة المدربين والاداريين واللاعبين ان غمزوا من قناة الحكام لتبرير خسارتهم ، كما فعل الاتحاد الاسباني عندما عاقب مدرب بطل الدوري غوارديولا لانتقاده جهارا احد الحكام !

اعلام عصريّ
وحتى تتاح ليّ الفرصة لمعاينة الاجواء التي تجري فيها المؤتمرات الصحفية في كلّ الملاعب ، اشير الى التعاون الكبير بين مسؤولي اتحاد الكرة ، وادارة استاد الحسين ، وجمهرة الاعلاميين الرياضيين في الخليل ، لانجاح المؤتمرات الصحفية ، بوضع يافطة كبرى تحمل شعارات الدوري الاحترافي ، وتهيئة كل ظروف انجاح المؤتمر الصحفي في قاعة خاصة ، والتعاون في انجاز الاستمارة الصحفية للمباراة ، والتي تضم كل المعلومات التي يريدها الاعلامي ، وبما اراح المدربين من عرض تشكيلاتهم عدة مرات للاعلاميين ، وبما يقتضي من بلدية الخليل المسارعة الى اكمال المشهد بتزويد الاستاد الخليلي بوسائل الاتصال الالكتروتي ، حتى تسهل عملية ارسال المعلومات الى وسائل الاعلام المختلفة .

مشاتل الأندية
وقبل ذلك مطلوب من الزملاء الاعلاميين الارتقاء الى مستوى الحدث الاحترافي ، بتهيئة انفسهم لطرح الاسئلة المناسبة للمدربين ، الذي اجزم انهم يبدون تعاونا في المؤتمرات الصحفية ، ويقدرون الدور الذي يقوم به الاعلام الرياضي ، كعنصر هام في انجاح الدوري ، كما قال مدرب الجدعان وحارسهم السابق "العقيد" خليفة الخطيب ، الذي يرى ايضا ان من اهم اسباب نجاح فريق المخيم العنفواني ، ان "باب المخيم " ك "باب الحارة" محمي برجاله ، وان فريق بلاطة معظم لاعبيه من اشباله !

هوية المباراة
وقد احسنت ايام الملاعب فعلا باعتماد البطاقة الفنية للمباراة ، او كما يسميها اخي محمود " هوية المباراة " حيث يتم رصد الخطوط العريضة للمباراة من خلال "cv " خاص يتضمن تشكيلتي الفريقين والمدربين والحكام ، ومسجلي الأهداف ، ومن اشهرت بحقهم البطاقات الحمراء والصفراء ،اضافة الى معلومات عن الملاعب والجمهور والمستوى ... الخ ، وبذلك ستكون "هوية المباراة" شاهدا تاريخيا على ابرز احداثها ، ومرجعا للاجيال للتعرف على ابطال الملاعب في الدوري الفلسطيني الاحترافي الأول ، ودليلا للباحثين في شؤون الكرة الفلسطينية ، ومتابعة تفاصيلها .

مراتب الفرق
ولن اسهب اليوم في الحديث عن المواقع الفنية للفرق ، وترتيبها على السبورة ، ولكن بنظرة سريعة نرى ان الهلاليين بكروا الريادة بتسع نقاط من ثلاثة انتصارات ، فيما يحتل المركزان بلاطة والامعري المركزين االثاني والثالث ، بفوزين وتعادلين لكل منهما ، لتأتي فرق الثقافي وجبل المكبر في المركزين الرابع والخامسة بسبع نقاط من انتصارين وتعادل ، تليهما البيرة بانتصارين فقط ، ثم الظاهرية والمركز الكرمي بخمس نقاط من فوز وتعادلين ، ليحل الفريق النيص في مرتبة غير مطمئنة بأربع نقاط من فوز وتعادل ، ثم العمميد الخليلي والهلال الريحاوي في المركزين العاشر والحادي بثلاث نقاط من فوز وثلاثة خسائر لكل منهما ، ليبقى عسكر في المركز الاخير بنقطة واحدة من تعادل وثلاثة خسائر .

سرعة التدارك
ورغم ذلك تبقى المستويات متقاربة ، وتبقى المباريات القادمة كفيلة بتغيير الامور ، لأن المتصدر لو خسر مباراتين ، وفاز سميه الهلال الريحاوي في مباراتين سيتساوى الفريقان في النقاط ، والأمر نفسه ينسحب على كل الفرق ، التي يجب ان تراجع اوراقها بسرعة ،وخاصة الفرق التي تحتل الثلث الاحمر على اللائحة ، ومنها شباب الخليل ، الذي خسر مباراتين متتاليتين على ملعبه ، الامر الذي لم يحصل في المواسم الماضية ، وخاصة في البطولة السابقة ، حين كان استاد الحسين وجمهوره مصدرا لالهام لاعبي العميد .

استعادة الأمجاد
المهم ان الدوري الفلسطيني للمحترفين انطلق بهمة الرجال ، وبهمة الرجال سيتواصل هذا الدروي ، ونحرق المراحل ، مقتربين من مستويات دول الطوق ، في الطريق الى محو كل الفوارق ، وصولا الى المنافسة الحقيقية ، واستعادة الامجاد الكروية الفلسطينية ، لأن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم هو ثالث اتحاد آسيوي بعد الاتحادين الياباني والايراني من حيث التأسيس ، وثاني اتحاد عربي بعد الاتحاد المصري ، من حيث التأسيس والمشاركة في تصفيات المونديال .