وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هل يجوز أن يكون الخصم والحكم في آن؟

نشر بتاريخ: 28/09/2010 ( آخر تحديث: 29/09/2010 الساعة: 08:40 )
رام الله – معا- أثار قرار 14 قاضيا وقاضية برفع دعوى رسمية لدى المحكمة العليا الفلسطينية برام الله، ضد الحكومة الفلسطينية وضد رئيسها الدكتور سلام فياض بصفته رئيس الحكومة ووزير المالية وضد وزير المواصلات د. سعدي الكرنز، بشأن قرار الحكومة الفلسطينية مصادرة السيارات الحكومية من المسؤولين، ردود فعل متباينة حول هذا القرار من قبل القضاة، لكن الاهم الذي اثاره هذا التوجه من قبل القضاة تمثل في السؤال التالي " من هي الجهة ذات الصلاحية للنظر في هذه القضية اذا كانت مرفوعة بالاصل من قضاة في المحكمة العليا؟"، الامر الذي يؤشر الى امكانية وجود اشكالية اجرائية في انعقاد المحكمة المفترض ان تعقد بمشاركة 7 قضاة، اضافة الى الخوف من وقوع ما يعرف باسم "تضارب مصالح" باعتبار ان القضية مرفوعة من قضاة اعضاء محكمة العدل العليا والمحكمة العليا الامر الذي قد يجعلهم في موقع "الخصم والحكم في آن واحد؟".

وتلافيا لهذه الاشكالية الاجرائية يرى المحامي غاندي ربعي من الهيئة المستقلة لحقوق المواطن في حديثه لـ "معا"، بان هذا الامر من الناحية الاجرائية قد يثير اشكاليات الامر الذي يستدعي تشكيل طاقم من القضاة ليس لهم علاقة بموضوع القضية مثل قضاة محكمة النقض.

وتختص محكمة النقض بالنظر في، الطعون المرفوعة إليها عن محاكم الاستئناف في القضايا الجزائية والمدنية ومسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين، والطعون المرفوعة إليها عن محاكم البداية بصفتها الاستئنافية، والمسائل المتعلقة بتغيير مرجع الدعوى، وأية طلبات ترفع إليها بموجب أي قانون آخر.

وحسب المحامي نضـــال طــــه بصفته وكيلا عن الساده قضاة المحكمه العليا في الطعن بقرار مجلس الوزراء بشأن استخدام المركبات الحكوميه الذي تم نشره بكافة تفاصيله لدى وكالة "معا"، وما رافق هذا الخبر من تعليقات في غالبيتها سلبي ينم اما عن جهل بطبيعة عمل القاضي او سوء نية مبيتة، ولكون خانة التعليقات التابعة للخبر لا تحتمل التفصيل فقد عبر عن مفاجئته ما وصفه "بتسريب"لائحة الطعن بقرار مجلس الوزراء بحذافيرها لوكالتكم.

وقال "لا أعرف هدف من قام بتسريبها لكم، حيث لم يسبق لي عبر عمري المهني الذي قارب على العقد الرابع أن لجأت للرأي العام لخدمة أي قضية توليتها، مهما بلغت اهميتها، لقناعتي أن القضاء هو الفيصل في أي تظلم يرفع له ولا يجوز بل من المحظور التأثير عليه وعلى قناعاته بأي طري من الطرق، وبالتالي فان الطعن الذي تقدمت به مبني على أساس قانوني وعادل ومنطقي ، ولا توجد أية ضرورة تبرر جعله قضية رأي عام من خلال الاستعانه بالاعلام.

واشار الى انه من واقع بعض التعليقات التي نصب أصحابها أنفسهم وكلاء دفاع عن رئيس الوزراء يظهر منها وكأن الطعن موجه له بصفته الشخصيه ، وهذا ليس صحيحا فرئيس الوزراء سلام فياض تمت مخاصمته في الطعن مع آخرين بصفته الوظيفية وليس بصفته الشخصية، هذا مع تأكيدنا للمزايدين وليس مزايدة عليهم ، بأننا نحترم رئيس مجلس الوزراء ، ونثمن له عاليا كافة جهوده الجباره في سبيل ارساء دعائم البنية التحتية للدولة الفلسطينية الموعودة، وقد شهد له العالم بأسره بهذه الحقيقة.

واوضح ان البعض من المعلقين استهجن لجوء القضاة للقضاء على قاعدة أنهم الخصم والحكم ، وهذا ليس صحيحا ، فالقضاه الذين توجهوا للطعن بقرار مجلس الوزراء لن يكون أي واحد منهم من ضمن الهيئة التي ستنظر بالطعن ، وسينظره قضاة آخرون حياديون لا يوجد لأي منهم مصلحة شخصيه من شأنها التأثير على ضميرهم وقناعتهم ، وسيتم الحكم بموجب القانون سواء لصالح الطاعنين أو ضدهم .

ورأى ان بعض الردون استهجنت كيف يلجأ القاضي للقضاء للمطالبة بحق له ، وهذا أمر غريب ومستهجن ، فالقاضي في نهاية المطاف بشر كأي انسان آخر ، وباب القضاء مفتوح بحكم الدستور لكل من يتعرض لمظلمه ، كما اشار الى ان بعض الردود أيضا استكثرت على القضاه الطاعنين بالقرار الحق في المطالبه بالابقاء على امتياز منح لهم بموافقة مجلس القضاء الأعلى صاحب الصلاحيه ، وفي اطار الموازنه المخصصة له ، وهذا ينم عن عدم فهم لطبيعة العمل القضائي ، اذ من المعلوم أن القضاه في جميع دول العالم يتمتعون بامتيازات تفوق كافة موظفي الدوله ، وفلسفة هذا الأمر تقوم على ضرورة توفير أجواء مادية ومعنوية مريحة للقاضي كي يحكم في شؤون العباد بعقلية صافيه ونفسية مرتاحة ، وكي لا يضعف ويضطر تحت وطأة الحاجه لبيع ضميره.

وحسب المحامي فقال "فقط لمن لا يعلم سأضرب مثلا بسيطا على الامتيازات التي تمنح للقضاه في بعض الدول ، ففي بريطانيا على سبيل المثال لا توجد مرتبات محددة للقضاه ، اذ تصرف لهم شيكات مفتوحه يعبيء فيها القاضي أية مبالغ يحتاجها ، وفي السعوديه تقدم مؤخرا مجلس القضاء الأعلى بمشروع لائحة امتيازات للقضاه غير مسبوقه تشمل حصول القاضي على جواز سفر دبلوماسي وقرض حسن بمليون ريال بعد خمس سنوات من المهنه ، ويمنح أرضا لا تقل مساحتها عن 2500 متر مربع ومثلها عند نهاية الخدمه ، ويمنح تذاكر سفر له ولعائلته، وسيارات لا يقل ثمنها عن ربع مليون ريال مع سائق خاص لكل واحد منهم يتم استبدالها كل أربعة سنوات مع مصاريف الوقود والصيانة والتأمين، وخمسين ألف ريال سنويا كبدل سكن ويصرف له بدل طبيعة عمل ما يعادل 50% من راتبه و 20 % بدل خطر و 25 % بدل حاسب آلي ، بالاضافة الى تأمين خط هاتف دولي للقاضي وخط مباشر في منزله ، وخط هاتف نقال ، ورعايه طبية شاملة في المؤسسات الطبيه الخاصة داخل المملكة وخارجها ، ويشمل ذلك اسرته ومن يعولهم من الأقارب ، كما يفرغ لكل واحد من القضاه موظف خاص لانهاء مصالحه ومعاملاته الخاصه لدى الجهات الأخرى ، بالاضافة الى توفير نواد للقضاه لممارسة كل أوجه الأنشطه الثقافيه والاجتماعيه ، وتم تحديد 45 يوما لكل قاض كعطلة قضائيه لا تجحتسب منها الاجازات الرسميه للدوله ، وله اجازة عادية 15 يوما ... الخ ، على ضوء ذلك لماذا يستكثر المعلقون على خبر تقدم قضاة العليا بطعن ضد قرار مجلس الوزاء بخصوص المركبات الحكوميه للمطالبه بالابقاء على المركبات التي تم صرفها لهم من موازنة السلطة القضائية !!!؟؟ .

وختم حديثه بالقول "كتفي بهذا القدر من التعليق على نشر الطعن الذي تقدم به قضاة المحكمه العليا والتعليقات التي واكبته، متمنيا على الجميع الاقرار بأن للقاضي خصوصيه يجب مراعاتها صونا لتحقيق العدالة".

وحسب مصادر رسمية فان الحديث يدور عن وجود 28 قاضيا وقع منهم 14 قاضيا على الدعوى التي رفعوها، الامر الذي قد يجيز للقضاة الباقين المشاركة في الجلسة، لكن المصادر ذاتها قالت لـ "معا"، الموضوع بحاجة لتدقيق وتروي باعتباره يتناول قضية حساسة ولا يمكن الافتاء فيها دون الرجوع الى المصادر والقوانين المعمول فيها.