وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فياض: استرداد جثامين شهداء "مقابر الارقام" قضية اجماع وطني

نشر بتاريخ: 02/10/2010 ( آخر تحديث: 02/10/2010 الساعة: 17:01 )
رام الله - معا - أكد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض أن قضية استرداد جثامين الشهداء تشكل بالنسبة لشعبنا قضية إجماع وطني لما تحمله من دلالات وطنية ونضالية وقانونية وأخلاقية وإنسانية، ولما قدمه هؤلاء الشهداء من تضحية في سبيل تحقيق أهداف شعبنا الوطنية، وفي مقدمتها حقه في الحرية والاستقلال.

جاء ذلك خلال كلمة رئيس الوزراء في حفل إحياء اليوم الوطني لحملة استرداد جثامين الشهداء المحتجزة والكشف عن مصير المفقودين، في قصر رام الله الثقافي، بحضور عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية، والوزراء، وقادة العمل الوطني، وممثلو المؤسسات الوطنية، وعدداً من السفراء والقناصل المعتمدين لدى السلطة الوطنية بالإضافة إلى القائمين على حملة استرداد الجثامين والكشف عن مصير المفقودين، وحشد واسع من أهالي الشهداء والأسرى.

وأشار فياض خلال كلمته إلى أن الحكومة الإسرائيلية دأبت، منذ احتلالها لأرضنا في عام 1967، على احتجاز جثامين العديد من الشهداء الفلسطينيين والعرب، وهي ما زالت حتى اليوم تواصل احتجاز المئات من هذه الجثامين وتحتفظ بها فيما يعرف بمقابر الأرقام، أو في ثلاجات حفظ الموتى، الأمر الذي يتناقض والقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف، ومع كل الأعراف الإنسانية والأخلاقية.

وشدد رئيس الوزراء على أن الطابع الوطني والإنساني والأخلاقي والقانوني لهذه الحملة، والمتمثل في ضرورة ضمان استرداد جثامين شهدائنا كي نتمكن من تشييعهم ودفنهم وفقاً للتقاليد الوطنية الفلسطينية والشعائر الدينية، وبما يليق بكرامتهم الإنسانية والوطنية، يستحق كل الدعم والمساندة... ويظل الوفاء لهؤلاء الشهداء وعائلاتهم حافزاً لنا جميعاً لنضاعف من جهودنا مع كل أحرار العالم ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية لضمان استرداد جثامينهم. وقال "هذا أقل ما نقدمه لهم".

وأكد فياض على أن نجاح العملية السياسية في تحقيق أهدافها، وخاصة إنهاء الاحتلال، يتطلب إعادة المصداقية لها، وتصويب مسارها. وقال: "لا يمكن لهذا أن يتم إلا بالقدر الذي يضطلع فيه المجتمع الدولي بنفسه بمسؤولية إنهاء الاحتلال، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية".

وهذا نص كلمة رئيس الوزراء

:" نلتقي اليوم كي نحيي معاً اليوم الوطني لحملة استرداد جثامين الشهداء المحتجزة والكشف عن مصير المفقودين. واسمحوا لي أن أنقل إليكم تحيات الأخ الرئيس أبو مازن، الذي يشد على أياديكم، وتقديره العالي للدور الوطني الهام والجهد المميز الذي تقوم به الحملة، ومعها كل أبناء شعبنا، من اجل ضمان انجاز الهدف الذي تسعون له..

لقد دأبت الحكومة الإسرائيلية، منذ احتلالها لأرضنا في عام 1967، على احتجاز جثامين العديد من الشهداء الفلسطينيين والعرب. وهي ما زالت حتى اليوم تواصل احتجاز المئات من هذه الجثامين وتحتفظ بها فيما يعرف بمقابر الأرقام، أو في ثلاجات حفظ الموتى، الأمر الذي يتناقض والقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف، ومع كل الأعراف الإنسانية والأخلاقية.

إن قضية استرداد جثامين الشهداء تشكل بالنسبة لشعبنا قضية إجماع وطني لما تحمله من دلالات وطنية ونضالية وقانونية وأخلاقية وإنسانية، ولما قدمه هؤلاء الشهداء من تضحية في سبيل تحقيق أهداف شعبنا الوطنية، وفي مقدمتها حقه في الحرية والاستقلال. وهنا اسمحوا لي بأن أحييكم على هذا الجهد الوطني الهام، وأن احيي المبادرة لإطلاق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة والكشف عن مصير المفقودين، من مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان قبل عامين، وأن أحيي كذلك المساندة والالتفاف المتعاظم من أهالي الشهداء والمفقودين، ومن كافة أبناء شعبنا الفلسطيني، ومؤسساته العامة والأهلية والخاصة، وذلك تعبيراً عن المكانة الهامة التي يوليها شعبنا لشهدائه ومناضليه. كما لا بد لي من الإشادة بالجهود الحثيثة التي مكنت من الإفراج عن جثمان الشهيد مشهور العاروري، والتأكيد على ضرورة مضاعفة هذه الجهود لضمان استرداد كل شهدائنا المحتجزة جثامينهم لدى إسرائيل.

إن الطابع الوطني والإنساني والأخلاقي والقانوني لهذه الحملة، وهي حملتنا جميعاً، والمتمثل في ضرورة ضمان استرداد جثامين شهدائنا كي نتمكن من تشييعهم ودفنهم وفقاً للتقاليد الوطنية الفلسطينية والشعائر الدينية، وبما يليق بكرامتهم الإنسانية والوطنية، يستحق كل الدعم والمساندة. ويظل الوفاء لهؤلاء الشهداء وعائلاتهم حافزاً لنا جميعاً لنضاعف من جهودنا مع كل أحرار العالم ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية لضمان استرداد جثامينهم. فهذا أقل ما نقدمه لهم. كما أن وفاءنا لكل شهداء شعبنا يستدعي أن نواصل الطريق الذي ضحوا من اجله لنيل حرية شعبنا واستقلاله، واسترداد حقوقه الوطنية التي كفلتها الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي. فهم مناضلون قضوا من أجل حرية شعبنا وحقه في تقرير المصير والاستقلال الوطني على كامل أرضنا المحتلة منذ عام 1967، وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين وفقاً للقرار رقم 194.

وهنا فإنني أؤكد لشعبنا، وكل شعوب العالم، بأن نجاح العملية السياسية في تحقيق أهدافها، وخاصة إنهاء الاحتلال، يتطلب إعادة المصداقية لها، وتصويب مسارها. ولا يمكن لهذا أن يتم إلا بالقدر الذي يضطلع فيه المجتمع الدولي بنفسه بمسؤولية إنهاء الاحتلال، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية. كما أن ضمان انجاز أهداف مشروعنا الوطني يستدعي منا جميعاً الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقنا. فالوفاء لشهدائنا يتمثل أيضاً، وحتى نتمكن من تجسيد حلمهم بالدولة، في التسريع في تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته. فالدولة التي نعمل على إقامتها يجب أن تشمل قطاع غزة والضفة الغربية، وفي القلب منها القدس الشريف، العاصمة الأبدية لدولة فلسطين.

إن وفاءنا للشهداء، والمُثل والأهداف النبيلة والسامية التي ضحوا من أجلها، يتمثل في إصرارنا، وأكثر من أي وقت مضى، على المضي قدماً في بناء وقائع جديدة على الأرض، تُسهم، بالتراكم الإيجابي والعزيمة الصلبة، وإرادة الصمود المتجددة لدى شعبنا، وإصراره على إنهاء الاحتلال، في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ينعم مواطنوها بالحرية، والعدالة، والمساواة، وترقى لطموحات شعبنا وتطلعاته بما يمليه العطاء الذي قدمه شعبنا، وشهداؤه الأبطال، وفي ظل نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان، ويقوم على التعددية، والفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة. كما يتمثل هذا الوفاء في تحقيق الجاهزية الوطنية لقيام دولة فلسطين في أسرع وقت ممكن، من خلال تعميق الالتفاف حول برنامج السلطة الوطنية "فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة"، وبما يضمن انجاز الإجراءات وأولويات العمل التي تتضمنها "وثيقة موعد مع الحرية"، والهادفة إلى استكمال بناء مؤسسات دولة فلسطين وبنيتها التحتية خلال العام الثاني والأخير من البرنامج.

إن السلطة الوطنية تجدد دعمها الكامل لجهودكم ولكافة التحركات والمبادرات التي تقوم بها الحملة. وأؤكد لكم أنها ستواصل العمل وفقاً لقرار مجلس الوزراء المتعلق بالحملة، وتوفير عناصر تمكينها من تحقيق أهدافها السامية، وخاصة المتعلقة بدعم جهودكم من أجل تدويل هذه القضية وتوسيع المساندة الدولية لأهدافها. وفي هذا الصدد، فإنني أتوجه إلى جالياتنا الفلسطينية وبعثاتنا الدبلوماسية في كافة أنحاء دول العالم، وإلى المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، ووسائل الإعلام من أجل حشد الرأي العام العالمي وبناء شبكات الضغط على حكومة إسرائيل حتى تتقيد بقواعد القانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف والبروتوكولين الملحقين بها، وكي تتضافر كافة الجهود، بروح الشراكة والمسؤولية الوطنية، لضمان تحرير واستعادة جثامين الشهداء.

وفي الوقت الذي أؤكد فيه على أهمية ما أنجز في مجال التوثيق، والذي حصر حتى الآن حسب إحصائيات الحملة 317 حالة، تمثّل ما نسبته 90% من الحالات، فإنني ادعوكم إلى ضرورة استكمال هذه الجهود، بالإضافة إلى مواصلة جهودكم بالعمل مع جامعة الدول العربية، والتي تبنت قرارات الحملة وتوجهاتها، وكذلك مع المؤتمرات الدولية لنصرة الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وذلك كله بهدف تعميق الوعي بهذه القضية وإيصالها إلى العالم بأسره، وبما يضمن تحقيق أهداف الحملة.

نعم، إنكم بذلك تسهمون مع كل الجهود الوطنية المخلصة، الرسمية منها والأهلية، لكشف سياسات وممارسات الاحتلال وتقريب لحظة الخلاص من معاناته. فالمجتمع الدولي لا يمكن له أن يستمر في التعامل مع إسرائيل، وكأنها دولة فوق القانون الدولي لا تكترث لقرارات الشرعية الدولية. إن تحقيق هذا الأمر يستدعي منا المزيد من العمل. كما يستدعي من المجتمع الدولي ضرورة تحمل مسؤولياته الفعلية والمباشرة لإلزام إسرائيل بالتقيد بقواعد القانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي، واتفاقيات جنيف، وضمان الإفراج عن كافة جثامين الشهداء المحتجزة لديها، وعن كافة الأسرى في سجون الاحتلال.

وفي الختام، ورغم كل الصعوبات التي نعيشها، سيبقى الأمل، المنبعث من ثقتنا بشعبنا المكافح، يحدونا، ونحن نسير بخطى ثابتة نحو الحرية. أكرر تقديري للحملة الوطنية على الجهود التي تبذلها، والتي لابد أن تتواصل حتى تحقيق أهدافها.
... ولنا مع الحرية موعد قريب بإذن الله".