وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

التقارير الكيدية.. من الضحية ومن الجلاد؟؟

نشر بتاريخ: 03/10/2010 ( آخر تحديث: 03/10/2010 الساعة: 17:28 )
غزة- تقرير معا- آخر الضحايا توجه لوكالة "معا" شاكياً سوء ما آل إليه حاله، لقد كان وما زال عضوا فاعلاً في الإقليم، وبات رغم مرضه وحاجته للراتب وكأنه لم يمر على حركة فتح، ولم يخدمها ولم يكن يوماً رئيسا للحركة الطلابية في الجزائر.

الرائد "أمين مسلم نصر الله الأخرس" مواليد عام 1964، موظف تابع للسلطة الفلسطينية من محافظة خان يونس يحمل رتبة رائد في أمن الرئاسة على بند الجرحى، ويحمل في جعبته عشرات التقارير التي تثبت "فتحاويته" وأنه عضو في إقليم خان يونس منطقة الشهيد رسمي الطيبي عدا عن أنه شغل منصب رئيس اتحاد طلبة فلسطين بالجزائر وكان مرشحاً لرئاسة الهيئة التنفيذية لاتحادات الطلبة في العالم العربي، أو كما قال لولا أن ألم به مرض أضعف جسده ولكنه لم يضعف روحه التي حملها على كتفه وعاد بها مهرولا إلى قطاع غزة مع نشوء السلطة الفلسطينية عام 1993، وفي عام 1999 نال ما يحبه " هوية الوطن الخضراء".

عمل في أمن الرئاسة ثم مرض وزرعت له كلية في مصر، ثم عادت ففشلت في أداء مهامها وأعاد زراعة كلية أخرى ولكن ذلك لم يفتر من عزيمته للاستمرار في العمل فكان من المفترض أن يحول إلى مؤسسة الجرحى، ووقع الانقسام الفلسطيني، منتصف حزيران /يونيو 2007، فصل راتبه، كانت مفاجأة، اتصل بمن يعرف من المسؤولين مدير أمن الرئاسة حينها خلدون حجو أعاد الراتب ليس لمعرفة شخصية ولكن لأنه يسمع باسمه، انتظم الراتب شهرين وأعيد فصله منذ ذاك الوقت حتى اليوم، الرجل ترك لعثرات الزمن.

لم يدع باب مسؤول إلا وطرقه، قال لـ"معا" أي مسؤول يرد بخاطركم أو لا يرد طرقنا بابه، ويقال أنه تجري بحقي تحريات أمنية، "حتى الأمس القريب علمت أنهم يتحرون عني أمنياً فهل لا زالوا في طور التحريات ولم يخرجوا بنتيجة؟؟؟" كما يقول.

يعتقد جازماً أن تقاريرا كيدية هي التي توقف راتبه رغم مرضه وتاريخه الفتحاوي الطويل يقف هذا الرجل على بابين أحدهما للرئيس الفلسطيني محمود عباس والآخر لرئيس وزرائه د.سلام فياض بجعبته سؤال واحد: "لما يقطع راتبي ولا أسمع سبباً واحداً وجيها ولماذا لا يعاد سيادة الرئيس هذا الراتب؟".

"معا"، تفتح ملف هذه التقارير التي أكلت رواتب آلاف الموظفين في قطاع غزة وتركتهم يتسولون على أبواب المسؤولين وأقرباء المسؤولين علّهم يسترجعون هذا الراتب.

النائب عن حركة فتح فيصل ابو شهلا، قال من العاصمة الأردنية عمان إن ما جرى هو خطأ وطني لم يكن من الواجب الوقوع فيه، مشددا على أن أغلب ما جرى في هذه الصفحة تم طيه وأنه لا جديد في سياسة قطع الرواتب وأنها كانت من الماضي، معتقدا أنه إذا كان هناك حالات فإنها لظروف قد تكون خاصة وهو لا يعلم ما حقيقة ما يجري حولها وأنه يجب التدقيق فيها.

ويأمل أبو شهلا أن ينتهي كل ما يتعلق بهذا الملف مع انتهاء الانقسام السياسي المر الذي أثر على كل مناحي الحياة.

فما الذي يعنيه " تقرير كيدي"؟

هو تقرير ترفعه أيد "خفية" حول موظف ما تابع لإحدى حكومتي الضفة أو غزة، تفشي أحد أسراره إما بالتعامل مع حكومة غزة لأنه "ينتمي لحماس" أو لأنه عمل معها أو لأن أقاربه من حماس أو لأنه ارتاد المساجد، فيقطع راتبه مباشرة من حكومة الضفة.

وفي غزة ترفع أيضا التقارير الكيدية أيد "خفية" مشابهة تفشي سرا لموظف السلطة إما بأنه نظّم اجتماعاً لأعضاء فتح أو شارك باجتماع أو قام بنشاط ما دون تصريح أو انه يشكل "جناحاً عسكرياً" أو يخطط لعملية "قد تخل بالأمن العام" فيتم اعتقاله من قبل حكومة المقالة.

وقد طال قطع الرواتب قرابة 20 ألف موظف تابعين للسلطة الفلسطينية هؤلاء انضموا لصفوف الموظفين بالحكومة المقالة وتم تعويضهم وصرفت لهم رواتب مقاربة أو ربما أكثر من التي كانوا يتلقونها في أجهزة ووزارات السلطة وبعضهم منح سيارة للعمل ونال امتيازات ورتب ودرجات أعلى من السابق.

وبعض من أصابه التقرير في مقتل دافعت عنه لجان تم تشكيلها من السلطة عبر مندوب عن كل وزارة وعن كل جهاز أمني، يقوم هذا الندوب ضمن لجنته بتقديم تقرير كامل عن حقيقة الشخص الذي رفع ضده تقرير كيدي وذلك بعد تحريات أمنية تؤكد "سلامة ملفه الأمني" فيعاد له الراتب وتقريبا أغلق هذا الملف سوى بعض الحالات العالقة التي لم يبت فيها رغم دخول الانقسام السياسي عامه الرابع.

سمير مطير مدير عام ديوان الموظفين العام بالحكومة المقالة أكد لـ "معا" أن قرابة 20 ألف موظف يتقاضون رواتبهم من الحكومة بغزة.

وكشف مطير عن طلب بعض الموظفين العودة لعملهم خاصة من القطاعات الخدماتية وذلك بعد أن تم إنهاء خدماتهم وفق المادة 90 من قانون الخدمة المدنية، والذي ينص على إنهاء خدمات كل من يتغيب عن عمله 15 يوماً بشكل متواصل أو 30 يوماً بشكل متقطع.

وعما يعنيه ذلك رغم عدم تلقي هؤلاء الموظفين رواتبهم من الحكومة بغزة، قال مطير إن هذا عمل قانوني وأنه في بعض الحالات تم إلغاء هذا القرار وكتابة تعهد على الموظف الراغب بالعودة للعمل بعدم الاستنكاف مجددا.

ويعيش عشرات الآلاف من الموظفين "المستنكفين" عن العمل في بيوتهم بالقطاع ويحظر عليهم المشاركة كأعضاء في المنظمات الأهلية أو إنشاء مشروع اقتصادي يدر عليهم دخلاً إضافياً ولو سائقي سيارة أجرة، عدا عن شعورهم بالخوف الشديد على رواتبهم بسبب هذه "التقارير الكيدية" وبالتالي فهم حبيسو المنازل إلى حين انقشاع غيمة "الانقسام السياسي".