|
ميسي ورونالدو في غزة * بقلم - محمد النخالة
نشر بتاريخ: 05/10/2010 ( آخر تحديث: 05/10/2010 الساعة: 20:15 )
بين أزقة شوارع مخيمات قطاع غزة الضيقة , وعلى بعد مرمى حجر من شاطئ البحر الأبيض المتوسط المليء بالحنان حيث ما يعرف بمعسكر الشاطئ , وهو أحد اكبر معسكرات الآجئين المهجرين من بيوتهم في قطاع غزة , هناك حيث البيوت التي يكسوها الصفيح من الأعلى , حيث الأبواب الخشبية , والبيوت المتراصة , والى جانب العربات التي تجرها الأحصنة والحمير , حيث يقتات الباعة المتجولون على بيع الخضار وأي شيئ لم يسلم من براثن الحصار, رأيتهم بأم عيني !!!
نعم رأيت كريستيانو و ليونيل ! بشعره الناعم المنسدل وابتسامته الرقيقة , وذاك بقامته الممشوقة و طوله الفارع وثقته التي يحسبها المرء غروراً مشوا جنباً إلى جنب , بعيون يملؤها الترقب , وفخر يعلو المحيا , مشوا جنباً الى جنب , وكنت بعيداً عنهم , فسابقت الخطى لأدنو منهم , واقتربت أكثر فأكثر , وانتابني الخوف أن لا أستطيع التحاور معهم , كيف لا و أنا لا افقه لغتهم , ومن اصلاً يفقه لغتهم الا القليل ! في غزة يحب الأطفال والشباب والشٍياب برشلونة وريال مدريد ويعشقونهم حتى الثمالة , وكثير منهم يحبونهم أكثر من منتخب فلسطين والأهلي المصري و غريمه الزمالك , فيترقبون مبارايت قطبي أسبانيا وعملاقي الليغا كل أسبوع سواء كانت مباراتياهم محلية أو أوروبية أو حتى ودية ! دنوت منهم رويداً رويداً و قلبي يخفق بسرعة وعلى الرغم من كوني اكبر الاثنين سناً فأنا الآن دخلت في السادسة والعشرين من عمري , الا أني شعرت برهبة شديدة منهم , رغم عدم ازدحام الناس من حولهم , لكني استجمعت قواي أخيراً و هزمت رعبي وارتعاد فرائصي وقررت أن استجمع شجاعتي الأدبية و أحاورهم ! أنا : السلام عليكم . هم : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ,كيف حالك يا عمو !!!!!!!!!!؟ أنا : شو اسمكم وكم عمركم !؟ (الأول) مرتدياً قميص ميسي : أنا جميل وعمري 6 . (الثاني) مرتدياً قميص رونالدو : أنا جمال أخوه وعمري 8 . أنا : شو بشتغل بابا يا عمو ؟ هم (بصوت واحد) : بابا شهيد ! أنا : الله يرحمه يا رب ! هم - بكل ثقة وقوة و تأدب - : آميييين يا عمو ! أنا : انتو بتحبو برشلونة والريال !؟ هم : اااااااااه كتيييييييييييير أنا : أنت يا جميل ليش بتحب برشلونة ؟ جميل : عشانو قوي و أنا بحب القوي ! أنا : ونت يا جمال ليش بتحب الريال !؟ جمال : عشانو فريق كبير وأنا بحب الكبير ! حب هذين الأخوين للريال وبرشلونة لم تخفيه عبرات وجههم أو حتى عبارات ألسنتهم , لكنكم ستصدمون إذا علمتم أنهم لا يمتلكون اشتراك لقناة الجزيرة في منزلهم - الذي يسرب سقفه ماء المطر في الشتاء - ولا يمتلكون أساساً جهاز الاستقبال الفضائي (الدش) لتلفازهم القديم ذي الالوان البيضاء والسوداء حتى يعرفوا من هم الريال وبرشلونة , بل حتى لا يمتلكون من المال أقل القليل مما يساعدهم على متابعة المباريات بشكل أسبوعي في المقاهي المنتشرة في قطاع غزة !!!؟ سألتهم باستغراب كيف تتابعونهم وتحبونهم طالما أن الأمور على هذا الحال , فقالوا بخجل شديد : نقف على باب المقهى من الخارج جهة الشارع ونخترق بأبصارنا الحشود المتجمهرة للمشاهدة ! و أحياناً يأتي الينا صاحب المقهى ويوبخنا على الرغم من كوننا في الشارع ولسنا في ملكه الخاص, و أحياناً يرق قلبه علينا ويقول لنا ادخلوا ! لكن في أغلب الأوقات نبقى في الشارع وبالكاد نشاهد شيئ !!!؟ سألت الأخوين - و أنا اعرف الاجابة مسبقاً – عن أحلامهم في المستقبل ؟ فاتحد الأخوان في رؤيتهم وأحلامهم , وكانت : أن يصبحا لاعبين مشهورين في فريق كبير كالريال و برشلونة و كـ كريستيانو وليونيل ! بقي فقط أعزائي القراء أن تعرفوا أن القميصين اللذين ارتداهما الطفلان حصلا عليهم من خلال عملهم في العطلة الصيفية من المدرسة , الأصغر من خلال عمله في بيع المحارم الورقية للجيب على الاشارات الضوئية لـ ساحة الجندي المجهول في مدينة غزة , والآخر من خلال عمله في أحد محلات الحدادة الموجودة في معسكر الشاطئ حيث يعيش الطفلان , وبقي أن تعرفوا أيضاً أن هذه القصة حقيقية وليست مرثية افتراضية غرضها الدعوة الى الأسى والحزن , بالعكس فهي تبعث على الفخر والسعادة ! و دمتم سالمين |