وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فياض للاسير ابو قويدر- من يخشى طفولتك مهزوم وضعيف في داخله

نشر بتاريخ: 14/10/2010 ( آخر تحديث: 14/10/2010 الساعة: 16:52 )
رام الله - معا - وجه رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض رسالة إلى الأسير الطفل صايل أبو قويدر من سكان الخليل، والمعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ الشهر الماضي بتاريخ 27 أيلول 2010.

وتأتي هذه الرسالة ضمن حمله "أكتب رسالة" التي أطلقتها وزارة شؤون الأسرى والمحررين في سبيل خلق التواصل مع الأسرى، ودعم صمودهم، والتأكيد على حريتهم من سجون الاحتلال. وقد اختار رئيس الوزراء توجيه رسالته إلى أحد الأطفال المعتقلين لتسليط الضوء على معاناة الأسرى وبصورة خاصة الأطفال منهم.

وقد سلم رئيس الوزراء الرسالة إلى الأخ عيسى قراقع وزير شؤون الأسرى، بحضور جمال زقوت مستشار رئيس الوزراء، وقدوره فارس رئيس نادي الأسير الفلسطيني، وعميد الأسرى والمحررين أحمد جبارة ( أبو السكر )، وصالح نزال مستشار وزير الأسرى.

وفيما يلي نص الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء إلى الطفل الأسير صايل أبو قويدر:

عزيزي صايل،

كنت أتمنى أن اكتب إليك وأنت في مدرستك التي تحرم منها الآن. نعم، كنت أتمنى أن تكون أحد أولئك الشباب والفتيان الذين أتوا يوم الأحد الماضي لإطلاق مبادرتهم المبدعة ضد العنف المجتمعي والعنف المدرسي. ولكنني أكتب إليك وأنت في معتقل الاحتلال الإسرائيلي، ولا أعرف كم ستمكنك هذه الكلمات في الحفاظ على رباطة جأشك، أو إلى أي مدى ستحمي لك حقك في الطفولة التي تحرم منها مع الأطفال والفتيان المعتقلين معك. نعم، أكتب إليك، وأتمنى لو أنك أمامي لأحضنك، وأخفف من الألم الذي تشعر به بسبب فراق الأهل والأصدقاء وأولاد الحارة وزملاء المدرسة ومعلميها وكتبك ودفاترك وكل ما تحب...

لا يخفف من هذه المعاناة كون الآلاف غيرك من الأطفال سبق وأن مروا بها أو ما زالوا يعانون منها، بل إن ذلك يضاعف تلك المعاناة ويجعلها بمستوى تصل حد الجريمة بحق الطفولة وانتهاك الحقوق التي كفلها القانون الدولي. فما يزيد عن 8000 طفل قد مروا بتجربتك منذ عام 2000، منهم ما لا يقل عن 320 ما زالوا قيد الاعتقال، وتعرض 70 بالمائة منهم لأشكال شتى من العنف الجسدي، وأجريت لهم محاكمات باطلة، لم تراع أبسط حقوقهم في الطفولة التي كفلتها مبادئ حقوق الإنسان وخاصة اتفاقية حماية الطفولة.

اكتب لك يا صايل كأب قبل أن أكون مسؤولاً، وأستطيع أن أدرك مشاعرك وأنت محروم من حقك في الحياة الأسرية والحياة الآمنة كباقي أطفال العالم، وأفهم مشاعر والدك ووالدتك وإخوتك الخمسة عشر الذين حرمت منهم، وحرموا منك ومن حرصك وحبك لمساعدة الناس، وشعورك الدائم بالكبرياء. لقد حرمك السجن من مدرستك، كما حرم زملاؤك من مساهماتك الذكية... ولكن صدقني يا صايل أن تفوقك هو الذي سيمكنك من الدفاع عن أهلك وأرضك قبل أن تكون الملاكمة والمصارعة التي تحبها، والتي هي هامة لبناء الشخصية والأخلاق الرياضية التي تتميز بها بين إخوتك وزملائك.

نعم يا صايل، وأنا أكتب لك فإنني أكتب لكل الآباء، بل ولكل المسؤولين في حكومات العالم، بأنه، بالتأكيد، لديك طموحاً كأبنائهم. ولك أيضاً حقوق كباقي أطفال شعوب العالم، وأول هذه الحقوق أن يطلق سراحك فوراً دون قيد أو شرط كي تعيش حراً كباقي أطفال العالم تحلم، ويكبر الحلم معك حتى تحقق طموحاتك، ولك كذلك أن تتمتع بحقوق الطفولة الأسيرة معك، وفي مقدمتها حقك في أن تنعم بالتعليم الجيد، والصحة الجيدة، والحياة الكريمة، والحرية والأمان والاستقرار دون خوف ودون أغلال أو جدران أو استيطان.

أنت الآن هناك وراء قضبان القمع، سجانك مختال ولكنه مهزوم، فمن يخشى طفولتك لا يعرف السعادة والهناء، ولا أياً من المعاني السامية للقوة، لا بل هو ضعيف في داخله، وأربكته إنسانيتك، كما أربكت الاحتلال ومستوطنيه، ولا تزال، إنسانية شعبنا وهو متمسك بحقه في الحياة وصامد على أرضه، ويناضل يومياً على درب البناء والإعداد لقيام دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.

قسراً حولوك إلى مناضل انضم إلى قافلة قوامها اليوم ثمانية آلاف أسير، لكنها سارت بمئات الآلاف منذ بدأت رحلة النضال ومقاومة الاحتلال. قسراً حولوك إلى مناضل أسير، إلا من كرامته وعزته، وطفولة يشوهها الاحتلال يومياً ويشهد عليها العالم بصمت مستهجن.

في عمر الورد أنت يا صايل، وأنا على يقين انك لم تسمع بالكلام الكبير، فمالك و"الشرعية الدولية" وما تعنيك "الرباعية" وما شأنك" بالمواثيق الدولية واتفاقيات جنيف وحقوق الطفل".

اكتب لك كوالد تحرجه نظرة ابنه، اكتب لك واحني هامتي أمامك، وأعاهدك بأنني، كمثل والدك، لن يهدأ لي بال إلا بحريتك وكل الأسرى. هذا عهد شعبنا لكم بأنه لن يهدأ لنا بال إلا عندما تحتضن كل أم فلسطينية وأب فلسطيني أبناءهما وبناتهما.

سلامي لك يا صايل وسلامي لجميع من معك، وهم يعبدون الطريق نحو الحرية رغم ظلام السجن وظلم الاحتلال. بأمثالك نحن نفتخر ونعتز، ولأجلكم يرخص الغالي. وأخيراً أقول لك ولكل أبناء وبنات شعبنا: لنا مع الحرية موعد، والى لقاء قريب بإذن الله.