وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فياض: لا أطمح لرئاسة السلطة ولا توتر مع فتح وهناك اتصالات مع حماس

نشر بتاريخ: 28/10/2010 ( آخر تحديث: 28/10/2010 الساعة: 15:33 )
بيت لحم - معا - أكد رئيس الحكومة د.سلام فياض في مقابلة شاملة مع صحيفة "الحياة اللندنية"، أن الأوضاع الفلسطينية لن تستقيم إلا بإنهاء الانقسام وعودة الوحدة الوطنية، مؤكداً أن الاحتكام إلى صناديق الاقتراع والقبول بنتائجها هو المخرج الأساسي لتحقيق ذلك.

وأكد فياض في مقابلته أنه لا يطمح لرئاسة السلطة الفلسطينية في حال تقديم الرئيس محمود عباس استقالته، كما أكد رفضه حل السلطة الفلسطينية لأنها الخطوة الأهم في مشروع بناء الدولة والاستقلال، ووصف علاقة حكومته مع أقطاب المجتمع الدولي بأنها وثيقة، وقال: «إن الدعم الدولي لنا هو أحد عوامل صمودنا واستمرارنا في العمل لبناء دولتنا على الأرض».

ونفى فياض وجود أي توتر في علاقته مع حركة «فتح» أو أنه يحاربها مالياً من خلال منع الموازنات عن نشاطاتها، وأقر في الوقت نفسه بوجود اتصالات له مع حركة «حماس»، «تركز على أهمية إنهاء الانقسام وعودة الوحدة، لأن الأخطار تحدق بجميع الفلسطينيين».

وفي ما يأتي نص المقابلة كاملة حرفية كما اجرتها ونشرتها الصحيفة:

نبدأ من الوضع القانوني للحكومة، ففي ظل عدم حصولها على ثقة من المجلس التشريعي، فـضلاً عـن أنـها وفـقـاً للقـانـون الفلسطيني حكومة لتسيير الأعمال، كيف ترى أنت الشكل القانوني للحكومة وهل ذلك يعطيـها حريـة العمل أم يقيدها؟

- الوضع القانوني للحكومة، هو الممكن في ظل الوضع الراهن، والذي فُرض علينا، وحول ما يتصل بحرية العمل والقيود فإن هنالك دأباً من جانبنا لتجاوز كل العقبات الداخلية، خصوصاً المتصلة بمسؤوليات الحكومة وواجباتها تجاه أهلنا في قطاع غزة، إن المعوقات تأتي في شكل رئيسي من الجانب الإسرائيلي، وهذا هو جوهر المشكلة والتي لن تحل إلا بحصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المقرة في الشرعية الدولية.

- يبدو واضحاً حجم العلاقة الوثيقة لحكومتكم مع أقطاب المجتمع الدولي كأوروبا وأمريكا والعلاقة الجيدة مع إسرائيل، هل أصبحت تستمد قوة عملكم من هذه القوة الدولية؟ وكيف تفسر هذه العلاقات الوثيقة؟

- بداية، أرجو أن ترفعي إسرائيل من قائمة الدول التي نرتبط معها بعلاقات وثيقة، إن إسرائيل لا تزال دولة محتلة، وتدير نظاماً تعسفياً من التحكم والسيطرة بما يعطل سعي الشعب الفلسطيني المشروع للعيش بحرية وكرامة في دولة مستقلة له، ويكبت تطلعه للحرية والاستقلال، النظام السياسي في إسرائيل لم ينضج بعد للقبول بحل الدولتين على حدود عام 1967، الأمر الذي يتطلب الوقف التام للاستيطان كخطوة أولى في إطار إنهاء الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، كما يتطلب أيضاً تنفيذ الاستحقاقات الأخرى التي تمليها «خريطة الطريق»، وبما يشمل وقف الاجتياحات العسكرية وإعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية، والتي لن تكون إلا عاصمة لدولة فلسطين.

وبالنسبة الى علاقتنا مع أقطاب المجتمع الدولي، فإن كانت وثيقة، وأظنها كذلك، فهذا إنجاز للشعب الفلسطيني، وللسلطة وللمنظمة. إن الدعم الدولي لنا، هو أحد عوامل صمودنا واستمرارنا في عملنا من أجل بناء دولتنا على الأرض وحتى في المحافل السياسية. إن دعم العالم، ليس لسلام فياض كشخص أو حتى كرئيس وزراء، بل هو دعم للحقوق الفلسطينية وللهوية الفلسطينية التي نجحت في تجاوز العقبات والتحديات كافة، وفرضت نفسها كحقيقة إيجابية واعدة، يرى العالم فيها عاملاً إيجابياً بناءً للاستقرار الإقليمي والدولي.

لذا لو نظرتم إلى خريطة المواقف السياسية لرأيتم أن العالم أقرب إلى منطقنا في السلام والحل السياسي مما هو إلى المنطق الإسرائيلي. نعم إننا نستمد الثقة من الدعم الدولي، ولكن، من دون أن يكون هنالك عمق فلسطيني وأداء فلسطيني كامل حكومي وشعبي كفاحي، فلن يلتفت لنا العالم ولن يقدم الدعم. إن ما نسعى إليه وفي ظل المواقف الإسرائيلية التي أشرتُ إليها، يتمثل في دفع المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية، والتدخل المباشر لإنهاء الاحتلال وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمها حق شعبنا في تقرير المصير وبناء دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.

-تتخوف «فتح» وقوى فلسطينية أخرى من احتمال أن تتولى أنت رئاسة السلطة الفلسطينية في حال استقالة الرئيس أبو مازن، فكيف تُقَيم علاقتك الشخصية والمهنية كرئيس وزراء مع فتح وتلك القوى؟ وهل تأخذ بالحسبان مخاوفهم؟

- منذ الانقلاب، الذي نفذته «حماس» في غزة، وتكليفي تشكيل الحكومة وحتى يومنا هذا، وأنا أسمع كلاماً كهذا، إلا إنني لم ألمس من «فتح» سوى التعاون والدعم والمساندة. إنني على صلة تفصيلية وعميقة بـ «فتح»، فهي حركة الشعب الفلسطيني، وليست مجرد فصيل يلتزم به أعضاؤه الرسميون، إنها حالة وطنية إيجابية قوية ومنتجة. و«فتح» هي واضعة المشروع الوطني الحديث، تحمل مع غيرها في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، لواء العمل الوطني منذ البدايات، وأدت مهماتها وهي في أوج خصوبتها بكفاءة واقتدار.

ثم إن فتح حركة ديموقراطية فيها قدر كبير من التعددية الفكرية وحرية الاجتهاد، وهذا ما شد معظم القطاعات الشعبية الفلسطينية إليها. وفي ما يخص علاقاتي الشخصية والمهنية مع فتح، فهي واسعة وحميمة، بدءاً بالعلاقة المستقرة والراسخة، والقائمة على الاحترام والانسجام مع الرئيس محمود عباس القائد العام لفتح، ورئيسنا جميعاً، والقائد الأعلى لجنودنا الذين تقوم على سواعدهم الوطنية أساسات دولتنا القادمة. أما في ما يتعلق برئاسة السلطة، فلا أرى أي مبرر للقلق أو لمخاوف تتعلق بهذا الصدد، لأننا جميعاً نخاف على مشروعنا الوطني، ولسنا في سباق مع الزمن من أجل ترف المواقع والمسميات. كل ما يشغلني هو استعادة وتجديد قوة المشروع الوطني وما يتطلبه من إعادة الوحدة للوطن، حيث لا مستقبل لمشروعنا الوطني ولا أمل في الحرية والاستقلال ما لم يتم إغلاق هذا الفصل المأسوي من الانقسام المدمر لقضيتنا. وهذا طبعاً إضافة إلى ترسيخ نهج البناء، وتعزيز القدرة على الصمود كرافعة أساسية لاسترداد الحقوق، من خلال الانهماك التام في متابعة تنفيذ برنامج العامين للسلطة الوطنية «فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة»، وضمان إنجاز أولويات العمل والإجراءات المطلوبة الكفيلة باستكمال بناء مؤسسات دولة فلسطين كما حددتها وثيقة «موعد مع الحرية» المنبثقة عن برنامج العامين، الذي يمثل المسؤولية الأساسية بالنسبة للحكومة.

-الطموح السياسي من حق كل شخص، هل تطمح الى رئاسة السلطة؟ وهل من سقف لتطلعاتكم السياسية؟

- طموحي، أن احتفل في القدس مع شعبنا الفلسطيني بقيام دولة فلسطين المستقلة، ساعتها يكون المواطن في الدولة الحرة المستقلة أكثر اطمئناناً وسعادة من أي موقع مهما علا شأنه. أقولها بصريح العبارة. لا توجد خطط لديّ سوى إنجاح تجربة استكمال تأسيس السلطة على الأرض وتمكينها من التحول إلى دولة مؤسسات قوية وقادرة على رعاية وحماية مصالح مواطنيها، وهذا سقف تطلعي. وكي أُرضي فضول البعض، كثيرين كانوا أم قلائل، فلا طموح لدي أكثر من ذلك.

-لماذا تحارب حركة «فتح» ومركزيتها في توفير الموازنات اللازمة؟ أم هل أن الأزمة المالية التي تمر بها السلطة مردها سياسة التقشف؟

- «فتح» أكبر من أن تتعامل مع الشأن المالي بالصورة التي تبدو من خلال هذا السؤال، فهي حركة سياسية وطنية مستقلة، ولا يعتمد عملها على منح أو موازنات من السلطة ولا حتى من المنظمة. إن أعضاء «فتح» الذين يعملون في أجهزة السلطة ومؤسساتها لا يقبلون أخلاقياً أي استثناء عن غيرهم من فئات الشعب الفلسطيني. وبكل اعتزاز أقول إن مؤسسات السلطة وسياستها الأمنية والتنموية، تقوم على سواعد الكثيرين من كوادر «فتح»، الذين يلتزمون بالوطن، ومن أجل ذلك التزموا بـ «فتح». وسواء كانت لدينا وفرة مالية أو نقص، فالسياسة المالية لن تتغير، وأستطيع أن أجزم بأن «فتح» كذلك لن تسمح بالخروج عن القواعد السليمة للإنفاق تحت شفافية كاملة ومسؤولية وطنية شاملة.

-يلاحظ حضورك في مناسبات عدة ومن ضمنها افتتاح مشاريع في قرى مهمشة والمشاركة في قطف الزيتون واحتفالات المعاقين، هل يعني ذلك تمهيد أم إعداد الرأي العام لتوليك مقاليد الأمور في السلطة؟

- لماذا تفتشين عن أسوأ الدوافع لأبسط سلوك؟ إن ما أفعله جزء من وظيفتي ومهماتي. إنني ألمس تشجيعاً شعبياً في هذا الاتجاه. فالناس يحبون رؤية مسؤول يشاطرهم آلامهم وأحزانهم وبعض حياتهم، من دون أن ننسى أن الوضع العام لا يزال صعباً، وكثيراً ما يزداد صعوبة. إنني أدعو المسؤولين في الفصائل والسلطة والمنظمة والفعاليات غير الحكومية إلى مزيد من الانخراط في التجربة التنموية الصعبة، وأدعوهم كذلك إلى الاهتمام بالأنشطة الشعبية. فالشعب هو أساس السلطة وهو كذلك مانح الشرعية لها، إما عبر الانتخابات أو عبر شرعية الإنجاز.

-«حماس» ومعها قوى عدة لا يحلو لها إلا أن تسمي حكومتك «حكومة دايتون» وقواتك الأمنية «جيش» إلى حد اتهامها لك بالقيام بأدوار غير وطنية، هل تعتبر ذلك «ذبحاً» سياسياً يمهد لتصفيتك جسدياً؟

- «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا». هذا هو جوابي على كل تحذير أو تخويف يتصل بحياتي الشخصية. وللأسف، فإن الساحة الفلسطينية مملوءة بالألقاب والأوصاف والاتهامات وحتى الأحكام الجاهزة. إن حكومتنا هي حكومة الشعب الفلسطيني، وأنا منتخب وكنت وما زلت عضواً في المجلس التشريعي. الاتهام ينطوي على عيب أخلاقي أتمنى أن يعالج. فليس سوياً أن يُتهم قطاع مهم من قطاعات الشعب الفلسطيني بالخيانة. هنالك اختلافات جوهرية وثانوية في الأسلوب، إلا أنه لا اختلاف على الوطنية، وطالما كررت أن تقسيم الشعب الفلسطيني إلى «مقاومة ومساومة»، ليس فقط غير صحيح بل غير واقعي ولا أخلاقي ويضر بقضيتنا. فالمواطن البسيط المصمم على البقاء على أرضه، يمارس أرقى أشكال المقاومة. فالمربع الأول للمقاومة هو توفير مقومات الصمود. إن البقاء مقاومة في جوهر صراعنا لنيل حقوقنا الوطنية. فكلنا وطنيون، ولا أحب ولا أرغب ولم أرغب يوماً في أن أرد على الاتهام باتهام مضاد، لأننا لو فعلنا لصار الشعب كله متهماً. لندع الأداء على الأرض يحكم، ولندع صندوق الاقتراع ينتج المؤسسات القيادية وهذا ما أحلم برؤيته.

-بماذا تفسر زيادة التنسيق الأمني مع قوى الأمن الإسرائيلي وزيارة مسؤولين أمنيين إسرائيليين مناطق سيادية في السلطة على رغم تعثر المفاوضات السياسية؟

- نحن نؤدي مهمة في غاية الصعوبة والتعقيد، ونحاط بتناقضات كثيرة. فما زلنا تحت الاحتلال، وما زالت إسرائيل، بكل أسف، قادرة موضوعياً على الاعتداء وانتهاك الحقوق، وهي، بكل تأكيد، تمارس ذلك يومياً. إننا نلتزم في علاقتنا مع إسرائيل الاتفاقات التي أبرمتها منظمة التحرير، وحتى على الصعيد الأمني، فإن النظرية الأساسية التي تحكم سياستنا وأداءنا هي تأمين المصالح الأساسية للإنسان الفلسطيني في حياته وممتلكاته، بعيداً من فوضى الأجندات والمغامرات. إننا نقاوم الاحتلال بالصمود والبناء وإعداد المواطن الفلسطيني لمزيد من الصمود كي نتقدم في بناء دولة على الأرض وفي المحافل الدولية كذلك. لقد أدت الفوضى إلى مزيد من الانتكاسات والتراجعات والمآسي. أما المقاومة فهي حق مشروع للشعب الواقع تحت الاحتلال وتحديداً في فلسطين. ونحن نقاوم بالبناء لتوفير مقومات الصمود والثبات على أرضنا، وبإطلاق كل أشكال المساندة للمقاومة الشعبية السلمية التي تمكنت من إعادة الاعتبار للنضال الوطني ونجحت في حشد الدعم الدولي لنضال شعبنا المشروع ضد الاستيطان والاحتلال. فهذه المقاومة، بما في ذلك الحملة التي أطلقتها الحكومة ومؤسسات المجتمع الفلسطيني لمقاطعة بضائع المستوطنات، بدأ يتسع نطاقها ليس في فلسطين فقط، بل، على الصعيد الدولي. وكلنا ملتزمون القرارات السياسية لمنظمة التحرير، وهي السلطة الأعلى في هذا الشأن، وقرار المنظمة هو دعم الصمود والبناء والعمل السياسي المدروس والفعال حتى تحرير الأرض والإنسان.

-لماذا تتركز مشاريعكم في الضفة الغربية؟ وماذا بالنسبة لإعادة إعمار قطاع غزة المدمر على الأصعدة كافة؟

- غير صحيح على الإطلاق، المشاريع تتركز في الضفة دون غزة، ويمكننا بالأرقام أن نثبت ذلك، إن غزة تأخذ نصيبها من الموازنة وهذا حقها وليس منة من أحد أو جهة، ولا يجوز أن أقول ذلك لأن حقيقة الأمر هي أن أبناء شعبنا في قطاع غزة يستحقون أضعاف ما يصل إليهم، فقطاع غزة جزء من الوطن إلا أنه يتميز بوقوعه تحت الحصار الإسرائيلي الخانق والمرفوض والمدان. أما بالنسبة الى إعادة إعمار غزة، فقد عملت السلطة الوطنية والحكومة بتوجيهات من الرئيس محمود عباس منذ الحرب الغاشمة عليها مروراً بمؤتمر شرم الشيخ الذي رصد خمسة بلايين دولار لإعادة إعمارها، على أن تبدأ عمليات الإعمار بأسرع ما يمكن. ولكن، للأسف الشديد، حال الحصار دون التنفيذ على الأرض، وأدى عدم التحويل الفعلي للمساعدات إلى إضاعة فرصة أخرى في حشد ضغط دولي فاعل لرفع الحصار، ولكن، وللعلم، هناك بعض البرامج للإعمار وإن كانت مجرد بداية، كما أن هناك بعض المشاريع التنموية المهمة التي تم تنفيذها وبلغت قيمتها الإجمالية في الأعوام الثلاثة الماضية نحو 260 مليون دولار، وقد جرى ذلك بالتعاون مع المؤسسات الدولية. ونسعى في هذه الفترة إلى حشد المزيد من الدعم العاجل للقيام بمشاريع حيوية في مجال المياه والصرف الصحي، فالمياه الصالحة للشرب في قطاع غزة لا تزيد على 10 في المئة وهذا يتطلب تدخلاً فورياً وفاعلاً، إضافة إلى مشاريع أخرى تشمل بناء مدارس، وترميم وبناء المنشآت الصحية وغير ذلك. وأقول إن غزة تستحق أكثر حتى تعود إلى الوضع الطبيعي من كل الوجوه، فغزة هي الجزء الأغلى كالقدس في فلسطين.

-هل أنتم متفائلون بوصول المصالحة الداخلية إلى بر الأمان؟ وما شروط نجاح هذه المصالحة؟

- نعم متفائل، واستأنس بالقول الشعبي الذي نقوله في الأزمات «تفاءلوا بالخير تجدوه»، والتفاؤل بالنسبة إليّ، وكما يقتضي واقعنا الصعب وطموحنا، لا يعبر عن حالة ذهنية بقدر ما يعكس إصراراً على الإنجاز. إنني، ككل الفلسطينيين، أتمنى رؤية نجاح جدي في الجهود المبذولة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية، وأتفاءل بدور مصر في هذا الاتجاه، فهو دور إيجابي صبور وبناء ومسؤول، وليس لي إلا القول إن المصلحة الفلسطينية تقتضي الإسراع في إغلاق هذا الملف على خير. وهذا ليس شرطاً وإنما هو تطلع داخلي ووطني، ورجاء وتوسل إذا شئت.

-في حال استمرار تعثر العملية السلمية مع إسرائيل (كما هو حاصل حالياً) ما البدائل المطروحة أمام المفاوض الفلسطيني، وماذا عن خيار حل السلطة؟

- إنني التزم البدائل والخيارات التي تحددها منظمة التحرير الفلسطينية، بالتنسيق والتعامل مع الأشقاء العرب، وفي المناسبة فإنني أرى أن درجة التنسيق مع الأشقاء العرب ارتفعت بصورة إيجابية وفعالة، ولقد عرض الرئيس أبو مازن ما يراه من بدائل وخيارات أمام اللجنة العربية للمتابعة وقمة سرت، وهو بذلك ينطق باسمنا ويحدد خياراتنا، وعلينا جميعاً أن نعمل في كل الاتجاهات كي ننقذ مشروعنا الوطني، ونحقق حلم الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وحل جميع قضايا الوضع الدائم، وفق ما تكفله الشرعية الدولية ويتطلبه القانون الدولي. أدرك أن صعوبات كثيرة نشأت خلال هذا العام بفعل سياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية وإصرارها على مواصلة الاستيطان واختراع شروط إضافية لمجرد بدء المفاوضات، إضافة إلى إعطاء المستوطنين حماية للقيام بمزيد من الاعتداءات على شعبنا ومصادر رزقه ومقدساتنا، مع عمليات عسكرية واستمرار الاجتياحات التي لا يمكن أن تؤدي إلا إلى تقويض الجهود التي تقوم بها السلطة الوطنية، والإنجازات التي حققتها على صعيد تحقيق الأمن وفرض سيادة القانون.

المبادرات الفلسطينية لمواجهة الوضع الراهن بكل تعقيداته يجب أن تدعمها القوى والمؤسسات والدول. أما مسألة حل السلطة، فلا أراها لا بديلاً ولا خياراً آخر. فالسلطة هي مشروع بناء الدولة، أي تحقيق الاستقلال، وهي الخطوة الأهم. لهذا فهي ضرورة وطنية قبل أن تكون ضرورة حياتية للشعب الفلسطيني، وهذا ما أكده برنامج العامين الذي أطلقته السلطة الوطنية في آب (أغسطس) 2009 بعنوان «فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة»، وكذلك ما أقرته وثيقة «موعد مع الحرية» من إجراءات وآليات لمتابعة ضمان إنجاز استكمال بناء مؤسسات الدولة وبنيتها التحتية حتى أواسط العام 2011.

-بالتحديد، كيف تُقَيم علاقتك الشخصية وعلاقة حكومتك مع حركة «حماس»، خصوصاً أنكم قررتم أخيراً محاكمة أعضاء فيها واتهمتكم الحركة باعتقال خلية الخليل والتنسيق مع إسرائيل لتصفية اثنين من قادة القسام في الخليل؟

- لنسجل الاتهامات على أنها عادية ونمطية وتقال على الأغلب من دون حساب. بالنسبة الى المحاكمات وحتى الاعتقالات، فكلها تتم لأسباب أمنية وليس على خلفية الانتقاء السياسي. وأكاد أجزم، بأن حركة «حماس» ذاتها لا تصدق الاتهامات التي تعودت إطلاقها من دون توقف. إنني أنصح قيادة «حماس» بمزيد من المواقف والمبادرات الايجابية لإنهاء الانقسام، والتأسيس لشراكة عادلة في السلطة والمنظمة وكل الشؤون الفلسطينية الأخرى. إن ذلك أهم وأفضل وأجدى، إضافة إلى أن «حماس» الشريكة، أفضل للكل الفلسطيني من الوضع الراهن بكل ما فيه من خلل وابتعاد من المنطق. إن العالم يستغرب لماذا نواجه هذه التحديات من دون وحدة، وكيف سنواصل المواجهة من دون إغلاق ملف الانقسام، وكيف نكسب معركتنا الوطنية، ونحن بهذه الحال؟

-هل لديك أي اتصالات مع «حماس» سواء في الداخل أو الخارج؟ وما هي قنوات الاتصال؟ هل هي مباشرة أم عبر وسطاء؟

- بالتأكيد لي صلات شخصية بالكثير منهم، فهم موجودون بيننا، كما عملت معهم في إطار حكومة الوحدة الوطنية التي كنت وزيراً للمال فيها، إضافة الى عملي معهم في المجلس التشريعي. بكل تأكيد هناك خلافات في وجهات النظر في مسائل عدة، ولكن، في تقديري ما هو أهم من أي أمر آخر هو التوافق على مفهوم أمني ينسجم مع ما نحن بصدده، ألا وهو إقامة الدولة، وهو هدف يتعارض تحقيقه تماماً مع ما اسميه «التعددية الأمنية».