وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

وزارة الاعلام: المرأة والزيتون حكاية عطاء وصمود وخير

نشر بتاريخ: 02/11/2010 ( آخر تحديث: 02/11/2010 الساعة: 10:49 )
رام الله- معا- اصدرت وحدة النوع الاجتماعي في وزارة الإعلام تقريرا حول المرأة الفلسطينية في موسم قطاف الزيتون.

وقالت الوزارة في تقريرها" في كل عام تنتظر الأسرة الفلسطينية والمرأة بشكل خاص قدوم تشرين الأول بفارغ الصبر، فهذا الشهر يحمل لهم في طياته الخيرات الكثيرة فعرس الزيتون وهو عرس فلكلوري كنعاني يحفل به المواطن الفلسطيني سواء كان مالكا للأرض المزروعة به او ضامنا لها " أي يتكفل بقطافها واخذ نسبة من الناتج "، فالجميع يرى الأسرة الفلسطينية وهي تركب العربات او السيارة باتجاه أراضيها صباحا تصطحب معها قوتها لليوم بأكمله، وهناك من يتسلق الأشجار والنساء تجمع المحصول والاطفال يلهون من حولهم و بانتهاء الموسم تقام الاحتفالات التي يشارك فيها الأقارب والأصدقاء فرحا وبهجة بالمحصول وما نتج عنه من ريع وخير، وتطهى الاكلات الشعبيه المعروفة " بالمسخن "والتي تعتمد بدرجة رئيسية على زيت الزيتون الذي يقاس بدرجة غمره للخبز و الدجاج".

"الزيت عمار البيت":
الخير والخضرة تبدأ مع بدء قطاف الزيتون وهذا الحفل الموسمي يستلزم منهم وقتا لا يقل عن خمسة عشر يوما، تأخذ خلاله الأسرة إجازة من العمل لتذهب منذ الفجر الى أراضيها المزروعة بالزيتون وتعود مساء تحمله بأكياس مباشرة لتخزينه في المنزل أو إلى المعصرة لاستخراج الزيت منه، والمثل الشعبي القائل" الزيت عمار البيت " لم يأتي من فراغ فكل فرد بالأسرة ينتظر بفارغ الصبر الانتهاء من القطاف لبيعه واخذ ريعه لشراء احتياجاتهم التي يعول عليها نتاج الموسم ان كان ماسيا "وفيرا " او "شلتونة" أي قليلا ،فإن الفلسطينيين يتداولون فيما بينهم سنة ماسية وسنة شلتونة ويقال "الزيتون سنة لك وسنة له".

وفي هذا العام تأتي مناسبة عيد الاضحى بعد الانتهاء من القطاف الذي اتى بحسب قول البعض أكثر نتاجا من العام الماضي وهذا يعول عليه الكثير من النساء لشراء ملابس ومستلزمات العيد للأسرة ففرحة العيد لديهن أكثر بهجة لأنه جاء مباشرة بعد موسم الخير.

"القطاف "لوحة فنية ناطقة:
في الوقت الذي تفترش فيه أشجار الزيتون مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية وبنفس القدر نرى لوحة فنية تتمثل بحركة المزارعين والنساء وهم يلتقطون الحبوب عن الأشجار ويجمعونها في أماكنها المخصصة، لا تكاد تخلو مساحة من تلك الحركة الأسرية، وهي تحمل ذلك الوصف لان جميع العاملين فيها يعيشون فترة زمنية كأسرة واحدة يقضون النهار بأكمله في القطاف يتناولون من نفس الطبق، وتتسلى النسوة وهي تغني أغاني الفلكلور وتردد وراءها البنات ويطلق الرجال أغاني العتابا والميجانا حتى يتغلبون على التعب والجهد ويتسابقون مع الوقت في جمع الخير وما توفر من حبات الزيتون لتجمعنه النساء في أكياس من الخيش او تلجأ المرأة إلى ثني ثوبها من الأمام كوسيلة أخرى لجمع الزيتون، وبالمحصلة يصب الناتج في أكياس من الخيش او البلاستيك ليتم إرساله إلى المعصرة مباشرة أو إلى البيت بعد أن تنتهي الأسرة من جمع المحصول كله ويعودون في نفس الوقت وعلامات الإرهاق بادية على وجوههم النساء أنهكهن العمل ولونت وجوههن شمس تشرين والرجال تيبست أطرافهم والأطفال أنهكوا حتى عادوا نياما.

وتكتنز فلسطين عشرة مليون شجرة عماد ثروة فلسطين من أشجار الزيتون المثمرة، مما دعا لتسمية هذه الشجرة" المباركة" و"شجرة السماء" لورود ذكرها في القرآن الكريم، وتغطي 55% أي ما يعادل (933 -ألف دونم) من مساحة الأراضي المستغلة، ويأتي الزيتون رقم واحد بين الأشجار المثمرة بنسبة (80%) ، كما ويدر الزيتون سنوياً 76ألف طن خام ، يستخرج منها 17-طن من الزيت، فأسماه البعض" بترول فلسطين".

وبحسب الإحصائيات الفلسطينية يشكل الزيتون 12% من نسبة الدخل الزراعي في السنوات الجيدة ما يقارب ( 700 مليون دولار) ويوفر 3-6% من الدخل الإجمالي في فلسطين، ولطالما كانت تلك الشجرة رمزا ثقافيا وثبوتيا فعمد الاحتلال إلى اقتلاع ألاف الأشجار منه ويذهب المستوطنون إلى تدميره وبناء المستوطنات عليه ومحاربة كل من يحاول قطافه أو الاهتمام بزراعته، ووفقا لإحصائية اللجنة العامة للدفاع عن الأراضي، فإن 170 قرية فلسطينية تقع في مناطق تسمى "الارتداد الأمني للمستوطنات"، تضررت بشكل كلي نتيجة اعتداءات المستوطنين المستمرة على أراضيهم ومنعهم من الوصول إليها، مما زاد من قلق المواطنين على الموسم الذي انتظروه بفارغ الصبر لما يشكله من أهمية اقتصادية، خاصة وانه يأتي قبل عيد الأضحى وحلول الشتاء.

المرأة عماد الموسم:
ويأتي دور المرأة هنا فهي تعمل في القطاف وتعود به لتنقيبه لتأمين مونة المنزل، ومن ثم تخليله وإرسال الزيتون المتبقي إلى المعصرة لاستخراج الزيت فيعود المزارع ومعه الزيت الوفير ويستخدم " الجفت " نواة الزيتون ومما ينتج عن عملية العصر في الوقود وبديلا عن الحطب الذي توقده المرأة لعمل الخبز والطبخ والتدفئة شتاء.

الأرقام الفلسطينية تشير إلى أن 65% من العاملين في موسم الزيتون هن من النساء ولكن هذا العدد يصنف ضمن قطاع العمل غير الرسمي ولا يجدول في قيمة الإنتاج الإجمالي ،ففي الكثير من الأحيان تضطر المرأة للعمل في القطف او قد تجبر عليه للاستغناء عن العمال وتعود إلى المنزل لتدبير الشئون الأخرى من عمل منزلي واسري ، ولا تحظى بالعائد الذي يتقاضاه الرجل لقاء عملها وهذا استدعى الكثير من المؤسسات النسوية المطالبة بتخصيص اجر مقابل عمل المرأة في القطف أو الجمع.

وتلعب المرأة الفلسطينية دورا كبيرا في دعم الاقتصاد الوطني ومحاربة المنتجات الإسرائيلية من خلال تصنيعها للمنتجات المحلية وتنظيف بيتها من البضائع الإسرائيلية وتوجيه أطفالها وأسرتها لهذا السلوك ،فتستغل الزيتون في صناعات كثيرة كالصابون والمخللات وتدخل في عمل التعاونيات باستخدام الزيت أو الزيتون وغيرها من المنتجات الزراعية، ومن هنا طالبت المؤسسات النسوية والحقوقية بجعل يوم 15 تشرين أول من كل عام هو "يوم للمرأة الريفية "يكون مدفوع الأجر نظرا لجهد المرأة فيه وعملها المتواصل الذي لا يحظى بالمردود الذي تستحقه.

وتلتقي المرأة والزيتونة في عدة أمور فهي رمز للعطاء والأنوثة والخيرات وقد تغنى بها الشعراء ووصفوها كشجرة زيتون صامدة، فهي القوية في وجه العقبات وهي حكاية تروي قصص الأجداد، وأغاني امرأة علمتها للأبناء والبنات، وثوب طرزته من حكايات الزيتون وطائر العنقاء فأعطت دون أن تنتظر ثمن للعطاء ،وهذه هي المرأة الفلسطينية التي غرست فأنتجت وأعطت فأغدقت وصنعت فأنتجت فاستحقت الثناء.