وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ورشة عمل( امان): التحرش الجنسي في العمل شكل من أشكال الفساد

نشر بتاريخ: 02/11/2010 ( آخر تحديث: 02/11/2010 الساعة: 21:52 )
رام الله - معا- أجمع المشاركون في ورشة العمل التي عقدت أمس في الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان، على وجود ظاهرة التحرش الجنسي في أماكن العمل من خلال استغلال النفوذ والسلطات الممنوحة في ظل رقابة ضعيفة وغياب لوحدات مختصة في استقبال الشكاوى الخاصة بالتحرش الجنسي وومعالجتها. لكن يصعب تحديد حجمها وتصنيف أشكالها والممارسين لها وضحاياها للعديد من الأسباب والمعيقات القانونية والاجتماعية والمؤسساتية ونقص المسوحات الشاملة الدالة عليها. وأجمع المشاركون على اعتبارها شكلا من أشكال الفساد وأنها توجد في القطاع العام والأهلي والخاص.

ولوحظ حضور مكثف للورشة من الوزارات المعنية كوزارة شؤون المرأة ووزارة العمل ووزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الثقافة، بالإضافة إلى الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وأعضاء من المجلس التشريعي ورئيس النيابة العامة ومحافظة رام اللة والبيرة والعلاقات العامة في الشرطة وطاقم شؤون المرأة ومؤسسة مفتاح ومركز القدس للمساعدة القانونية ومركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي ومركز سوا ومركز المرأة للشؤون الاجتماعية ومركز الدراسات النسوية ومركز شمس وجامعة بيرزيت.

وافتتحت الورشة غادة زغير المديرة التنفيذية ، وأشارت الى انه وبالرغم من ندرة المسوحات والدراسات حول ظاهرة التحرش الجنسي، ألا أنه تم تناولها من منظور حقوقي فقط ولم يتم تناولها بارتباطها بالفساد كونها ناتجة عن استغلال النفوذ والموقع الوظيفي والسلطة والصلاحيات الممنوحة للمسؤول. مضيفة أن الهدف من إعداد التقرير هو تسليط الضوء على التحرش الجنسي في الوظيفة من بعد جديد وهو مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة والمساءلة في الوظيفة في قطاعات العمل المختلفة بالإضافة إلى بناء رأي عام ضاغط على المشرعين وراسمي السياسات ومتخذي القرار لسن واتخاذ ما يلزم من تشريعات وتدابير وسياسات وخطط واجراءات للتصدي للظاهرة ومساءلة الممارسين لها.

وذكر عزمي الشعيبي، مفوض أمان لمكافحة الفساد، اننا أخذنا بالاعتبار وضع هذا الموضوع في إطار أنه شكل من أشكال الفساد، لأن الشخص يستغل منصبه وسلطته لتحقيق غايات شخصية. وأضاف نعتقد ان هذه الظاهرة قضية مجتمعية وليست فقط قضية المرأة لأنه ممكن ان يتعرض لها الأطفال او أي احد آخر.

وأشار الشعيبي ان المعالجة للموضوع هو كيف نبني ونعزز في المجتمع الفلسطيني أسس وثقافة وأرضية تقلل الفرص أمام هذه الظاهرة كبناء نظام نزاهة وطني.

ضعف وغياب قانوني
على صعيد القوانين السارية في الأراضي الفلسطينية، ذكرت الباحثة نائلة رازم معدة التقرير الى غياب قوانين تتناول هذه الظاهرة بشكل مباشر، لاسيما قانون العقوبات الأردني لعام 1960 الذي من المفترض ان يعالج هذه الظاهرة، فقد خلت نصوصه من أية تطرق للتحرش الجنسي. ويمكن إعتبار ما جاء في مشروع قانون العقوبات المقترح لعام 2010 فيما يتعلق بالتحرش الجنسي خطوة هامة على هذا الصعيد في حال إقراره. وأشارت زغير انه وللأسف ان هناك العديد من النواقص والفجوات القانونية، التي غفل عنها المشرع الفلسطيني كظاهرة التحرش الجنسي عن قصد أو غير قصد.

وأشارت الباحثة رازم، انه وعلى صعيد السياسات والخطط، يلاحظ غياب أية تطرق مباشر لظاهرة التحرش الجنسي بشكل عام او في أماكن العمل –موضوع الدراسة- في الاستراتيجيات او الخطط الوطنية، وان مجمل ما تم تناوله في هذا المضمار ركزت على ظاهرة العنف ضد المرأة دون أية إشارة مباشرة لظاهرة التحرش الجنسي ضد المرأة سيما في أماكن العمل.

وأشارت رازم ، انه وعلى الرغم من عدم وجود تعريف موحد للتحرش الجنسي، إلا انه يوجد إجماع دولي على أن التحرش الجنسي فعل يتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان كالحق في المساواة، عدم التمييز، والعمل، وتكافؤ الفرص، وقبل كل شيء الحق الأساسي في إحترام كرامة الإنسان وحريته.

التحرش .. فساد
وقد ذكرت رازم ان العديد من الدراسات والاحصائيات التي أجريت حول التحرش الجنسي في العمل، أثبتت بان التحرش الجنسي من قبل المسؤول بمرؤوسته قد لا تكون دوافعه ومحركاته جنسية بالدرجة الأولى، وإنما مظهر يبرز على هامش شكل من أشكال الفساد المالي والإداري الذي غالبا يقود الى الفساد الاخلاقي، خاصة وأن الكثير من حالات التحرش الجنسي ضد المرأة في العمل تنتج من رؤسائها الرجال لما يتمتعون به من سلطة ونفوذ وإنعدام الرقابة حيث تتوفر بيئه وفرص متنوعة للفساد. وهذا ما ذهب الى تأكيده قويدر (رئيس منظمة العمل العربية) بارتباط التحرش الجنسي في العمل بالفساد.

ظاهرة التحرش الجنسي في فلسطين
وفقا للمقابلات التي أجرتها الباحثة مع مسؤولين من جهات حكومية وغير حكومية بمستويات مختلفة، يظهر بأن التحرش الجنسي بالمرأة في أماكن العمل هي ظاهرة موجودة، إلا انه يتم التعامل معها على انها محرمات اجتماعية. بل ان العديد من المسؤولين في بعض المؤسسات يحاولون تجاهلها أو إنكار وجودها في المؤسسات التي يقفون على رأسها خوفا على سمعة هذه المؤسسات، وحرصا منهم على أن تظهر هذه المؤسسات بأحسن صورة في عهد توليهم لرئاسة هذه المؤسسة.

وأشارت ريما الكيلاني من وزارة التربية والتعليم، "انه وبحكم عملي في الإرشاد التربوي في المدارس، جاءتنا عدة حالات استغلال الوظيفة من خلال التحرش الجنسي، لكنها محدودة بالرغم من أهمية هذه القضية حتى ولو كان عددها بسيط، وأضافت الى ان الوزارة وضعت تعليمات لضبط هذه الظاهرة في المدارس التابعة لها."

الهام سامي، مسؤولة وحدة الشكاوى في وزارة شؤون المرأة ذكرت انه للأسف لم نتلقى أي شكوى رسمية بخصوص موضوع التحرش الجنسي، لكن بحكم تعاملنا مع المجموعات لمسنا العديد من الأشخاص الذين حصلت معهم حالات تحرش، وقد قمنا بطلب من النساء تقديم شكوى رسمية حتى بدون التطرق للأسماء وقمنا بتشجيعهن من خلال تأمين السرية الكاملة لهن لكن للأسف لحد الان لم نتلقى أي شكوى.
وأضافت قائلة " من واقع تجربتي إن أحد الأسباب وراء ذلك هو عدم ثقة الموظفين بالمستويات العليا، والخوف من ان تقديم الشكوى قد يفتح باب للابتزاز من قبل هذ الجهات تجاه ضحايا التحرش الجنسي."

أما عضو المجلس التشريعي د.سحر القواسمي، فقالت "أنه لا بد من وجود رادع قانوني لهذه الظاهرة، وأنه يجب تحديد هذه الظاهرة بشكل دقيق وما هي أشكالها حتى لا تستغل ضد مشاركة المرأة في سوق العمل".

أما قيس ابو ليلى، عضو المجلس التشريعي، فقال: " الظاهرة موجودة ولا خلاف على ذلك الا ان الخلاف هو على حجمها وتعريفها والحاجة الى اجماع مجتمعي لمعالجتها، وأنه من المهم نقاش هذ الظاهرة مع المؤسسات المعنية والسلطة التنفيذية والتشريعية. وأشار أبو ليلى الى ضرورة ان تكون هناك عقوبات رادعة، وأيضا حماية من الناحية التشريعية للذين يتقدمون بالشكاوى،.

د. أحمد البراك رئيس النيابة العامة فقد طالب المشاركين والمؤسسات المختلفة بالضغط من أجل المصداقة على قانون العقوبات لعام 2010 وذلك لأنه قد تناول مسألة التحرش الجنسي بشكل مباشر وواضح مؤكدا أن المشكلة هي في القانون وأن القضية ليست إدارية إنما قضية جنائية.

د.هديل قزاز، من مؤسسة تيري، رأت الى أهمية الطرح الجديد الذي طرحته أمان وهو علاقة هذا الموضوع بالفساد وطالبت بضرورة وجود وحدات متخصصة بالتحرش الجنسي في المؤسسات العامة بافضافة غلى ضرورة تعزيز ثقافة مناوئه لهذه الظاهرة من خلال مدونات السلوك وتعزيز النزاهة.

وفي نهاية الورشة فقد أوصى المشاركون الى العديد التوصيات:
ضرورة سن قانون عصري ناجع يعمل على زجر التحرش الجنسي، وأن يتضمن تعريف واضح ومحدد للتحرش الجنسي بأشكاله المختلفة، ووضع عقوبة رادعة للجاني، وتضمين التحرش الجنسي في القوانين واللوائح الناظمة لعمل المؤسسات والهيئات المعنية بمتابعة قضايا الفساد.
كما أوصى المشاركون الى أن مواجهة ظاهرة التحرش الجنسي لن تتحقق دون اتخاذ سياسات واجراءات وقائية تعمل على حماية كرامة النساء وحقوقهن في كل المجالات اللواتي يتواجدن فيها.

وعلى المستوى المؤسساتي، أوصوا الى تبني وتطبيق مدونات السلوك مع ضرورة تضمين قواعد تتعلق بالتحرش الجنسي، وتبني آليات لتقديم الشكاوى في المؤسسات مع التأكيد على توفير الحماية والسرية والخصوصية في متابعتها .