وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

اختتام مؤتمر "مقومات الاصلاح التشريعي: التحولات والتحديات"

نشر بتاريخ: 03/11/2010 ( آخر تحديث: 03/11/2010 الساعة: 11:51 )
رام الله- معا- اختتم امس الثلاثاء مؤتمر "مقومات الاصلاح التشريعي: التحولات والتحديات" الذي تم عقده في معهد الحقوق بجامعة بيرزيت خلال الفترة من 1-2/11/2010.

وتدارس المشاركون في المؤتمر الحركة التشريعية في فلسطين في السنوات الاخيرة واكدوا "انه على الرغم من احراز بعض التقدم في مجال التشريع، ان العملية التشريعية الفلسطينية تعاني عددا من اوجه الخلل والقصور التي تحد من فاعليتها وقوة التأثير التي يفترض أن تؤديها كما انه أصبح من غير الواضح الإجماع على رؤية موحدة نحو تحديث وتطوير أهداف هذه العملية. كما أن نظرة المجتمع والرأي العام للعملية التشريعية يعتريها نوع من الارتباك وعدم الوضوح وتصل أحيانا إلى الاعتقاد بعدم فاعلية هذه العملية في تحقيق التغيير والتنمية المطلوبة".

واضافوا "لعله من الممكن اجمال ما اعترى هذه العملية من خلل في عبارة واحدة هي (غياب الاستراتيجة التشريعية) والتي يظهر غيابها على صعيد العملية التشريعية الفلسطينية، في العديد من المسائل"، أهمها:

1.عدم احترام التراتبية في سن التشريعات.
2.عدم العمل وفق سياسة المنظومة التشريعية، لم يقم المشرع الفلسطيني خلال العملية التشريعية بتشريع القوانين ذات العلاقة في فترة زمنية واحدة أو بشكل متتابع. ونتيجة لهذا الوضع، لم نتمكن لغاية هذه اللحظة من إتمام أي من الرزم التشريعية.
3.غياب سياسة التهيئة، من المسائل المهمة الواجب على المشرع مراعاتها في العملية التشريعية، والاهتمام بما يعرف بسياسة التهيئة، أي ضرورة اهتمام المشرع حال شروعه بوضع أي تشريع كان، بجملة من الأمور أهمها ما يعرف بالتهيئة المالية، والتهيئة المادية بمكوناتها البنيوية والبشرية، والتهيئة التشريعية اللازمة لحسن إنفاذ القانون وتطبيقه حال صدوره.

وتم الحديث عن اهم الاسباب التي تقف وراء حدوث هذا الخلل في العملية التشريعية في فلسطين، فانه يمكن إيجازها على النحو التالي:

أولاً: ضعف البحث العلمي:
تتطلب عملية الإصلاح التشريعي البداية بتقويم مسلك المشرع الحالي، وقياس قدرة الآليات القانونية الموجودة، وبيان مدى نجاحها في تحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها، وتمحيص ما مرت به القوانين النافذة من تطورات وتعديلات، بالإضافة إلى ضرورة مواكبة التطور في الظواهر الاجتماعية التي يعالجها المشرع، ودراسة ما يطرأ من تحولات على الصعيدين المحلى والدولي، و هذا بدوره يتطلب مراكز بحثية تقوم بهده الدراسات، من أجل أن تبنى عملية الإصلاح التشريعي على معطيات صحيحة، مستمدة من الواقع الفلسطيني، تمكن المشرع من وضع وتطوير سياسته التشريعية. فدور المراكز البحثية في تكوين القانون لا يمكن تجاهله، اذا أريد الوصول إلى قواعد قانونية تتجاوب مع تطورات الحياة وتتلاءم مع حاجات الناس، وبقدر قدرة المراكز البحثية على إيجاد حلول تنسجم مع الواقع بقدر ما ينجح المشرع في عملية الإصلاح والتطوير.

ثانياً: غياب السياسة التشريعية:
لأن وضع التشريعات التي تحكم مجلات مختلفة يحتاج إلى وضع أطار عام يكون ناظما لها، و يضمن الاتساق فيما بينها، ويحدد سمات الإصلاح المستهدفة، فإنه يجب إن يسبق إعادة قراءة القوانين إيجاد وثيقة تحدد بشكل واضح الكليات التي يقوم عليها المنهج السياسي والاقتصادي والاجتماعي محل التنظيم و الحماية القانونية، فوضع التشريع يستلزم بشكل مسبق تحديد فلسفته، وافتراض فاعليته توجب ضبط المصلحة محل التنظيم و الحماية.

ثالثاً: قصور الاطار القانوني الناظم للعملية التشريعية:
فعلى الرغم من وجود بعض النصوص القانونية التي تحدد بعض الصلاحيات التشريعية؛ الا انها لا تعطي الصورة الواضحة للعملية، ولا ترسم ملامحها بحيث تحدد من ومتى وكيف نشرع.

رابعاً: فقدان التزاوج ما بين الواقع الفلسطيني والتشريع (الشرعية والفاعلية):
من الإشكاليات التي يعانى منها الواقع التشريعي في فلسطين مسألة عدم التزاوج، في بعض الأحيان، بين الشرعية والفاعلية. فالمعادلة التي يجب إن يقوم عليها أي نظام قانوني فاعل مكونة من طرفين: شرعية + فاعلية. إلا إننا نجد في فلسطين أحيانا شرعية دون فاعلية تظهر جلية في عدد من القوانين غير القابلة للتطبيق.

وفي التحليل لهذه النقطة، نجد انها تنتج عن مجموعة من العوامل يمكن تصنيفها الى عوامل داخلية، تتمثل في النقاط السابق ذكرها واخرى ستاتي لاحقا. ولا يمكن اغفال دور العوامل الخارجية في احداث هذا الخلل، والمتمثلة في طبيعة الدعم التشريعي في فلسطين، وخصوصا تلك التي تتم بالتعاون مع المانحين، حيث تجري محاولة فرض النموذج الغربي للتشريع دون مراعاة الواقع والخصوصية الفلسطينية.

خامساً: محدودية قدرة المؤسسات العاملة في المجال التشريعي:
بعض من المعايير والآليات التي أدخلتها النظم القوانين المقارنة في أطار التطوير التشريعي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر (وثيقة قياس الاثر التنظيمي)، نعتقد لنا انه من الصعب أدخلها في النظام القانوني الفلسطيني؛ لكونها بحاجة إلى مؤسسات لها قدرة أداء عالية يبدو لنا أنها لا تتوافر لدى المؤسسات الفلسطينية القائمة. هذا بالاضافة الى المحدودية في قدرة جانب كبير من الكادر العامل في المؤسسات العامة ذات العلاقة بالعملية التشريعية عن الالمام بمكونات هذه العملية على المستويين الموضوعي والفني التقني.

سادساً: عدم الالتزام بالتوجيهات والقواعد الارشادية الموحدة في مجال الصياغة:
فعلى الرغم من وجود دليل الصياعة التشريعية، الذي يضمن الحد الأدنى من تحقيق الانسجام الشكلي والموضوعي بين التشريعات الفلسطينية، إلا أن عدم تبني القرار السياسي بإلزامية إتباع هذه القواعد أدى إلى وجود ارتباك في سن التشريعات الفلسطينية، هذا من جانب، ومن جانب آخر لم يراعي النظام القانوني الفلسطيني حتى يومنا هذا آلية ثابتة لمراجعة التشريعات التي يتم سنها، لا على مستوى وضع القواعد المرجعية ولا حتى على مستوى الهيكلي (التقييم اللاحق).

سابعاً: التشريع في الظروف الاستثنائية:
أدى الوضع السياسي الحالي ومع بداية نشوءه إلى الإفراط باللجوء إلى استخدام آلية للتشريع تتمثل بتطبيق نص المادة (43) من القانون الأساسي، وهو ما شكل حالة من الاستخدام غير المدروس وغير المبرر في كثير من الأحيان إلى سن العديد من التشريعات.

التوصيات:
1.إقامة علاقة قوامها الشراكة ما بين المؤسسات البحثية العاملة في المجال التشريعي، وما بين مؤسسات السلطة الرسمية ذات العلاقة بالعملية التشريعية، لوضع خطة عمل ممنهجة لتحقيق الإصلاح التشريعي، بوضع المعايير والمتطلبات لهذا الإصلاح مع مراعاة الحاجات والأولويات المحلية.
2.إنشاء هيئة مركزية تكون مهمتها رسم السياسة التشريعية، تشكل بالتعاون ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
3.أن تقوم الحكومة بعرض برنامجها التشريعي مع بداية الدورات البرلمانية، توضح فيه سياستها وتحدد فيه أولوياتها التشريعية.
4.ضرورة سن قانون يرسم العملية التشريعية بمراحلها كافة، ويحدد الأدوار فيها بشكل دقيق بحيث يتضمن المبادئ التي تحكم عملية صناعة التشريعات (قوانين ولوائح)، وتضبط توزيع الوظائف ما بين المؤسسات العاملة في المجال التشريعي، وتحكم التوازن بين الحريات الفردية والمصلحة العامة أساس العلاقة المنطقية بين الوسائل التي يستعملها التشريع والغايات التي يسعى لتحقيقها.
5.تعديل التشريعات الناظمة للعملية التشريعية في فلسطين، بحيث تلزم أي جهة ترغب في تقديم مشروع قانون ما، بعرضه على مختلف الوزارات لإبداء الملاحظات، الأمر الذي يمنع تعارض القوانين. مع التأكيد على ضرورة عرضه على وزارة المالية لإبداء الرأي حول تكلفة المشروع على الموازنة العامة، مع الأخذ بعين الاعتبار إدخال مفهوم الاستشارة العامة قدر الإمكان كمرحلة أساسية من مراحل سن التشريعات.
6.إلزام الجهة صاحبة الاقتراح بإرفاق مشروع القانون بمذكرتين إيضاحيتين تبين الأولى الحاجة إليه والأهداف المرجوة منه، وتبين الثانية التكلفة الاقتصادية له.
7.العمل على مراجعة أدلة الصياغة التشريعية، مع وجود الإرادة الحقيقية لصناع القرار بتني هذه الأدلة وإضفاء طابع الإلزام على ما ورد فيها من قواعد إرشادية، الأمر الذي سيكون من شأنه المساعدة في تحقيق الإنسجام التشريعي ما بين القوانيين الفلسطينية.
8.تماشياً مع توجهات الحكومة في السعي إلى تطبيق نظام الحكومة الإلكترونية، نوصي بالاهتمام باستخدام الأدوات التكنولوجية في العملية التشريعية، وعلى وجه الخصوص توفير الدعم المطلوب لبنوك المعلومات القانونية، والسعي وراء أتمتة العملية التشريعية.
9.تنمية القدرات البشرية للعاملين في المؤسسات الرسمية ذات العلاقة بالعملية التشريعية، عن طريق دعم البرامج التدريبية في مجال العملية التشريعية بشكل عام، وفي مجال الصياغة التشريعية واستخدام تكنولوجيا المعلومات فيها بشكل خاص.

10.فيما يتعلق بالعملية التشريعية في ظل الظروف الراهنة فإننا نوصي بالعمل على وضع عدد من المعايير التي تضبط من استخدام نص المادة (43) من القانون الأساسي في اللجوء إلى التشريع وبأضيق الحدود، مع ضرورة تفعيل دور الجهات الراقبية وعلى رأسها القضاء فيما يصدر من تشريعات بموجب نص هذه المادة.