|
لكل مجتهد نصيب: الشاب خليل عوض الله انموذجا للايجابية!!
نشر بتاريخ: 04/12/2010 ( آخر تحديث: 05/12/2010 الساعة: 10:48 )
بيت لحم- معا- كتب حافظ عساكرة- ليس المعاق معاق العقل والجسد، إنما المعاق معاق الفكر والخلق، إن العديد من الاشخاص ذوي الحاجات الخاصة يواجهون مشكلات كثيرة في حياتهم، نظرا للاعاقة ونظرة المجتمع القاسية تجاههم، فاحيانا قد يصابون بالإحباط، لأنهم يعتقدون أن اعاقتهم تشعرهم بانهم عاجزون لا يستطيعون القيام باعمالهم على الوجه الامثل، لكن هنا في فلسطين فان العديد من هؤلاء غير هذا المفهوم باعتبار عجزهم نوعاً من التحدي. وهذا ما جعلهم ويجعلهم يتغلبون على الإعاقة، ويسطرون لحياتهم مسلكا يمكنهم من خلاله إثبات ذاتهم بقوة وفاعلية يعجز الاصحاء احيانا عن تحقيق ما يمكن ان يحققوه في حياتهم من انجازات ونجاحات من منطلق "ان تكون او لا تكون".
وهناك دوما في الحياة نماذج متضادة منها النموذج السلبي ومنها النموذج الايجابي، غير أنني في هذا اليوم ساتناول النموذج الايجابي واسلط الضوء عليه لاننا جميعا في حاجة الى الايجابي في حياتنا، وانتهز اليوم العالمي للمعاق لاقدم الشاب خليل ابراهيم عوض الله "26 عاما" من مدينة بيت ساحور شرقي مدينة بيت لحم إنموذجا للايجابية إذ سيكون بطل قصتنا لهذا اليوم. شاءت الاقدار ان يولد عوض الله معاقا، بحيث لا يستطيع التحرك، او الاتيان بخطوة واحدة، دون الكرسي المتحرك، غير ان هذه الاعاقة، لم تقف حائلا بينه وبين تحقيق ذاته في كافة الميادين إذ أنه اكمل دراسته الابتدائية والثانوية معتمدا على ذاته، بتشجيع والديه وعائلته، فحقق نجاحا مميزا في دراسته وحصل على الثانوية العامة بتقدير جيد جدا، وتوجه بعد ذلك لجامعة بيت لحم وانتسب للدراسة فيها وكان مجدا ومجتهدا في دراسته الجامعة، مشاركا للطلبة في كافة النشاطات الطلابية وكان من ذوي العلاقات الاجتماعية القوية مع الجميع. حتى تخرج من الجامعة عام 2006 وحصل على درجة البكالوريوس بتخصص "المحاسبة" بتقدير جيد جدا. وبعد انهائه مرحلة الدراسة الجامعية لم يتوقف عوض الله ولم يستسلم لصعوبة ايجاد وظيفة رسمية لشخص بوضعه، بل بحث عن فرصة عمل حتى تم قبوله بوظيفة حكومية بصفة مدقق داخلي في الدائرة المالية بسلطة الاراضي الفلسطينية بمدينة رام الله. بُعد مسافة مدينة رام الله عن بيت لحم وما على طريقها من حواجز ومسيرة سفر لم تقف ايضا حائلا امام نجاح عوض الله في الالتزام بهذه الوظيفة فهو يفيق من نومه من السادسة صباحا ويستقل سيارته الخصوصية ويتجه صوب مدينة رام الله بشكل يومي متخطيا حاجز الكونتينر وحاجز جبع القريب من مدينة رام الله والازمة الخانقة على طريق رام الله قلنديا بالقرب من حاجز قلنديا الفاصل بين رام الله والقدس، ليكون في تمام الساعة الثامنة صباحا على مكتبه بالمؤسسة، وكذالك هو الحال في طريق عودته للبيت. وعن طبيعة علاقاته مع زملائه في العمل قال: إن علاقاتي الاجتماعية والحمد لله ممتازة جدا مع كافة زملائي ورؤسائي بالمؤسسة، وانا اقوم باعمالي بنفسي واثبت يوما بعد يوم انه لا يمكن لاي شيء ان يثنيني عن طريقي للوصول الى تحقيق اهدافي في الحياة، وان اثبت لنفسي اولا وللاخرين ان الشخص بارادته يمكنه ان يصل لما يحلم به، وبارادته فقط. عوض الله واثناء حديثنا معه قال: "إن عدم تاهيل المنشآت والطرق وعدم مراعاتها لذوي الحاجيات الخاصة تؤثر على المعاق نفسيا وجسديا حتى ان البعض يعتبرها بمثابة رسالة بان هذه المؤسسة مغلقة بوجهه ولا يمكنه ان يدخلها، لذلك نتمنى ان تاخذ اي مؤسسة في حسبانها ان مرافقها يجب ان تتناسب مع جميع ابناء وفئات المجتمع من حيث سهولة العمل والحركة. وعند سؤالنا عن رسالته في يوم المعاق وجه عوض الله، رسالة شكر الى الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء د. سلام فياض على جهودهما في انصاف المعاق الفلسطيني وتبني استراتيجية تهدف لدمج المعاق في خطة بناء مؤسسات الدولة، قائلا: انا كمواطن فلسطيني ومن هذه الشريحة فخور جدا بتوجيهات الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء د.سلام فياض على اهتمامهما الكبير بقضية المعاق، واطالبهما بمتابعة هذه القضايا لتترجم عمليا من قبل بعض المؤسسات التي لا تاخذ بحسبانها وضع المعاق من حيث التسهيلات المراعية لذوي الحاجيات الخاصة من طرق ومنشآت وغير ذلك. وطالب الرئيس محمود عباس يتفويض لجنة او هيئة لمتابعة وتنفيذ القوانين واللوائح الخاصة يتوظيف واستيعاب ذوي الاعاقة في المجتمع الفلسطيني أو اية قرارات تهتم بقضايا المعاق وخصوصا أن المعاق يعاني من حيث المنشآت والمباني التي لا تاخذ بالحسبان ان هناك معاق يمكن ان تدفعه الحاجة للتوجه لهذه المؤسسات، وخصوصا القطاع العام. موجها ايضا رسالة شكر الى رئيس مؤسسة سلطة الاراضي على توجيهاته لاستيعاب المعاق وتاهيل الاماكن التي تتعلق بالمعاق، بما يتلائم مع وضع المعاق الفلسطيني من حيث مخارج المؤسسة ومداخلها ووضع مدخل خاص بالمعاق اضافة لتوفير مرحاض خاص للمعاقين بالمؤسسة. ووجه عوض الله بهذه المناسبة رسالة لذوي الاعاقة قال فيها: "إن رسالتي في يوم المعاق وخصوصا للمعاق الفلسطيني أن لا تستسلم لاي ظرف مهما كانت الصعوبة، فالحياة ليست سهلة على الجميع، ولن يصل الشخص للمرام دون، ان يكد ويتعب ويجد ويجتهد، وأن المعاق هو الشخص الذي يستسلم ولا يحاول، وان هناك من يربط بين الاعاقه والحزن وهذه فكرة خاطئة، فالمعاق هو انسان طبيعي يحزن ويفرح وليس بالضرورة ان تتلازم الآلام مع الاعاقه وان وجدت يجب ان تتكيف معها فليس بالضروره ان نجزم ونقول المعاق هو حزين مدى الحياة وليس له اي مكان هنا او بالمؤسسة هذه، او بالوظيفة الفلانية، بل اجتهدوا وجدوا "فلكل مجتهد نصيب". وختم بالقول: "لكل من لم يرضى بقدر الله وجعل من اعاقته طريقا للحزن والالم والانطواء، كم من سوي اكتئب واردى بنفسه وهو لديه كل شيء الا بالصبر والاقتناع والايمان، فالمعاق هو انسان لديه مشاعر وقد يكون يحب الضحك ولكن البعض يجعل الجانب الاسود يطغى على نفسيته ويدمر مواهبه، قد يكون صاحب دم خفيف وبمجرد ان يتحدث يعجب به الناس، ويسعد اهله، فكم من معاق مدفونة مواهبه لانه لا يريد ان يكتشف ماهو الجانب المميز في شخصيته؟ فكونوا صناعا للحياة، ولا ترضون بما هو اقل من ذلك. فالمعاق قدرا وليس عبئاً. |