وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مركز ابو جهاد ينظم ندوة حول الاثار النفسية والاجتماعية للمعتقلين

نشر بتاريخ: 19/12/2010 ( آخر تحديث: 19/12/2010 الساعة: 14:22 )
القدس- معا- نظم مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة بجامعة القدس وجمعية المرفأ للصحة النفسية، امس السبت ندوة بعنوان "الآثار النفسية والاجتماعية في تجارب المعتقلين في سجون الاحتلال".

واشتملت الندوة، على عدة محاور رئيسية ادارها فهد ابو الحاج مدير المركز، منها الجانب القانوني، والتجربة الاعتقالية، والانعكاسات النفسية، والموقف العربي والاسلامي، ودور وزارة الاسرى.

وفي بداية الندوة تحدث ابو الحاج، عن الاثار النفسية للتجربة الاعتقالية، وضرورة اعطاء الموضوع اهمية ليتم اعادة تسليط الضوء على هذا الجانب، لبدء مرحلة جديدة من العمل والبناء لخلق البرامج الملائمة لذلك.

واضاف ابو الحاج، بأن العمل من قبل المؤسسات الحقوقية لم يكن على المستوى المطلوب، وان الباحثين في مجال البحث العلمي والانساني، لم يعطوا هذا الموضوع اهمية، لما له من أثار نفسية على الافراد، حيث ان الاسرى بعد التحرير من الاعتقال يكونوا بحاجة إلى من يساعدهم في الانخراط بالمجتمع، وتوفير فرص عمل حقيقية تمكنهم من إعالة أنفسهم وعوائلهم.

وتابع، انه على الرغم من أن الكثير من دول العالم والمؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية بذلت ومازالت الجهد الكثير من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان خاصة في ما يتعلق بموضوع محاربة التعذيب الجسدي والنفسي، لما للتعذيب من آثار مدمرة على المستوى البدني والنفسي ومن خطورة على المجتمع، فإن هذه الجهود لم تكن على المستوى المطلوب الذي يكفل للإنسان انسانيته.

المحور القانوني، تحدثت عنه نجاح الدقماق استاذة القانون العام في كلية الحقوق –جامعة القدس، مشيرة الى انه لابد من البدء في المركز القانوني للاسرى والمعتقلين، وتحديد اطراف النزاع، والقواعد التي تحكم هذه العلاقة، كما ان اسرائيل تمارس احتلالا عسكريا في الاراضي الفلسطينية المحتلة.

وحسب الدقماق، هذا الاحتلال فريد حيث انه فرض احتلالا عسكريا على المناطق التي احتلت عام 1967، واتسم بطول فترته وتناولت الاحكام والاوامرالعسكرية، وبالتحديد المنشور رقم (3) والمادة (35) منه التي تتعلق باتفاقيات جنيف، وقيام السلطات بالغائها، بعد 4 اشهر من سريانها، وان اتفاقية جنيف قد ذكرت بالخطأ، وانها تطبق الجوانب الانسانية طوعا ولا تطبقها قانونيا.

وتطرقت دقماق، الى قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة التي اقرت بانطباق اتفاقية جنيف الرابعة قانونيا على الاراضي المحتلة، وان حكومة اسرائيل كقوة احتلال حربي ملزمة بتطبيق احكامها، كما تطرقت الى ان مجلس الامن ايضا بدء يطالب اسرائيل منذ العام 1990 بان تحترم القانون الدولي الانساني بوصفه القانون الواجب تطبيقه في الاراضي المحتلة.

واشارت، الى الرأي الافتائي لمحكمة العدل الدولية في قضية الجدار، بان الاتفاقيات المتعلقة بالقانون الانساني نافذة في الاراضي الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال الحربي، وبصفة خاصة اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949.

وتابعت الدقماق، "من هنا نستطيع ان نوضح المركز القانوني للاسرى الفلسطينين كاسرى حرب، علما بان اسرائيل لا تعترف بان الاراضي الفلسطينية هي اراضي محتلة وبانها قوة احتلال حربي، وقد انتهكت احكام الاتفاقية في الوقت الذي طالبها المجتمع الدولي بتطبيقها على الاراضي وتوفير الحماية للسكان المدنيين".

وتناولت الدقماق، جريمة التعذيب بحق الاسرى باعتبارها جرائم حرب من نظر القانون الدولي، حيث ان جرائم الحرب هي كل مخالفة لقوانين وعادات الحروب، وحددت المادة الثامنة من نظام روما الاساسي لعام 1998 الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الاربعة.

وختمت بالاشارة، الى ان الذي ساعد على استمرار ممارسة التعذيب هو تشجيعه رسميا والسكوت عنه من قبل الجهات الرسمية، وفي حال ثبوت حدوثه وحصول فضيحة اعلامية تسارع الحكومة الى فتح تحقيق وتقديم بعض المتورطين للمحاكمات لتهدئة روع الرأي العام العالمي، واوضحت اساليب التعذيب وتأثيرها على الاسرى وذويهم.

من جانبها، تحدثت الاسيرة المحررة روضة عودة، عن تجربتها الاعتقالية وايضا تجربتها كام لاسيرين في سجون الاحتلال، هما ابي ولؤي عودة، وما ترتب على ذلك من آثار نفسية.

وكانت عودة، من الرعيل الاول من الاسيرات الذين تم اعتقالهن، وتم اعتقالها من العام 1969 الى العام 1973، واعيد اعتقالها اداريا لمرتين اخريين في فترات متفاوتة، واشارت الى ان تجربتها الاعتقالية، قد اكسبتها الصلابة والالمام بكل الجوانب الامنية والنفسية والاجتماعية التي تعتري التجربة الاعتقالية.

وذكرت عودة، بان تجربتها قد قادتها الى ان تقوم فيما بعد على تربية ابنائها التربية الوطنية المعطاءة، رغم انه شابها الكثير من الالام والغصات، وذكرت انه في تلك الاثناء كان الالتفاف الجماهيري الكبير يلعب دورا عظيما في بقاء ثقة الاسير بتجربته، وتبقي معنوياته عالية.

ومقارنة بتجربتها، عرضت عودة التجربة الاعتقالية لابنائها، حيث شبهت الامر بمثابة الاستفراد الاسرائيلي بكل عائلة على حدى، وما يعكس ذلك من الاثار النفسية على اهالي الاسرى، واوردت بعض التفاصيل من تجربة ابنها الاسير لؤي، حيث انه كان على قائمة الاغتيالات الاسرائيلية وبقي مطاردا لها لسنوات طويلة، وذكرت انها كلما كانت تسمع نبأ عن استشهاد شاب فلسطيني كان يراودها الشعور بانه قد يكون فلذة قلبها، مع كل ما يحيط ذلك من المؤثرات النفسية.

كما اشارت، الى انه عندما جرى اعتقال ابنها تم استخدام احد الاقارب كدرع واقي من قبل قوات الاحتلال، مما خلق اجواء وضغوطات نفسية هائلة، الا انها اشارت انه يوجد العديد من التجارب التي تمكن فيها اهالي الاسرى من قهر المحتل وانقاض ابنائهم من التصفيات.

ونوهت عودة، الى ضرورة دعم كافة شرائح المجتمع لذوي الاسرى، كما يجب اخراج الاسرى وذويهم من ذائرة الحالة الاجتماعية الخاصة، وانه يجب ان تبقى قضية الاسرى ساخنة، مطالبة بضرورة زيادة الجهود الاعلامية، وضرورة ان يتم التعريف باسماء الاسرى ونضالاتهم وابقاء حملة التوعية على الدوام.

نبيل عبد الهادي من كلية الاداب، تحدث عن المحور المتعلق بالانعكاسات النفسية والاجتماعية للتجربة الاعتقالية على الاسرة والمجتمع ككل، مشيرا الى ان العديد من السلوكيات تعتري تجربة الاسير الاعتقالية، لذلك نجد ان الاسير يتعرض الى عدة مظاهر سلوكية، منها الانطواء والانعزال والاكتئاب، كما تقود التجربة الى التمرد وعدم قبول الواقع، كما قد تقود الى ان يلوم الاسير نفسه لانه لم يكافئ على ما قدمه من نضال.

واضاف، ان التجربة الاعتقالية تقود الى بعض الامراض النفسية والعصبية واحياننا العقلية، ويتخبط البعض منهم، لانه لا تكون له القدرة العالية على التكيف والانسجام وقبول الاخر والواقع المعاش.

وقال عبد الهادي، الى ان كل هذه السلوكيات التي يقوم بها الاسير والتي تكون ردا على الواقع، وانه على المؤسسات الفلسطينية وبالذات وزارة الاسرى ان تقدم اولا الدعم النفسي للاسير، وان يقدم له العمل وتسويقه في مجتمعه من جديد، وفي هذه الحالة لا يحدث الاحباط والاكتئاب، وثانيا ما سبق لا يتم الا باظهار شخصيته وتعزيزها وتقديم كل العون له، ثالثا ضرورة ان يسار الى اجراء الدراسات حول التوافق والانسجام في ظل التغيرات الكبيرة والمتسارعة التي تحيط بالمجتمع في هذه الاونة.

وفي ختام حديثه، اشار عبد الهادي الى ان هناك ضرورة ان تعي التنظيمات الى اعادة الدور للتثقيف السياسي والوطني، واعادة بناء الكادر، كما يجب على المؤسسات الرسمية العمل على تثقيف الاجيال الشابة بمجريات القضية الفلسطينية،لما لذلك من الاثر الكبير في احترام وتظيم تجربة الاسرى.

الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس والديار المقدسة، تحدث بدوره عن دور العالم العربي والاسلامي في قضية الاسرى وضرورة اسناده، موضحا ان اسرائيل قد شرعنت التعذيب.

وتطرق صبري، الى مؤتمر الجزائر، مشيرا الى الاهتمام والالتفاف العربي والاسلامي حول قضية الاسرى، موضحا ان بات من الضروري ان نعطي هذا الجانب الاهمية الكبيرة وصولا الى جعل الراي العام العربي والاسلامي، هو المحرك الرئيسي لموضوع الاسرى الفلسطينين لما لديهم من امكانيات كبيرة في هذا المجال.

اما المحور الاخير، فقد خصص لما قامت به وزارة الاسرى والجهات الرسمية من جهود في ما يتعلق بتأهيل الاسرى نفسيا واجتماعيا، وقد قدمه راضي الجراعي وكيل وزارة الاسرى سابقا، ومؤسس برنامج تأهيل الاسرى والاستاذ في جامعة القدس.

وتحدث الجراعي، حول تأهيل الاسرى المحررين، واعتبرها مهمة وطنية من اجل ازالة المعيقات امام الاسرى المحررين، في اعادة اندماجهم في المجتمع بطريقة فعالة وايجابية.

واعتبر الجراعي، ان اعادة تاهيل الاسرى المحررين هي حق للاسير المحرر وواجب وطني على السلطة الفلسطينية والمؤسسات الغير حكومية المعنية بشؤون الاسرى، ومهمة وطنية يجب ان تشارك فيها الفصائل الفلسطينية بمختلف اطيافها.

كما اشار، الى ضرورة الاهتمام بالاطفال الاسرى والاسيرات بعد تحريرهم، لان هاتين الشريحتين تعاني من اثار نفسية واجتماعية ومهنية بعد تحررها من الاسر، نتيجة للتجربة التي يمر بها الطفل الاسير والاسيرات، من تعذيب جسدي وصدمة نفسية تحتاج الى تدخل من قبل مؤسسات واشخاص مهنيين من اجل اعادة تاهيلهم ودمجهم في المجتمع بطريقة قيمة وفعالة.

وفي الختام، تقدم العديد من الحضور بمداخلات تركزت على ضرورة تكثيف الجهود من اجل توسيع دائرة الاهتمام بموضوع التاهيل النفسي للاسرى.