وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

همسة في أذن اتحاد الكُرة .. أمن الملاعب...بقلم: علي عبيدات

نشر بتاريخ: 20/12/2010 ( آخر تحديث: 20/12/2010 الساعة: 10:36 )
لا شك أن العنوان واضح ليقود إلى المحتوى، فبعد أن دخلنا بمجهود كبير من اتحاد الكرة ورئيسة اللواء جبريل الرجوب عالم الإحتراف في وقت قياسي جدا، بدأت تطفو على السطح العديد من الأمور الجانبية التي باتت بحاجة ملحة لوقفة جدية من جميع أطراف ومكونات الأسرة الرياضية الفلسطينية.

ومن أهم هذه الأمور التي بات لزاما علينا جميعا، لاعبين وجمهور وإعلاميين وأندية وإتحاد كرة وأجهزة أمن، أن نقف تجاهها وقفة جدية تفضي إلى حلول منطقية وواقعية على المديين القريب والبعيد بما يعود بالنفع على المسيرة الرياضية ويقوي نجاحاتها، هي ظاهرة أمن الملاعب.

لقد رصدت على مدار مسيرتي كصحفي رياضي العديد من المظاهر السلبية من الجماهير الفلسطينية، والتي لم تعالج بشكل سليم من عناصر الأمن، الذين فاقموا في بعض الاحيان من حجم المشكلة، بل وزادوها تعقيدا.

ومن هنا لا بد من وضع الإخوة في الشرطة الفلسطينية، وتحديدا الوحدات الخاصة التي اسندت إليها وفي أغلب الأحيان مهمة تأمين الحماية وأشدد الحماية للملاعب، في صورة الشغب الجماهيري وأساليب معالجته عبر سلسلة من الدورات التثقيفية.

إننا الآن بتنا بحاجة ملحة لوحدة تسمى أمن الملاعب، مختصة بمعالجة ما ينشئ من خلافات على المدرجات دون استخدام القوة المفرطة التي تطال في كثير من الأحيان لاعبين وأعضاء هيئات إدارية وشخصيات اعتبارية وإعلاميين أيضا.

لا بد من التنويه هنا إلى جانبين، الأول أن السلطة المطلقة في الميدان الأخضر هي لحكم المباراة، وأنه الوحيد المفوض بالإذن لأي كان بدخول المستطيل الأخضر أو مغادرته، وأنه المسؤول بمساعدة مساعديه بفض أي نزاع يحصل بين اللاعبين خلال أو بعد نهاية أي مباراة.

وقد يتساءل سائل هنا، ماذا لو تفاقهم الخلاف واتسعت بقعته، هنا يكون دور الحكم في طلب العون والمساعدة من الأمن الداخلي للملعب، وهو الوحيد المسؤول عن دخول المستطيل الأخضر من القوى الأمنية، وعادة ما يكون يرتدي لباسا رياضيا ومدربا على فض نزاعات اللاعبين دون استخدام القوة، للحفاظ على مظهر وصورة الرياضة وكرة القدم.

إن مشهد استخدام العصي والهراوات، والصاعقات الكهربائية، تجاه لاعبين مثلوا المنتخب الوطني الفلسطيني، ودافعوا عن ألوانه في المحافل الدولية، قد أدمى قلوبنا جميعا، ومن شانه أن يشوه سمعة رياضتنا الفلسطينية بين داعميها وموآزريها إن لم يوضع له حد.

على الجميع أن يعلم، أنه لا يوجد قانون أو عرف في لعبة كرة القدم، يبيح هذا الفعل من قريب أو من بعيد، لما له من تداعيات تؤثر على نفسيات اللاعبين بشكل خاص والرياضيين والمتابعين بشكل عام، ناهيك على أن الأعراف المتبعة تحرم دخول الأجهزة الأمنية بزي العسكرة إلى داخل المستطيل الأخضر.
الجانب الآخر، هو المتعلق بالتصرف عند حدوث شغب جماهيري في المدرجات، تناقشت مع أحد الإخوة المسؤولين في القوة المكلفة بتأمين الحماية، وسألته عن التصرف حال حدوث شغب في المدرج، قال سنقوم بإخلاء الجميع، ناهيك عن الطريقة التي سيقومون بها بالإخلاء.

في الوقت الذي نثمن فيه جهود عناصر الأجهزة الأمنية ضباطا وأفرادا في حفظ الأمن في الملاعب، لا بد من الإشارة إلى ان الاستخدام المفرط للقوة في بعض الأحيان يساهم في مفاقمة الأمور وزيادة تعقيدها.

لا بد من توعية وتثقيف عناصر مختارة من الأجهزة الأمنية، واختبارها لتشكل نواة لوحدات أمن الملاعب، تعي كيفية التفريق بين الصالح والطالح، وبين اللاعب والمشاغب، وبين الإعلامي ومثير المشاكل.

ويجب الإدراك تماما بأن التعامل مع الجماهير في المدرجات يختلف تماما عن التعامل مع المظاهرات والنزاعات العائلية والتي تستخدم الوحدات الخاصة لفضها، لأن الشغب في الملاعب الرياضية يختلف عن أي شغب آخر.

فلا بد من المراعاة بأن شغب الملاعب هو شعب غير منظم ولا يخضع لترتيب مسبق، فهو في كثير من الأحيان وليد اللحظة ونتيجة ردة فعل آنية، وفي أحيان أخرى هو تصرف فردي يقود إلى تحرك جماعي دون هدف محدد أو سبب واضح لدى بعض المشاركين فيه.

وفي المقابل فإنه من الصعب وغير المعقول أن يتعامل رجل الأمن مع كل الأحداث وتحت كل الظروف بفكر واحد أو ثقافة واحدة، وأن يعاقب الصالح بذنب الطالح، ويثار الذعر بين الأطفال والشيوخ الذين تغص بهم ملاعبنا الرياضية.

وهنا يأتي دورنا جميعا، في المشاركة كإعلاميين ورياضيين واتحاد كرة وأجهزة أمن، في بلورة مفهوم واضح وجلي للتدخل وقت حدوث الشغب، سواء في المدرجات أو في المستطيل الأخضر، وتحديد الأدوار بعيدا عن العسكرة وتأزيم الموقف، فنحن لسنا في حالة حرب.

المسألة الأخيرة في هذا السياق تأتي بضرورة الحد بل القضاء على ظاهرة الهتافات التي تعزز النعرات الطائفية والعشائرية والمناطقية، بل أن الأمر تعدى لاقتباس مصطلحات عبرية في مهاجمة فريق دون آخر.

إن الهتافات التي تعزز التمييز العنصري والتفرقة بين أبناء القرية أو المدينة أو المخيم، أو تلك التي تستهدف لاعبا دون آخر، تعزز من تأزيم الموقف في المستطيل الأخضر، بل تتعدى ذلك إلى إثارة النعرات، وتهديد النسيج الاجتماعي الفلسطيني.

على اتحاد اللعبة أن يضع حدا لمثل هذه التصرفات عبر قوانين رادعة وغرامات مالية باهظة على مروجي هذه الشعارات ومردديها، وعلى الأندية التي تمثلها، وعلى روابط المشجعين والأندية أن تعمل على تثقيف جمهورها، وتضعه تحت طائلة المسؤولية.

إن مسؤولية إنجاح المسيرة الرياضية الفلسطينية تقع على عاتقنا جميعا، بالإقناع لا بالفرض، فعندما يتحمل الجميع مسؤولياته بشكل مهني واضح، بما يضمن سلامة اللاعبين والجماهير والحكام وعناصر الأمن، نصل إلى رياضة احترافية بمعناها الصحيح.