وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مركز القدس يتهم إسرائيل بتصعيد انتهاكاتها لحقوق المقدسيين الاجتماعية

نشر بتاريخ: 25/12/2010 ( آخر تحديث: 25/12/2010 الساعة: 16:05 )
القدس- معا- اتهم تقرير أصدرته وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، إسرائيل بتصعيد انتهاكاتها لحقوق المقدسيين خلال شهر تشرين ثاني الماضي، خاصة فيما يتعلق بمصادرة الأراضي وتوسيع البناء الاستيطاني اليهودي في هذه الأراضي، مقابل زيادة وتيرة هدم المنازل والاستيلاء على العقارات، واستمرار الاعتداء على المقدسيين، وإصدار كزيد من أوامر الإبعاد عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى، والإبعاد عن المسكن، وتجديد أوامر منع سابقة بالإبعاد وحظر السفر للخارج، بما في ذلك منع السفر لأداء فريضة الحج.

تكثيف الاستيطان ومصادرة الأراضي

وأشار التقرير، إلى أنه في شهر تشرين ثاني الماضي صادقت لجنة التخطيط والبناء في بلدية الاحتلال بالقدس على بناء (1300) وحدة استيطانية في الجزء الشرقي من مستوطنة بسغات زئيف في القدس المحتلة، في حين تعتزم سلطات الاحتلال بناء (978) وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة جبل أبو غنيم، و(320) وحدة استيطانية في مستوطنة راموت.

وكانت سلطات الاحتلال، بدأت في العشرين من الشهر المنصرم بتنفيذ ثلاثة مخططات استيطانية جديدة لتوسيع مستوطنات ريخس شعفاط، جبل أبو غنيم، ورمات شلومو بواقع (716) وحدة استيطانية.

وسبق ذلك، قيام رئيسة اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في القدس بنشر مخطط لبناء ألف وحدة استيطانية جديدة في أبو غنيم، ليرتفع عدد تلك الوحدات إلى ما مجموعه (2233) وحدة استيطانية. في حين تقرر بناء (130) وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "غيلو"، إلى الجنوب من المدينة المقدسة.

وكانت نحو (66) عائلة يهودية، انتقلت منتصف الشهر الماضي للسكن في مستوطنة "معاليه هزيتيم"، في حي رأس العمود بعد توسيع هذه المستوطنة ليرتفع عدد العائلات اليهودية هناك إلى (250) عائلة.

في وقت سابق، كشفت وحدة البحث والتوثيق في المركز في الثاني عشر من الشهر المنصرم، عن مخطط إسرائيلي لعزل العيسوية وسلخها عن مدينة القدس.

وقال التقرير، أن تنفيذ هذا المخطط على الأرض كان قد بدأ قبل بضعة أشهر، لكن بدأت ملامحه تتضح بإغلاق المدخل الشمالي الشرقي من البلدة بمكعبات الإسمنت والسواتر الترابية والصخرية، ومحاولات إغلاق المدخل الغربي الرئيس المؤدي إلى مستوطنة التلة الفرنسية، حيث وضعت شرطة الاحتلال مكعبات، في وقت تجري عند المدخل الشرقي أعمال بنى تحتية وإنشاءات ضخمة، وشبكة من تفرعات الطرق تؤدي إلى منطقة المعبر الجاري إنشاؤه على المدخل الغربي لمخيم شعفاط، والمتوقع أن يصبح معبرا رئيسيا كما هو الحال في معبر قلنديا لسكان الأحياء التي عزلها الجدار شمال شرق المدينة، تضاف إليها العيسوية، في حين سيتم لاحقا إغلاق مدخل البلدة الرئيس بصورة نهائية، وهو ما كان يطالب به مستوطنو التلة الفرنسية.

وأشار التقرير، إلى أن وضع الإشارات المرورية عند المدخل الغربي والتواجد شبه الدائم لحرس الحدود والشرطة عليه يشكل مرحلة أولى في تطبيق هذا المخطط وتنفيذه، في حين تتذرع السلطات بأن الإجراءات الحالية نابعة من تطورات أمنية في المنطقة وتزايد أعمال رجم الحجارة باتجاه مركبات المستوطنين، إضافة إلى الاحتجاجات شبه اليومية التي يقوم بها شبان البلدة ضد الممارسات الإسرائيلية بحق بلدتهم، وفي مدينة القدس المحتلة.

ونوه التقرير، إلى قيام سلطات الاحتلال قبل عدة سنوات بإغلاق المدخل الجنوبي للعيسوية من ناحية الجامعة العبرية، ما تسبب بمعاناة إضافية للسكان في البلدة، التي تتعرض بلدتهم لحملات دهم مستمرة تشارك فيها دوائر إسرائيلية عديدة بذريعة مراقبة البناء غير المرخص، وتحصيل ضرائب مفروضة على السكان، يرى فيها مواطنو البلدة أعمالا انتقامية وحملات تأديب تنفذها السلطات ضدهم على خلفية مقاومتهم الدائمة للاحتلال، وتصديهم لإجراءات هدم المنازل، ومصادرة الأراضي التي لم تبق من أراضي البلدة سوى ما هو قائم عليها من أبنية.

ووفقا للتقرير، فإن بلدة العيسوية التي يقارب عدد سكانها نحو (20) ألف نسمة، تعد من أكثر القرى والبلدات في محيط البلدة القديمة وداخل الحدود البلدية المصطنعة للقدس معاناة جراء الأزمة السكنية الخانقة، والتي تدفع بالمواطنين إلى محاولة التغلب عليها من خلال البناء العمودي، في وقت تفرض بلدية الاحتلال قيودا مشددة على أمال البناء فيها، وبالتالي تعتبر هذه البلدة من أكثر البلدات تعرضا لعمليات الهدم على مدى السنوات العشر الماضية، في وقت ضاعفت فيه السلطات من حجم مصادرة ما تبقى من أراضيها في الناحية الشرقية، حيث أقيمت شبكة ضخمة من الطرق والأنفاق والجسور، وشيدت منشآت عسكرية ومقرات أمنية عليها مثل مبنى الكتيبة التابع لحرس الحدود الإسرائيلي والمكلف بحماية طرق المستوطنات شمال شرق القدس، وعلى امتداد شارع الطوق الشرقي، إضافة إلى مقر قيادة اللواء الجنوبي في الشرطة الإسرائيلية الذي انتقل من مقره القديم في رأس العمود إلى المنطقة المتاخمة لمستوطنة معاليه أدوميم.

وأشار التقرير، إلى أن المقر القديم للشرطة في رأس العمود تمت مقايضته مع جمعيات استيطانية، حيث سيطرت عليه وتقوم في هذه المرحلة بترميمه وإعادة تأهيله لبناء عشرات الوحدات الاستيطانية، والتي ستتصل بجسر مع مستوطنة معاليه هزيتيم، التي تم توطينها مؤخرا ب (66) عائلة جديدة من المستوطنين ليرتفع عدد هذه العائلات إلى نحو (250) عائلة.

ومقابل نقل الملكية على هذا المقر للمستوطنين، مول المليونير الأمريكي اليهودي إيرفينغ موسكوفيتش، بناء المقر الجديد للشرطة شرق بلدة العيسوية على طريق أريحا القدس بكلفة وصلت إلى نحو (100) مليون دولار.

وحسب التقرير، فإن مساحات كبيرة من أراضي البلدة كانت صودرت قبل أكثر من عشر سنوات، لصالح المشروع الاستيطاني الضخم شرق البلدة والمعروف بمخطط ( إي- ون)، والذي يلتهم ما مجموعه (12400) دونم من أراضي بلدات العيزرية، والزعيم، والطور، والعيسوية، ومن المقرر أن تقام عليه آلاف الوحدات الاستيطانية، والمناطق الصناعية والمنتجعات السياحية التي ستربط معاليه أدوميم بالقدس.

هدم المنازل والاستيلاء على عقارات المقدسيين

كما سجل شهر تشرين ثاني الماضي، استمرار عمليات الهدم لمنازل المقدسيين، والاستيلاء على عقاراتهم من قبل مستوطنين وجمعيات يهودية ناشطة في هذا المجال، حيث هدمت البلدية مغسلة سيارات تعود للمواطن أمجد ياسر سلهب، كما أتلفت جميع محتويات هذه المغسلة من معدات.

وفي روايته لمركز القدس، أكد المواطن سلهب اعتداء شرطة الاحتلال عليه وعلى شقيق له بالضرب، مما أدى إلى إصابته بنزيف في رأسه، وتبلغ مساحة المغسلة دونم و(200) متر مربع، وتضم مشغلا للصيانة وآخر للبناشر، فيما بلغت خسائره نتيجة عملية الهدم نحو نصف مليون شيكل.

وأشار المواطن سلهب، إلى أنه كان شيد المغسلة قبل أربع سنوات على قطعة أرض مستأجرة، وحاول استصدار رخصة بناء لكن دون جدوى، فيما حررت البلدية بحقه مخالفة بقيمة (100) ألف شيقل لا زال يدفعها.، ويعتاش من العمل بالمغسلة (12) عائلة يربو عدد أفرادها مجتمعين (60) نفرا.

كما هدمت سلطات الاحتلال، في اليوم ذاته منجرة في "خلة خليلان" من حي الطور، تعود للمواطن احمد محفوظ محمد شبانه، بحجة البناء غير المرخص، وذلك أثناء غياب صاحب المنجرة احمد محفوظ محمد شبانه.

وأفاد شبانه لمركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، انه وصل إلى المنجرة الساعة السابعة صباحا، برفقة العمال حيث فوجئ بهدمها بينما كانت أدوات المنجرة موجودة في الشارع، وذكر له الجيران أن موظفي بلدية القدس هم من هدموا المنجرة في ساعات الصباح الباكر.

وتبلغ مساحة المنجرة، حوالي (100) متر مربع، وهي من "الزينكو"، وكانت شيدت قبل خمس سنوات، على الأرض التي املكها، وفي العام 2008 استلمت العائلة أمر هدم صادر عن بلدية القدس، ولكن المحامي نجح بتأجيل أمر الهدم، ولكن قبل عملية الهدم بيوم حضر إلى المنجرة شخصان من بلدية القدس، وقاما بجولة داخل المنجرة ثم غادرا دون أن يبلغاني بشيء.

ويعتاش من العمل في المنجر،ة عائلة المواطن شبانه، واثنين من العمال، يعيلون 40 فردا، وأكد شبانه انه تم خلال الهدم تجريف خمس أشجار ليمون وعنب، إضافة إلى نخلة، وقد بلغت الخسائر حوالي (100) ألف شيقل.

وفي الرابع والعشرين من ذات الشهر، هدمت بلدية الاحتلال منزلا آخر في حي الطور يعود للمواطن عزيز زبلح يؤوي 7 أفراد.وقال صاحب المنزل في إفادته للمركز أن عملية الهدم تمت دون سابق إنذار، علما بأن البلدية الإسرائيلية للمدينة كانت فرضت عليه قبل خمس سنوات غرامة مالية بقيمة 22 ألف شيكل دفعها بالكامل. وأشار إلى أنه توجه فور البدء بعملية الهدم إلى محكمة الشؤون المحلية واستصدرنا من قاضيتا أمرا مؤقتا بوقف الهدم، بيد أن الجرافات كانت سبقت قرار المحكمة، فسوت المنزل بالأرض وفوق ما فيه من أثاث.مشيرا إلى انه شيد منزله قبل ثماني سنوات، ودفع عددا من الغرامات المالية كان آخرها غرامة بقيمة 30 ألف شيكل.

وكانت الجرافات الإسرائيلية هدمت في اليوم ذاته مشاتل زراعية ومحلات تجارية منها خزن أثاث للمواطن عبد الفتاح أبو خليل، وبركس لبيع الأثاث للمواطن رياض عامر، ومحلان لبيع الحجارة لكل من احمد محمد طقاطقه، ومحمد عبد الرحمن عبد الرحيم، وجرفت مشاتل زراعية تعود لكل من مالك عبد الكريم احمد الخطيب، محمد سالم صلاح الدين، هاني عطا الله عساكر، نادر محمد سالم، وشرف خطاب وصامد محمود صايل.

وخلال عملية التجريف قطع التيار الكهربائي عن المنطقة، ما تسبب بتلف كافة الأجهزة الكهربائية لدى المواطن سلامه عبد الله قاسم، فيما قدرت الخسائر الإجمالية بنحو (300) ألف شيقل.

إلى ذلك هدمت الجرافات، بيارات زراعية وجرفت مزارع وقطع أراض في المنطقة الشرقية من بلدة العيسوية تعود لكل من الشيخ رياض العيساوي، وماهر محمد محيسن من سكان البلدة، وأوضح المواطن محيسن في إفادته لمركز القدس بأن الأرض التي جرفت والمملوكة له تبلغ مساحتها ثلاثة دونمات، تم خلالها اقتلاع (60) شجرة مثمرة من اللوز والزيتون والحمضيات والخضراوات. إضافة إلى هدم الجرافات في اليوم التالي لغرفتين من الطوب يستخدمهما كمسكن له، كما دمرت حظائر للخيل والغنم والدواجن.

وكانت الجرافات، قد هدمت قبل ذلك منزلا للمواطن عطية امطير في بلدة العيسوية، والبالغة مساحته (125) مترا مربعا، ومطبعة يملكها المواطن محمد روبين عليان، والبالغة مساحتها (60) مترا مربعا، وتحتوي على آلات طباعة ونشر.

وخلال عملية هدم المطبعة، أطلقت الشرطة كلابها البوليسية على المواطن روبين وأصابته في ذراعه ووجهه، كما أصيب أربعة شبان بعيارات مطاطية.

وقال المواطن روبين، أن عملية الهدم تمت بعد اقتحام المطبعة وكسر بوابتها الرئيسية، وعندما حاول هو ووالده الدخول إلى المطبعة أطلقوا باتجاههما الكلاب البوليسية ورشوهما بالغاز المسيل للدموع، كما اعتدوا بالضرب على زوجته الحامل وأصيبت باختناق بالغاز.

أما المواطن امطير، فقال في إفادته لمركز القدس أن هدم منزله تم دون سابق إنذار وفي وقت كانت القضية لا تزال منظورة من قبل المحكمة، وأشار إلى أنه شيد منزله في العام 2008 لإيواء أسرته المكونة من 8 أنفار، علما بأنه يعيش في بيت مستأجر، وكانت بلدية الاحتلال سلمت في غضون الشهور القليلة الماضية (30) أمر هدم إداري، تضاف إلى (65) أوامر هدم لوحدات سكنية في البلدة كانت سلمت قبل ذلك.

وفي بلدة سلوان، إلى الجنوب من البلدة القديمة من القدس أزالت بلدية الاحتلال نصبا تذكاريا للشهيد سامر سرحان الذي قضى شهيدا برصاص أحد حراس المستوطنين قبل بضعة أشهر، وروى جواد صيام مدير مركز معلومات وادي حلوة في إفادته لمركز القدس أن عملية الهدم تمت في غضون دقائق معدودة ورافق طواقم البلدية والشرطة عدد من مستوطني جمعية "ألعاد" الاستيطانية.

من ناحية أخرى، سلمت سلطات البلدية في التاسع من الشهر الماضي خمسة إنذارات بالهدم لمنازل مواطنين في سلوان بحجة البناء غير المرخص،
في حين استولى مستوطنون يهود في الثالث والعشرين من الشهر الماضي على بناية في حي جبل المكبر جنوب القدس المحتلة مكونة من ثلاثة طوابق للمرحوم علي قراعين وكانت تسكنها حيث تدعي شركة استيطانية ملكيتها لها، وتم على الفور تثبيت كاميرات مراقبة في المبنى توطئة لإسكانه.

في وقت لاحق، أكد تقرير خاص أعدته وحدة البحث والتوثيق في المركز تورط شركة "وول انفستمنت" العقارية الأمريكية في العديد من صفقات تسريب وبيع العقارات المقدسية، فيما تقف أوساط أمريكية يهودية على رأسها المليونير إيرفينغ موسكوفيتش وراء عمليات التمويل لهذه الصفقات التي تنفذها بعض الجمعيات الاستيطانية مثل العاد وعطيرات كوهانيم اللتين تديران (70) بؤرة استيطانية وتشرفان على شؤونها.

ويتزامن الاستيلاء على العقار، في جبل المكبر مع تقارير أخرى تحدثت عن تواطؤ الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مع الجمعيات الاستيطانية اليهودية، ومساعدتها في السيطرة على عقارات المقدسيين في البلدة القديمة وسلوان والشيخ جراح، وأحياء أخرى من المدينة المقدسة.

ويستدل من وثائق نشرتها إحدى المحاكم الإسرائيلية، قيام تلك الحكومات بتسريب هذه العقارات وبيعها وتأجيرها بأثمان بخسة جدا عن طريق حارس أملاك الغائبين الإسرائيلي.

ويتضح من المعلومات، قيام هذا الحارس بمصادرة عقارات بناء ونقلها إلى ما يسمى ب"دائرة أراضي إسرائيل"، التي تنقلها بدورها إلى جمعيتي إلعاد وعطيرات كوهانيم الاستيطانيتين، بدون إجراء أي عطاءات وبأسعار متدنية، كما يمنح حارس أملاك الغائبين تلك الجمعيات حصانة تمكنها من الحصول على عشرات الملايين من الشواقل دون الكشف عن هوية المتبرعين، إضافة إلى مبلغ سنوي قيمته (54) مليون شيقل تدفعها وزارة الإسكان الإسرائيلية لشركات حراسة خاصة توفر الأمن للمستوطنين في العقارات التي يتم الاستيلاء عليها.

الاعتقالات وأوامر المنع والإبعاد

إلى ذلك واصلت السلطات الإسرائيلية خلال الشهر الماضي عمليات الاعتقال لمواطنين وفتية وأطفال مقدسيين، في وقت جددت فيه أوامر الإبعاد عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى ، وأصدرت أوامر إبعاد عن مناطق السكن لأطفال وناشطين، حيث اعتقلت خمسة فتيان من بلدة سلوان، في حين مددت توقيف ستة شبان من سلوان والعيسوية تتراوح أعمارهم ما بين 14 إلى 18 عاما، في حين أصدرت محكمة الصلح قرارا بإبعاد المواطن علي سرحان شقيق الشهيد سامر سرحان لمدة (15) يوما، ولمسافة (100)متر.

كما مددت توقيف ثلاثة أشقاء من بلدة العيسوية، كانوا اعتقلوا مطلع العام الجاري وهم المحامية شيرين العيساوي، وشقيقيها رأفت، وسامر.

وأبعدت تلك السلطات، لمدة أسبوعين الفتى صهيب سامي الرجبي (17 عاما ) عن منزله في سلوان جنوب البلدة القديمة من القدس.

وفي الثامن والعشرين من الشهر الماضي أصدر قائد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية أمرا عسكريا يإبعاد عدنان غيث مسؤول ملف القدس في حركة فتح وعضو لجنة الدفاع عن حي البستان عن القدس وضواحيها لمدة أربعة شهور، وذلك بعد استدعائه إلى مركز شرطة المسكوبية، مستندا إلى ما يسمى ب "قانون الطوارئ" المعمول به منذ عام 1945 وهو قانون الانتداب البريطاني، معللا الأجراء بمستندات أمنية تتعلق بأعمال غيث في مدينة القدس.

وكان غيث، وهو أب لأربعة أطفال - أكبرهم فتى في الثانية عشرة من عمرها، وأصغرهم قاسم أحد عشر عاما – اعتقل لأول مرة في الانتفاضة الأولى عام 19889 وعلى ثلاث فترات متفاوتة بلغت في مجملها أربع سنوات. وفي العام 2003 فرضت عليه الإقامة الجبرية لمدة ستة عام، وحكم في نفس الملف بالسجن لسنة شهور فعلية، حيث وجهت له تهمة العضوية في أجهزة الأمن الفلسطينية. ثم اعتقل إداريا لستة أشهر أخرى في العام 2008 بقرار من وزير الجيش الإسرائيلي آنذاك أيهود باراك. وفي الشهور الثلاث الأخيرة من العام الحالي 2010 اعتقل ثلاث مرات لفترات تراوحت ما بين ستة أيام وأربع وعشرين ساعة، على أن استدعي مساء أمس وسلم الأمر الأخير بإبعاده عن القدس وضواحيها لأربعة شهور.

ويدير غيث، بقالة صغيرة في منطقة عين سلوان المتاخمة لحي البستان المهددة منازله بالهدم، ويعتاش من عمله في البقالة أسرته الصغيرة، تعاونه زوجته – وهي ربة بيت - في رعاية الأطفال.

يقول عدنان: "حتى البقالة التي نعتاش منها لم تسلم من مداهمات سلطة الآثار والطبيعة، وفي كل عملية دهم تحرر المخالفات المالية".
وبالنسبة إليه فإن أمر إبعاده عن أسرته ومسقط رأسه لا يستهدفه هو شخصيا، بل يهدد المقدسيين عموما، ومن الآن فصاعدا ، فإن كل مقدسي سيكون عرضة للإبعاد والنفي وحرمانه من جمع شمله مع أطفاله. لكنه يعتقد بأن لصدور الأمر علاقة بصمود سلوان في وجه ما تتعرض له من تهويد ومحاولة لشطب هويتها العربية والإسلامية.

ويضيف:" هذه حكومة تطرف وجنون لا نستبعد عنها القيام بأي شيء. ليست سلوان وحدها مستهدفة رغم ما ينتظرها من أيام قاسية، بل القدس جميعا، خاصة بلدتها القديمة ومسجد الأقصى. القضية بالنسبة إلينا ليس نير بركات ، ولا بلديته فحسب، بل هي هذه الحكومة وأجهزتها الأمنية والتنفيذية المختلفة التي تسن كل يوم مزيدا من القوانين العنصرية كان آخرها قانون "القدس عاصمة الشعب اليهودي".

في سياق آخر، جددت السلطات الإسرائيلية في الخامس عشر من الشهر الماضي أمر الإبعاد عن المسجد الأقصى بحق ماجد راغب الجعبة (30 عاما) وهو أحد حراس المسجد الأقصى لمدة ستة أشهر أخرى. وروى الجعبة أن قوة شرطية داهمت منزله قبل ذلك بيوم ولما لم تجده تركت له تبليغا بالحضور إلى المسكوبية وهناك سلم أمر تجديد المنع. يذكر أن الجعبة ممنوع من دخول الأقصى منذ العام 2005 بدعوى أنه يشكل خطرا على أمن الدولة وسلامة الجمهور والأمن العام.

وفي الثامن عشر من الشهر ذاته جددت سلطات الاحتلال أمر المنع بحق المهندس إيهاب الجلاد منسق الهيئة الشعبية المقدسية والذي يحظر عليه دخول المسجد الأقصى لمدة أربعة أشهر.

كما تم إبلاغ المواطن حمزة بدر الزغير الموظف في شركة الكهرباء ومن سكان شارع الواد في البلدة القديمة من القدس بجوار المسجد الأقصى من دخول منطقة الحرم القدسي الشريف.

وجدد وزير الداخلية الإسرائيلي أمرا سابقا له بمنع خليل تفكجي مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق لمدة ستة أشهر أخرى. وقال التفكجي في إفادة لمركز القدس أنه استدعي إلى مركز شرطة المسكوبية وسلم أمر المنع الذي جاء فيه على لسان وزير الداخلية: "بعد اقتناعي بوجود شك ملموس بأن خروج التفكجي من دولة إسرائيل يؤدي إلى الضرر بأمن الدولة سيمنع من السفر إلى الخارج من تاريخه ولمدة ستة شهور".

بينما صدر أمر منع من السفر لأداء مناسك الحج، للأسير المحرر يعقوب أبو عصب من سكان حي الصوانة شرق البلدة القديمة من القدس ينتهي في الرابع من أيار من العام 2011.

الاعتداءات العنصرية وأعمال التنكيل

لم تتوقف أعمال التنكيل التي يقترفها رجال أمن ومستوطنين إسرائيليين خلال شهر تشرين ثاني الماضي، حيث سجلت عدة حالات، كان أبرزها اعتداء أفراد من شرطة الاحتلال في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، على الطفل آدم منصور الرشق من بلدة سلوان والبالغ من العمر (8 سنوات) ما استدعى نقله إلى المستشفى وإدخاله العناية المكثفة، وفق ما أفاد به والد الطفل في إفادته لمركز القدس، مضيفا أن ولده وصل المستشفى وهو فاقد الوعي وينزف وتم وضعه في العناية المكثفة.

بينما سجلت عملية تنكيل بشعة بحق سائح من تشيلي في القدس الغربية في الثامن من ذات الشهر بعد أن اشتبهت مجموعة من المتطرفين اليهود به على أنه عربي. وكاد هذا الاعتداء أن يودي بحياة هذا السائح ويدعى توليدو دومينوس حوزيه(43 عاما ) الذي وصل إلى إسرائيل لحضور زفاف ابن صديقه اليهودي.

الاعتداء على المقدسات

وسجل شهر تشرين ثاني تواصل الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية، خاصة المسجد الأقصى ومحيطه في منطقة باب المغاربة، ففي الثاني من الشهر المنصرم صادقت بلدية الاحتلال بصورة نهائية على مخطط جسر المغاربة الرابط بين ساحة البراق وباب المغاربة في المسجد الأقصى.

في وقت أعلنت فيه الحكومة الإسرائيلية، في الحادي والعشرين من ذات الشهر عن مصادقتها على تخصيص مبلغ (85) مليون شيكل للمرحلة الثانية من خطة تهويد وتوسيع ساحة البراق، في خطة مقسمة على مجموعة من المشاريع الاستيطانية يمتد تنفيذها على خمس سنوات.

وكانت سلطات الاحتلال، انتهت من تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة، أما المرحلة الثانية فتحمل مسمى "خطة تطوير ساحة الحائط الغربي والمنطقة المحيطة بها"، وتشمل مساحات واسعة من داخل وخارج أسوار البلدة القديمة والجهة الجنوبية من سور المسجد الأقصى، مع إقامة موقف خاص بحائط البراق مقابل البؤرة الاستيطانية المسماة مدينة داود (عير دافيد) في سلوان، وربط البؤر الاستيطانية في مناطق العين، وعين اللوزة، وكذلك ربط باب النبي داود مع باب الخليل.

وبحسب المخطط الإسرائيلي، فإن الحفريات في عمق الأرض ستستكمل باتجاه الشرق تحت الأرض لتصل إلى حائط البراق والجدار الغربي من المسجد الأقصى ملاصقة لباب المغاربة، أي منطقة حي المغاربة التي هدمها الجيش الإسرائيلي بعد أربعة أيام من احتلال القدس عام 1967.

في حين أن ما سيحفر تحت الساحة سيشكل فيما بعد فراغات أرضية كبيرة مما يستدعي بناء إنشاءات حديثة، من ضمنها تحويل منطقة أقصى ساحة البراق إلى مركز توراتي يتضمن مزارا سياحيا، وبناء مراكز عسكرية وشرطية مجاورة ومتحف رقمي ثلاثي الأبعاد، أما المنطقة الثانية التي تجري فيها الحفريات فهي الواصلة بين ساحة البراق وأسفل وقف الحمام، حيث تتم عمليات حفر وتفريغات ترابية في آثار من الحقبة المملوكية والعثمانية على مسافة نحو 200 متر، ستشكل فيما بعد نفقا واصلا بين أسفل ساحة البراق وأسفل حمام العين، وما يسمى ب"كنيس أوهيل يتسحاق" الواقع في أقصى شارع الواد في القدس القديمة.

وكانت الحفريات الإسرائيلية المتواصلة في محيط المسجد الأقصى، تسببت في الرابع عشر من الشهر الماضي بحدوث انهيار في المنطقة الترابية بجانب مصطبة أبو بكر الصديق الواقعة قبالة باب المغاربة من الداخل في الجهة الغربية من المسجد الأقصى، وعلى بعد أمتار من شجرة معمرة كانت سقطت قبل ذلك بأسبوع.

تأتي تلك الاعتداءات على المسجد الأقصى، في وقت نشرت فيه بلدية الاحتلال في القدس تفاصيل مخططها الخاص بما تسميه تنفيذ أشغال في باب العمود – شارع البلدة القديمة من القدس.

ويهدف المشروع، إلى ما تدعي البلدية أنه تحديث وتجديد وتنظيم البنية التحتية على امتداد شارع الواد بما في ذلك تأهيل وتطوير الشارع وإصلاح الواجهات الأثرية والتاريخية . في حين يمتد المشروع ابتداء من منطقة ساحة باب العمود –شارع السلطان سليمان مرورا بعقبة الشيخ ريحان، باب خان الزيت، عقبة التوتة، عقبة القصيلة، طريق الآلام، علاء الدين البصير، باب الحديد، عقبة الخالدية، سوق القطانين وصولا إلى باب السلسلة فمنطقة ساحة البراق.

وبخصوص ساحة باب العمود، فان الأعمال التي ستتم تشمل تنفيذ عمليات ترميم بالتعاون مع سلطة الآثار الإسرائيلية وترميم موجودات من أساس الشوارع العامة ويافطات واستبدال حواجز الأمان ودربزينات وتنظيم اليافطات والشواخص واللافتات ومعالجة مشكلة الإضاءة وعمليات قشط ورصف.

أما الأعمال التي ستنفذ في شارع الواد، فتتمثل بسقيفات وإضاءة وبنى تحتية وتبليط ولا فتات تجارية وترميم الواجهات والأقواس في المناطق الأصلية وتسهيل الانسياب والوصول من خلال إحداث مرافق للسياح والزوار والمارة. كما سيجري العمل على ترميم الواجهات في البلدة القديمة وأحيائها وترميم ودهان موجودات معدنية مثل حمايات الشبابيك والدربزينات والمزاريب وغيرها، واستبدال مجمل كافة المواسير وشبكات الصرف الصحي بمواسير حديد صلب وطلائها.