|
الانفجار فشل بقتل ارادة الحياة لمحمود كما فشلت الشظايا بمنع ابتسامته
نشر بتاريخ: 26/12/2010 ( آخر تحديث: 27/12/2010 الساعة: 15:16 )
غزة- تقرير معا- رحل محمد وعبد الله وبقي محمود يملأ فراغا تركه شقيقيه وهو الابن الأصغر لعائلة اسليم التي كانت تجاور المنزل الذي كان يتواجد به وزير الداخلية في الحكومة المقالة الشهيد سعيد صيام ...الانفجار فشل في قتل إرادة الحياة لمحمود سليم كما فشلت الشظايا التي ملأت جسده ووجه من أن تمنع ابتسامة ارتسمت على وجهه عندما استقبلنا في بيته حيث صورة الشهيدين تتوسط المكان.
حاول محمود "13 عاما" جاهدا أن يتذكر ما حدث في ذلك اليوم فقال لمراسلة "معا" هدية الغول، أذكر أني كنت العب مع أولاد عمي في "الحاكورة" تحت البيت في وقت الهدنة التي كانت تعلن عنها إسرائيل وفجأة اختلف المشهد من حولي لأجدي نفسي في المستشفى لا ادري كيف وصلت اليه، فمحمود طار من "الحاكورة" إلى داخل المنزل من شدة الانفجار وارتطم وجهه بالجدار ليكسر فكه ويمتلأ وجهه بالشظايا في كل مكان حتى في عينيه التي بالكاد كان يفتحها من شدة الانتفاخ. رغم حزنه على أخويه الشهيدين إلا أنه يدرك تماما أن ما حدث لهم في ذلك اليوم هو قدر من الله قائلا، أنا سعيد لان لدي إخوة شهداء فهذا قدر الله الذي لا حكم عليه، مشددا أن الأطفال في غزة من حقهم ان يلعبوا وينعموا بالحرية ويعيشوا بأمان. محمود الذي يواظب على الاجتهاد في دراسته وهو في الصف الثاني الاعدادي يعاني من انحراف في الأنف ما يسبب له ضيق في التنفس ولا يستطيع ان يتنفس بدون "بخاخة التنفس" إلى حين إجراء عملية أخرى عندما يبلغ السادسة عشر من عمره لتقويم الانحراف. في ذكرى الحرب على غزة وبعد مرور سنتين، تؤكد أم محمد لو أن ألف سنة تمر على استشهاد ابنائها فإن القلب سيتألم على فراقهم قائلة، "ولكني صابرة ورافعة راسي فيهم لأنهم شهداء، حتى لو مرقت ألف سنة ما بنساهم". وتخاف أم محمد على ابنها الوحيد خوفا من أن يسلب هو الآخر في زمن الحرب والتصعيد فلا ترتاح ولا تغمض لها عين إذا غاب عنها فتبقى متيقظة تترقب حركته داخل المنزل وترى في محمود شابا وقد تخرج من الجامعة استاذا يعلم الأجيال من بعده، قائلة "بتمنى أشوفه حاجة كبيرة في البلد وبتمنى ربنا يسعده ويبقى عندي وربنا يحافظلي عليه". حسن زيادة أخصائي نفسي في برنامج غزة للصحة النفسية، أكد أن ما تبقى من أثار على الأطفال بعد عامين من الحرب هو شيئ محفور في فكر ووجدان هؤلاء الأطفال، مبينا أن مجموعات الخبرات الصادمة هي جزء من تاريخهم الشخصي. وأشار الزيادة ن مشاعر الخوف والقلق لدى الأطفال من احتمال تكرار الحرب وتساؤلات الأطفال جزء مما تبقى من أثار الحرب الإسرائيلية، بالإضافة إلى زيادة الحركة لدى الأطفال ومشاكل النوم بالذات للذين تعرضوا لخبرات صادمة مباشرة. وأوضح زيادة أن الأطفال الذي تعرضوا لخبرات صادمة يحاولون عادة تجنب مسببات هذه الخبرات وتناسي ما حل بهم، ولكن في الواقع الفلسطيني لا يمكن للأطفال في قطاع غزة أن يتجنبوا هذه المسببات، مشددا أن البيئة في غزة لا تسمح له بالنسيان حتى لو حاول أن ينسى ما تبقى من الحرب. وبحسب تحقيقات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فإن 1417 استشهدوا خلال الحرب الأخيرة على غزة من بين الشهداء 926 مدنيًّا، منهم 313 طفلاً. |