وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المسعفون بالحرب: نحارب الموت بالحياة

نشر بتاريخ: 27/12/2010 ( آخر تحديث: 28/12/2010 الساعة: 10:46 )
غزة- تقرير "معا"- رائحة الموت والبارود ما زالت عالقة في أذهانهم، منهم من استشهد أو جرح خلال مهمتهم الإنسانية من اجل إنقاذ حياة المواطنين، 22 يوما عاشوها عصية على النسيان من الذاكرة من شدة هول الجريمة التي ارتكبها الاحتلال في حرب حصدت الأخضر واليابس على قطاع غزة.

أطباء ومسعفون في غزة كان يخرجون من بيوتهم على الأقدام ويعودن بعضهم محمولاً على الأكتاف، وتبقى لهم الذكرى لدى محبيهم، وهم أيضا شهود على جرائم الاحتلال الإسرائيلي.

ليالي الحرب أشبه بنهارها التي شكلت نقطة تحول خطيرة على صعيد الانتهاكات الإسرائيلية ضد المواطن الفلسطيني المدني، فقد تعرض القطاع لقصف عنيف ومتواصل، استخدمت خلالها الطائرات المقاتلة، حيث أشارت بعض المصادر العسكرية الإسرائيلية إلى استخدام أكثر من ثلث سلاح الجو الإسرائيلي، هذا بالإضافة إلى استخدام ارتال كبيرة من الدبابات وناقلات الجند والبوارج الحربية.

مراسل "معا" أيمن أبو شنب استرجع مع أطباء ومسعفون المشهد الذي لا ينساه أي فلسطيني عاش الحرب أو شاهدها، ولكن حدث يصعب وصفه بالكلمات، في يوم السبت 27/12/2008 في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا باغتت 60 طائرة حربية إسرائيلية أجواء قطاع غزة لتعلن للعالم بداية الحرب على القطاع والتي سقط في يومها الأول 230 شهيدا و550 جريحا.

الدكتور ايمن السحباني رئيس قسم الاستقبال والطوارئ بمستشفى الشفاء بغزة يقول: "إن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة بشعة لما تم استخدامه من أدوات محرمة دوليا، لقد استقبلنا حالات عجزنا على علاجها، كحالات الفسفور الأبيض، ولدينا تخوفات كبيرة لما ستتركه هذه المواد الضارة من تأثيرات ستظهر بالمدى البعيد".

ويضيف"لقد عملت أيام الحرب على مدى 24 ساعة متواصلة كنت لا أجد ساعة للراحة، فلقد كانت الضربات الإسرائيلية متتالية وموجعة، حيث كنا نستقبل كل نصف ساعة مصابين جدد مما استنفذ طاقاتنا وأدواتنا، ومن كثرة الحالات كنا نستقبل المرضى والمقطعين على الأرض لا توجد أسرّه تكفي لعدد الإصابات فغرفة الاستقبال بها 11 سريرا وفي اليوم الواحد نستقبل من 100 لـ 200 جريح، موضحا انه لكثرة عدد الجرحى اعلن المستشفى خطة طوارئ لمجاراة الحدث".

وأشار د.السحباني إلى أن عدد الشهداء وصل إلى 1455 شهيدا، 1238 ذكورا و217 إناثا فيما بلغ عدد الإصابات 5303 من بينهم 1815 طفلا.

وشكر بدوره كل الأطقم الطبية العاملة خلال فترة الحرب لما بذلته من مجهودات لراحة المصابين والجرحى، داعيا إلي ضرورة اخذ كافة الاستعدادات لمجابهة أي حرب جديدة.

وحول خسائر الطواقم الطبية في الحرب، قالت وزارة الصحة بالحكومة المقالة لقد استشهد 16 من أفراد الطواقم الطبية أثناء تأديتهم لعملهم واصيب 38 آخرون، مشيرة إلى استهداف وتدمير 15 سيارة إسعاف ودفاع مدني كما تم قصف 8 مستشفيات منها 5 حكومية و3 تتبع لمنظمات أهلية و33 عيادة تابعة لوزارة الصحة و5 عيادات تتبع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين.

جمال محمد أبو سلمية مدير وحدة الإسعاف والطوارئ في الخدمات الطبية العسكرية يقول:" تمر علينا هذه الأيام ذكريات مؤلمة، فقدنا فيها أعزاء علينا وكانوا يعملون على مدار الساعة من اجل إنقاذ الناس".

وعن أولى لحظات الهجوم الإسرائيلي على القطاع يضيف أبو سلمية :" كان عندي محاضر لمادة الإسعافات الأولية في أنصار وأنهيت محاضرتي الصباحية وكان من المفترض أن أتحرك للمحاضرة الثانية في مقر مدينة عرفات للشرطة وأثناء المحاضرة بدأ القصف العشوائي الهمجي الغير محدد قصف مقرات وبيوت وشارع وأطفال الموقف صعب والخدامات الطبية موجودة، ودورنا نحن كضباط إسعاف أن نقوم بتهدئة الجميع ونخليهم تدريجيا إلى المناطق الآمنة".

وعن شهداء الخدمات الطبية أوضح:"خسرنا بالحرب خيرة الزملاء الأطباء منهم الدكتور إيهاب المدهون والدكتور عيسى صالح طبيب أسنان ومسعف ومن التمريض ياسر اشبير ورأفت عبد العال وآخرين"، مشيرا الى ان عدد الشهداء بلغ 8 ما بين أطباء وممرض وبعض الجرحى، مؤكدا ان المتطوعين لم يسلموا من نيران القذائف.

وزاد:" مجتمعنا مجتمع متماسك وطني أهلي دفق الجميع حتى طلاب الجامعات الذين يدرسون تمريض تقدموا للعمل معنا ومنهم من استشهد مثل انس نعيم".

طواقم لا تعرف للنوم او الراحة طعم الا ان عملهم يحتم عليهم العمل على مدار الساعة في تلك اللحظة من اجل انقاذ حياة المواطنين.

ورغم قلة الإمكانيات لدى الطواقم يضف أبو سلمية"من شدة هول ما حدث اضطررنا لفتح الباب للمتطوعين والكوادر الجدد، هؤلاء الناس رغم قلة خبرتهم إلا أنهم قدموا الكثير"، مسترجعا ذاكرته عندما كان يقول لبعض زملائه اذهب إلى البيت للراحة فكان الجواب:" لا يمكن الذهاب إلى البيت وعلى رأسهم الدكتور عيسى صالح حتى استشهد هذا الرجل بعد صلاة الفجر في احد البيوت أثناء قيامة بإخلاء الشهداء والإصابات في احد البيوت.

وجه شكره لكل طواقم الإسعاف في كل مكان ليس فقط للخدمات الطبية، داعيا إياهم ان يكونوا على جاهزية دائمة، وأضاف" لا نابي هذا العدو المجرم، ومخطئ حتى لو زاد في جرائمه ممكن لن نتوقف عن عملنا، صحيح نحن نأتي إلى العمل على أرجلنا وربما نعود محمولين ولكن هذا شرف لنا".

وبدوره وجه رسالة ثانية لأبناء المجتمع الفلسطيني بشكل عام والعربي والإسلامي بشكل خاص قائلا:"لقد كانت إمكانيتا متواضعة وأصبحت الآن عالية أصبح هناك تنسيق وأصبح لنا لجنة عليا للإسعاف والطوارئ لا نعمل لوحدنا في الميدان نعمل مع الصحة والهلال الأحمر الدفاع المدني".