|
حل المشكلة سياسيا: أزمة المياه تتفاقم في غزة مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي
نشر بتاريخ: 09/08/2006 ( آخر تحديث: 09/08/2006 الساعة: 17:42 )
غزة-معا- يلاحقون سيارة مزودة بخزان أبيض ضخم، مواطنون يتسابقون للوصول إليها قبل الآخرين، المواطن حسام ينادي ضاحكاً:" هه توقف بدي اشتري ماي".
مشكلة غدت في غزة فوق الوصف، فالأشقاء يقضون ليلهم متسامرين ينتظرون اللون الشفاف الأبيض، وبعض المواطنين في المناطق الأعلى كثافة على مستوى العالم 3800 نسمة لكل كيلو متر مربع يبدءون نقاشاً ساخنا حول نصيب كل عائلة منهم ويشتد إلى عراك بالأيدي وغضب بين الجيران، وحين تمر شاحنة المياة المحلاة تحل بعض المشكلة ويبدأ المواطن الغزي بتزويد بيته ببعضها علها تخفف المعاناة بعض الشيء. المواطن أبو عبد الله من غزة يقول أن الحال أصبح لا يطاق في غزة، فمن قطع التيار الكهربائي قرابة 16 ساعة باليوم إلى قطع المياه إلى اشتداد الحرارة إلى غياب الرواتب تغدو الحياة في غزة صعبة. وفي جنوب القطاع حيث المحافظات الجنوبية كرفح وخانيونس يحاول المواطن العادي التغلب على المشكلة فيملأ خزاناً كيف كان حجمه ببعض المياه المنقاة والتي تباع وتشترى بغزة ومن ثم ينتظر التيار الكهربائي ليرفع المياه إلى الخزانات البيتية على أسطح المنازل باستخدام الدينامو الذي غدا غير مجدي في ظل الأوضاع الحالية. اتفاقية المياه التي وقعت عقب توقيع اتفاقية السلام في أوسلو لم تنفع الفلسطينيين في شيء، فما زال المواطن الفلسطيني ينتظر قطرة المياه حتى ساعات الفجر وأخيراً تأتي فيقطع التيار الكهربائي ويعيش يومه بلا مياه.. بلا مياه ليست قضية صغيرة، ليست مشكلة عابرة ليوم أو يومين أو حتى اسبوع، موسم الصيف بأكمله تكون فيه غزة من أقصى شمالها إلى جنوبها على صفيح ساخن لا يبرد حرارته سوى المراوح وبعض المكيفات التي تتوقف نظراً لقلة المياه. سلطة المياه حاولت أن تضع وكالة معاً في ضوء الأزمة الحقيقية لمشكلة المياه في قطاع غزة من بيت حانون إلى رفح واصفة المشكلة بأنها تفاقمت جراء قطع التيار الكهربائي وقلة المحروقات. وحمل المستشار الإعلامي في سلطة المياه نقداً لاذعاً لاتفاقية المياه التي وقعت في أعقاب اتفاقية أوسلو قائلاً أنها غير مجدية لا سيما في الضفة الغربية حيث ينص حفر أي بئر هناك يشدد على ضرورة العودة إلى لجنة فلسطينية إسرائيلية مشتركة حيث يكون فيها الإسرائيلي صانع القرار وبالتالي ترفض كل الطلبات بحفر آبار هناك. العجيب أن الاحتلال الإسرائيلي يوجه اتهاماً للفلسطينيين في مناطق السلطة الفلسطينية مدعياً انهم يستنزفون المياه في حين تنفي سلطة المياه ذلك نفياً قاطعاً، مؤكدة على أن استهلاك المياه هناك وخاصة في قطاع غزة لا يعتمد سوى على الخزان الجوفي الذي يطلق عليه " الحوض الساحلي" والذي بدوره لا تغذيه سوى أمطار فصل الشتاء، وبدورها تتساقط على قطاع غزة بمعدل سنوي من 300- 350 ملم بمقدار 120 - 122 مليون متر مكعب لا ينفذ منها سوى من 40 - 65 مليون متر مكعب إلى الخزان الجوفي الذي يغذي احتياجات مليون و400 ألف مواطن في قطاع غزة، أما باقي الأمطار فتمتصه التربة ويهدر عن طريق التساقط على البحر. المشكلة بالأرقام... من البداية يقدر استهلاك الفلسطيني في قطاع غزة سنوياً من المياه من 120-140 مليون متر مكعب فغي حين لا يعتمد السكان الذين من المتوقع أن يرتفع تعدادهم في العام 2010 إلى 2مليون و300 ألف نسمة لا يعيشون إلى على مساحة 365 كيلو متر مكعب، لا يعتمدون إلى على الخزان الجوفي الذي يستوعب فقط من كمية الأمطار من 40-65 مليون متر مكعب، في حين تنص مبادئ منظمة الصحة العالمية على أن نصيب الفرد الواحد في أي بقعة من العالم يجب ألا يقل عن 100 لتر يومياً أما في قطاع غزة فلا يتجاوز نصيب الفرد عن 50-70 لتر يومياً، فيما يفوق استهلاك الإسرائيلي 350 لتر يومياً أمام المستوطن فإن استهلاكه اليومي أضعاف ما يستهلكه الإسرائيلي نفسه ويتعدد الاستهلاك من برك سباحة إلى أراض زراعية إلى آخره. مجموع السكان الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية الذين يقدر عددهم من 3 مليون و7020 ألف نسمة يستهلكون من 250-270 مليون متر مكعب سنوي يدخل ضمنها 40 مليون متر مكعب تقوم السلطة الفلسطينية بشرائها من شركة مكروت الإسرائيلية، في حين يستهلك الإسرائيليون والذين يقدر عددهم بـ 6 مليون و400 ألف نسمة ما مقدراه 2200 متر مكعب سنوياً أي قرابة 8 أضعاف الفلسطينيين. وفي الضفة الغربية تبدو القضية صعبة ومتشابكة فهناك سيطرة إسرائيلية كاملة على مصادر المياه التي يستهلك فيها مواطنو الضفة الغربية قرابة 59 مليون متر مكعب سنوياً ولا يسمح لهم بحفر الآبار. أما في قطاع غزة فإن الاحتلال لإسرائيلي قام بتجفيف الأودية وحول مسارها إلى جهة الشرق حيث لا زال قابعاً هناك، ويقدر معدل الاستهلاك والاستنزاف فيه للمياه بما يساوي 155 مليون متر مكعب أي بعجز مائي يقدر بـ 90 مليون متر مكعب سنوياً. الحلول..سياسية... دون توزيع المياه بشكل عادل ودون استعادة الحقوق المائية فإن المشكلة ستعم منطقة الشرق الأوسط بأكملها والقضية ستتحول إلى كارثة بيئية، هذا ما تؤكده سلطة المياه الفلسطينية التي تشدد على ضرورة استرجاع الحقوق المائية وبناء كافة الاتفاقات السياسية بالأساس على حل مشكلة المياه خاصة بالضفة الغربية. |