وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"تونس" تستفيق في قلوب الفلسطينيين وتشحذ ذاكرة الماضي الأليم

نشر بتاريخ: 17/01/2011 ( آخر تحديث: 17/01/2011 الساعة: 16:36 )
غزة- تقرير معا- اتصالات مكثفة تجريها "أم محمد" عبد الحميد إلى تونس يوميا لتطمئن على أهلها هناك، فقلب هذه السيدة التي عاشت في تونس ما يقارب الـ23 سنة ينبض بالخوف على ابنها المقيم في مدينة الزهراء بالعاصمة التونسية.

حال "أم محمد" لا يختلف عن أحوال آلاف الفلسطينيين الذين امضوا فترة 13 عاما هي الفترة التي قضاها الفلسطينيون في تونس بعد خروجهم من لبنان وقبل العودة إلى الوطن، فكانت تونس هي الأم التي احتضنتهم وعلى أرضها سالت دماء عدد من قادتهم.

وتؤكد أم محمد لـ"معا" أنها تراقب الأوضاع في تونس عن كثب لما للشعب التونسي من مكانة خاصة لدى الفلسطينيين، معربة عن قلقها على جيرانها وابنها فتقول: "لا يستحق الشعب التونسي إلا كل الخير فهو شعب طيب جدا وعانى كثيرا من سطوة النظام الحاكم هناك".

لا يختلف الحال بالنسبة لـ "أم علي" التي عاشت في تونس 13 عاما متواصلة وخلال فترة تواجد منظمة التحرير الفلسطينية في ذلك البلد التي أبدت اندهاشا من الأحداث وتسارعت إلى الاتصال بأصدقاء تونسيين عاشت معهم طوال فترة مكوثها هناك.

وتقول "أم علي" مكي: "ما حدث من انتفاضة أشعلت الشارع التونسي هو تعبير عن خيار الحرية والكرامة التي فقدها التونسيون خلال فترة تولي بن علي الحكم"، معربة عن أملها في أن يعود الهدوء إلى الشارع التونسي بعد أن حصّل على مراده.

وتتابع "لم نشعر يوما بالغربة خلال تواجدنا في تونس، حتى أن الشعب التونسي لم ينسنا خلال الحرب الأخيرة على غزة واتصل للاطمئنان علينا، وهذا يدل على أصالة هذا الشعب" مشيرة إلى الاحترام الذي حظي به الفلسطينيون طوال 13 عاما قضوها ضيوفا على أرض تونس.

كان ولا يزال الشعب التونسي محبا للقضية الفلسطينية التي بدت واضحة من خلال العلاقات الاجتماعية التي نسجت بين الشعبين الفلسطيني والتونسي، فرغم مرور عشرات السنين على خروج المنظمة من هناك إلا أن اللغة بقيت حاضرة في ثقافة الفلسطينيين.

"أبو جمال" ابو راس الذي عاش في تونس مدة 7 سنوات قبل أن ينتقل إلى الجزائر، أثنى على محبة وتضامن الشعب التونسي كشعب وحكومة مع الفلسطينيين، مشددا أن الفترة التي سبقت سيطرة ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس التونسي على مقدرات تونس كان تاريخ الزين حافلا اقتصاديا وسياسيا وعمرانيا.

وقال أبو جمال: "نحن مع خيار الشعب التونسي في التحرر من السيطرة والسطو الذي مورس عليهم في عهد ليلي الطرابلسي، فهي المسؤولة عن تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية في تونس"، داعيا الشعب التونسي إلى التروي وعدم التسرع في خياراتهم ولا يكرروا تجربة الإطاحة بالرئيس الأسبق بورقيبة.

وأضاف "اليوم الشعب التونسي مدعو لاختيار من يمثله بكل قناعة وبمشاركة الأحزاب الأخرى دون إقصاء أي فصيل مهما صغر شأنه".

"أم سما" زقوت بدورها تنقلت بين تونس والمغرب خلال دراستها الجامعية، تتابع الأحداث في تونس عن كثب وتستذكر كل شارع يظهر على شاشات التلفزيون بدءا من شارع الحبيب بورقيبة ومنطقة المونستير وباردوا والزهراء وغيرها من الأماكن، فسارعت إلى الاطمئنان على صديقتها التي تركتها منذ 13 عاما، تقول: "لتونس في قلوبنا مكانة خاصة ولا يمكن أن تمر هذه الأحداث دون أن يكون لنا دور فيها وأقل ما يمكننا فعله هو الاطمئنان على أشقائنا هناك".

بدورها دعت الشعب التونسي إلى إنهاء الفوضى التي تعم الشوارع والمحافظة على الحضارة والعمران التونسي وإعادة ترتيب أوضاعهم الداخلية مضيفة، "نحن نحب تونس والشعب التونسي (..) لم نكن نتصور أن تنقلب الأمور في تونس ولكن نحن كشعب فلسطيني ندعم خيار الشعب التونسي".

"أشعر بالحزن على ما حدث لتونس ولشعبها من قتل ودمار وتخريب للبلاد، الشعب التونسي شعب طيب ولا يستحق ما حصل له والآن بما انه اخذ ما يريد عليه أن يبدأ بلملمة جراحه ويركز على إعادة إصلاح البلاد"، بهذه العبارات عبرت شادية ياسين هي الأخرى فلسطينية كانت تقيم في تونس.

وتقول: "تونس بلد حلوة وخسارة عليها ولا يمكن أن ننسى طيبة الشعب التونسي ومعاملته الحسنة للفلسطينيين وإذا يوما شعرنا كأننا في بدلنا فهي تونس من منحنا هذا الشعور".

ويجمع هؤلاء المواطنون على ضرورة أن تحذو الدول العربية حذو الشعب التونسي وان تنتفض على الظلم والاستبداد والسطو، مشددين أن ما حدث في تونس هو درس للحكام الذي يبحثون عن مصالح شخصية أن كرسي العرش إلى زوال يوم أن تقرر الشعوب مصيرها.