وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"توتو".. "فراولة" أسماء للّذة وهمية تنتهي بكارثة صحية

نشر بتاريخ: 19/01/2011 ( آخر تحديث: 19/01/2011 الساعة: 13:37 )
غزة- تقرير معا- "توتو"، "فراولة"، هي أسماء مستعارة لحبوب الترامال التي يتناولها فئات من الشباب الغزي، الذي اشتهر اسمه بعد تهريبه إلى غزة عبر الأنفاق الممتدة على طول الشريط الحدودي بين رفح ومصر.

ألوان عقار الترامال مختلفة وكل له سعره منها الأخضر وما يعرف ب"الخيار" 100 ملغرام ويصل سعره إلى 35 شيقلا، والفراولة اللون الأحمر 150 ملغرام 50 شيقلا، والأبيض 200 ملغرام 70 شيقلا، كل هذه الأشكال والألوان يتم تناولها سواء بوصفة طبية أو دونها.

ولجأ "المتعاطون" لحبوب الترامال لهذه الأسماء خوفا من الرقابة التي تجريها أجهزة أمن المقالة في غزة، حيث يستخدمه الشباب كنوع من الترفيه عن النفس وللخروج من الواقع المرير الذي يعيشونه في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية دون النظر إلى أضراره في المستقبل.

ولم يقتصر تناول هذا العقار على شريحة الشباب فحسب، بل يمتد استخدامه ليطال النساء والعاملين والعاطلين إما للعلاقة الزوجية لدى الرجال أو لمرض يعاني منه الفرد أو للانبساط "الزهزهة" كما يطلق عليه بين أوساط الشباب.

السؤال الذي يطرح نفسه هل يعلم متعاطو الترامال ما سلبيات استخدامه؟، "معا" ناقشت هذا الموضوع مع بعض الأشخاص الذين يتناولون هذا العقار المدمر لحياتهم والذين أكدوا أن استخدامهم له هو نتيجة مشاكل نفسية أو عدم وجود عمل بغزة أو لمشكلات تشوب العلاقة الزوجية.

"ع. ع" شاب يبلغ الخامسة والعشرين من العمر، قال: "إن الترامال يعمل على ارتخاء بالجسم وشعور بالانبساط والارتياح"، كما اعتبره وسيلة للهروب من الهموم اليومية والظروف الصعبة، ومن الواقع الذي يعيشونه في ظل غياب فرص العمل لهم.

وتابع "كل ما احتاج بأشتري ولكن بأخذ الحذر لتجنب المشاكل"، مضيفا أن سعر الشريط في السابق كان رخيصا بـ 20 شيكل، أما بعد حملات شرطة المقالة لمراقبة التجار والبائعين أصبح سعر الشريط 75 شيقلا ولذلك أصبح الحصول عليه بصعوبة.

وفي رأي مُختلِف قال "ر. أ" في الثلاثينات من العمر انه يستخدم حبوب الترامال للعلاقة الزوجية وذلك بوصفة من أحد الصيادلة، مضيفا انه أصبح شبه مفقود بسبب الحملات الأمنية من قبل الشرطة بالحكومة المقالة.

أما "ا. ع" البالغ من العمر ( 25 عاما) احد متعاطي الترامال أشار إلى انه في حال لم يتعاطَ الترامال يصاب بالأرق في النوم والعصبية والآم في المفاصل، لذلك يضطر لتناوله.

المريضة "و. م" (28 عاما)، قالت: "لقد أدمنت على تناول الترامال بعد ما تعرضت لحرق في جسدي أثناء طهي الطعام فوصف الأطباء الترامال لتسكين الألم لان الحرق وصل للدرجة الثالثة وبعد مدة من استخدامه أصبحت لا استغني عنه رغم عدم وجود الألم".

وعن طبيعة الترامال، قال الصيدلاني أسامة الدمّاغ صاحب صيدلية بمدينة غزة "إنه يحتوي على مادة اسمها العلمي هيدروكلورايد وهي تصنف وفق المجموعة الصيدلانية ضمن مسكنات الألم القوية ويتم تناوله كمسكن للألم قوي في حالات الآلام المصاحبة لآلام العصبية مثل عمليات الغضروف وللأسنان والحوادث، وكذلك يعمل على الجهاز العصبي المركزي (c.n.s)".

وأضاف "أن كل المسكنات التي تعمل على الجهاز العصبي المركزي من أعراضها الجانبية، بطء في ردة الفعل وانبساط المزاج وتعمل على تخفيض التوتر العصبي (النرفزة)".

وأوضح أن الاستخدام المفرط لعقار الترامال وخاصة ازدياد الفترة الزمنية واستخدام الجرع المفرطة للمريض تؤدي إلى حالة الإدمان، مشيرا إلى أن العيار المصرح به للمريض يتراوح ما بين 50 ملغرام إلى 150 ملغرام في الجرعة الواحدة كل 8 ساعات يوميا وألا يتجاوز المدة أسبوع أو عشرة أيام أو عند اللزوم.

وتابع الدمّاغ: "ان الشباب يتناول جرعة مضاعفة ومفرطة قد تصل في بعض الأحيان إلى 4 حبات من عيار 150 إلى 200 ملغرام يوميا وذلك للخروج من الحالة التي يعيشونها، محذرا إياهم من أن تناوله قد يؤدي الى الفشل الكلوي وأمراض الكبد ويؤدي الي الضعف الجنسي مستقبلا.

وعند ترك المدمن للترامال، أشار الصيدلاني انه يدخل في مشاكل سببها العلمي يعود على تعوّد الجسم على المادة المسكّنة للخلايا الدماغية.

وعن ايجابيات الترامال، أكد انه مسكن قوي وفعّال في حال فشل المسكنات العادية في تسكين الآلام وخاصة العظام والأعصاب مثل "الغضروف وما يعرف بالديسك".

وعن طرق بيعة، قال الدباغ إن هناك نوعين: الأول يأتي بشكل رسمي عن طريق شركات الأدوية المرخصة وبرقابة صارمة من قبل السلطة، ويعطى بوصفة طبية ويصل سعره من 24 شيقلا إلى 36 شيقلا وذلك حسب التركيز.

وأضاف انه يوجد لدى الصيدلية سجل خاصة من قبل وزارة الصحة لتسجيل بيانات المريض الذي يتناول هذا العقار وكذلك يتم الاحتفاظ بالوصفة الطبية "الروشته". والنوع الثاني هو المهرب عن طريق الأنفاق وهو متناول ربما في أغلب المنازل لكنه يباع بعيدا عن الصيدليات.

ونصح الصيدلاني الدمّاغ المواطنين بـ "الابتعاد عن هذا العقار السام الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى الهلاك".

من جهته قال الملازم أول رشيد المصري مسؤول العلاقات العامة والإعلام في مكافحة المخدرات بالمقالة، إن "الشرطة تقوم بدور رائد في مكافحة المخدرات وذلك وفق الإجراءات القانونية للقضاء على ظاهرة انتشار المخدرات في المجتمع الغزي".

وأشار إلى أن وزارة الداخلية بالمقالة شنت قبل شهرين حملة للحد من انتشار هذه الظاهرة التي استجاب لها الكثير من المواطنين، كما تقوم المكافحة بإلقاء محاضرات وتقديم ندوات للتوعية من خلال المؤسسات الأهلية للتحذير من مخاطر تعاطي المخدرات، مشيراً إلى أن المكافحة بصدد إعادة التوعية في أوساط الطلبة أبناء الثانوية والجامعات.

وأكد أن المكافحة تعمل على مدار الساعة في جميع أقسامها والمحافظة للحد من العرض والطلب على الترامال والمخدرات، مضيفا انه عندما يتم اعتقال المروجين وإنهاء التحقيق معهم يتم عرضهم على النيابة لإصدار الأحكام المتفاوتة عليهم أو دفع الغرامات.

وأشار المصري إلى وجود قرابة 250 موقوفا على خلفية ترويج المخدرات في المجمع الفلسطيني.

وقال إن المكافحة تقوم بعقد دورات مع أهل الاختصاص لتطوير أداء عناصرها بناء على توجيهات قيادة الشرطة المقالة لتطوير الأداء المهني.