|
مزارعو العنب في قطاع غزة.. رحلة محفوفة بالتعب والارهاق ربما نتيجتها الخسارة!
نشر بتاريخ: 21/08/2006 ( آخر تحديث: 21/08/2006 الساعة: 13:12 )
خان يونس- معا- يعتبر المزارعون موسم جني محصول العنب, الذي يبدأ مع حلول شهر يوليو/ تموز, موسماً للرزق والبيع, لتحصيل قوت أبنائهم وتوفير مصدر اقتصادي بديل، خاصة في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني جراء الحصار الخانق والاغلاق والحواجز ومنع الفلسطينيين من دخول الخط الأخضر للعمل.
وكالة "معا" وللوقوف على اوضاع مزارعي العنب, قامت بجولة في كرم الحاج علي ابو ظهير, عضو جمعية المزارعين, ورئيس جمعية البيوت البلاستيكية سابقاً, والذي يملك كرم عنب بمساحة سبعة دونمات في منطقة الشوكة برفح. وفي بداية حديثه لنا عبر أبو ظهير عن سعادته بحلول موسم قطف العنب, مشبهاً فرحة المزارعين بهذا الموسم بفرحة الام عندما ترزق بمولودها بعد تسعة اشهر من الحمل والتعب. مراحل نضوج محصول العنب: يمر العنب بمراحل عديدة، حتى يصبح ثمرة ناضجة يستطيع التجار شراءها من المزارع وعرضها في الأسواق لبيعها للمستهلكين، حيث يظهر من خلال هذه المراحل مدى التعب والإرهاق الذي يواجهه المزارعون الذين يتخذون موسم العنب مصدراً للرزق وجلب المال. ويقول الحاج ابو ظهير:" العمل في زرع العنب وحصاده ليس هيناً، بل هو أشغال شاقة تستمر على مدار العام من خلال مراحل متعددة وخصوصيات مختلفة لكل مرحلة". ويضيف "المرحلة الأولى وهي (القشبرة)، أي قطع الأغصان الفاسدة التي تحملها الشجرة لإعطاء الأغصان الجيدة فرصة النمو، حيث تبدأ هذه المرحلة من بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر حتى نهاية شهر كانون الثاني/ يناير". وفي المرحلة الثانية الممتدة حتى نهاية شهر شباط/ فبراير نقوم بعملية تقليب الأرض وحرثها بالفأس، وهي ما نسميها بعملية (التعشيب)، ثم نقوم بتسميد الأرض بالسماد الكيماوي. كما تتم في المرحلة نفسها عملية (التقليم) التي تعني قطع أغصان الشجرة مع ترك 20 سم من الغصن للمساعدة في نمو الشجرة". ويرى المزارع عاشور اللحام رئيس جمعية المزارعين الذي رافقنا في الجولة أن فصل الشتاء هو الفصل الذي يحدد مدى نجاح محصول العنب أو فشله، مضيفاً:" إذا كان فصل الشتاء شديد المطر نتفاءل بالخير ونستبشر بأن حمل أشجار العنب سيكون جيداً، وبالعكس اذا كان موسم الشتاء شحيح الامطار". وعن المرحلة الثالثة في زراعة العنب يقول اللحام: في شهر نيسان/ أبريل تبدأ فروع العنب بالنمو وتستمر حتى نهاية شهر أيار/ مايو, حيث نبدأ بعملية رش العنب بالمبيدات والأدوية أيضاً حسب مراحل تستمر حتى قطف العنب. فيُرش بأدوية مضادة للديدان وأخرى تساعد في المحافظة على عناقيد العنب سليمة دون تلف". ويتابع "بعد نمو أغصان العنب تأتي مرحلة (التسنيد)، وهي عملية رفع شجر العنب عن الأرض بواسطة عصي خاصة, إضافة إلى عملية إبعاد فروع الشجرة بعضها عن بعض لتهويتها". ويقول المزارع ابو ظهير:" إن ظهور ونضوج ثمار العنب يبدأ مع نهاية شهر حزيران/ يونيو، حيث نقوم بعملية (التوريق)، أي استئصال أوراق شجرة العنب التي تحيط بالعناقيد وإبعاد العناقيد بعضها عن بعض لتنمو بالطريقة السليمة". مشيرا إلى أن هذه الطريقة تساعد المزارع في تقليل إمكانية إصابة العنب بالأمراض التي تكثر في شهر حزيران/ يونيو بالذات. ويمضى قائلاً: "بعد عملية التوريق نقوم برفع أطراف شجر العنب من الجوانب لإعطائها فرصة التعرض للشمس والهواء ولمنع فساد العناقيد، وهذه هي المرحلة الأخيرة قبل جني المحصول". موضحاً أن موسم قطف العنب وبيعه للتجار يبدأ في أوسط شهر حزيران/ يونيو، ويستمر حتى نهاية آب/ أغسطس. بين التعب والخسارة: ويؤكد المزارعون أن تكاليف زراعة العنب في مراحلها المختلفة باهظة جداً مقارنة بالأرباح التي تعود عليهم. ويقول المزارع ابوظهير:" الدونم الواحد من العنب يحتاج تكاليف تقدر بـ 1500 دولار، ناهيك عن مبلغ مماثل يدفعه بعض المزارعين لمالك الأرض الذي يضمن (يستأجر) منه كروم العنب, بينما الأرباح التي نجنيها من بيع العنب لا تتجاوز الـ100 دولار للدونم الواحد.. (الدونم ألف متر مربع)". ويستدرك قائلاً: "أسعار ضمانات العنب مرتفعة جداً بسبب تنافس المزارعين عليها وعدم وجود فرص عمل بديلة في ظل الوضع السيئ الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي". مشيراً إلى أنه في كثير من الأحيان لا يسترد مزارعو العنب رؤوس أموالهم التي دفعوها خلال موسم العنب، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية اللازمة لمراحل زراعته, كالأدوية والمبيدات وأجور العاملين واختلاف أسعار العملات، خاصة في فصل الصيف. زراعة العنب.. ثقافة ويرى رئيس جمعية المزارعين عاشور اللحام ان زراعة العنب عبارة عن ثقافة يرثها المزارع عن آبائه وأجداده، مؤكداً تمسك المزارع بهذه المهنة برغم مخاطرها الاقتصادية والأمنية. كما يؤكد الحاج ابو ظهير أن كروم العنب هي المصيف الذي يقصده أبناؤه الصغار لقضاء العطلة الصيفية, والبديل عن المخيمات والرحلات الترفيهية التي يذهب إليها الأطفال في هذه الفترة من الصيف. مشيراً الى ان أبناءه محرومون من ذلك كله بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه أسرته. ويضيف أبو ظهير:" ضمن الثقافة التي توارثناها عن آبائنا وأجدادنا, اقتطاع جزء من محصول العنب لتوزيعه على الجيران والأصدقاء، وعمل أصناف مختلفة من المأكولات بواسطة العنب، مثل مربى العنب والخل، إضافة إلى العصير، واستخدام أوراقه في عمل (الدوالي) الذي يعد من أشهر الوجبات الغذائية التي يحبذها المواطنون في قطاع غزة". |