|
والدة خالد سعيد:مبروك لمصر سقوط نظام القهر.. ومن النهارده هالبس الأبيض
نشر بتاريخ: 13/02/2011 ( آخر تحديث: 13/02/2011 الساعة: 20:36 )
بيت لحم- معا- لم تنم الحاجة ليلى مرزوق والدة خالد سعيد "شهيد التعذيب" ليلة سقوط الرئيس كما نامت من قبل، ظلت تهتف حتى ساعات الصباح الأولى من أعماق قلبها وتلوح بعلامات النصر، وهي تحتضن صورة فلذة كبدها على وسادة ضمتها إلى قلبها وصدرها وهي تردد "حق ابني رجع"، "مبروك لشباب مصر"، "ما حدش هيخاف من الإعتقالات والتعذيب تاني".
هكذا تحدثت الأم من الطابق التاسع في شرفة تطل على الملايين الهادرة في ميدان التحرير، كانت الفرحة تطل من عينيها، وكانت القبلات تنهال فوق رأسها وجبينها من كل شباب مصر الذين تواجدوا في تلك اللحظة التاريخية، بينما كانت يدها تلوح إلى أبنائها، والجميع ينادونها "أمي.. مبروك يا أمي"، أصبحت والدة خالد سعيد "أم الثوار"، و"أم المصريين"، وصار ابنها "أيقونة الحرية". "المصري اليوم" التقت الأم الصابرة، واحتفلت مع أسرتها بيوم الحرية، وكان حواراً مفعماً بالأحاسيس، وفاضت فيه المشاعر، في ليلة لم تشهد لها مصر مثيلاً.. وإلى تفاصيل الحوار.. سـألتها عن مشاعرها كأم رأت ليلة الحرية التي لم يرها ابنها الشهيد فقالت: "والله العظيم فرحانة، مش قادرة أعبر عن اللي في قلبي، كان كابوس وانزاح عن القلب، أسعد خبر في حياتي إني سمعت الرئيس يتنحى، صحيح هو المسؤول عما حدث لابني ولشباب زي الورد، لكن أهم شيء إنه ذهب إلى الأبد، ومصر هاتتنفس حرية من جديد، وخالد أنا شايفاه فرحان - تغالب دموعها ثم تقول - أنا احتفلت بعيد ميلاد خالد يوم 27 يناير، ثالث يوم فى الثورة، والليلة دي باحتفل بزفافه للحور العين خالد كان نفسه يتجوز، أنا شفته في المنام راكب حصان أبيض، وواثقة إنه فرحان بنصر مصر وبيتهنى في الجنة". المجموعة التي عملت جروب خالد سعيد.. ماذا تقولين لهم؟ ما شاء الله عليهم، أنا حسيت أنهم ولادي، أنا بشكر وائل غنيم قوي قوي، لإنه كان محسسني إن خالد ابني عايش، شفت في الشباب صورة ابني، غنيم أعطاني إحساس إن صورة خالد على الكمبيوتر هي اللي قادت الثورة، وكأنه اللي ماسك الموضوع، علاقتي بهم زي الفل، وخاصة وائل، لأنه كان بيدوب في خالد، ولما خرج من السجن وعرفت إنه هنا كان بيعيط وهو بيتكلم مع الشباب في ميدان التحرير، كان بيتكلم من غير ورقة، أنا لما طلعت أتكلم وسط الشباب قالوا لي اتكلمي من ورقة وأنا رفضت، كنت أتكلم من غير ورقة، لإني باتكلم من قلبي، الريس كان بيكلم شعبه من ورقة، مش عارف يتكلم معانا من غير ورقة، وما حدش كان مبسوط. تحبي توجهي كلمة للريس، تحبي تقولي له ايه؟ - أقول له "مع السلامة" و"كتر خيره"، إنه مشى وسابنا، وتنازل عن حقه - بتهكم - "اللي بيقول إنه حقه"، بس يا ريت يرجع فلوسنا اللي أخذها، لكن هو ماعدش ليه دعوة بينا، إحنا تحررنا خلاص. بعد انتصار ونجاح الثورة.. هل ستواصلين القضية ؟ - طبعا، القضية وصلت لدرجة كويسة، ما ينفعش حد يقصر في دم الشهيد، الدكاترة نفسهم قالوا إنه لا يمكن واحد عايش وبيتنفس يبلع حاجة زي دي - لفافة البانجو التي قيل إنه بلعها ومات بسببها ، كل دي اتهامات، ما فيش حرز أصلا، القضية فاضل لها جلسة بالكتير وتخلص، بس المتهمين هربوا من السجن من أسبوع، بس أنا واثقة في القضاء، ولو هربوا مش هايفلتوا من ربنا ومن عدالة السماء . إذا قابلتي المتهمين اللي قتلوا خالد، وعينيك جت في عينهم، تقولي لهم إيه؟ - تتنهد بعمق، والله أنا بقول لبنتي ما تدعيش عليهم، هم بيعملوا الظلم ده غصب عنهم، لكن أنا اللي يهمني إن اللي حصل لابني ما يحصلش لأي شاب تاني، صحيح الشرطة في إسكندرية بهدلتنا، وساومتنا، وعرضوا علىّ رحلة حج مرتين، وغيروا بواب العمارة، ومنعوا الناس تطلع لنا، وحاولوا يمنعونا من دخول المحكمة، بس كل شيء هايتغير، أنا مش هاسكت، وربنا كبير. أنت هنا في ضيافة أخ قبطى، فتح بيته لك وللثوار.. كيف ترين وحدة المصريين؟ يا ابني عمري ما حسيت إن فيه فرق، و«بيير» صاحب الشقة دي إنسان جميل وبيحب بلده، وعاملنا أحسن معاملة، صدقني الظلم اللي بيخلي الناس زعلانة، المسيحيين اتظلموا من الحكومة مش من الشعب، زي ما أنا ظلمتنى الحكومة، ودلوقتي كل المصريين هايعيشوا في سعادة بإذن الله. حضرتك شايفة الأيام اللي جاية ازاي؟ أيام كلها خير لمصر والمصريين، خلاص إحنا تحررنا، أنا تكلمت مع شباب كلهم أمل، هايعملوا مشاريع كبيرة ممتازة، كلهم بيحبوا مصر، أنا حاسة إن الخير جاي، أنا واثقة إن الشباب اللي عمل الثورة هايعمر ويبنى مصر، ومش هيكون هناك عمال يتم تسريحهم، وشركات يتم خصخصتها، حرام اللي كان بيحصل ده، الشباب هايرجع الشركات ويشغل المصانع، وبكرة أحلى أحلى أحلى. يقطع الحوار عدد من الشباب، منهم الإذاعي معتز مطر، وإسلام جميل، وغيرهما من الشباب، الذين انحنوا على رأسها ويدها تقبيلا وحباً، وقالوا "ابنك مفجر الثورة، هو اللي عمل كل ده، خلى بالك من نفسك يا أمي". نعود فنسأل الأم التي باتت ليالي الثورة تراقب النصر، ما أصعب الأيام التي عشتيها في ميدان التحرير؟ أنا جيت يوم 26 عشان أحتفل بعيد ميلاد خالد تانى يوم الثورة، لكن يوم الأربعاء 2 يناير كان أصعب يوم، لما الضرب بالرصاص اشتغل، والبلطجية هجموا على الشباب بالجمال والأحصنة، كانت ليلة صعبة، شفت ولادي حبايبي بينضربوا بالرصاص، وشهداء كتير سقطوا بس هم عند ربنا أحياء، الأيام اللي فاتت كانت صعبة جدا، بس ربنا نصرنا والحمد لله. هل كنت تتخيلين أن يكون هذا المشهد بسبب ابنك خالد سعيد؟ لا يمكن.. لا يمكن، أنا كنت آجى هنا كل يوم، أنا فرحانة بالملايين اللي نزلت، وسعيدة إن روح خالد سعيد سكنت، وشايفة خالد في وسطيهم، كان بيتهموه إنه بلع لفافة بانجو، ابني مات شهيد التعذيب، ما فيش حرز أصلا. لو وصل صوتك لكل شاب هنا في ميدان التحرير.. ماذا تقولين لهم؟ أقول لهم ألف مبروك، مبروك لشعب مصر سقوط نظام القهر، ما حدش يقدر يلمسهم، يقدروا يخرجوا في أي وقت دلوقتي، ماحدش هايمسكهم أو يضربهم، يروحوا البحر، يخشوا الجامع، يصلوا الفجر، ما حدش هايمسكهم، ما حدش هايعتقلهم، فى الأول كان ده بيحصل، مش كده. الشهور التي مرت على وفاة ابنك وحتى تنحى مبارك، كيف مرت؟ 8 شهور صعبة قوي، خالد استشهد في شهر يونيو، لكن الحمد لله أنا دلوقتي استريحت، ومن النهارده هالبس الأبيض، مش هالبس إسود ثاني، ولما أروح إسكندرية، هادبح عجل لخالد، وأعمل عزومة لكل شباب مصر . تتدخل ابنتها زهرة في الحوار، وعم الشهيد الدكتور على قاسم، وتسألها زهرة، تعبتي يا أمي، فترد "لأ يا بنتي.. مبسوطة"، يحكى العم أن لديه الكثير ليقوله لشباب مصر "يا ريتنا قدمنا 100 خالد سعيد"، وتقول زهرة "لما سمعت خبر التنحي كانت مشاعري مختلطة.. بكيت على أخي ثم زغردت للحرية". أعود لأم المصريين، وأسألها: كيف تفسرين فرحة الشباب والملايين اللي كلها حماس واللي نزلت أرض التحرير؟ من حقهم طبعا، وأنا نزلت لهم النهارده مرتين، وقلت لهم ما تخافوش، تقدموا للأمام، وإوعوا ترجعوا في كلامكم ولا خطوة للوراء، ما تخافوش من أي حد، خالد قال «لأ» ومات عشانها، ولازم الخوف يموت، وما حدش هايعرف يضربكم تاني، وبكرة تعرفوا إن الحرية تستاهل، وأولادكم هايعيشوا بكرامة، وما تسمحوش لحد يخطف ثورتكم. عن المصري اليوم |